قصة قصيرة
سالم فرتوتما أن نما إلى علمه أن أسرتها ستغادر قريته حتى فلت منه السؤال إياه(وسعيدة بين؟!) حتى أن تساؤله كاد أو هو صار مثلاً، على من يسأل على ما لا يحتاج إلى سؤال اصلاً، فإن رب الأسرة قد اتخذ قرار الرحيل من تلك القرية التي قدم إليها قبل بضع سنين،و كانت سعيدة في الثانية عشرة من عمرها، أما هو فيكبرها بسنين أربع، في تلك السن جذب حميد شيء ما فيها حلت أسرتها بالقرب من بيتهم فألمت به سعيدة، ساعدت أمه العجوز في غسل مئزره وقميصه وقدمت له فنجان الشاي، ما الذ الشاي عندما يأتي وعلى الفنجان الذي يشرب منه، لمسات أنامل الصبية، (ليحفظك الله) يقول لها ذلك بصدق فلتكبري أيتها الصبية إذن، إني متيم بك إذا سألتني يوماً ما لذي يجذبك في ؟، فسأحار جواباً. تستدير الفتاة عائده إلى أمه، في جانب من البيت القروي الذي يشبه معظم بيوت القرية كوخ أو كوخين من القش وحوائط.. وثمة وتضم من مساحة الأرض ويضم إلى جانبها زريبة للأغنام، وحمام ومطبخ وفي جانب من البيت تجلس أمه تغسل الملابس وسعيدة كانت تأتي إليهم منذ كانت في الثانية عشرة وهي تلم بيتهم فقد ارتبطت بصداقه مع أخته التي تقريباً في سنها ويختلس هو لحظات ليحدث إليها ، ولما يزل متحفظاً لم يبح لها بحبه أي شعور هذا الذي يملأ فؤاده وأي شيء هذا الذي يشده إليها!.وكبرت سعيدة وكانت كلما كبرت ازدادت وسامة ورقة، وشع في عينيها ووجهها بريق يكاد يكون من سطوته عليه أن يفقده صوابه، فيعتريه الارتباك، لكنه الارتباك الموشى بالسرور والارتياح والغبطة، أتراها هي تكن له ذات المشاعر أم أن النساء لا يحببن، أنهن يحتجن إلى رجل أي رجل وكفى ثم من هذه التي يمكنها أن تحب هنا؟ أن سعيدة حتى وان أحببته فلن تصرح له بذلك وسيان أن تحبه أو لا تحبه فيكفيه أن يحي برؤيتها ولو في اليوم برهة حتى إذا شاء الله تزوجها وجعل يسرح بعينيه معها، وهما تحت سقف واحد وأخذه حلم اليقظة ذلك الظهر وهو في الكوخ وحده، وزغرد قلبه فرحاً ونضح جسده فرحاً وسالت حوله فرحته لتملأ كوخه، وبغتة دخلت عليه سعيدة تحمل له غداءه، فسيطرت عليه تلك الحالة كلما وقعت عيناه عليها، حالة هي مزيج من آه، انه لا يستطيع أن يصفها!! ولا يملك حميد شيئاً أكثر من حبه للفتاة والفتاة كبرت الآن وصارت في سن الزواج فهل تنزل عليه ليلة القدر فيتمناها هي ولاشي سواها وصارح أباه وأمه بالأمر لكن ما باليد حيلة، الزواج يريد فلوساً ويتعين عليه أن يبحث له عن عمل خارج بلده وضرب له أبوه مثلاً بأحد أبناء القرية الذي نال ما تمنى بعد أن هجر بلاده إذ انه بعد سنتين تزوج بصبية جميلة وحميد ما يشاء غير سعيدة ولكيما يظفر بها راودته فكرة الغربة عن بلاده في سبيل أن يتمكن من الزواج منها.. ولكن واحسر تاه ! قرر أبو سعيدة الرحيل وأفراد أسرته عن هذه القرية شاع النبأ، وقرص سمع حميد، انتفض كمن ينتفض من تعرضه للدغة عقرب.قرر أبو سعيدة الرحيل وأفراد أسرته قالت له أمه ذلك نهض من استلقائه ليل ذلك اليوم الصيفي كان الفانوس المعلق إلى حائط الكوخ الأمامي يلقي بضوئه على وجهه المتسائل بسؤاله الذي أضحى مصدر سخرية :» وسعيدة بين ؟!» يقصد وسعيدة هل سترحل معهم ؟! ورغماً عنها ضحكت أمه من سؤاله، فلمن سيترك سعيدة ! ما بك يا بني!!ثم نهض واندفع يجري باتجاه بيت أبي سعيدة ليساله، هل سترحلون؟ أجابه: نعم. وكأنه لم يسمع جواب أبيها فكرر سؤاله وهو منكسر (وسعيدة بين؟!) وراح يجوب أزقة القرية ذلك اليوم وهو يلقي بسؤاله: وسعيدة بين؟! وسعيدة بين؟! وسعيدة بين؟! وسعيدة بين؟!.