لماذا يعزف بعض الناس عن الاهتمام بمظاهرهم يوم العيد؟
صنعاء / سبأ:يلاحظ في الآونة الاخيرة خروج بعض الناس يوم العيد دون الاهتمام بمظهرهم مهملين لهندامهم بما فيه اللباس النظيف والتطيب، ويرجع ذلك للحالة النفسية والاقتصادية وتفاقم متطلبات المعيشة، ما يدفع بعض الناس إلى إهمال أنفسهم وعدم الاهتمام بالظهور بالمظهر اللائق بهذه المناسبة .وفيما يلي عرض لآراء عدد من المواطنين و تفسير المختصين لهذه الظاهرة ورأي الشرع في هذا الجانب .يقول احمد عبدالكريم شاكر « انا خريج جامعة وعاطل عن العمل ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء الاسعار باكاد نوفر لقمة العيش و لم يعد هناك نفس للعيد » .بينما ارجع التاجر عبدالرحمن الحبيشي حضوره الى المصلى يوم العيد بلباس غير نظيف الى انشغاله بالبيع والشراء حتى الصباح .ويقول العقيد صالح الحليسي : ان العيد مناسبة عظيمة ويجب ان يظهر الانسان فيه ما أنعم الله عليه من فضائل ويتطيب ويلبس اجمل ماعنده اقتداء برسولنا الكريم صلى الله وسلم عليه .. مضيفاً « هناك خلل في نظام التكافل الاجتماعي ما أدى الى ظهور مثل هذه الحالات فلو اخرجت الزكاة والصدقة لمستحقيها لكفيناهم السؤال يوم العيد » .[c1]علم النفس[/c] فيما ارجع استاذ علم النفس الاكلينيكي الدكتور عبدالرحمن المنيفي إهمال الذات ( المظهر او النظافة ) من الناحية النفسية الى العواطف والارادة عند الإنسان .ويقول : كلما تغيرت العواطف إلى الجانب السلبي يبدأ الانسان يهمل نفسه ويهمل اصدقاءه وعلاقته بالاسرة فيحصل عنده حالة شبه لامبالاة وبالتالي تتغير عواطفه نحو الحياة بشكل عام وتنعكس هذه الحالة على الجانب المظهري للشخص لان اللامبالاة اصبحت هي السائدة والمسيطرة على سلوكياته .ويضيف الدكتور المنيفي « قد يكون سبب هذا التغير مشاكل اسرية ، هروب من الواقع المرير نتيجة لإنحدار دخولات الناس حيث ان دخولاتهم لاتساوي مصروفاتهم وعلى هذا الاساس يبدأ الانسان بعمل نوع من الاحتجاج بالشكل الظاهري كنوع من الاحتجاج على الحياة والمجتمع بشكل عام لكنه في الواقع اشبه بالإنسلاخ من الحياة حيث من المفترض ان يكيف الانسان نفسه مع الواقع .ويستطرد قائلاً « الجانب النفسي صعب جداً والدليل على ذلك وجود صنف من الناس ممكن يلغي اي شيء إلا القات لايمكن يلغيه وممكن يخزن بأي مظهر فلايهتم بمظهره او صحته » .. معتبراً الانسان الذي لايستطيع ضبط نفسه والتحكم بنزواته والتكيف مع واقعه المعاش مختل الإرادة .و يضيف « عندما يستطيع (المولعي) السيطرة على رغباته ويترك القات يستطيع ان يعوض ماينفقه في جانب حياتي اخر وبالتالي سترتفع معنوياته ويتباهى بقراراته الناجحة امام الاخرين وسيبدأ بالاهتمام بالجوانب الاخرى التي تنقصه كالمظهر لانه استطاع السيطرة على رغباته وقراراته وعواطفه» .ويؤكد الدكتور المنيفي ان الجانب المادي إذا اثر على الإنسان فهناك خلل في جوانب شخصيته وهذا الخلل مس بدرجة اساسية العواطف والارادة التي تعتبر مفتاح النشاط النفسي بشكل عام .. مضيفاً « هذا الاختلال يجعل الانسان ورقة في مهب الريح امام نزواته ، اما من يكيف نفسه و يعيش بالقليل فهو يمتلك إرادة وقناعة و املاً في حياة افضل وسيضبط اعصابه وتصرفاته ويعيش على قدر دخله » .[c1]علم الاجتماع[/c] ويشير استاذ علم الاجتماع الدكتور احمد محمد عتيق الى إختلاف وتعدد الاذواق في الاوساط الاجتماعية من مكان لأخر وتتحكم فيها عدد من العوامل ( الثقافة ، الذوق ٍ، التربية والتنشئة الاجتماعية ) .. منوهاً الى وجود صنف من الناس يبالغ في الظهور بالملابس الفاخرة التي قد تطغى على إمكانياته المادية ويكلف نفسه ما لا يطيق وصنف اخر يهمل نفسه ويظهر بمظهر غير مقبول .ويلفت الى ان المجتمع اليمني عبر العصور تعود على ان يعطي كل مناسبة او ظاهرة اجتماعية حقها من مظاهر الفرح او الحزن .. مشيراً الى ان مناسبة العيد تحظى بحرص الناس والاسر للظهور بأجمل مالديهم لإعطاء انطباع جيد لدى الاخرين وحتى لا ينظر اليها بدونية او انتقاص وبالتالي كان هناك تفاخر بين الاسر .واعتبر عتيق ان المتغيرات في الفترة الاخيرة على الصعيدين المحلي والدولي اثرت بشكل قوي على مسألة الذوق عند الناس وحولتهم عن اهتماماتهم بالذوق والمظهر الى الهم اليومي والإنشغال بتوفير لقمة العيش .ويضيف « هناك ثلاثة اصناف من الناس الاول لايهتم بمظهره بخلاً منه لكن هذا استثناء عن القاعدة و الصنف الثاني تعودنا ظهورهم بأجمل مالديهم ونتيجة لتلك الهموم بدأو اهمال هذا الجانب اما الثالث فيستخسر المبلغ المخصص للإهتمام بمظهره وشراء ملابس جديدة لينفقه في جوانب اخرى منها مايكون ضرورياً والاغلب ينفقه على مايسمى «حق الولعة» .واعتبر من يخرج بمظهر غير مقبول خارجاً عن المألوف الاجتماعي وانه يمارس عادات او مظاهر تتنافى مع قيم وعادات المجتمع والدين .. مشدداً على ضرورة التكافل الاجتماعي لعدم إفراز مثل هذه المظاهر.فيما يرى استاذ الاعلام والاتصال الدكتور علي البريهي ان المظهر الشخصي يرتبط بثقافة الشخص وسلوكه وبعده الحضاري وعمقه الديني.ويضيف « صحيح ان الامكانيات تلعب الى حد ما دوراً لكن ليس بالشكل المطلق فلايمكن ان تكون عائق امام النظافة كونها سلوك و ثقافة إنما ربما وصلنا الى مرحلة من اليأس والاحباط بحيث اصبح كل شيء ليس له استثنائية .ويشير الى ان النظافة لاعلاقة لها بالمناسبة بل ينبغي ان تكون ملازمة للإنسان على الاقل من جانب الاهتمام بالجانب الصحي .. معتبراً ان هذا الصنف من الناس لا يعرفوا قداسة المناسبة كونها مرتبطة بالجوهر الداخلي وعند معرفتهم بقداسة الشيئ سيعطوه حقه من الاهتمام .ويقول البريهي « العيد مناسبة شراكة والفة والتقاء بالناس واهتمام بالاخر فعندما تهتم بنفسك تبعث السرور في نفس الاخر يعني المسألة ليست قاصرة عليك لكن نحن لانسلم بالاخر ولانؤمن به حتى اقرب الناس الينا ..مضيفاً « كما ان ديننا يحثنا بأن ندخل البهجة والسرور الى نفوس اخواننا واصدقائنا ومن نزورهم بالإبتسامة والنظافة شعبة من شعب الايمان ».وينوه الى ان البعض يرجع سبب الاهمال وعدم الاهتمام بالذات للظرف الاجتماعي والاقتصادي وجزء اخر يفسرها على اننا غير قابلين للتطور وكلها عوامل ارباك واساءة، فالمظهر ينعكس على الجوهر دائما .[c1]رأي الدين[/c] يقول تعالى : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال الحافظ ابن كثير : ولهذه الآية وما ورد في معناها من السنة يُستحب التجَمّل عند الصلاة ولاسيما يوم الجمعة ويوم العيد ، والطيب لأنه من الزينة ، والسواك لأنه من تمام ذلك ، ومن أفضل اللباس وعن جابر عند ابن خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين وفي الجمعة . وقال القرطبي في قوله تعالى :( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) دلت الآية على لباس الرفيع من الثياب ، والتجمل بها في الْجُمَع والأعياد ، وعند لقاء الناس ، ومزاورة الأخوان . قال أبو العالية : كان المسلمون إذا تزاوروا تجملوا .. و قال ابن حجر في الفتح : روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر : أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين وكان ثوب أحمد بن حنبل يُشترى بنحو الدينار. وقال الإمام مالك رحمه الله :« سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد» .