البيئة السياحية
دمشق / ساناتعد السياحة البيئية محيطاً حياتياً مهماً وضرورياً للإنسان بنظافتها وفطرتها وتوازنها ومرتكزاً لسياحة متطورة تكمن أهميتها في إبراز المعالم الجمالية للبيئة فكلما كانت نظيفة وصحية ازدهرت السياحة وانتعشت لكن بالرغم من الجوانب الإيجابية للسياحة إلا أن الإنسان قد يجعل منها مصدراً من مصادر التلوث لهذا لابد من تحقيق التوازن بين السياحة والبيئة من ناحية وبينها وبين المصالح الاقتصاديةوالاجتماعية التي هي في الأساس تقوم عليها. ولأن السياحة تشكل مورداً اقتصادياً مهماً للعديد من الدول و تكون المورد الرئيس لبعض منها لابد من توفير البنى الأساسية من طرق ومواصلات واتصالات ومنشآت سياحية تقود إلى إعمار البيئة المحيطة كإنشاء الفنادق والمطاعم والاستراحات والمنتجعات الصيفية والشتوية والنشاطات السياحية الأخرى لجذب السياح بأعداد كبيرة وبصورة مخططة ومنظمة لتحقيق إيرادات ودخول مهمة تنعكس آثارها الإيجابية التنموية للمناطق وعلى تفعيل الهيكل الاقتصادي ورفاهية الإنسان. وتعمل الحكومة السورية حالياً على تأسيس تلك الأرضية لتعزيز مفهوم السياحة البيئية الذي لايزال جديداً إذ بدأت وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالترويج له منذ سنوات عبر تدريب الكوادر في الجهات الوطنية المعنية خاصة في مشاريع المحميات الطبيعية وبوشر في تبني هذا المفهوم في التشريعات الجديدة لوزارتي الزراعة والسياحة وحديثاً في وزارة الري لكونها مسؤولة عن محميات الأراضي الرطب فتم تنفيذ بعض النشاطات والمشاريع السياحة البيئية في بعض المحميات والمواقع لكن رغم ذلك لايزال البحث في السياحة البيئية موضع جدل كبير خاصة من ناحية المردود الاستثماري. وأوضح الدكتور أكرم الخوري المدير العام لمديرية الشؤون البيئية في ندوة حول الرؤيا المستقبلية للتنمية في منطقة تدمر أن السياحة البيئية تكون بديلاً رفيقاً بالبيئة وبعداً جديداً للسياحة وتعطي نشاطات جديدة للزوار. وأشار إلى أن السائح البيئي يركز على نشاطات تختلف عن نشاطات السائح التقليدي كا لتمتع بمشاهدة النظم البيئية ومكوناتها الحية الحيوانية والنباتية في موئلها الطبيعي كمراقبة الطيور والحيوانات والقيام ببعض أنواع الرياضة كالمشي وتسلق الجبال والغطس والصيد المنظم والمدروس في بعض أنواع المحميات حيث تتوافر هذه الكائنات بأعداد تضمن استمرارية تواجدها والتمتع بالمزايا التاريخية والثقافية والتراثية التي تميز الموقع إضافة إلى التمتع بالعادات الاجتماعية والمنتجات المحلية التي يتميز بها السكان المحليون. وحول الاعتبارات الاستراتيجية العامة لعملية تطوير السياحة البيئية دعا الخوري إلى ضرورة توفير مصادر دخل وفرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتعويض الخسارة الناتجة عن تقييد النشاطات داخل المحمية أو المواقع الطبيعية وتحسين البنى التحتية والخدمات الاجتماعية العامة وإشراك السكان المحليين في العملية الإدارية ورفع مهاراتهم المختلفة والوعي لأهمية المحمية وضرورة صونها وتطوير برامج اقتصادية واجتماعية أخرى مرافقة لعملية تطوير السياحة البيئية. وفيما يخص الجدوى الاقتصادية للسياحة البيئية بين الخوري أن البعض يرى أن السياحة البيئية ليست استثماراً مربحاً لكن هذا الكلام غير دقيق لأن الجدوى الاقتصادية لهذه السياحة عالية وغير مباشرة وتحتاج الى مرحلة انتقالية للاقتناع بها وتطبيقها لكونها تساعد في تزايد فرص العمل للسكان المحليين وزيادة الدخل وتحث على أنواع جديدة من السياحة وتفتح آفاقاً جديدة في توظيف الأموال وتشجع على الاتجار بالبضائع والمنتجات المحلية وتفتح أسواقا جديدة وتحسن مستويات المعيشة وتمكن المعنيين من اكتساب مهارات جديدة وتدعم المحميات الطبيعية والسكان المحليين مؤكداً أنها بالمنظور الاستراتيجي مربحة وذات جدوى اقتصادية عالية لأنها تحتوي على عناصر يتم التعامل معها باستدامة وتدعو لحماية الموارد الطبيعية. كما أن السياحة البيئية تدفع إلى الاهتمام بترميم وصيانة الآثار والحفاظ عليها من التخريب والنهب والسرقة وعوامل التعرية لأنها من العناصر المهمة في البيئة السياحية وتقود للحفاظ على الطابع الحضاري لبعض المباني الهندسية المعمارية الفنية القديمة بما تتضمنه من نقوش وزخارف ورسوم وأثاث وأشكال خاصة بالعمارة الإسلامية وتشجع الفنون الشعبية الفلكلورية والحفاظ على الملابس والأزياء والعادات والتقاليد والمهرجانات الثقافية والكرنفالات التي هي من أهم عناصر البيئة السياحية وتحفز على إحياء المدن التراثية القديمة والاهتمام بالأحياء التاريخية القديمة داخل المناطق والمدن وتنمي العلاقات الاقتصادية الدولية والتجارة والتبادل الثقافي والمعرفي وتواصل الحضارات والشعوب ما يخلق بيئات متقاربة وذات قواسم مشتركة على المستوى الإنسانى كل هذا يستدعى من الجهات المعنية اتخاذ خطوات لتأسيس الارضية المناسبة لهذا النوع من السياحة.