العالم يدخل عصر «الاتصالات المعلوماتية الترفيهية»
نيويورك-لندن/ صحف:حينما أمعن اوليفر بوجارد النظر في «كرته البلورية الرقمية» للتعرف على ملامح المستقبل، وجدنا جميعا زبائن لخدمات قطاع جديد اطلق عليه اسم comminfotainment (وهي كلمة تتألف من ثلاثة مقاطع مجتزأة من كلمات تشير الى: الاتصالات Comm، والمعلومات info، واخيرا الترفيه tainment)، الذي يقابل مختصرا لمصطلح جديد هو «الاتصالات، المعلوماتية، الترفيهية».ومن وجهة نظره، فإن الهواتف الأرضية ستختفي خلال خمسة أعوام، بل وحتى بدالات الهواتف الجوالة ستختفي ايضا. وبدلا من ذلك ستحل محلها شركات تقديم خدمات النطاق العريض الخاصة بالانترنت، حيث ستسوق حزمات، أو مجموعات من قنوات الاتصال والمعلومات وبرامج التسلية.وقال بوجارد، رئيس قسم التكنولوجيا في شركة «الكاتيل ـ لوسينت» العملاقة للاتصالات، خلال مقابلة جرت معه اخيرا: «لقد تحولت، من الآن، شركة الاتصالات الهاتفية دويتش تيليكوم إلى شركة برامج شبيهة بالتلفزيون. كذلك استيقظت شركة تيليكوم إيتاليا ذات يوم فوجدت نفسها قد تحولت إلى شركة إعلام. كذلك هو الحال مع شركات الهاتف الآسيوية التي أصبحت تقدم خدمات تلفزيونية. وأنا لا أرى داع لوجود شركات هواتف بعد اليوم». كذلك سيكون هناك عنصر آخر يميز بين الخدمتين، يتمثل بأن الشركات ستركزان على تسويق حزمات انتاجاتها، لا التكنولوجيا، حسبما يقول.واضاف بوجارد «اننا سنتمكن مع هذا التغيير من إيجاد توازن في ما نحصل عليه من حزم للبرامج. فعلى سبيل المثال سيكون بإمكان المرء أن يطلب من مقدم الخدمات تسجيلات مرئية سهلة تتوافق مع الطلب، إذ ان ذلك أكثر أهمية بالنسبة لنا من تصفح مواقع الانترنت بشكل سريع، أو أن يكون الاتصال الهاتفي عبر هواتفنا الجوالة يتحقق عبر اتصالات «النطاق العريض» الانترنتية وتكون له الأسبقية.. سيكون بمقدورك أن تستخدم نظام النطاق العريض كما تشاء».أما التغيير الثالث الذي أشار بوجارد إليه، فهو أن التركيز سينصب أكثر على كمية ما يتم نقله وارساله من كومبيوتر محيطي إلى آخر مركزي والسرعة التي تُنجَز بها هذه العملية، لا عملية استقبال المعلومات وخزنها. وهذا لأننا ننفق أكثر فأكثر من الوقت والجهود على محتوياتنا، وارسال الصور وأفلام الفيديو إلى أصدقائنا عبر الرسائل الالكترونية أو المدونات ذات الوسائل الإعلامية المتعددة على مواقع الويب الخاصة بنا.وقال ان «الحوار الفردي الذي حدث في الماضي، كان يدور حول المشاركة غير الشرعية (في المحتويات)، وذلك لم يكن سوى سطح الظاهرة ، لان كل واحد منا اصبح يبتدع محتويات تهمنا وتهم الاوساط والمجموعات التي ننتمي لها. وهذه المحتويات لم تعد تأتي من البيت أو المكتب، بل من كل مكان يكون مستخدم الكومبيوتر موجودا فيه. اننا سنبقى مركزين كثيرا على سرعة خزن المعلومات لسنين طويلة، لكن سرعة نقل المعلومات منا إلى الآخرين ستكون أكثر أهمية، مثل البث الإذاعي أو ايصال المعلومات لأشخاص كثيرين في وقت واحد».وما يمثل تحديا لعالم الـ «الاتصالات المعلوماتية الترفيهية» في المستقبل هو أن يقرر واضعو السياسات مصير قضيتين أساسيتين، تتمثل الأولى في تحديد كيفية إيجاد توازن ما بين مصالح المستهلكين في الوصول إلى المحتويات الإعلامية مقابل أجور معقولة، وكيفية ضمان أقل مستوى نوعي مقبول من الخدمات، حسبما قال بوجارد.ثم تساءل: «مَن سيضمن وصول البرامج إلى بيتك بشكل سليم؟ وإلى من ستذهب للشكوى؟، بافتراض أن الخط الواصل غير كاف. لذلك يجب أن يكون هناك شخص ما يشرح لك ما تحصل عليه، وكيف يعمل؟».والخاسر حسب سيناريو بوجارد، هو ليس وسائل الإعلام التقليدية وشركات توفير برامج التسلية، بل الموزعون التقليديون: المذيعون وباعة المفرد. وقال: «إنهم الوسطاء، وستتعرض قيمتهم إلى تحديات جادة».وعلى عكس ذلك، ستستمر شركات الإعلام في كونها طرفا خلاقا. وسوف تأخذ شركات توفير خدمات قطاع «الاتصالات المعلوماتية الترفيهية»، تلك الخدمات منها. وقال بوجارد «إن شركات توفير الخدمات قد تسعى لامتلاك بعض الحقوق حول المحتوى، أو أن تصبح شريكة في مشاريع مشتركة كي تحصل على حقوق معينة، لكنها لن تكون مبتكرة للمحتوى، بشكل عام»، وأضاف: «ستكون اقتصاديات المحتوى مختلفة كثيرا عما ظلت هذه الشركات معتادة عليه». وحتى ذلك الحين، ستبدأ شركات الهاتف بالقتال، سعيا منها إلى تجنب أن تجد نفسها في المؤخرة باعتبارها مجرد مؤسسات خدمات عامة.