يا رئيس الجمهورية.. حذار أن تدع أصحاب الباطل يستقوون بك بالكلام المعسول وباسم الله ونبيه وبالقول إنهم يأمرون أتباعهم بوجوب طاعة ولي الأمر حتى ولو جلد ظهورهم ونهب أموالهم.. وغير ذلك من أساليب التملق والمداهنة لتنفيذ مشاريعهم الجهنمية.. أطلب من مستشاريك المخلصين، بما في ذلك رجال الدين الأنقياء أن يدققوا في مسلك أولئك، فإذا وجدوا لهم حسنة “أنتف شاربي” و”أطيل لحيتي”، وأمري لله!ما هو منهجهم وماذا يقولون للمؤمنين؟ بل وما الذي يطلبونه منك؟ وباسم الله وشريعة الله؟ .. إنهم يطالبون بإلغاء الاحتفال بالأعياد الوطنية، لأنه لا يجوز للمسلم غير الاحتفال بعيدين هما الأضحى والفطر.. إلغاء النشيد الوطني، لأن فيه موسيقى والموسيقى حرام.. حظر البنوك التجارية ومؤسسات التمويل للمشاريع الصغيرة لأنها ربوية.. دك النصب التذكارية ومقابر الشهداء لأنها وثنية.. منع الصحف من نشر رسوم الكاريكاتير لأنها “تصاوير” محرمة.. حرمان المرأة من حقها في العمل، وشغل المناصب العامة لأن المرأة عورة يجب سترها وإبقاؤها في البيت لا تخرج منه إلا إلى القبر.. إيقاف العمل بالمعاهدات الدولية، لأنها صليبية ويهودية كافرة.. لكنهم يقولون ذلك على استحياء ولا يجرؤون على المطالبة علنـا بانسحاب اليمن من الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لتحريم العبودية والاتفاقية الدولية لمنع استرقاق الأسرى.. فقد سبق لأمثال هؤلاء في بعض البلدان العربية معارضة التوقيع على هاتين الاتفاقيتين الدوليتين بعد أن أقرتهما الأمم المتحدة في نهاية الأربعينيات بذريعة أنهما تشريعان وضعيان ومخالفان للشريعة.. أليست هذه مطالبهم؟يا رئيس الجمهورية.. اسأل مستشاريك.. هل أولئك القوم لم يعارضوا ولو لمرة واحدة أمرا أو إجراء أو قرارا صدر في هذه الدولة؟ وهل توقفوا عن مهاجمة النظام الديمقراطي.. إنهم يعيشون أحرارا ويتكلمون بحرية بفضل النظام الديمقراطي ويستخدمون ذلك من أجل الدعوة إلى القضاء على النظام الجمهوري وإعادة نظام “الخلافة أو الإمامة” الذي لا يمكن استعادته.. إنهم يستخدمون الديمقراطية لمحاربة الديمقراطية.. يستخدمون الحرية لنشر قذاراتهم، لكنهم بالمقابل لا يريدون سوى صوتهم وفكرهم ولا يقبلون أي صوت أو فكر مخالف.. لهذا نجدهم يطالبون بإسكات الآخرين الذين لا يتفقون مع أفكارهم.هل قالوا ولو كلمة واحدة في إدانة الإرهاب.. وبدلا من أن يقولوا للانتحاري أو الإرهابي إنك ستذهب إلى دار جهنم لأنك تقتل أبرياء وتدمر مصالح بلادك، يقولون له ستكون شهيدا وستذهب إلى دار النعيم، حيث تنتظرك الحور العين من حسناوات الجنة.يا رئيس الجمهورية.. إن الله سوف يحاسبنا في الآخرة في ضوء ما أنزل وأمر.. وليس بموجب ما يقول هؤلاء الذين يتبنون خطاب الكراهية والانقسام المذهبي والطائفي.. خطاب التخلف والرجعية ثم يقولون هذا من عند الله.يا رئيس الجمهورية إنهم يمارسون الابتزاز والإرهاب باسمك.. وباستخدام اسمك يحاولون تمرير مشاريعهم الانقلابية بالوسائل السلمية بينما يتركون لغيرهم استخدام وسائل العنف من أجل تحقيق ذات الأهداف الانقلابية.عندما التقى بك بعض رجال الدين قبل عامين في عدن قالوا إن رئيس الجمهورية أصدر توجيهاته بتشكيل هيئة الفضيلة بقرار جمهوري.. واتضح بعد ذلك أنهم أرادوا إقحام اسمك للابتزاز.. فلم يصدر قرار جمهوري بتأسيس هذه الهيئة سيئة الصيت التي قاومها المجتمع، وتوحدت كل الأطياف ضدها بصورة غير مسبوقة.. واتضح بعد ذلك أنهم كانوا يخططون و يراوغون ويمارسون الابتزاز باسم رئيس الجمهورية، ولم يكن هناك قرار جمهوري موعود كما قالوا ولا يحزنون!.وعندما التقى بك شيوخ جامعة الإيمان وحزب الإصلاح في صنعاء مؤخرا صرح الحزمي أن الرئيس وافق على مطالبهم ووعدهم بمنع تحديد سن للزواج وتوجيه الحكومة بسحب مشروع القانون، فرد عليهم رئيس الوزراء إنه ملتزم بالبرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الذي فاز بثقة ملايين الناخبين، ولن يتراجع ولن يسحب مشاريع تعديل بعض القوانين، لأنه بذلك يخون الرئيس ويخون البرنامج الانتخابي ويتنكر لناخبي الرئيس.وقبل بضعة أيام قابل بعض خطباء المساجد رئيس الجمهورية في عدن، وخرجوا بتصريحات تقول إن رئيس الجمهورية وعد بإبلاغ الحبيشي أن يتوقف عن الكتابة حول الأمويين والعباسيين والأحاديث الموضوعة التي تتناقض مع القرآن ومع السيرة النبوية المطهرة لرسولنا الأعظم.. وقالوا إن الرئيس سيأمر الحبيشي بالتوقف عن نقد الداعين لإحياء نظام الخلافة بعد أن تحول إلى ملك وراثي عضوض، لأنه بهذه الكتابات يهاجم أهل السنة.. ولما اتصلنا بالحبيشي نفى صحة هذه المزاعم وقال إنني اكتب في أكثر من جريدة وموقع.. وأنا حر في آرائي وأفكاري ، والرئيس هو حامي الديمقراطية وحارس حرية التعبير التي لا يريدها السلفيون، وقال لي الحبيشي عبر الهاتف وهو يضحك إنه يستبعد أن تصله مثل هذه التوجيهات لأسباب ثلاثة.. قلت له ما هي؟ .. فأجاب : السبب الأول يتعلق بأفكاري التي لا يمكن أن أتنازل عنها أو أتوقف عن نشرها بالكلمة.. فهذا موضوع يخصني ولدينا في اليمن بفضل الديمقراطية وحرية التعبير منابر كثيرة للتعبير عن آرائنا وأفكارنا، وهو إنجاز يحسب للرئيس علي عبدالله صالح الذي يريدونه أن يهدم بيديه رصيده الذي بناه طوال العقود الثلاثة الماضية.. أما السبب الثاني والكلام للحبيشي فهو أن صحيفة “14 أكتوبر” معنية بالدفاع عن البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية والالتزام والاسترشاد به، والوقوف إلى جانب الحكومة في كل ما تقوم به من أجل تنفيذ هذا البرنامج وبضمنه محاربة التطرف والإرهاب وتطوير المنظومة القانونية للدولة ودعم حقوق المرأة والطفل، وتمكين المرأة من زيادة مساهمتها في بناء الدولة وتوسيع مشاركتها في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.. ويمضي الحبيشي في شرح السبب الثاني مشيرا إلى أن الصحيفة التي يرأسها معنية بمكافحة التطرف والإرهاب وهي مهمة وطنية وردت في البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس.. ولم ترد في برنامج مرشح ((اللقاء المشترك)).!!؟أما السبب الثالث والكلام للحبيشي أيضـا، فهو يعود إلى قناعته بأن الرئيس لن يسمح لأحد لاستخدامه كأداة للقمع وتكميم الأفواه وإخراس ذوي الأفكار المختلفة ومنعهم من التعبير عن آرائهم، وهو ما يسعى إليه خصوم الرئيس ومعارضوه الذين يريدون تشويه صورته وإضعافه في سبيل الوصول إلى السلطة.نحن نعرف جيدا يا فخامة الرئيس أنك قلت ذات يوم إن مشاكل الديمقراطية لا يمكن حلها إلا بالمزيد من الديمقراطية.. والرئيس هو من يرعى هذه الديمقراطية التي لا يؤمن بها السلفيون، ويزعمون أنها من صنع العلمانيين والنصارى واليهود بحسب تفكيرهم المريض.ونعرف أن الرئيس لا يتدخل في أفكار المثقفين وكتاباتهم، بل يشجع على النقاش والحوار عبر الصحف، أما من يخرج عن محظورات النشر وضوابط حرية التعبير، فهناك القضاء وهناك سلطة القانون.. لكنهم لا يؤمنون بالنقاش والحوار.. ولا يؤمنون بالقانون لأنه وضعي بحسب فكرهم ومذهبهم.. وقد سبق للحبيشي أن نشر صفحة كاملة للمهدي وصفحة كاملة له.. وأتيح للناس فرصة التعرف على أفكار المهدي وأفكار الحبيشي، ولكن هؤلاء لا يريدون سوى صوتهم وفكرهم.. ولا يقبلون أي فكر مخالف.. ولذلك فإنهم يسعون إلى اجتثاث كل الأفكار المخالفة والتحريض ضد كل ما لا يتفق مع مناهجهم.. وقمع أصحاب الآراء التي لا تعجبهم .. والأخطر من كل ذلك أنهم يريدون الرئيس أن يحقق لهم ذلك بقرار أو بتوجيه منه شخصيـا!!.يا قوم.. ناقشوا الحبيشي وردوا عليه.. ناقشوا مخالفيكم واعرضوا حجتكم بدلا من التحريض والتحريش ضد حملة أي فكر يخالفكم، وإذا ترون أنكم عاجزون عن النقاش أو أن حجتكم ضعيفة فاصمتوا.. أما اتهام الآخرين بأنهم معادون للدين ويحاربون شرع الله ورسول الله، وينفذون مخططات أجنبية، فهذا أمر خطير، لا ينظر فيه سوى القضاء.. فاذهبوا إلى القضاء إن كانت لكم حجة بدلا من تحريض الرئيس ضد مخالفيكم.إن أقوامـا سابقين مثل هؤلاء المعاصرين استخدموا الخطاب الديني والعاطفة الدينية لدى الخلفاء والملوك والرؤساء لاستعدائهم وإثارة غضبهم لدفعهم إلى اتخاذ قرارات خاطئة تخدم فقط أولئك الأقوام.. وكانت ثمرة ذلك قمع الحريات وتعطيل العقول والتطويح بمصائر المفكرين، وإعلاء رايات الرجعية والتخلف والصراع المميت.اليوم يريد هؤلاء استخدام رئيس الجمهورية لقمع أشرف النساء وأنبل الرجال الذين يعملون - قولا وفعلا - لتنفيذ برنامجه الانتخابي، وتدعيم دولة المؤسسات.. الدولة الديمقراطية.. دولة القانون.. ويبشرون بالحداثة والاستنارة والتسامح والتضامن الوطني والغد الأفضل.لقد بات جليـا أن شيوخ السلفيين بعد أن فشلوا في محاورة الحبيشي ومواجهته فكريـا، قرروا التوجه إلى رئيس الجمهورية بهدف التحريض والتحريش واستخدام الرئيس كأداة للقمع.. وهو ما لن يرضاه الرئيس لنفسه ولا نرضاه لرئيسنا الذي انتخبناه.. بينما امتنع هؤلاء عن المشاركة في الانتخابات لأنهم لا يؤمنون بها.. وبذريعة أنها مخالفة للدين والشريعة.إنهم يطالبون الرئيس بعزل الحبيشي، لأنه نجح في تحويل صحيفة 14 أكتوبر إلى جريدة مقروءة ومثيرة للجدل والنقاش.. ولأنه أسهم في تطويرها وتحديثها حيث يتم الاستعداد الآن لافتتاح أضخم وأحدث مطبعة صحفية بالألوان في عدن خلال بضعة أسابيع.. والأهم من كل ذلك أنهم يطالبون بإسكاته، لأنه يزاحمهم بنشر أفكار مخالفة لأفكارهم.. ويمنعهم من الانفراد بالساحة ومن أن يكون صوتهم فقط هو السائد بدون منافس.نحن نفخر بأن لدينا رئيسـا منتخبـا عبر صناديق الاقتراع.. وأن الشعب وليس (أهل الحل والعقد) هو الذي اختار رئيسنا عبر انتخابات حرة ونزيهة ومباشرة .. ونفخر بأن رئيسنا يقف على رأس نظام ديمقراطي تعددي يضمن للناس حق الكلام وحق الاحتجاج بالوسائل السلمية والقانونية.. وحق التعبير عن الرأي والفكر ويضمن لكل حامل رأي وفكر حرية التعبير.نحن نفخر بأن الرئيس الذي يحكم بلادنا يقود ويبني دولة وطنية حديثة.. دولة مؤسسات، من ضمنها هيئات لحماية حقوق الأنسان وهيئات لمكافحة الفساد وملاحقة ناهبي المال العام والخاص.. لكنهم يريدون لنا (وليـا للأمر) يقود نظاما استبدادياً، ويجب على الناس طاعته حتى وإن جلد ظهورهم ونهب أموالهم.. وفي ظل نظام ولي الأمر الذي يريدونه سينعم الظلمة والفاسدون بحرية انتهاك حقوق الناس ونهب المال العام والخاص وبوجوب طاعتهم.وفي الأخير.. نحن نفخر بك أيها الرئيس لأننا نعيش ونعمل في ظل هذا النظام، الذي يسمح لنا بأن نخاطبك عبر هذا الخطاب المفتوح بكل حرية .. وبدون خوف.[c1]*صنعاء - 17 مايو 2010م[/c]
يا رئيس الجمهورية
أخبار متعلقة