بعد أيام معدودة، تحل الذكرى التاسعة عشرة لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية. إنها 19 عاماً من الأيام والسنوات الحلوة والذكريات السعيدة التي ترسخت في وجداننا. إنها أيام وسنون وذكريات تؤكد أمراً واحداً فحواه أن الوحدة وجدت لتبقى، لا لشيء سوى لأنها الوضع الطبيعي لليمن لا أكثر ولا أقل، من دون زيادة ولا نقصان.إن حلاوة الوحدة أنها جاءت طبيعية أي أنها تحققت سلماً بإجماع كل الشعب اليمني العظيم.ويجب أن نتذكر أن العقل الذي بنى الوحدة كان عقلاً سياسياً أولاً وأخيراً، عقلاً يدرك حقيقة التوازنات الإقليمية والدولية من جهة ويستشف المستقبل من جهة أخرى. ولذلك حصل ما حصل وتحققت الوحدة من دون إراقة نقطة دم، إنني أعني هنا فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله ورعاه.فإذا عدنا بالأذهان سنوات إلى الخلف، إي إلى المرحلة التي سبقت الوحدة، وجدنا كم أن فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كان بعيد النظر في تلك المرحلة وذلك بتفاديه الإقدام على أي خطوة يمكن أن تعوق عملية توحيد اليمن سلماً بما يؤسس لدولة حديثة قائمة على فكرة التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.ومن هذا المنطلق يمكن القول إن أحد أهم إنجازات مرحلة ما قبل الوحدة انتظار الوقت المناسب لنضوج الظروف التي جعلت الوحدة تأتي في السياق الطبيعي لتطور العلاقات بين شطري اليمن وقت ذاك.كانت فكرة الوحدة بطريقة سلمية إحدى أهم ميزات الوحدة، وهذا ما رأته عين الحكمة عند إعادة تحقيق الوحدة المباركة. حيث كان من السهل على فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية التدخل إثر أحداث 13 يناير 1986م لفرض الوحدة بالقوة ذلك أن الذي حصل وقتذاك في ما كان يسمى بالجنوب كان حرباً أهلية بكل معنى الكلمة والحروب الأهلية لا يمكن أن تنتهي إلا بمصالحة وطنية، وهي الخطوة التي رفض الحكام الجدد لما كان يسمى بالجنوب - قبل إعادة تحقيق الوحدة - الإقدام عليها إلى أن تبين لهم أن الوحدة تمثل المخرج الوحيد للنظام من أجل إنقاذ أهل النظام!..وهنا يجب أن أشير إلى أنه كان هناك فارق بين من استوعب أن الوحدة مخرج للجميع وأنها مستقبل اليمن وهذا رأي فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية من جهة، وبين من اعتقد أن الوحدة مجرد خطوة تكتيكية من جهة أخرى وهذا رأي الحكام الجدد الذين انقلبوا على رفاقهم في العام 1986م.قامت الوحدة اليمنية على فكرة التسامح ولذلك استطاعت الاستمرار على الرغم من كل العوائق والصعوبات واستطاعت الاستمرار لأنها حاجة يمنية أولاً، إضافة إلى أنها حاجة إقليمية، كما كانت في مرحلة معينة حاجة دولية. ولكن هل هناك من يريد أن يتذكر أن النظام في ما كان يسمى بالجنوب انهار لأن الاتحاد السوفييتي - لم يعد قادراً على الاستثمار في النظام الذي أقامه في عدن، وكانت النتيجة أن انهار هذا النظام يوم 13 يناير 1986م. في الحقيقة قليلون فهموا في تلك الأيام معنى الحدث الذي كان عملياً بمثابة الإشارة الأولى إلى انهيار الاتحاد السوفييتي بعد ذلك بأربع سنوات. كان مهماً أن كان هناك في صنعاء من قرأ الحدث وفهم أبعاده وبات في الإمكان القول الآن إن الرئيس/ علي عبدالله صالح الذي مارس مقداراً كبيراً من ضبط النفس إنما عرف تماماً كيف يتفادى السقوط في فخ التدخل في ما كان يسمى بالجنوب آنذاك، تاركاً الأمور تنضج لمصلحة اليمن ووحدة اليمن.كان مهماً أن تبقى الوحدة بعيدة عن أي نوع من العنف والإكراه، لكن حرب الردة والانفصال التي شنت بدعم خارجي لم تترك مجالاً لذلك، وكان لا مفر في مرحلة معينة من الدفاع عن الوحدة، وذلك لسبب في غاية البساطة يتلخص في أن مصير البلد كله كان على المحك كان الخيار واضحاً بين أن يحافظ اليمن على وحدته.. وبين الصوملة، أي أن يصير صومالاً أخرى، وكان أن استطاع اليمن الانتصار على مؤامرة الانفصال من دون التخلي عن فكرة التسامح التي تعتبر من ركائز الوحدة. إنها الفكرة التي سمحت بعودة آلاف الفارين إلى البلد بمن في ذلك أولئك الذين راهنوا على الانفصال، أثبت اليمن أنه يتسع للجميع بمن فيهم أبناؤه الذين أساؤوا إليه وإلى وحدته، ولعل في ذلك تكمن عظمة الوحدة اليمنية، هذه الوحدة لم تمكن اليمن من أن يكون متصالحاً مع نفسه فحسب، بل مكنته أيضاً من حل مشاكله مع المملكة العربية السعودية التي توصل معها في العام 2000م إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود بين البلدين الذي كان يعتبره كثيرون مستحيلاً، بل كانوا يراهنون على ذلك. قبله كان اتفاق على ترسيم الحدود مع سلطنة عمان، ثم ممارسة قدرة فائقة على ضبط النفس مع اريتريا التي اضطرت بدورها إلى رسم الحدود البحرية مع اليمن إثر تحكيم دولي بين الجانبين. هذا التحكيم الذي عكس نهجاً حكيماً في التعاطي مع الآخر حتى عندما يكون متهوراً، إنما هو ثمرة أخرى من ثمار الوحدة التي قامت أصلاً على فكرة رفض العنف والاستعاضة عنه بالتسامح.وبفضل الحكمة اليمانية المتمثلة بفخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية استطاع البلد تجاوز عقبات وصعوبات جمة جعلت من الوحدة اليمنية جزءاً لا يتجزأ من المعادلة الإقليمية ومن الواقع الإقليمي، وأكثر من ذلك صارت الوحدة اليمنية عاملاً من عوامل الاستقرار الإقليمي، في هذه المنطقة الحساسة من العالم.. إنها وحدة وجدت لتبقى لأنها وحدة طبيعية قبل أي شيء آخر.وهنا أدعوكم لنتأمل سوياً في شخصية فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله ورعاه - هذه الشخصية اليمنية التي صاغت بحروف بارزة جزءاً هاماً ورئيساً في تاريخ اليمن الحديث، وبعيداً عن المكايدات وتصفية الحسابات واختلاف وجهات النظر، لابد أن يعلم الجميع أن التاريخ لا يطبع على صفحاته بحبر لا يمحى إلا كبريات المواقف وعظائمها، ولا زلت أتذكر - وأنا طفل صغير - موقف فخامته الشجاع عندما وقف أمام معارضي الإسراع بعملية التوقيع على اتفاقية الوحدة اليمنية من أعضاء مجلس الشورى المنتخب حديثاً قبل سفره إلى عدن بساعات، قائلاً: «لن أنتظر ولن أتروى.. سأوقع لأجل مستقبل اليمن الواحد ومن أراد منكم المشاركة معي فمرحباً به.. وإذا طلبتموني فأنا في عدن».[c1]* رئيس اللجنة الإعلامية للاتحاد العام لشباب اليمن فرع/ عدن[/c]
أخبار متعلقة