بقلم/ عبدالعزيز محمد الحضراني عدة سنوات من القرن الواحد والعشرين الميلادي : والايام والسنون شهود على الناس أو شهود لهم , شهود عليهم إذا أساءوا , وشهود لهم إن أحسنوا وقد تختلف الآراء اختلافاً كبيراً في خلاصة شهادة القرن العشرين أهي للعملية التربوية والتعليمية في بلادنا أم عليها ؟ لكن الذي لا نكاد نجد حوله خلافاً هو حقيقة أن المجتمع اليمني بكل فئاته لم يكن له دور ايجابي يذكر بل كان سبباً رئيسياً في تشويه العملية التربوية والتعليمية ومخرجاتها كما ساهم في استمرار وتكريس الاختلالات فيها وكان له دور سلبي في عملية التغيير الى الافضل كون التغيير لابد أن يأتي من القواعد الاجتماعية والمؤسسات المجتمعية أولاً بحيث يحمل الرواد في أي مجال كانت ريادتهم على الاستجابة لواقع جديد ينشئه المستفيدون منه ويحافظون بمسلكهم الواعي على استقراره واستمراره ماذا قدمنا للتربية باعتبارها وسيلة للتغيير في المجالات كافة والتربية التي أعني ليست التربية النظامية المدرسية مع شدة حاجتنا الى إعادة النظر في مقوماتها كافة ولكنني أعني التربية الاصل والتي تسبق التربية النظامية وتكوين شخصية الانسان وتحدد ملامحها وتركيب خصائصها الحسنة أو القبيحة وهي التربية التي تبدأ في البيت وتستمر فيه منذ يوم الميلاد الى يوم الخروج من بيت الاسرة لتكوين اسرة جديدة وبيت جديد هذه التربية هي مفتاح التغيير الحقيقي في المجتمع كله وهي الأداة الكفيلة إذا أحسن استخدامها بحمل المختصين في المجالات كافة على تغيير الانماط والانظمة السائدة في العلاقات الاجتماعية وفي البناء المجتمعي بما يقود الأمة في طريق بعث جديد ونهضة حقيقية تتناول القيم والمكونات الداخلية البناءة قبل أن تتناول الطرق والمباني ووسائل الاتصال والانتقال والرفاهية والراحة الدائمة الكثير من ابناء المجتمع اليمني يلقي تبعية هذه الاختلالات في التربية والتعليم وأسبابها كما يحلو للبعض أن يفعل على الاسباب الخارجية من استعمار وسياسات حكومية واعلام يساء توجيهه وصحافة تقدم بعض الحق وتكتم بعضه .. وغيرها تلك الاسباب الحقيقية والواقعية ولكنها قطعاً لا تصلح وحدها لتعليل ذلك فلولا أن المجتمع قد استجاب لهذه الاسباب واستنام لفعلها في المجتمع وترك مقاومتها منذ البدء واستمد في أحيان كثيرة قيمة المقبولة لدى العامة من مصادرها واتخاذ التربية بصورتها الاولية الاسرية طريقاً للتغيير يقتضي استشعار كل اسرة بمسؤوليتها الكاملة عن الآفات المجتمعية السائدة ويقتضي تكاتف كل اسرة لمواجهة هذه الآفات المجتمعية في ابنائها وبناتها ونفسها ليتخلص مجتمعها الصغير من آثارها وهمم الأمم التي ترى مجدها في المساهمة الفاعلة في صنع الحضارة الانسانية لا تقف عند حد وعزيمة الذين يدركون دورهم من ابنائها لا يؤثر فيها العجز العارض والخلل المؤقت ودخول القرن الحادي والعشرين داع جديد يضاف الى الدواعي الدائمة التي تنادينا كمجتمع يمني الى مراجعة كل الممارسات السلبية وغير المسؤولة التي مارسناها في حق ابنائنا وتعليمهم فكانت المحصلة مشوهة ومخيبة للآمال وإذا كان جيلنا معشر الآباء لا يستطيع أن يشهد الثمرة التي يسعى لانضاجها فحسبه أن يضع بذوراً مختارة بعناية في الارض الخصبة المعطاءة لتؤتي أكلها بعد حين بإذن ربها , إن عصرنا الحاضر هو عصر العلم بكل ما فيه من قيم واخلاق واكتشافات وانجازات عظيمة عصر كل الراكضين والطامحين وراء كل جديد , التاركين وراء ظهورهم حثيثاً الى مافقدوه هم ليجعلوا العوض في ابنائهم فيحرصوا على اكسابهم كل القيم والاخلاق والدفع بهم الى العلم وتخصصاته المختلفة ايماناً منهم أنهم ينالون ويحققون بذلك رغباتهم وطموحاتهم معتبر ين ابناءهم عجينة طرية يستطيعون صبها في القالب الذي يريدون حتى تجف وتأخذ الشكل المطلوب وفي مجتمعنا اليمني كانت النتيجة مخيبة للآمال صدمت الجميع وهي فشل غالبية ابناء هذا الجيل وصار في مجتمعنا جيل من الشباب غارقاً في الكسل حتى أذنيه مخرجات ضعيفة للعملية التعليمية تفتقد لأدنى القيم الانسانية العامة تبعد بعداً كاملاً عن الفهم الواعي لمجريات الحياة والمجتمع عاجزة عن قيادة العملية التنموية ومشاريعها وخططها إدارتها والحفاظ عليها ولو راجعنا وقيمنا بمسؤولية كاملة خلاصة شهادة القرن العشرين على حقيقة أدوارنا تجاه هؤلاء الاشخاص الذين هم قيمتنا وحصتنا في هذه الدنيا (أولادنا ) ماذا قدمنا لهم ؟ هل كنا القدوة الصالحة ؟ هل نجحنا في تربيتهم على الاخلاق والفضيلة ؟ وهل وجهناهم ودفعناهم الى العلم والاعتماد على النفس ؟ إذا ما أجبنا على تلك التساؤلات بصدق وشفافية نجد أننا كمجتمع قد فشلنا فشلاً كبيراً في تربية وتعليم ابنائنا وسنظل كذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما أن تدخلنا في صميم عمل المؤسسات التعليمية قد عرقلها في أداء رسالتها على الوجه المطلوب , والمتابع والمهتم بقضية التربية والتعليم في بلادنا سيجد أنه مع انطلاق القرن الواحد والعشرين انطلقت عملية اصلاح شامل تقودها قيادة الوزارة بقيادة الوزير / الجوفي بدأت بإعادة بناء البنية الاساسية للتربية والتعليم وهي عملية يمننة التعليم : معلماً كتاباً , وأثاثاً ووسائل تعليمية , هذه العملية التي حققت مكاسب كبيرة للتربية والتعليم : استقراراً , واستمراراً , وتحصيناً من جهة , وتوفيرها مئات الملايين من الدولارات كبدت الاقتصاد الوطني طويلاً ووفرت فرص عمل للكثير من الشباب المؤهلين كما خففت من حجم البطالة من خلال سياسة الاحلال التي تمت.وقد مثلت هذه الخطوة حجر الاساس في اصلاح واستقرار العملية التعليمية والتربوية في بلادنا فخلال الاعوام الثلاثة الماضية تمت عملية الاحلال لـ (4000) معلم ومعلمة فالى جانب ما حققته هذه السياسة الاصلاحية من فوائد ومكاسب وعوائد كبيرة على التربية والتعليم والاقتصاد الوطني فقد تم تحصين ابنائنا من كل الافكار الدخيلة والمتطرفة التي كانت تجلب عن طريق الكثير من المعلمين الاجانب المنتمين الى جماعات متطرفة .أما فيما يتعلق بطباعة الكتاب المدرسي المختصون يعلمون حجم الاستنزاف الكبير والمستمر الذي تكبدته البلاد مقابل طباعة الكتاب المدرسي في الخارج الى جانب التاخير في وصول الكتاب المدرسي للبلاد من الخارج ومن ثم توزيعه الى المحافظات والمدارس تقوم المطابع في الوقت الحاضر بانجاز وطباعة 40 مليون كتاب وهذا انجاز كبير يسجل لقيادة الوزارة ومطابع الكتاب المدرسي ولا ننسى أن نشير الى دور المؤسسة العامة لصناعة الأثاث والتجهيزات المدرسية التي حققت انجازات كبيرة في هذا المجال وتنفيذاً لبرنامج الاصلاح المالي والاداري الذي تنفذه الوزارة حالياً بغرض ترتيب وتأهيل وتصحيح وتنقية الشوائب التي يعاني منها كادر التربية والتعليم : إدارة , معلم , موجه فقد قامت الوزارة وتقوم بحزمة من الاجراءات فيما يتعلق :الادارة التربوية للمدارس والمديريات : بوضع معايير لشغلها وبما يؤدي الى إيجاد كوادر نزيهه وأزاحت تلك العناصر التي جعلت من الادارة التربوية وسيلة للجباية وبيع الشهادات وحشو كشوفات الرصد بأسماء من خارج المدارس والمنطقة مقابل عائد مادي والسماح للمدرسين اسما والمتلاعبين سلوكاً بمزاولة مهن أخرى خارج سلك التربية وكل شيء بثمنه .تثبيت المعلمين بمدارسهم : منعاً للانتقال العشوائي والمزاجي وبما يحقق استقرار التعليم في المدارس وحصر القوة اللازمة لكل مدرسة ومن ثم تحديد القوة الفعلية للمديريات والمحافظات .إعادة النظر في كادر التوجيه والتفتيش : والذي ضم ويضم كل متمرد ورافض ومتلاعب وغير مؤهل وعاجز أن يكون مدرساً فرقياً بطريقة أو بأخرى ليكون موجهاً .تأتي تلك الاجراءات الموفقة لاصلاح الاختلالات في التربية والتعليم تنفيذاً فعلياً وترجمة صادقة لما تضمنه البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس / علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والــــــذي يمثل تنفيذه تحدياً لكـــل المعنــيين والمختــــصين والمخلصـين .إن سفينة التربية والتعليم في القرن الماضي قد جرت بها أنواء سوء غريبة فأخرجتها من ميناء بحرها الطبيعي الذي تعهده وتعرف مسارها فيه وتعاملنا مع سفينة اضر بجسمها طول السفر بلا هدى والرسو في غير مرفـأ من الآثار النفسية السيئة التي تركها في نفس ربانها وفي نفوس ملاحيها وركابها على السواء واصلاح جسم السفينة يحتاج الى نوع الخشب الاصلي الذي صنع منه بناءها واصلاح نفوس ملاحيها وركابها لا يكون إلاّ بدواء يناسب طبيعة الارض ومكونات البيئة ليأتي أحسن الأثر في أدنى زمن ممكن وتمثل عملية البنية الاساسية للتعليم ويمننة التعليم وتنفيذ برنامج الاصلاح المالي والاداري الذي قامت وتقوم به الوزارة حالياً البداية الصحيحة والتي يجب أن تحظى بمباركة ودعم المجتمع . * سياســي اقتصـــادي – عضو مجلس نواب سابق
|
ثقافة
المنظومة التعليمية وإصلاح مـا أفسده الدهر
أخبار متعلقة