اعداد / وحدة المعلومات والبحوثيذكر المؤرخ الإغريقي "هيرودتس - القرن الخامس قبل الميلاد" أن أول من سكن قطر هم القبائل الكنعانية التي اشتهرت بفنون الملاحة والتجارة البحرية، كما ذكر الجغرافي الإغريقي "بطليموس" في خريطته المسماة بلاد العرب، اسم "قطرا" حيث يعتقد أنها تشير لشهرة مدينة الزبارة القطرية والتي كانت قديماً من أهم الموانئ التجارية في منطقة الخليج.وقد دلت الحفريات والنقوش ورؤوس الرماح الحجرية ومجموعة الفخاريات متقنة الصنع التي عثرت عليها البعثات الأثرية الأجنبية في قطر، على أن أرض قطر كانت مأهولة بالسكان منذ الألف الرابع قبل الميلاد، حيث استوطنها أقوام في مواقع عديدة في شبه الجزيرة. وقد تم اكتشاف مائتي موقع لآثار ما قبل التاريخ في قطر بين عامي 1956 - 1965، كما اكتشفت عدة مواقع ترجع إلى فترات مختلفة من العصر الحجري، ووجد موقع كبير لصناعة الأدوات الصوانية من المحتمل أنه يرجع إلى مرحلة العصر الحجري الوسيط الميزوليتي، ودلت الحفريات على امتداد الحضارة العبيدية التي قامت جنوبي العراق وشمالي الخليج العربي إلى شبه جزيرة قطر.دخلت قطر في موكب الحضارة الإسلامية حين استجاب للدعوة الإسلامية الملك المنذر بن ساوي التميمي ملك المناذرة العرب والذي كان يحكم أرض قطر والمناطق المجاورة لها في أواسط القرن السابع للميلاد. وقد تغنى الشعراء بقطر ونجائبها "الإبل الجيدة" ونسيجها، وذاعت شهرة برودها "جمع بردة" حتى ذكرت المصادر ان الرسول ــ صلى الله عليه وسلم - لبس الثوب القطري، كما لبست أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ـ درعاً من نسيج قطر، وكان لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إزاراً قطرياً مرقوعاً من جلد.وقد شارك أهل قطر في تجهيز أول اسطول بحري لنقل الجيش الإسلامي بغرض الجهاد تحت قيادة أبي العلاء الحضرمي، كما ثبت مهارة القطريين في صناعة الرماح وتقويمها والتي تعرف بالرماح الخطية. وقد نسب المؤرخون والرحالة العرب شهرة واسعة إلى شاعر قطر وفارسها "قطري بن الفجاءة" وذلك إعجاباً بشجاعته وثبات مواقفه.وقد شهدت قطر في ظل الدولة العباسية إبان القرن الثامن الهجري" الرابع عشر الميلادي" مرحلة من الرخاء الاقتصادي، وفي القرن العاشر الهجري "السادس عشر الميلادي" تحالف القطريون والأتراك لطرد البرتغاليين، ومن ثم دخلت قطر دائرة النفوذ العثماني فكان الاحتلال العثماني لقطر عام 1871، ولكن كانت سيادة العثمانيين على المنطقة اسمية، في حين كانت السلطة الفعلية بأيد شيوخ القبائل العربية المحلية وأمرائها.وفي عام 1893 قام الأتراك بالهجوم على مقر الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني حاكم قطر وقتها والذي انتصر على الأتراك في معركة الوجبة، حيث قاومهم القطريون بشجاعة فانسحبوا إلى قلعة الدوحة، وكانت هزيمة الأتراك حدثاً هاماً قويت بعده مكانة وسمعة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، حيث شهد عام 1913 انتهاء النفوذ العثماني على قطر وجلاء القوات العثمانية نهائياً عن البلاد عام 1915، حيث تم تقوية الروابط القطرية مع دول الجوار والبريطانيين.[c1]قطر في القرن العشرين[/c]حافظت قطر حتى السنوات الأولى من القرن العشرين على صلاتها بدولة الخلافة الإسلامية واعترافها بسيادتها الاسمية عليها بالرغم من أن النفوذ العثماني في الخليج والجزيرة العربية كان في حالة انحسار متواصل وفي تلك الظروف لم ترتبط قطر ببريطانيا من خلال معاهدة حماية وإنما اكتفت فقط باتفاقية عام 1868 التي وقعها الشيخ محمد بن ثاني مع بريطانيا.بيد أن بريطانيا نجحت فيما بعد في عقد معاهدتها مع قطر في عام 1916 وتم التصديق النهائي عليها في 23 مارس عام 1918 بعد أن وقع الشيخ عبدالله بن قاسم على النسخ والترجمة. وانتقلت بريطانيا إلى مرحلة التواجد الفعلي في قطر بعد المعاهدة المعدلة عام 1935 وضمنت بذلك إلغاء "النصوص المجمدة" في المعاهدة القديمة المتعلقة بالتمثيل السياسي البريطاني في قطر، وإنشاء مكتب للبريد والبرق، وإنشاء المطارات وغير ذلك بالرغم من أن معتمداً سياسياً لم يأت إلى الدوحة إلا في عام 1949 .أما عمليات التنقيب عن النفط فقد استغرقت نحو أربع عشرة سنة (1935 - 1949) بالرغم من أن بشائر الزيت بدأت تتدفق من حقل دخان في نهاية عام 1939 إلا أنها توقفت من عام (1943 - 1946) بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها، وبدأ تدفق النفط بكميات تجارية في عام 1949 حين أبحرت أول باخرة تحمل نفط قطر إلى أسواق العالم في ديسمبر من العام نفسه.وقد سبقت عمليات اكتشاف النفط وتصديره بكميات تجارية، سنوات عشر عجاف (1939 - 1949) حملت في طياتها الانعكاسات السلبية للحرب العالمية الثانية على المجتمع القطري وتدهورت الأوضاع الاقتصادية بعد توقف عمليات التنقيب عن النفط عام 1942، فضلاً عن تدهور صناعة الغوص وبوار أسواق اللؤلؤ وكساد تجارته، وساءت أوضاع البلاد التموينية فعم الغلاء وشحت المواد الأساسية.وبالرغم من عدم حصول قطر على استقلالها إلا أنها حاولت منذ الستينيات الاشتراك في بعض ألوان النشاط الدولي وذلك بالانضمام إلى منظمات فنية تابعة لهيئة الأمم المتحدة " كمنظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية"، واشتركت كذلك في مؤتمرات الدول المنتجة للنفط، كما اشتركت في الدورة الرابعة عشرة للجنة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية المنعقدة في القاهرة في 21 يناير عام 1961 .وبعد أن قررت بريطانيا الانسحاب من المنطقة بأسرها عام 1968 صدر المرسوم بقانون رقم (11) لعام 1969 المتعلق بإنشاء إدارة للشؤون الخارجية والتي أصبحت نواة لوزارة الخارجية الحالية.وعندما صدر أول دستور قطري في شكل "نظام أساسي مؤقت" في أبريل عام 1970 أقر هذا النظام تشكيل أول مجلس وزراء في تاريخ قطر وبالفعل صدر المرسوم رقم (35) في 29 مايو عام 1970 بتشكيل أول مجلس للوزراء ثم توالى بعده صدور العديد من القوانين التي تحدد صلاحيات الوزراء وتعيين اختصاصات الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى طبقاً لما ورد بالنظام الأساسي.واجتمع للمرة الأولى في تاريخ البلاد أول مجلس للوزراء في 3 يونيو عام 1970 وكان يضم عشرة مناصب وزارية.[c1]الانسحاب البريطاني والاستقلال[/c]في 16 يناير من عام 1968، طرأ على قطر ومنطقة الخليج تطور سياسي بالغ الأهمية، عندما أعلنت بريطانيا قرار سحب قواتها من جميع المناطق الواقعة شرق السويس. وكان أول رد فعل رسمي في الخليج أن تنادت إماراته ومشيخاته التسع إلى إقامة إتحاد فيما بينها "لسد الفراغ السياسي" الذي قد ينجم عن انسحاب بريطانيا في نهاية عام 1971 . وهذه الإمارات والمشيخات هي "قطر والبحرين وأبوظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين".ولعبت قطر دوراً سياسياً مرموقاً في الجهود التي بذلت لإنجاح اتحاد الإمارات التسع ولكن هذه المساعي لم تكلل بالنجاح.في اليوم الثالث من سبتمبر من عام 1971 . تم إنهاء العلاقات التعاهدية مع بريطانيا وإلغاء المعاهدة التي كان الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني قد وقعها مع بريطانيا في عام 1916، فأصبحت قطر دولة مستقلة ذات سيادة كاملة. وفي الشهر ذاته انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. وقد قطعت دولة قطر مشواراً طويلاً في الساحة الدولية منذ فجر الاستقلال في عام 1971 بدأ ببروزها لأول مرة بوصفها دولة حديثة الاستقلال، واستمر بتحولها إلى عنصر فعّال على المسرح الدولي يضطلع بدوره الكامل والفاعل على الساحة الإقليمية والعربية والدولية.وكانت المرحلة الأولى هي مرحلة التأسيس وإرساء دعائم الوجود الخارجي، وذلك بتبادل السفارات والبعثات الدبلوماسية مع مختلف دول العالم، والانضمام إلي الأسرة الدولية بدخول المنابر الدولية والإقليمية الكبرى كالأمم المتحدة والجامعة العربية ومجموعة عدم الانحياز.[c1]أسرة آل ثاني .. حكام دولة قطر[/c]اكتسبت أسرة آل ثاني اسمها من عميدها ثاني بن محمد الذي تولى مقاليد الحكم في البلد، وهم فرع من بني تميم الذين يتصل نسبهم بمضر بن نزار.ويعود تاريخ قدوم آل ثاني إلى قطر إلى القرن الثامن عشر، حيث كانوا قد عاشوا في بلدة " أشيقر" من إقليم الوشم ثم استقروا في واحة جبرين الواقعة جنوب شرقي شبه الجزيرة وارتحلوا بعد ذلك إلى الرويس ثم إلي الزبارة، وفي منتصف القرن التاسع عشر استقروا في الدوحة بزعامة الشيخ محمد بن ثاني ويعتبر نظام الحكم وراثياً في أسرة آل ثاني. [c1]الشيخ محمد بن ثاني آل ثاني - فترة حكمه 1850 - 1878[/c]ولد في "فويرط" واشتهر بتقواه ووقاره وحنكته ووعيه، وتولى الحكم بعد وفاة والده الشيخ ثاني بن محمد، وهو أول شيخ مارس سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية[c1]الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني - فترة حكمه 1878 - 1913[/c]ولد عام 1825 وتلقى تعليمه في الدوحة، وتم تعيينه في سنة 1876 من قبل الدولة العثمانية نائباً لحاكم قطر، وقد تولى الحكم بعد وفاة والده الشيخ محمد بن ثاني، واستطاع الموازنة بين آماله في إحياء قوة الأمة الإسلامية التي تمثلها الخلافة العثمانية، وبين القوة البريطانية المهيمنة على الخليج، ويعتبر الشيخ قاسم بن محمد المؤسس الحقيقي لدولة قطر[c1]الشيخ عبدالله بن قاسم - فترة حكمه 1913 - 1949 [/c]خلال فترة حكم الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني، عثرت شركات النفط الأجنبية على البترول في حقل "دخان" عام 1940، وقد سلم الشيخ عبدالله مقاليد الحكم في حياته إلى ابنه الشيخ حمد الذي وافته المنية، فعاد الشيخ عبدالله إلى الحكم مرة أخرى.[c1]الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني - فترة حكمه 1940 - 1948[/c]تسلم الحكم في حياة والده، ولكن وافته المنية عام 1948، وكان يتمتع بشعبية كبيرة بين الناس بفضل بشاشته وعمق إيمانه[c1]الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني - فترة حكمه 1949 - 1960[/c]اشتهر بالتدين والعطف على أبناء شعبه، وتم في عهده استحداث منصبين وزاريين أحدهما للمعارف عام 1957، والآخر للمالية عام 1960، وحارب الجهل والمرض وزاد تدفق النفط، وأنشئت المدارس ودار الكتب ومستشفى الرميلة، وبدأ في عهده التعليم النظامي عام 1956 .[c1]الشيخ أحمد بن علي آل ثاني - فترة حكمه 1960 - 1972[/c]شهدت فترة حكمه صدور العديد من القوانين التشريعية ونالت البلاد استقلالها السياسي عن بريطانيا في الثالث من سبتمبر 1971[c1]الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني - فترة حكمه 1972 - 1995[/c]في الثالث من سبتمبر 1971 أعلن الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي كان ولياً للعهد آنذاك استقلال قطر السياسي وإلغاء معاهدة الحماية الموقعة مع بريطانيا عام 1916، ومن وقتها دخلت قطر مرحلة التنمية في مختلف النشاطات وبدأ عصر بناء الدولة الحديثة.[c1]حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني 1995 [/c]منذ تولى سموه مقاليد الحكم في البلاد قام بإعادة ترتيب وتنظيم شؤون الدولة ودوائرها ومؤسساتها على قواعد حديثة، شملت توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار الوطني وتأكيد دور الشعب في إدارة شؤون بلاده عن طريق تعميق نهج الشورى وتأصيل مبادئ الحرية، إلى جانب اعتماد منهج التخطيط العلمي لتطوير اقتصاد البلاد واستثمار مواردها واستغلال ثرواتها وتطوير التعليم، وذلك بتحديد الاستراتيجيات ووضع الخطط طويلة الأمد، وتشجيع القطاع الخاص على المبادرة والإبداع والاستفادة القصوى من الخبرات الوطنية والأجنبية وتهيئة المناخ الاقتصادي السليم لجذب الاستثمارات.وتسجل قطر في عهد سموه حضوراً مميزاً على الساحة الدولية، فبعد توثيق عرى الإخوة والعلاقات الثنائية مع شقيقاتها دول مجلس التعاون، تحركت على الصعيد العربي لتعزيز أواصر روابطها القومية مع الدول العربية، ومضت قدما نحو تثبيت أركان صداقتها مع مختلف الدول الأجنبية من خلال الزيارات المتبادلة والمساهمة في القضايا والمسائل التي تهم حركة التعاون والسلم الإقليمي والدولي.وتشهد البلاد حالياً قفزات نوعية في التنمية والتطور والخطوات الجسورة على صعيد العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يؤهل دولة قطر للسير قدماً بخطى واثقة في هذا القرن الجديد الذي يستند إلى قواعد العلم والتكنولوجيا والإدارة المتطورة.
لمحات من تاريخ قطر في يوم الاستقلال المجيد
أخبار متعلقة