من حكايات شكسبير 1 - 2
إعداد / تشارلز وماري لامب ترجمة / طارق السقاف قبل حوالي ألفي عام عاش رجل عظيم في روما يدعى يوليوس قيصر وقد كان حاكما عاد لكن مع مرور السنوات بدأ الغرور يتسلل إلى قلبه ، وكان ذا قوة عظيمة ، ولكنه أراد ما هو أكثر من ذلك ، وكان كثير من الناس يعتقدون بأنه يطمح في أن يصبح ملك روما بالرغم من تتويجه ملكا لأكثر من ثلاث مرات وفي كل مرة كان يرفض التاج الملكي . وكان هناك بعض ممن يعرف بأن يوليوس قيصر ذو نفوذ عظيم . وذات يوم قال رجل روماني ذو شأن ويدعى كاسيوس « كلنا أحرار يا بروتوس ، وأنني مواطن حر مثلي مثل يوليوس قيصر ، ولا يجب أن يكون ملكا أو إله ، إنه مواطن مثلنا ، لماذا يتوجه شعب روما ملكا عليهم ؟» ، وكان بروتوس صديقا ليوليوس قيصر ولكنه أيضا كان مستاءً لنفوذ قيصر غير العادي فقال « أخشى أن يتوج شعب روما قيصر ملكا عليهم ، بالرغم من محبتي لقيصر إلا أنني لا أوافق على تتويجه ملك لروما « . كان مارك أنطوني الصديق المقرب لقيصر وكان يوليوس قيصر يثق به أكثر من غيره ، ولقد علم قيصر بما قاله كاسيوس لبروتوس ، فقال قيصر لأنطوني « أنني أحتاج لرجال أشداء حولي يحمونني من غدر كاسيوس ، فكما تعلم إن كاسيوس شخص ماكر وله أطماع في الملك ، إن أمثاله خطرون للغاية « فرد عليه أنطوني قائلاً « لا تقلق منه ، إنه لا يشكل خطرا علينا « فرد عليه يوليوس « لست خائفا ولكنني أحاول أن أتجنبه ، إنه شخص مشغول بمراقبة غيره كما أنه لا يضحك مع الآخرين ، مثل هذا الشخص لا يكون سعيداً عندما يرى من هو أفضل منه « فعاد أنطوني لتهدئة يوليوس مجدداً قائلاً « لا تقلق ، إن كاسيوس ليس بالشخص الخطر لهذه الدرجة « فرد يوليوس باعتزاز « قلت لك بأنني لا أخشاه ، إنني لا أخشى أي مخلوق ، إنني يوليوس قيصر». وذات ليلة هبت عاصفة هوجاء وحدثت أشياء عديدة وغريبة فكانت العاصفة الأولى من نوعها بحيث لم يرالناس مثلها من قبل قط حتى أن الحيوانات البرية هربت فزعة باتجاه المدينة ولم تؤذ أحدا وكان هذا نذير شؤم بحيث عرف الناس بأن شيئاً رهيباً سوف يحدث . وكان بروتوس لا يزال غير راض عن يوليوس ولم يعد يثق به خصوصاً بعد حواره الأخير مع كاسيوس . فقال بروتوس مقرراً « يجب أن يموت يوليوس ، لا توجد بيننا عداوة شخصية ولكن مصلحة ورما العليا تقتضي موته «، بعدها بقليل أتى خادم قائلاً لبروتوس « سيدي ، لقد وجدت هذه الرسالة بالقرب من النافذة ، فلم تكن موجودة قبل ذهابي للنوم «، قرأ بروتوس الرسالة «بروتوس أيها النائم ، استيقظ من غفلتك وانظر لنفسك ، أيمكن لروما أن تكون تحت سيطرة رجل واحد ؟ لم لا تحرك ساكناً ، لا يجب السكوت على هذه المهزلة «، وبمجرد انتهاء بروتوس من قراءة الرسالة ، أتى الخادم ليخبره بأن كاسيوس وآخرين قد أتوا لزيارته ، وكانت وجوههم مغطاة ، فعرف بروتوس بأنهم قد أتوا ليضعوا خطة لاغتيال يوليوس . لم يكن كاسيوس ورفاقه على ثقة كاملة بأن بروتوس راغب بالاشتراك غي هذه العملية ، فأخذ كاسيوس بروتوس وانتحى به جانباً واخبره بتفاصيل العملية بعدها اتجه بروتوس إلى الرجال الآخرين مصافحاً دلالة على تأييده للاشتراك في هذه المؤامرة لقتل يوليوس ، فقال كاسيوس « دعونا نقطع عهداً على أنفسنا بقتل يوليوس « لقد قطعنا على أنفسنا هذا العهد من قبل ، وبما أننا مواطنون صالحون لروما ، فلا احد منا يريد بقاءه» فأضاف كاسيوس قائلاً « يجب علينا أيضاً قتل مارك أنطوني صديق يوليوس لأنه قد يكون خطراً علينا بعد قتل يوليوس ، فأعتقد انه من الأسلم لنا قتل الاثنين «، فأجاب بروتوس معارضاً «لا ، لا يجب علينا أن نسرف في القتل ، فإن قتل أنطوني بعد يوليوس أشبه بقطع رأس إنسان وبعدها قطع ذراعيه ، لا أعتقد بان أنطوني يشكل نفس الخطورة التي يشكلها يوليوس» ، فرد عليه كاسيوس « ولكنني أخشاه إلى حد ما «، فرد بروتوس بحزم « أتمنى قتل روح يوليوس وليس جسده ، فنحن لن نقتل يوليوس قيصر لأننا لا نحبه ، لا يجب أن يعرف الشعب بأننا قتلنا يوليوس فقط لمصلحة روما . بعدها أتفق بروتوس ورفاقه لمقابلة يوليوس وقتله في اليوم التالي وهو في طريقه إلى قاعة المجلس الأعلى . شعرت كالبورنيا زوجة يوليوس بالخوف تلك الليلة فكانت وهي نائمة تحلم بقتل زوجها فتقوم وتصرخ « النجدة ، إنهم يقتلون يوليوس «، أتت كالبورنيا إلى زوجها قائلة له بتوسل «أرجوك لا تخرج اليوم ظن إن لك أعداء كثيرين ، هناك نذير شؤم بحدوث مكروه لك «، فرد عليها يوليوس «عليا أن أخرج ، فعندما يرى الأعداء وجهي سيفرون رعباً ، إن الجبان الذي يخشى الموت يموت كثيراً بجبنه أما الشجاع فلا يموت إلا مرة واحدة ، وفي الحقيقة إني أستغرب لماذا يخشى الرجال الموت ، إن الموت قدر حتمي وسوف يأتي في موعده «، بعدها دخل الخادم الغرفة قائلاً « إن حكماء القوم يقولون بأنه لا يجب عليك الخروج الليلة يا سيدي ، ولقد قاموا بصيد حيوان بري وذبحوه ليبحثوا بداخله عن شيء غير عادي فوجدوا أن هذا الحيوان بلا قلب فكان ذلك نذير شؤم يمنعك من الخروج «، فقال يوليوس معانداً « علي أن أكون بلا قلب مثل ذلك الحيوان الذي وجدوه إن بقيت في القصر «،فصاحت زوجته كالبورنيا قائلة « أوه ، سيدي كم أنت شجاع ، شجاع جداً ولكنك لست حكيماً ، أتوسل إليك بأن لا تخرج الليلة ، أخبر القوم بأن مخاوف زوجتك وليست مخاوفك أنت هي التي منعتك من الخروج ، نستطيع إرسال مارك أنطوني ليقول بأنك لست على ما يرام اليوم»، اقتنع يوليوس أخيراً فقال « حسنا ، لأجل مخاطرك سأبقى في القصر ، ويستطيع مارك أن يخرج للملأ ليخبرهم بأنني متوعك قليلا «، ولكن ما هي إلا لحظات قليلة حتى وصل ديسيوس وهو صديق كاسيوس ليأخذ يوليوس إلى المجلس الأعلى للحكم لمقابلة جميع أعضاء المجلس ، ففي الواقع فإن ديسيوس أتي ليتأكد من خروج يوليوس من قصره ، فأخبره يوليوس قائلاً « أخبر شعب روما بأنني لن اخرج اليوم ، فلقد طلبت زوجتي مني البقاء في المنزل فقد كانت تحلم أحلاما مزعجة عني ولذا فإنها قلقة على حياتي «، قال ديسيوس متظاهرا بالاستنكار ولكن يا سيدي ، إن شعب روما سوف يتوجك ملكا عليهم اليوم ، فإن لم تحظر ربما يتوج غيرك ملكا سيدي ، إن شعب روما سوف يتوجك ملكا عليهم اليوم فإن لم تحظر ربما يتوج غيرك ملكا على روما بل لا يستبعد بأن يسخر الناس عند معرفتهم سبب تخلفك عن الحضور ، وسيقولون بأنك لا تستطيع الحضور حتى تحلم زوجتك أحلاما سعيدة ، سيدي إن لم تحظر سيقول الناس بأنك جبان «. ويبدو أن الكلمات قد أثرت في يوليوس فالتفت غاضبا تجاه زوجته وقال « كم هي غبية أحلامك ، لم يكن على أن أسمعك ، سأذهب ، أنني لست جبانا»، بعدها غادر يوليوس قصره متوجها إلى حتفه . دخل يوليوس المجلس الأعلى للحكم فقال أحد أعضاء المجلس ويدعى كاسكا لبروتوس « أنظر يا بروتوس ، إن صديقنا تيربونيوس يقود مارك أنطوني إلى الخارج . أين ميتيليوس ؟ يجب عليه أن يتحدث مع يوليوس بخصوص أخيه الذي نفاه يوليوس خارج روما «. فقال بروتوس ، إن ميتيليوس هنا ، تعال دعنا نرى ما سيحدث ، كاسكا يجب أن تكون البادئ في ضربة السيف «. جثا ميتيليوس على ركبتيه متضرعا ومتوسلا ليوليوس قائلا» مولاي العظيم ، مولاي المبجل ، أتوسل إليك ...» ولكنه وقبل أن يكمل كلامه قال يوليوس بغضب» انهض ، إن جثوت على ركبتيك هكذا مرة ثانية سأعاملك مثل الكلب « فقال ميتيليوس « أتوسل إليك يا يوليوس اسمح لأخي بالعودة إلى روما «ثم التفت بعدها إلى الآخرين قائلاً» أليس فيكم رجل رشيد، حتى يستوصي بي خيراً عند يوليوس العظيم» فقال بروتوس ليوليوس» استسمحك ياسيدي بان تعيد النظر في قرارك بخصوص نفي أخ ميتيليوس « فقال يوليوس بحزم» أني لا أتراجع عن قراراتي، مثل الآخرين، إنني ثابت ولا أتزحزح عن مبدئي كالنجم في السماء ولقد أمرت بنفيه ولاسبيل لتغيير ذلك القرار مادمت حيا»، بعدها أحاط به جميع أعضاء المجلس يهتفون» يوليوس العظيم،» وفجأة صرخ كاسكا بأعلى صوته قائلاً» الآن» وبعدها مباشرة ضرب جميعهم يوليوس بسيوفهم وكان آخرهم بروتوس، عندها صرخ يوليوس بأعلى صوته ملتفتا إلى بروتوس قائلاً بألم» حتى أنت يابروتوس» بعدها قال بروتوس بأعلى صوته» يا ايها الناس، أيها الأعضاء لاتخافوا إننا لانفصد بهذا العمل الإساءة إلى احد، هيا اقتربوا ولا تخافوا، لنضع جميعنا أيدينا على دم يوليوس رافعين سيوفنا المدمية فوق رؤوسنا، صارخين بأعلى أصواتنا «السلام والحرية، سيخلدنا التاريخ بعملنا هذا، ويكتب بحروف من نور بأننا حررنا روما من هذا الطاغية.»