14 أكتوبر في محكمة الأحداث م/ عدن
رئيسة المحكمة لـ 14 أكتوبر : تحقيق / أثمار هاشم / تصوير / علي محمد فارع ينص قانون الأحداث المادة (2) أن الحدث هو كل شخص لم يتجاوز سنه (15) سنة كاملة وقت إرتكابه جريمة قانوناً اوعند وجوده في إحدى حالات التعرض للإنحراف ويتراوح سنه أقل من (7) سنوات وأقل من (15) سنة.وهكذا نجد أن خرق الحدث أحد القوانين المنظمة للمجتمع او مخالفته للأعراف السائدة في المجتمع تجعله بنظر القانون حدثاً جانحاً وبالتالي تصبح عملية إعادة الحدث الجانح الى جادة الصواب مسؤوليتنا وفي ذات الوقت علينا ألاّ نغفل أن الحدث المجني عليه يحتاج هو الآخر الى دعمنا ليتجاوز محنته .14 أكتوبر أرتأت النزول الى محكمة الاحداث لمعرفة كل ماله علاقة بالحدث بدءاً من إتهامه حتى إصدار الحكم عليه . محكمة الاحداث والقضايا التي تعالجهافي البدء تحدثت إلينا رئيسة محكمة الاحداث القاضية إكرام أحمد حسين قائلة : إن رعاية وتعاون العاملين والخبراء الاجتماعيين يؤدي الى تسهيل اجراءات المحكمة وتخفيف الاحكام على الاحداث الذين يخالفون القانون ولكن خدمة الاحداث قانونياً واجتماعياً مازالت بحاجة الى الدعم والجهود اللازمة لتحقيق ذلك استجابة للاحتياجات المتزايدة من الاحداث الجانحين ومشاكلهم لتجاوز المخاطر الاجتماعية المترتبة على جنوح الاحداث وظاهرة جنوح الحدث ليست حديثة العهد ولكنها بصورة مختلفة وفقاً للظروف المختلفة القائمة في كل فترة او عقد من الزمان وهكذا الحال في محافظة عدن لأن جنوح الحدث عبارة عن تجاوز للقواعد القانونية وقواعد السلوك والاخلاق وغيرها من القيم الاجتماعية التي ينظمها القانون بغرض الحد من السلوك والافعال الضارة للاحداث وكذا الحد من الاضرار السلبية المترتبة عن مخالفات وجنوح الاحداث وتأثير ذلك على المجتمع وتستعين المحكمة كهيئة قضائية بالعديد من دراسات علماء التربية والاجتماع والنفس لمعرفة الاسباب الحقيقية والدوافع المؤدية الى جنوح الاحداث وكذا الاستعانة بالمقترحات الصادرة عنهم بإيجاد الحلول والوسائل النافعة لمواجهة الاحداث ومعالجة مشاكلهم ومعرفة كافة هذه الجوانب عند النظر القانوني في معالجة قضايا الاحداث واهمها بمحافظة صنعاء وعدن وقبل هذه الفترة لم تكن هناك هيئات قضائية متخصصة بمعنى الكلمة للنظر في قضايا الاحداث وكانت المحاكم الابتدائية العادية تختص بالنظر في قضايا الاحداث وهكذا الحال في الدراسات الخاصة الاجتماعية المختصة برعاية الاحداث الجانحين وإيوائهم وفي المقابل كان بعض القصور ينسحب على النظام القانوني ذاته لمعالجة قضايا الاحداث وخلال الفترة ماقبل عام 09م صدرت في محافظة عدن بعض النظم القانونية وباحكام قانونية لتنظيم احوال الاحداث الجانحين وبالاخص لتنظيم ايوائهم بعد اقتراف الجنح وكان تنظيم الايواء وفق مسميات ثلاث للتفريق بين النزلاء من الاحداث او ايداع البعض منهم او احتجازهم ، أما محكمة الاحداث الحالية فقد أنشئت وفقاً لقرار مجلس القضاء الاعلى وتتألف من قاض وخبيرين اجتماعيين من الاخصائيين الذين يحضرون اجراءات المحاكم وهما مفيدان بتقديم التقارير اللازمة والمفيدة الى القاضي بعد بحث ظروف الحدث الجانح من كافة النواحي .والقضايا التي وردت للمحكمة عام 2005م كانت كالاتي :31 قضية جسيمة (3إناث + 10 ذكور) 23 قضية غير جسيمة ( 2 إناث + 30 ذكور)9 قضايا إنحراف (9ذكور)أما قضايا التحرش الجنسي فهي :الاغتصاب (2)الزنا (2)هتك العرض (5)اللواط (3)وفي جميع قضايا الاحداث فإن فترة الاحكام لاتتجاوز سنة ونصف ففي قانون الاحداث فإنه يفضل تسليم الحدث لولي أمره إلاّ إذا تكرر الفعل من قبل الحدث فإنه يقدم للمحاكمة ويتم إيداعه دار الاحداث التي تقع تحت إشراف المحكمة حيث يفترض من مديرة الدار رفع تقارير دورية للمحكمة على الاقل كل ثلاثة اشهر بالاضافة الى نزول المحكمة من وقت الى آخر لتفقدالدار.أما عن الصعوبات التي تواجه المحكمة فقد أوضحت رئيسة المحكمة أن هناك قضايا تستدعي عرض الحدث على طبيب نفسي ولكن دار الاحداث يفتقر لوجود طبيب نفسي ونحن بصدد رفع تقرير للجهات المختصة بهذا الشأن كما أن إدارة الدار غير مؤهلة تأهيلاً علمياً ولاتوجد ورش تدريبية للاحداث وانعدام البرامج التعليمية للاحداث والدورات التأهيلية لكوادر وموظفي المحكمة باعتبارها محكمة نوعية متخصصة حديثة تفتقر للكثير من الخبرات إضافة الى نقص المخصصات المالية للمحكمة ومن الصعوبات كذلك أن هناك بعض القضايا يصعب فيها تواصل المحكمة مع أسر الاحداث خاصة الجانحين الوافدين من المحافظات الاخرى وكذا قصور وعي الاهالي وجسامة الفعل وهناك بعض الجهات تتعامل مع المنظمات الاجنبية باسم الاحداث ويتم تجاهل المحكمة بوصفها الجهة الرسمية الممثلة للاحداث .إجراءات النيابة:وتحدثت إلينا عضو النيابة رجاء قاسم الشرجبي قائلة أنه فور الابلاغ عن جنوح أي حدث تقوم الشرطة بإتخاذ الاجراءات باستدعاء الحدث نفسه ومن ثم إيداعه دار التوجيه الاجتماعي للفتيان والفتيات وهناك أحداث نازحون من مناطق أخرى يتم إيداعهم على الفور في دار التوجيه الاجتماعي لعدم وجود محل إقامة لهم في عدن وفي قضايا الاغتصاب وهتك العرض بالاكراه فإنها تسمى قضايا جسيمة يتم الابلاغ فيها من قبل ولي الامر ومن ثم تقوم الشرطة باجراءاتها حيث أن أغلب القضايا ترتكب أيام الاجازات (الخميس والجمعة) وتقوم الشرطة من تلقاء نفسها وحفاظاً على معالم الجريمة بإحالة الطفل المجني عليه للطبيب الشرعي لفحصه وهو الذي يحدد وجود اغتصاب او عدمه وفور ورود المحضر للنيابة تستمع لأقوال المجني عليه ( الطفل) وبحضور ولي أمره ومن ثم إذا هناك شهود يتم الاستماع إليهم وفي حالة غياب الشهود فإن النيابة تقوم بمواصلة الاجراءات حتى توصل القضية الى المحكمة للبث فيها معتمدين في ذلك على القرائن واضافت عضو النيابة الى أن حدث الحدث الجانح اليوم هو مجرم الغد وأن الشدة مع الاحداث مطلوبة لردعهم واشعارهم بأن هناك قانوناً يحاسبهم على جرائمهم ونحن في أكثر من ورشة عمل أشرنا الى ضرورة وضع مأموري ضبط في نقاط التفتيش لمتابعة الاطفال الذين يسافرون وحدهم حيث يفترض بمأموري الضبط التحفظ على أولئك الاطفال وإرجاعهم الى محل إقامتهم والتحقيق مع الشخص الذي كان برفقة الطفل وإثبات صلة قرابته به إلاّ أن كل هذا لايتم وللأسف تقول إن هناك تسيباً من بعض الجهات المختصة .دور الاخصائي الاجتماعي والصعوبات التي يواجههاكما ألتقت الصحيفة بالاخصائي الاجتماعي وهيب عبدالرقيب الذي يرى أن الخبراء الاجتماعيين بالمحكمة يعتبرون معاونين لقاضي الاحداث ومهامهم حضور جلسات المحاكمة ومن خلال هذه الجلسات يقومون بتقديم تقرير قبل إصدار الحكم لقاضي الاحداث ويتضمن التقرير اسباب ودوافع إنحراف الحدث حيث يستعين القاضي بهذا التقرير عند إصدار الحكم ويتضمن التقرير التدابير المناسبة التي يمكن للمحكمة أن تأخذ بها وتكون مفيدة لتقويم سلوك الحدث ولكن هناك مشاكل تواجهنا وهي أن التدابير التي نراها مناسبة لتقويم سلوك الحدث لاتجد طريقها للتنفيذ في دار الاحداث بسبب غياب برامج التأهيل والتعليم داخل دار التوجيه الاجتماعي او دار الرعاية وايضاً لعدم وجود اخصائيين نفسانيين في الدور يساعدون على تنفيذ التدابير التي تأمر بها المحكمة للحدث لتقويم سلوكه واعادته الى المجتمع كعنصر سوي ومن المشاكل ايضاً غياب مكاتب المراقبة الاجتماعية في الاحياء السكنية التي تنتشر فيها الانحرافات السلوكية من مهام هذه المكاتب القيام بالابلاغ عن الاحداث المعرضين للإنحراف السلوكي قبل وقوع الجرم كما أن عدم توفر وسائل المواصلات على الاقل في الوقت الراهن للقيام بالبحوث البيئية لمعرفة مجمل الظروف التي دفعتهم للانحراف كما أن عدم وجود مكاتب مراقبة اجتماعية يحد أو يضعف دور الخبير الاجتماعي كمعاون للقاضي في تقديم المادة العلمية السلمية الكامنة وراء ظاهرة الجنوح وكذلك عدم ربط بعض حالات جنوح الاحداث ببعض المؤسسات التي يمكن أن تسهم في مساعدتهم ومساعدة أسرهم على تقويم سلوكهم كصندوق الرعاية الاجتماعية .أسباب جنوح الأحداث وفي هذا الصدد تحدثت إلينا الاخصائية الاجتماعية مها عمر عبدالله قائلة :إن لجنوح الاحداث عدة مسببات منها :(1) التسيب الاسري مثل الاسر المفككة بسبب الطلاق او اليتم وغياب الاب بسبب الهجرة وبالتالي إنعدام الرقابة على الابناء وتركهم اغلب الاوقات في الشوارع لساعات متأخرة من الليل وهم أطفال الامر الذي يعرضهم للانتهاكات مثل الاغتصابات ، اللواط ، تعاطي المخدرات .(2) العامل الاقتصادي نتيجة لنقص مستوى الدخل عند رب الاسرة يؤدي الى هروب الاطفال من المدارس وعدم قدرة الاسر على تحمل تكاليف الدراسة نظراً لكبر حجم الاسرة وهذا يساعدهم على البقاء فترة اطول بالشارع وممارسة المهن الهامشية مثل بيع الجرائد مما يجعلهم يحتكون بمن هم أكبر منهم سناً حيث يتم استغلالهم بطرق أخرى مثل التحرشات الجنسية وتعاطي المواد المخدرة بانواعها كما أن العامل الاقتصادي يؤدي الى السرقة وتكوين عصابات منظمة من الاطفال تحت سيطرة الكبار كما أن كثيراً من الفتيات يعملن في الملاهي الليلية بدون رقابة محددة وذلك لكسب المال .(3) الوسائل الاعلامية وهذه لها أثر كبير في إنتشار الظواهر الجنسية الشاذة بين الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 8-51 سنة ومافوق ولهذا انتشرت كثير من الاغتصابات واللواط بسبب القنوات الاباحية بدون رقابة من الدولة اضافة الى أماكن لعب الاتاري التي يكون بعضها مشبوهاً وكذلك الافلام الاباحية التي يتم تسجيلها في بعض الهواتف النقالة والتي يشاهدها طلبة المدارس .(4) عدم وجود الوازع الديني المعتدل بوعظ الطلاب داخل المدارس .(5) تعدد الزوجات عامل لهروب الابناء من أهاليهم من المحافظات الاخرى والذين يكونون بدون مأوى ويتم استغلالهم من الذين هم أكبر منهم .(6) العامل التربوي حيث أن وزارة التربية والتعليم لاتقوم بدورها لغرض التواصل بين الاسرة والمدرسة وعدم وجود اخصائيين اجتماعيين مؤهلين في المدارس وتقلص دور مجلس الآباء في المدارس وكذلك دور السلطة المحلية .طبيعة عمل المحامين :وحول طبيعة عمل المحامين تحدث إلينا المحامي مراد صالح الزيادي قائلاً : لقد قامت محكمة الاحداث قبل عامين باصدار تعميم عبر مديرية الامن بمحافظة عدن وخلاصة هذا التعميم أنه لايتم التخاطب مع الاحداث إلاّ بحضور محامي الحدث والذين تم ذكر اسمائهم وارقام تلفوناتهم في التعميم ومن خلال ممارسة عملنا وجدنا أن لرجال الامن دور فعال في الاستجابة لهذا التعميم كما وجدنا أن معظم قضايا الاحداث اسبابها البيئة التي يعيش فيها الحدث فإذا كانت البيئة مفككة فإن الحدث يقوم بأفعال يجهل عواقبها بينما تلك الافعال يجرمها القانون لأن من طبيعة الحدث تقليد أفعال الاكبر منه سناً من الاهل والمحيطين به ، ففي قضايا السرقة نجد أن أسبابها الحاجة المادية للاسرة وعدم قدرتها على تلبية مطالبه أما القضايا المتعلقة بالعرض كالزنا والاغتصاب واللواط وهتك العرض فإن من أسبابها تقليد الحدث لأفعال رأها في الماضي مثل مشاهدة التلفزيون ، افعال ملموسة من اسرته والبيئة المحيطة به وكذا الانترنت لذلك فإنه عند وصول أي قضية للاحداث في مراكز الشرطة يتم استدعاءنا بناءً على التعميم الذي لديهم ونقوم بالجلوس مع الحدث لمعرفة دوافعه لارتكاب تلك الجريمة وذلك قبل أن يبدأ التحقيق معه وعلى ضوء ذلك نقوم بالترافع عن الحدث .إجراءات الترافع ::كما ألتقت صحيفة 14 أكتوبر بالمحامية خديجة يوسف التي أشارت الى أن محكمة الاحداث تهتم بعدد من القضايا منها السرقة ، الشروع في السرقة ، الايذاء العمدي وغير العمدي ، التشرد والتعرض للانحراف ، القضايا الاخلاقية وفي جميع تلك القضايا فإن المحامي يقوم بالدفاع عن الحدث الجانح وتوفير الحماية القانونية له سواء قام بالفعل او لم يقم به وفي حالة ثبوت قيام الحدث بالفعل فإننا نستجوبه لمعرفة الاسباب والبيئة التي نشأ فيها وعلى هذا الاساس يتم الدفاع عنه وفي حالة ابداء الحدث الندم فإن المحامي يطلب تخفيف الحكم عنه ، وبالنسبة للحدث الذي لايعترف بفعلته فالدفاع عنه يتم بالطريقة القانونية العادية من حيث توافر شهود النفي أو التقارير الطبية هذا فيما يخص الدفاع عن الحدث في المحكمة أما الدفاع عنه في الشرطة فيكون حضور المحامي ضرورياً لضمان عدم تعرض الحدث لأي ضغوط او إكراه على الاعتراف او التعرض للعنف وإن كنا والحمد لله لم نلمس تعرض الاحداث للعنف في مراكز الشرطة وذلك نتيجة لارتفاع الوعي لدى افراد الشرطة أما عن المعوقات التي تصادف عمل المحامين فقد اوضحتها الاخت / خديجة يوسف بأنها توجد في بعض القوانين فمثلاً تنفيذ الاغتصاب المفروض أنه إذا تعرض الحدث (الفتاة) للاغتصاب مرة واحدة فإن ذلك لايعد زنا ولكن القانون ينظر إليها على أنها زنا ، كذلك الحدث الذي يتم الحكم عليه بتسليمه لاهله بينما لايوجد لديه أهل وبالتالي لايأتي احد لاستلامه بعد إنتهاء مدة حكمه كما أن هناك حالات يجهل فيها الاهل اماكن تواجد ابنائهم او أنهم يرفضون الحضور للمحكمة التي تبذل جهوداً كبيرة للوصول الى عناوين اهالي الاحداث الجانحين ومن ضمن الصعوبات كذلك او ورش العمل التي تقام تركز الحديث على الحدث الجانح من النواحي القانونية ،النفسية، الاجتماعية ولايتم التطرق مطلقاً للحدث ( المجني عليه ) في قضايا الاغتصاب والقضايا الاخلاقية بشكل عام كذلك ينعدم وجود نص قانوني يحمي الحدث ( المجني عليه ) وله الحق فقط في رفع دعوة مدنية للمطالبة بتعويض وكذلك جميع الاشخاص الذين تعرضوا للأذى .وأخيراً فإننا نأمل أن تكون هناك قوانين منصفه تحمي حقوق الاحداث ( المجني عليهم) وفي ذات الوقت نشدد على دور اولياء الامور بمراقبة ورعاية ابنائهم قبل أن يفوت الاوان ويقعون في أمور لاتحمد عقباها .