غضون
نقرأ في الأخبار أن اللجنة الفلانية أو المجلس المحلي في مديرية ردفان طالبوا بالإفراج عن المقبوض عليهم الذين لم يرتكبوا أي جناية أثناء أعمال الشغب وكذلك الإفراج عن الأطفال أو القصر .. وهذه مطالب غريبة إذ أن الأصل في الإنسان البراءة, فمن لم يرتكب جناية لا يجوز توقيفه أو حبسه, والمشتبه به يحق له أن يطلق سراحه خلال الفترة القانونية وبعد انتهاء التحريات, أو يفترض أن النيابة وسلطات الضبط القضائي تقوم بواجبها القانوني دون انتظار مطالبة من ولي أمر أو أسرة أو لجنة أو مجلس محلي أو حزب أو مظاهرة أخرى. وأن يكون لدينا طفل واحد في سجن فهذه فضيحة ومخالفة لقانون الطفولة وقانون الأحداث وقوانين أخرى, فما بالك عندما يوجد عدد كبير منهم في أقسام الحجز, لقد كان من الواضح أن أطفالاً أو قصراً ممن يدرسون في التعليم الأساسي تم استخدامهم في تلك المظاهرات وشاركوا في التحطيم والتكسير, هؤلاء تختص بهم نيابة الأحداث وليس النيابات الجزائية ومكانهم دار رعاية الأحداث وليس السجن, ومن باب أولى أن يرجعوا إلى عائلاتهم, حيث يتعين الأخذ في الاعتبار أنهم استدرجوا من قبل الغير إلى تلك المواقف المزعجة. وحقاً هو موقف مزعج ومؤسف ذلك الذي ترى فيه طفلاً يخلع باب إدارة أو عمود كهرباء, ولا سامح الله الذين ورطوهم أو قبلوا أن يكون لهم دور في معارك سياسية لا تعنيهم, إذ أن التجارة بالأطفال والنضال بعيال الناس جرم لا يقل خطورة عن الاتجار بهم في القمار أو الجنس, وقد قلنا مراراً إن أشياء ثمينة من مقوماتنا ومن أسلحة مستقبلنا أفسدت جراء ممارسة الأحزاب للسياسة على هذا النحو الظاهر اليوم, وكان الأطفال هم من تبقى لنا, لكن ها هي يد السياسة تمتد إلى هذه الفئة لتخرج الأولاد من الصف المدرسي إلى الشارع ويدفعونهم لتبني مطالب الكبار والصياح نيابة عن دهاة الحزبية الذين يشغبون طيلة النهار, وعند الأصيل يتسابقون لاستلام المخصصات والمساعدات. أعود إلى ما بدأت به وأكرر القول إن الأبرياء لا يحتاجون لمن يتجمهر من أجلهم ليضغط على الشرطة أو أجهزة الأمن لإجبارها على اطلاق سراحهم, بل ينبغي أن تقوم هذه الأجهزة بذلك هي بنفسها, لأن هذا هو الأصل في حالة الإمساك بالمشتبه به, أما إذا أعتقل دون شبهة أو ذنب فهذه جريمة.