إعداد/ داليا عدنان الصادق :انه وليام هازليت " او شكسبير النثر" الكاتب الصحفي الناقد الانجليزي الذي ولد في " ميدعستون" في مقاطعة " كنت kent “ في العاشر من شهر ابريل " نيسان 1778" .قضى وليام هازليت باكورة حياته يدرس الفلسفة والادب والفن والسياسة ولكنه اساساً كان باحثاً في شؤون الحرية والإنسانية وكانت إنسانيته هي التي أكسبت كتاباته مانالت من خلود.ولد شكسبير في عهد الثورة وعاش في أحضانها لان اباه القس كان قد ثار على الكنيسة الرسمية وكان قد ساند الثوار في امريكا واعتنق مبادئ الثورة الفرنسية وبشر بتعاليمها .. وفي هذا الجو نشأ وليام هازليت وفيه نما وترعرع.قيل ان وليام هازليت الطفل كان مرحاً سعيداً ضحوكاً الوفاً فلمادهمه البلوغ تغير وتأثر واصبح عزوفاً نفوراً جافاً غليظاً وعنيد الطبع .. قال ابوه في ذلك: " مرت على ولدي سحابة حرمته نعمة المدنية الفطرية".والانسان مدني بالطبع كتب هذا المراهق وهو في المدرسة خطاباً لابيه قال فيه: " ما اسعد من يستيطع- اذا ادركه الموت يا ابي ان يقول لا اسى من الرضا الذي لايحسه غيره ، " لقد نلت من الدنيا غايتي ولم يعد فيها من المباهج مايستهويني واحمد الرب على انني قد هزمت كل شهواتي فلادموع والأسى ولكن سعادة دائمة مقيمة وما أتعس الرجل الذي اذا احس بأجله يدنو أوبنوره يخبو قال: ليتني اديت واجبي نحو الخالق ونحو العباد .." قال هذا وهو يلقط أنفاسه الأخيرة وهو يطلب المغفرة من ربه.ان هازليت كان يكتب لأبيه ويبادله الرأي حتى وهو في مدرسته فملا عرف ان اباه يرغب رغبة أكيده في دخوله الكنيسة قساً كما دخلها الاب من قبل .. امتثل وليام شكسبير لرغبة ابيه والتحق بكلية اللاهوت ولكنه لم يستطع البقاء فيهما أكثر من عام واحد.. وتغلبت طبيعته فأعلن انه يريد احتراف الرسم ليكون فناناً كأخيه الأكبر.. وحاول اباه رده فلم يفلح ولم يسمع الابن او يستمع وراح يتتلمذ على أخيه واظهر في الرسم موهبة لابأس بها وكلفه احد الأثرياء بقضاء عام في باريس لنسخ بعض اللوحات الفنية التي رسمها كبار الفنانين ففعل.وفي باريس اتصل وليام هازليت بالثورة الفرنسية عن كتب واصاب في نسخ اللوحات بعض النجاح لان النسخ مقيد يحرم الابتكار او التصرف، وكلفه ثري اخر برسم صورة " لكولردج" وأخرى " لورد زورت" ففعل ذلك .. وكانت العلاقات قد بدأت تفتر بين هازلت ومعلمه لكولردج فعندما لم تعجب الصورة كولردج رفض هازليت تعديلهما واصر على رأيه وركب رأسه فلما زاد الطين بله حيث اكتشف " ورد زورث" ان هازليت كان خلال الفترة التي كان يرسم فيها ويعيش معه في بيته قد عبث بإحدى بنات الحي واتصل بها اتصالاً غير شريف مما اضطر هازليت للهروب وغضب المضيف وحنق على هازليت معلمه كولردج لما سمع خبر الفضيحة وبدأ الخلاف يدب وأخذت الأحداث تتوالى وساءت العلاقات فأنقلبت الصداقة عداوة بين هازليت من ناحية وبين كولردج وورد زورث من ناحية أخرى.كان وليام هازليت قد بلغ السادسة والعشرين من عمره دون ان يكون له مورد رزق ثابت يعتمد عليه بعد ان فشل كفنان فلما اعيته الحيلة عاد الى الكتابة ونشر اول كتبه عام 1805 وهو الكتاب او الرسالة الفلسفية التي كان قد ناقشها مع كولردج يوم زاره في بيته اولمرة..بدأت آراء هازليت الفلسفية تتبلور فاستطاع ان يعبر عنها تعبيراً واضحاً وتجلت في كتاباته تلك النوعة التحررية ... فبدأ وكأنه يسير في الدرب الذي سارت فيه الثورة الفرنسية واحس انه يعيش في فجر عصر جديد..وتأثر اسلوب وليام هازليت كذلك بحب الطبيعة ذلك الحب الذي غرسه كولردج في قلبه فلما تزوج هازليت من سارة ستوردارد عاش اكثر وقته في بيتها الريفي في مقاطعة " هامبشاير ".. ووضعت سارة طفلها الاول ولكنه لم يعمر طويلاً وحزن عليه حزناً بالغاً..كانت حياة الريف عندهازليت أنشودة من أناشيد الرعاة تعاقبت أيامها الهادئة الا ان دخله المادي تضاءل الانقطاعه عن زيارة لندن، فلما رزقت سارة طفلاً ثانياً عاش اضطر هازليت للعمل فلما عرضت عليه احدى الصحف اللندنية عملاً قبله فوراً واتخذ له بيتاً في لندن... وبعد ايام من بدء العمل الصحفي الجديد قال : " لم اكن حتى هذه اللحظة قد تعودت الكتابة اطلاقاً او اني كنت استغرق فيها وقتاً طويلاً ولكني وجدت ان قلمي اصبح طيعاً تحت ضغط الحاجة..كان هازليت عمره 38 سنة لما سنحت له الفرحة لنقد شعر معلمه وراعيه " كولردج" طلب اليه ان يستعرض قصيدتين من قصائد الشاعر الكبير فتغلب عناده وحقده على حكمه الموضوعي فبهت في عينيه الوان عبقرية " كولردج" لانه كان قد قرر ان يهبط به الى مستوى أي شاعر عادي .. ووقع " كولردج" تحت رحمة " هازلييت" فنسى هذا انه هو الذي علمه معاني الشعر الجديد فكشف للناس عن مواطن الضعف في " كولردج" وفي شعره ورد " وردزورث" على هازليت وطعن في اخلاقه وذكر الناس بفضائحه ومغامراته الغرامية فكان في هجومه على هازليت قاسياً عنيفاً ولكن هازليت لم يسكت وراح يحاول بعد ذلك ان يكون موضوعياً ما استطاع في نقده لشعر " كولردج" و" وردرزورث" وبذل في ذلك جهداً فاستطاع وربما عن غير قصد ان يصل الى اكبر درجة من الفهم لماكتب الشاعران .. لانه استطاع أن ينفذ الى الصميم ويكشف عما غمض فيما كتباه ونظماه.على ان وليام هازليت لم يكن عنيفاً قاسياً في نقده لكولردج طوال الوقت بل انه حاول ان يتلمس له الاعذار حين اشار الى ادمانه تعاطي الافيون.ولعل اكبر نجاح صادفه هازليت كان نجاح سلسلة المحاضرات التي القاها عن الشعر والشعراء في معهد سري surrey وكان موضوع المحاضرة الاولى هو تعريف الشعر واهتدى هازليت الى الطريقة التي بها يرسم بالكلمات النسيج الاساسي للشعر الجديد فكان داعية له .. فهو الذي فهم روح شعر العاطفة الجديد وقدسه بما قنن له من معايير النقد وطرق الدرس والتحليل.كانت القوانين الأولية للطبيعة هي المادة الحقيقية لشعر وردزوث الجديد وعبر كولردج عن ذلك بالإشارة الى نقطتين أساسيتين في الشعر وهما:-- الاولى هي القوة المستمدة من اثار عطف القارئ بالتزام ماهو حق بالنسبة للطبيعة .- والثانية هي القوة المستمدة من الاهتمام الذي تثيره الجدة الناتجة عن تعديل الوان الخيال..وكان فضل وليام هازليت او شكسبير هو انه استطاع ان يحول هذه العموميات الى معيار يمكن ان يقاس به الشعر..اعتلت صحة شكسبير وتأثر عمله وقل دخله وقلت ديونه فدخل السجن عندما عجز عن سدادها وبقي سجيناً حتى قيض الله له واحداً من اهل الخير كفله فأفرج عنه والح المرض عليه واقعده فمات بسرطان المعدة في بيته بشارع " فريث" في "سوهو" بلندن في اليوم الثامن عشر من شهر سبتمبر " ايلول عام 1830" وهو في الثانية والخمسين من عمره وكانت كلماته الاخيرة لولده " لقد كانت حياتي سعيدة جداً"..ولعل اشهر مقالانة كلها مقال بعنوان " كيف تعيش لنفسك"!!!
|
ثقافة
شكسبير النثر في العصر الذهبي ..للأدب الانجليزي..
أخبار متعلقة