مع الأحداث
فايز عبدالواحدمما لاشك فيه أن الورقة المصرية التي تقدمت بها القيادة المصرية تحت عنوان المشروع الوطني الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لم تأت اعتباطاً أو تكهناً وهي اعتمدت في الأساس على مجمل الاتفاقات الموقعة وعلى المبادرة اليمنية الشجاعة التي طرحها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وخلاصة حوارات طويلة أجرتها مع جميع الفصائل الفلسطينية بشكل ثنائي مع كل فصيل على حده بما في ذلك حركة حماس التي تراجعت في اللحظات الأخيرة ورفضت الحضور إلى لقاء القاهرة الذي كان مقرراً أن يجري بشكل شامل مع جميع الفصائل الفلسطينية لإرساء أسس تطبيق هذه الأوراق وخلق اللجان التي ستعالج كل قضية كما ينبغي وبالشكل الذي يؤسس لدعائم تعزز اللحمة الفلسطينية وتحول دون تكرار مثل هذا الوضع الشاذ الذي نراه اليوم واستمرأته العديد من الأطراف الإقليمية التي ترتأي فيه ورقة رابحة لتحسين شروطها عند الإدارة الأمريكية وكذلك المجتمع الدولي.. . متذرعة بأسباب كان يمكن معالجتها إن صحت من خلال جلسات الحوار التي يجب أن تكون وسيلة للوصول إلى الهدف الوطني وهو تحقيق الوحدة الوطنية لا أن تكون الهدف الرئيس،ومن هنا فإن تراجع حماس وهروبها تحت العديد من الذرائع الوهمية من الجلوس إلى طاولة الحوار قد أصاب الشعب الفلسطيني الرازح تحت نيران الاحتلال خاصة المليون ونصف مليون فلسطيني الذين بات ينهشهم هذا الوضع الشاذ بالصدمة وحالة اليأس والإحباط المحكم بسطوة القوة المسلحة المفرطة التي تستخدمها عناصر حماس من القوة التنفيذية لضمان أستتباب الحالة دون ضجيج خاصة وأن هذا الوضع الشاذ قد خلق العديد من مراكز القوى بأسعار وتهريب الدواء، وهناك مافيا لتهريب البترول والديزل وتتحكم في أسعاره ضمن بورصات خاصة بها، وهناك مافيا تتحكم بالمواد التموينية وأسعارها وهناك مافيا الإنفاق التي أصبحت مصدراً رئيسياً لانتزاع الضرائب على كل من يهرب عبرها وكل هذه المافيا تخضع لحماية القائمين على الوضع في قطاع غزة وبلا شك فإن ذلك لن يكون بدون ثمن ولكن الحقيقة المطلقة أن الذي يدفع ضمن وضريبة كل ذلك هم أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يموتون دون ضجيج يذكر كنتاج طبيعي لهذه الحالة الشاذة عدا عن ما بات يعانيه هؤلاء من انغلاق الأفق أمامهم.... وما أن أعلنت فضائياتها المعهودة والتي شرعت لها انقلابها المسابق ومما جاء على لسان قادة حماس كتبرير لموقفها المتنكر والمستهجن من كل حريص على اللحمة الوطنية كان على النحو التالي:-1 الخيارات التي وضعت أمام الحركة ظالمة وأن الموقف المطلوب الإجتماع في القاهرة ليتم التوقيع على جملة قرارات ومبادئ تلغي كثيراً من الحقوق الوطنية وتوفير الغطاء الشعبي والسياسي لذلك.ما ينفي صحة هذا الإدعاء هو أن أثنا وعشرين فصيلاً فلسطينيا كانوا قد وصلوا إلى القاهرة لحضور الحوار فهل كل هؤلاء كانوا لا يعلمون بهذا الشرط وفقط حماس وحدها هي التي كانت تعلم بذلك أم أن هؤلاء جميعاً كانوا يعلمون بهذا الشرط ووافقوا عليه مفصلين من إتنمائهم، الوطني يبقى وطنياً وحريصاً على الحقوق الوطنية سوى حماس!! إن هذا نهج مرفوض تخوين الكل الوطني الذي دأبت عليه حركة حماس وغير منطقي.-2 أن هذا الحوار يراد منه تمرير قضايا ضاغطة مثل التمديد لولاية رئيس السلطة أو التعديد للتهدئة مع العدو دون أن يكون ذلك في إطار توافق وأن لا يكون استجابة للضغوطات الصهيو أمريكية..إن هذا الطرح مثار استهجان لأن حركة حماس ومن خلال ممارساتها وما يتحدث به ناطقوها على شاشات التلفزة وبشكل واضح لا يدع مجالاً للشك بأنها لا تعترف بشرعية الرئيس إلا في الحالات التي تحقق فيها مصلحتها ودون ذلك تنكره تماماً ثم إن السيد الرئيس أبو مازن لا يستمد شرعيته من هذا الفصيل أو ذاك بل يستمد شرعيته مع مجموع الشعب الفلسطيني ناهيك عن أن السيد الرئيس ليس بحاجة إلى تمديد ولايته استناداً إلى المادة الثانية من قانون الانتخابات لعام 2005 والتي نصت على مراعاة أحكام المادة الانتقالية 111 من هذا القانون التي تنص بشكل رئيسي على أن تجري الانتخابات الرئاسية القادمة بحلول نهاية الدورة التشريعية لأول مجلس تشريعي ينتخب بعد نفاذ أحكام هذا القانون المعدل،، وهذا تنفيذ واضح لمزاعم حماس في هذه الجزئية أما من جانب التهدئة مع العدو فحماس قد طبقت تثبيت التهدئة بالقوة المسلحة عنوة على جميع الفصائل المتواجدة في غزة وأصدرت الفتاوى بالتخوين لكل من يطلق صاروخاً أو يخترق هدنة بمعنى شرعت قتله فهل هذا يتم عن مصداقية طرحها لموضوع التوافق أو الإجماع الوطني فيما يخص التهدئة. -3 أن يتحمل أبو مازن مسئوليته في إنجاح الحوار طرفاً أساسياً في حالة الانقسام خاصة أنه “أرتكب من الآثام والجرائم الكثير” وهذا طرح أولا يفتقر للمنطق الأخلاقي وللياقة فأبو مازن ليس رئيساً لفصيل وإنما هو رئيس لكل الشعب الفلسطيني بشرعية الانتخاب أم أن الشرعية عند حركة حماس منتقاة فهي شرعية حين تكون لها وليست شرعية حين تكون لغيرها. ولنتساءل من هو الذي أرتكب الآثام والجرائم أو مازن الذي قدم مبادرته الواضحة والصريحة المستندة على المبادرة اليمنية الشجاعة أم عصابات حماس التي لا زالت حتى هذه اللحظة تمارس لعبة القتل ضد أبناء الشعب في غزه لكل من يخالفها الرأي. إن طرح كهذه قضية هو استخفاف بعقول البشر وافتقاد لأبسط قواعد المنطق الإنساني.-4 أن تتوقف الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس عن ممارساتها ضد أبناء شعبنا وكوادر المقاومة في الضفة الغربية وتدعي حماس بأن كوادرها يتعرضون لحملة اعتقال على يد حرس الرئيس أبو مازن.وفي إطار ذلك يتوجب على قيادة حماس أن تكون صريحة أولاً مع نفسها وثانياً مع الشعب الفلسطيني لأن هذه المقولة هي مقولة أصبحت ممجوجة وأصعب من أن يقتنع بها عاقل وحماس تعرف جيداً من هم الذين يتم اعتقالهم والذين هم في أغلبهم إفرازات الوضع المنفلش الناجم عن الاحتلال أولاً، والعناوين العريضة التي باتت تتستر تحتها كل فئات الإبتزاز والإجرام، وإن المقاومة بعيدة عن هذا الاستهداف وعندما يقول الرئيس أبو مازن بأنه لا يوجد معتقل سياسي عندنا فهو صادق خاصة وأننا نرى أن العديد من كوادر حركة حماس لهم مطلق الحرية في دخول المقاطعة ومقابلة الرئيس أبو مازن وطرح آرائهم خاصة أعضاء في المجلس التشريعي ووزراء سابقون ممن قدموا استقالاتهم من حكومة الوحدة الوطنية السابقة..ولكي نكون منطقيين أكثر نتساءل ألم تستخدم حماس عنوان المقاومة وسلاح المقاومة لتنفيذ أغراض حزبية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية والدليل على ذلك أن سلاح المقاومة الذي يبحث عنه حماس تحول لأداة لتنفيذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية وخلق هذه الحالة الشاذة في قطاع غزة ثم تحول بعد ذلك إلى سلاح للحفاظ على الهدنة مع إسرائيل ومنع المقاومة من ممارسة دورها في قطاع غزة هذه حقيقة لا تستطيع إنكارها حماس،، فكيف يطمئن أحد إلى سلاح تحت شعار المقاومة نفذ انقلاباً عيله؟؟إن خلاصة ما ورد هو أن حماس تخلق الذرائع للتهرب من أي استحقاق وطني ساعية بذلك إلى تكريس وجودها في قطاع غزة وترسيخ الانقلاب الأسود الذي ارتكبته بحق الشعب والأرض حتى لو كان ذلك ثمنه كل الشعب الفلسطيني.ومن هنا فلا بد أن يكون للشعب الفلسطيني جمعية كلمة واضحة في ذلك كما أن على الجامعة العربية التي تثبت مبادرة الرئيس أبو مازن المستندة للمبادرة اليمنية أن تكون لها كلمتها أيضاً وأن تفصح عن هذه الحقيقة الغير قابلة للنقض.وختاماً فإننا نقدر عالياً تلك الجهود العربية والمصرية الشقيقة المضنية التي بذلت لتوحيد الصف الفلسطيني وقوبلت بالجحود والنكران من حماس وعذراً فورقة التوت قد سقطت واتضحت الحقيقة. [c1]* أمين سر حركة فتح/ إقليم اليمن[/c]