ما ذنب جنود النجدة / عماد الجماعي وإسماعيل القرزعي ومراد الحقيري ونبيل السلفي المنتمين لأربع محافظات شمالية الذين قتلوا فجر الثلاثاء الفائت في النقطة الأمنية بمنطقة أمعين مديرية لودر على يد عصابة إجرامية فقدت توازنها القيمي الديني والإنساني، بينما أصيب الجندي / كافي محمد صالح (الصبيحي) بجروح وقد كان يحرس زملاءه الجنود الأربعة الذي كانوا يغطون في نومهم بداخل (كنتيز) وقاوم الجندي الصبيحي المجموعة المسلحة التي جاءت لمهاجمتهم على متن سيارة هيلوكس ويقدر عددها حسب إفادته بـ (15) شخصاً .. لكن رغم إصابته لنحو اثنين منهم إلا أن الإصابة التي لحقت به أفقدته القدرة على فعل أي شيء آخر.ثمة سؤال محير عن الذنب الذي اقترفه هؤلاء الجنود المغلوبون على أمرهم حتى يرتكب بحقهم هذا الفعل الإجرامي البشع؟ لاشيء غير الحقد الذي أعمى بصيرتهم وجعلهم يستهوون الدم، ولا يستبعد أن تكون لهؤلاء تجارب سابقة في البطش والقتل .. شخصياً لن أصدق أن مثل ذلك في منطقة تحكمها القيم الدينية والأعراف القبلية والمثل الإنسانية مثل مديرية لودر التي حاول الجناة اختراقها، لكن لم يستطيعوا الإساءة إلى سمعة أبنائها الوطنيين الشرفاء الذين خرجوا بالأمس بالآلاف يشاركهم أبناء المديريات المجاورة بالمنطقة الوسطى من الوضيع ومودية وحتى مكيراس وغيرها في مظاهرة غاضبة منددين ومستنكرين جريمة مقتل جنود النجدة الأربعة التي اعتبروها غير مسبوقة وتتنافى مع أعرافهم كلياً.الثابت أن أسر وأولاد وإخوان وأمهات وآباء الشهداء عماد وإسماعيل ومراد ونبيل كانوا ينتظرون بفارغ الصبر مقدمهم في إجازاتهم القادمة ليسعدوا برؤيتهم ويلتم شملهم لأيام حتى يعودوا إلى مواقع عملهم يؤدون الواجب لحماية الناس والحفاظ على الأمن.ومعلوم أن واجبات النجدة تختلف عن بقية الوحدات الأمنية فهي عمل أمني وإنساني صرف في الإغاثة والإسعافات وتأمين الطرقات ومرافقة الوفود الأمنية لكن أسر الشهداء الأربعة فجعت وهي تستقبل أبناءها جثثاً هامدة .. أما العقيد الركن / عبدالرزاق المروني قائد فرع شرطة النجدة م/أبين فقد كان أكثر حزناً على أفراده الذين يتعامل معهم كالأب والمربي والقائد في آن واحد.اللافت للنظر أن محافظة أبين تشهد في الوقت الراهن مشكلات أمنية متصاعدة وغير مسبوقة حيث تنشط العناصر الخارجة على القانون في أعمالها الإجرامية وتدفع بأعداء الوحدة ودعاة التفرقة إلى إشعال الحرائق وإثارة الفتن وتكريس ثقافة الحقد والكراهية والعنصرية والفئوية والمناطقية وتوزع الأدوار في ارتكاب كثير من الحوادث هنا وهناك تهدف إلى إرباك السلطات المسؤولة في المحافظة وزعزعة الأمن والاستقرار وبلغ طريق العنف المسلح الذي اختارته حد إزهاق الأرواح وتهديد السلم الأهلي.والراجح أن المشهد الراهن لا يقبل الجدل والشك والاجتهاد بعد أسبوع دامٍ مرت به المحافظة يعيد إلى الأذهان مجزرة (13 يناير) المأساوية الكارية والصورة هي لأيام أحداث 13 يناير 86م وليس 1978م أو 1994م الأخف وطأة وجرحاً من 13 يناير الذي ما زالت جروحه غائرة ولم تلتئم حتى مع ارتفاع أصوات التسامح.وأمام هذه الأوضاع الخطيرة التي تتفاقم فإن المحافظ. أحمد الميسري يواجه أكبر تحد وأصعب مرحلة حساسة وفي غاية الدقة والخطورة .. لكن ما يبعث على التفاؤل وبصيص الأمل هو الجانب المعنوي الرفيع الذي يتميز به هذا المحافظ الشجاع والصابر الذي كان قدره منذ وصوله إلى كرسي المحافظة منتخباً أنه جاء على أوضاع سلبية مفرطة لمعاونيه من المسؤولين وبرز في هذه الظروف العصيبة الوكيل الأول للمحافظة المناضل الوحدوي / محمد هدران منافسه القوي والوحيد في انتخابات المحافظين قبل عام وأربعة أشهر من الزمن كان فيها المحافظ الميسري في معركة غير متكافئة مع مراكز القوى والفساد وفي اللحظات التاريخية الصعبة تظهر المعادن الأصلية للرجال. والله المستعان.
أخبار متعلقة