السياسيون والوزراء في الأعمال السينمائية والتلفزيونية
القاهرة / 14 أكتوبر / وكالة الصحافة العربية:المتأمل في صورة السياسي ، وزيراً كان أو مسؤول ·· يجد أنها سلبية في معظم الأحيان تتساوى في ذلك الأعمال التليفزيونية والأفلام السينمائية·· وتتفاوت هذه السلبية بين الظهور بمظهر غير الملم بمهام وظائفه وافتقاره إلى سرعة البديهة في التعامل الأمثل مع الأحداث المفاجئة والسريعة ، وبين سيطرة نزواته وشهواته عليه من حب للنساء وشرب للخمور وميله للانحراف عمومـًا·· وتتفق الأعمال في معظمها على إظهار المسؤول في صورة الحريص على منصبه·· المتمسك بالكرسي إلى أبعد حد ودائما ما تصور شعوره بتلك الأهمية من حيث إبرازه كشخص متفاخر ومستغل لنفوذه في تحقيق مصالحه وإحساسه الدائم بالتعالي·والواقع نحن لا نعرف بالضبط مدى التوافق بين واقع الوزراء المسئولين وبين ما تصوره الأعمال الفنية بشأنهم إلا أننا نسرد تلك الصورة السلبية في بعض الأعمال ، ففي فيلم “الحب والسياسة” الذي يستعد المخرج سعيد مرزوق لتصويره قريبـًا يدور حول أحد الوزراء في الدولة والذي لا ينشغل إلا بالسهر واللهو مع النساء الساقطات دون أن يلتفت إلى الفساد المنتشر من حوله في وزارته·· وفي سبيل ذلك يهمل زوجته ولا يعاشرها جنسيا نظرًا لإشباع رغبته عن طريق الحرام·· وكذلك يهمل عمله ويشارك بنفسه في عمليات فساد ضد المجتمع لجني أرباح وفوائد مالية· وتكون النتيجة خيانة زوجته له مع آخر نظرًا لحرمانها من حقها الجنسي في الحياة والناجم عن إهمال زوجها لها·· ويتعرض الوزير للمساءلة القانونية·ولم يكن هذا هو الفيلم الوحيد الذي تعرض لحياة الوزير الخاصة وانحرافاته استنادًا إلى وظيفته ومركزه المرموق ففي فيلم “معالي الوزير” للعملاق أحمد زكي والذي أظهر الوزير في صورة المستهتر عاشق النساء، شارب الخمور، متعاطي المخدرات بل والقاتل لصديقه في النهاية حتى لا يكشف أسراره التي أطلعه عليها بخصوص حالته الصحية وإصابته بمرض نفسي أو انحرافاته المالية وحساباته السرية في البنوك السويسرية بالإضافة إلى علاقاته العاطفية والجنسية المشبوهة·كما أوضح فيلم “معالي الوزير” حرص المسؤول الكبير على البقاء في منصبه لدرجة أنه لا يذهب إلى الطبيب في حالة مرضه تخوفـًا من علم القيادة السياسية وتنحيته من منصبه·· وأظهر مدى النفاق بين المسؤول والقيادة العليا في الدولة من خلال أيهام الوزير للرئيس عبر الهاتف بأنه يحتاج إلى إجازة قصيرة لأنه لم يسترح منذ فترة طويلة بسبب عشقه للعمل!![c1]القاتلة[/c]ونفس الصورة جسدها فيلم “القاتلة” للفنانة فيفي عبده حيث أظهر الوزير عدنان الراشد “حسن حسني” في صورة المتلهف على النساء الجميلات·· المستغل هو وزوجته لسلطات منصبه في التعالي على الناس ومخالفة القانون ·· النجم الكبير عادل إمام أبدع من خلال أعماله السينمائية في إبراز الصورةالسلبية للمسؤولين والوزراء من خلال عدة أعمال ففي فيلم الإرهاب والكباب ظهر كمال الشناوي وزير الداخلية في صورة المسؤول المتردد في اتخاذ القرارات غير الحاسمة في التعامل السريع مع الأزمات والكوارث·· والحريص على منصبه قبل كل شيء دون النظر إلى أية خسائر مجتمعية أخري·كما أظهر الفيلم صورة للخلاف الذي قد يقع بين الوزراء وبعضهم البعض من خلال تبادل الاتهامات وحرص كل منهم علي إلقاء المسؤولية خارج ملعبه·ونفس الصورة برزت من خلال فيلم “الواد محروس بتاع الوزير” حيث صور معاليه على أنه زير نساء مستغلاً سلطات وظائفه لتحقيق مكاسب شخصية أو أسرية وعشقه للمنصب والتعالي والتفاخر·· وسقوطه في مستنقع الفساد والمخالفات والرشاوي جسده أيضا الفنان كمال الشناوي·وفي فيلم “التجربة الدنماركية” لم تكن صورة الوزير بأحسن حال·· فهو شخص عاشق للجنس الآخر بهرته فتاة في عمر أولاده لتجذبه إليها من خلال إقامة علاقة عاطفية معها بسبب جمالها وأنوثتها الطاغية·· وأظهر الفيلم مدى استهتاره حينما عرض أثناء اجتماع مجلس الوزراء شريط فيديو يحمل بداخله مشاهد جنسية بدلاً من خطط وزارته·وفي فيلم “طيور الظلام” صور الوزير بالمستهتر العاشق لكرسي السلطة وإقامة المغامرات الجنسية مع يسرا صاحبة البوتيك وزواجه بها عرفيـًا·· كما أظهر الفيلم مدى المؤامرات التي تحدث في تجاوزات الوزراء عند ترشيحهم لعضوية مجلس الشعب واستغلال الشرطة في زيادة أصواتهم كما برز من خلال اتفاق مدير حملة الوزير الانتخابية عادل إمام مع ضابط شرطة الدائرة·[c1]الراقصة والسياسي[/c]ونجح فيلم “الراقصة والسياسي” للنجمة نبيلة عبيد في تصوير انحرافات الوزير وكشف ملفاته وانحرافاته السابقة وقد جسد دور الوزير في هذا العمل الفنان صلاح قابيل حيث تناول الفيلم قصة حياته بداية من عمله كقواد للمتعة يحضر الراقصات إلى المسؤولين الضيوف وحتى نقله منصب الوزارة وبدأ يستغل سلطاته في الاضرار بكل من يقف في طريقه وعلى رأسهم الراقصة التي باتت تهدده لأنه خدعها وسرق جزءًا من أجرها عن السهرة الخاصة التي اصطحبها لإحيائها في أحد الفنادق ورغم قضاء ليلة حمراء معها قبل أن يصبح وزيرا ·ولم تكن الدراما التليفزيونية بأقل أثرًا من الأفلام السينمائية في التعرض لشخصية المسؤولين والوزراء·· وإن كانت أقل إظهارا لهم في المواقف المخجلة، غير الأخلاقية·· ومن الأعمال التي أبرزت صورة الوزير السلبية مسلسل “أمس لا يموت” للكاتب محمد صفاء عامر والمخرج خالد بهجت والذي تناول صورة عزيز بك الوزير السابق الذي حصل على عمل في إحدى الشركات استغلالاً لنفوذه وصداقاته وخدماته أثناء وجوده في السلطة·· ويوضح العمل إهماله لأسرته حتى أن ابنه أصبح مدمنا للمخدرات·وفي مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” ظهر الوزير في صورة الفقير البسيط الذي ينحني أمام ثروات شخص جاهل عبد الغفور البرعي بل ويحاول تزويج ابنه من ابنة المعلم عبد الغفور طمعا في ماله عسى أن يساعده في تجهيز عش الزوجية ونفقات الحياة وهي صورة تبدو غير واقعية·· فليس من المنطقي أن يعجز وزير عن توفير شقة لابنه أو مساعدته في تجهيز الأساس ونحو ذلك من الأمور التي لا تحدث إلا في خيال الكاتب والمؤلفين··[c1]الأصدقاء[/c]وأظهر مسلسل “الأصدقاء” لفاروق الفيشاوي صورة الوزير ضعيف الشخصية الذي يستهين به ابنه ويوبخه أمام الجميع ، وتناول مسلسل “يا ورد مين يشتريك” مدى الفساد داخل الوزارات المعنية من خلال إصرار الوزيرة فريدة صدقي على الإدلاء بشهادتها لإدانة أحد وكلاء الوزارة المرتشين والمخالفين من قبل المحكمة وإذا كانت تلك الصورة السلبية التي ظهرت عبر الأعمال الفنية التليفزيونية والسينمائية قد جسدت صورة المسؤول·· فإننا نتصور أنها جزء من كل أو قليل من كثير بسبب الرقابة على الأعمال الفنية التي لا تسمح إلا بمرور ما لا يضر المجتمع ويزعزع استقراره وثوابته·والسؤال الذي يطرح نفسه·· إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه الأعمال في تشويه صورة المسؤولين ، خاصة بعد انتشار الفضائيات وحرية البث في عصر السموات المفتوحة؟يقول الناقد الفني طارق الشناوي : إن الأعمال الفنية لم تقتصر على إبراز الصورة السلبية للوزراء والمسؤولين فقط بل تناولت المهن والأعمال الأخرى سواء بسواء·· وليس هذا معناه إطلاق الأحكام بفساد الوزراء والمسؤولين في مصر أو في أي بلد آخر خاصة مع ارتقاء ثقافة المشاهد في كل أنحاء العالم وحرصه على عدم تعميم الأحكام ، مشيرًا إلى أننا لا نلتفت إلى مثل هذه الأمور حيث نشاهد أعمالاً فنية للآخرين ولا نصف نظامـًا بكامله بالفساد بسبب انحرافات وزير أو مسؤول فيه وأوضح الشناوي أن ذلك يأتي في إطار حرية الرأي والتعبير التي تسود مصر والعالم في الآونة الأخيرة ولا مجال لوقفها أو السيطرة عليها·· فهو واقع يجب التعامل معه· رضينا أم أبينا·· فالسينما والفن عمومـًا مرآة المجتمع·· وله أن يعكس الصورة كما يراها المواطن العادي أو كما يعرفها المؤلفون والقائمون على هذه الأعمال·· المهم أن تكون النية خالصة وأن تسود الموضوعية والصدق إنتاجنا الفني والأدبي والصحفي·