القطاع الصناعي في اليمن .. قفزات نوعية
صنعاء / سبأ: تميزت مرحلة ما قبل قيام الثورة اليمنية بغياب عملية التنمية بكل مفهوماتها ومقوماتها، وبالتالي غياب الصناعة الوطنية التي لم يبدأ الاهتمام بها إلا عقب قيام ثورتي سبتمبر واكتوبر الخالدتين.ومنذ بداية السبعينات شهد الاقتصاد اليمني انتعاشا ملحوظا شمل جميع الميادين الاقتصادية، حيث افردت برامج وخطط التنمية الثلاثية والخمسية في هذه الفترة والمراحل اللاحقة حتى قيام الوحدة اليمنية المباركة موقعا خاصا للتنمية الصناعية، كما برزت بعض الجهود الرسمية ممثلة بالعديد من الاجراءات والتدابير الرامية الى دعم وتشجيع الصناعة، والتي مثلت خطوة متقدمة لتهيئة المناخ المناسب لنمو وتطوير القطاع الصناعي، حيث اسهم ذلك في تشكيل هذا القطاع كقطاع مستقل قائم بذاته ،وفي إطار ذلك تم توجيه جانب كبير من النشاط الاستثماري نحو المجال الصناعي وامكن بالفعل اقامة العديد من المشروعات الصناعية، التي اسهمت بصورة متزايدة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي وتوفير السلع والمنتجات الإستهلاكية للسوق المحلي، وإستيعاب عدد متنام من القوة العاملة.ويعد القطاع الصناعي من القطاعات الأساسية الهامة التي تدعم بفاعلية الاقتصاد اليمني من خلال الدور الذي يقوم به في إيجاد مصادر حيوية للإنتاج والدخل وزيادة التوظيف والتخفيف من البطالة والفقر وكذلك توظيف مخرجات القطاعات الإنتاجية الأخرى وتوفير الاحتياجات المختلفة من السلع المتوسطة والنهائية عبر الفاعلية التحويلية التي يتميز بها . وتشير البيانات إلى أن القطاع الصناعي التحويلي يسهم بما يربو على 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة توظيف 4.5 بالمائة من إجمالي القوى العاملة بالاقتصاد الوطني ويستأثر النفط والغاز بنصيب الأسد في توليد الناتج الصناعي إذ تصل نسبة مساهمتهما إلى أكثر من (90 بالمائة) من قيمة الناتج الصناعي.ومن المتوقع أن يشهد القطاع الصناعي خلال السنوات القادمة من الخطة الخمسية الثالثة 2010-2006م زيادة في معدل النمو بمتوسط 6.6% وذلك نتيجة لتوفر مناخ استثماري مناسب والتركيز على تشكيل القاعدة الإنتاجية المتطورة وبما يؤهله من مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية المستخدمة فضلاً عن تغطية القدرة الإنتاجية بتحسين استخدام الطاقات الإنتاجية المتاحة وجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والعربية والإقليمية وتنمية الموارد البشرية وتعظيم القيمة المضافة . وتتطلع الرؤية الإستراتيجية لليمن إلى تسريع عملية التصنيع وتوسيع القاعدة الصناعية من خلال الاستفادة من الميزة النسبية للموارد الطبيعية والأيدي العاملة الرخيصة. وستعمل خطة الدولة على تحسين البيئة الاستثمارية وتشجيع الاستثمارات الصناعية المحلية والأجنبية، وإقامة شراكة حقيقية بين الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص وإزالة العقبات التي تواجه المستثمرين، وتقوية القدرة التنافسية للصناعات الوطنية، وحماية الصناعات الوطنية من الإغراق، وتخفيض الضرائب والرسوم على مدخلات الإنتاج المستوردة، وتبسيط إجراءات التصدير والاستفادة من المنطقة الحرة في تحفيز الصادرات الصناعية، وتشجيع القطاع المصرفي على توفير التمويل اللازم للمشروعات الصناعية، وإنشاء المناطق الصناعية وتزويدها بالبنية التحتية والخدمات . ويسهم القطاع الصناعي في توظيف مخرجات القطاعات الإنتاجية الأخرى وتوفير الاحتياجات المختلفة من السلع المتوسطة والنهائية عبر الفاعلية التحويلية التي يتميز بها، إضافة الى انه يعد المرتكز الرئيسي للتنمية وعلى أساسه تتحقق إمكانية إقامة القاعدة الأساسية اللازمة لتطوير البنية الاقتصادية وتعجيل معدلات النمو الاقتصادي.ولاهمية هذا القطاع عملت الحكومات المتعاقبة خاصة منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن وإعلان الجمهورية اليمنية في الـ 22 من مايو 1990م, على توظيف إمكانات وموارد متزايدة في هذا المجال ، وإتباع سياسات تشجيعية محفزة لزيادة الاستثمارات في المجال الصناعي, وهو ما أثمر عن ارتفاع عدد المنشآت الصناعية من 29 الفاً و26 منشأة عام 1990م الى 44 ألف منشأة عام 2007م , وارتفاع عدد المشتغلين فيها إلى نحو 7ر175 ألف عامل عام 2005م مقارنة بـ (7ر126) الف عامل عام 2004م وبزيادة مقدارها 49 الف عامل .وارتفعت قيمة الانتاج الصناعي إلى نحو 2ر548 مليار ريال العام 2007م مقارنة بـ 6ر391 مليار ريال عام 2004م، بزيادة مقدارها 6ر156 مليار ريال وبنسبة ارتفاع مقداره 40بالمائة.. بقيمة مضافة بلغت 2ر197 مليار ريال مقابل 8ر140 مليار ريال بزيادة مقدارها 4ر56 مليار ريال وبنسبة ارتفاع مقدارها 40 بالمئة خلال نفس الفترة وتشكل القيمة المضافة نسبة 5ر26 بالمئة من إجمالي قيمة الإنتاج الصناعي. وحقق قطاع الصناعات التحويلية نمواً بلغ بالمتوسط خلال عامي 2006م-2007م 6ر6 بالمائة ما يشير إلى تحسن ملموس في انتعاش قطاع الصناعات التحويلية وأرتفاع نسبة مساهمته في الاقتصاد الوطني.وتهيمن الصناعات الغذائية والمشروبات وصناعة المشتقات النفطية والمنتجات اللافلزية ومنتجات التبغ على هيكل الصناعات التحويلية بنسبة تزيد عن 71 بالمائة,فيما تتوزع النسبة الباقية على صناعة الورق والطباعة والمعدات والآلات والمنسوجات والملابس التي تعد من اهم الصناعات الواعدة نظرا لتوفر المواد الخام محليا.ولم يكن القطاع الخاص بعيدا عن هذه التحولات, بل ساهم فيها خاصة منذ إعلان الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو 1990م, بحيث أصبحت مساهمته لا تقل عن80 بالمائة من إجمالي الدخل القومي المولد في القطاعات الإنتاجية والخدمية، ويمتلك 95 بالمائة من المنشات الصناعية بحسب نتائج المسح الصناعي لعام 1996م.وأشار تقرير رسمي صادر عن وزارة الصناعة والتجارة إلى أن الحكومة نفذت خلال الفترة الماضية العديد من السياسات والبرامج الهادفة إلى حشد كافة الطاقات والإمكانيات في عملية التنمية الصناعية على أساس الحرية الاقتصادية وآلية السوق من خلال تحديث التشريعات وإصدار القرارات الخاصة بمعالجة أوضاع المؤسسات الصناعية المتعثرة والتوسع في عملية التدريب وتقديم الحوافز لتنمية القطاع الصناعي وتحسين البنية التحتية بالإضافة إلى إنشاء وتفعيل دور الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة للعمل على تحسين مستوى وجودة المنتجات الصناعية وتعزيز قدرتها التنافسية أمام المنتجات الأجنبية في الأسواق المحلية والخارجية وكذا إنشاء المجلس الأعلى للصادرات وفتح أسواق جديدة لها من خلال تعزيز التوجه الصناعي نحو التصدير وتنمية الصادرات الصناعية. كما نفذت الحكومة عددا من السياسات والإجراءات الهادفة إلى تشجيع التوجه نحو الاستثمار في القطاع الصناعي وذلك من خلال تحسين البنية التحتية والعمل على إنشاء المجمعات والمناطق الصناعية لتشجيع تسهيل الاستثمار والتوطن الصناعي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية ومراجعة القوانين المتعلقة بالاستثمار والنشاط الصناعي.وتتوفر في اليمن العديد من فرص الاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية من أهمها الفرص المتعلقة بالصناعات الغذائية سواء في مجال صناعة الفواكه «تعليب الموز، المانجو، العنب، الخوخ وغيرها من الفواكه وصناعة تعليب الأسماك وصناعة الملابس» والتي يتوقع أن يكون لها مستقبل واعد نظراً لتوفر القطن اليمني وجودته العالية بالإضافة إلى الصناعات البتروكيماوية كصناعة زيوت السيارات والمحركات والصناعات الجلدية والورقية والكهربائية والإسفنج وغيرها من الصناعات المعتمدة على المواد الخام المحلية والصناعات اللافلزية الإنشائية كالأسمنت والرخام والجرانيت والتي تتوفر في اليمن بكميات تجارية كبيرة.وكان لتبني الحكومة سياسة الانفتاح الاقتصادي دورا أساسيا في إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليلعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاستثمار في القطاعات المختلفة باعتباره المساهم الأول في الاستثمارات الإنمائية المخططة للحفاظ على مستوى عال من الاستثمار والتشغيل وتوفير فرص العمل .وتسعى الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2006-2010 إلى رفع نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي إلى نحو 12 في المائة خلال فترة تنفيذ الخطة مقارنة بنحو 3ر10 في المائة حاليا وكذا إنشاء المناطق الصناعية على مراحل وتوفير البنى التحتية اللازمة والإتجاه نحو إنشاء المشاريع الصناعية المتوسطة والكبيرة وإنشاء صندوق للتنمية الصناعية وتحديث إستراتيجية التنمية الصناعية .وتهدف الخطة الى توفير بيئة إستثمارية ملائمة للإستثمارات الصناعية عن طريق تبسيط الإجراءات والعمل على معالجة معوقات الإستثمار الصناعي وتوسيع القاعدة الصناعية وتطويرها وتنويعها وإستكمال البنية التشريعية والقانونية في هذا المجال ووضع خطة ترويج بالفرص الإستثمارية في المناطق الصناعية وإعداد الخرائط الصناعية بالجمهورية.كما تستهدف زيادة حصة الصادرات الصناعية إلى إجمالي الصادرات غير النفطية من خلال التركيز على معايير الجودة وتبسيط إجراءات التصدير والإهتمام بالمواصفات والمقاييس والإستفادة من المنطقة الحرة بعدن، وتنمية الصناعات الصغيرة والحرفية التي تتوفر لها قاعدة للنمو والتطور كصناعة المنسوجات والملابس والصناعات الحرفية والغذائية التي يمكنها إختراق الأسواق الخارجية وذلك من خلال إتباع عدد من الإجراءات والسياسات وفي مقدمتها إعداد مشروع للنهوض بالصناعات الصغيرة وإعداد الدراسات اللازمة لإنشاء حاضنات للصناعات الصغيرة وتفعيل دور صندوق تمويل الصناعات الصغيرة وتنظيم تلك الصناعات في إطار جمعيات متخصصة تقوم برعاية وتشجيع هذه الصناعات إلى جانب تنظيم الأسواق التجارية والمعارض التعريفية للصناعات الصغيرة والحرفية وتشجيع مشاركة المرأة في هذا المجال.