إسهامات الكويت في الثقافة العربية 2-2
د. يحيى قاسم سهل المحامي تتشعب إسهامات الكويت في الثقافة العربية إلى حد يصعب حصرها في محاور محددة، أو مجالات دون غيرها، ولهذا يستحيل الحديث عنها في دراسة، أو محاضرة واحدة، كما يتعذر إنصافها أو تقديرها حق قدرها، مهما كتب عنها هنا وهناك على الرغم من أهميتها.ذلك مما جاء في تقديم الأستاذ بدر سيد عبدالوهاب الرفاعي الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت للكتاب الصادر عن المجلس المذكور والموسوم «إسهامات الكويت في الثقافة العربية» الذي تم توزيعه مجاناً مع العدد «363» من سلسلة عالم المعرفة (مايو) 2009.في سنة 1928م أصدر مجلة «الكويت» وكانت تطبع خارج الكويت، كذلك أشار البحث إلى هجرة الشيخ الرشيد إلى أندونيسيا للدعوة إلى الإصلاح وأصدر مجلة «التوحيد» 1933م وكان قد أصدر قبلها جريدة «الكويت والعراق» في أندونيسيا أيضاً.ولعب دوراً في محاولة الإصلاح بين العلويين والإرشاديين وهي مهمة أخفق فيها رشيد رضا وشكيب أرسلان في سنغافورة.ومن الصحف الكويتية المهاجرة «صحيفة البعث» في القاهرة 1946 – 1954 لمؤسسها المرحوم عبدالعزيز حسن وقد صدر العدد الأول منها في شهر ديسمبر 1946م. وكانت أول بعثة كويتية للدراسة في الأزهر في مصر تتكون من أربعة طلاب أرسلوا سنة 1939م ولحقتها بعثة أكبر ضمت 37 طالباً.وتعد مجلة «البعثة» أول مجلة تنتمي إلى صحافة العصر الحديث لعدة أسباب أوردها الباحث لعل أهمها اهتمامها بالأخبار المحلية وأخبار البيت والرياضة والكاريكاتير والترجمة ... الخ.وقد أثنى المناقشون على البحث كثيراً وأثروه بما لديهم من إضافات مهمة.[c1]4- المطبوعات الكويتية وأثرها في المكتبة العربية[/c]بدأ الباحث صديق حطاب «فلسطين» بحثه بذكر شهر ديسمبر 1958م بوصفه يمثل بداية مرحلة جديدة ومتميزة في إسهام المطبوعات الكويتية في إثراء المكتبة العربية فقد صدر في ذلك الشهر العدد الأول من مجلة «العربي» عن دائرة المطبوعات والنشر (كما كانت تعرف آنذاك وزارة الأعلام».وأشار الباحث إلى المجلات العربية التي سبقت العربي وجاءت «العربي» الكويتية تتويجاً لهذا المشروع العربي، والمجلات هي «الهلال» 1892م القاهرة، و«المقتطف»عام 1876م في بيروت ثم انتقلت إلى القاهرة وكذلك ذكر المجلات الثقافية الأسبوعية التي كانت تصدر في القاهرة وهما مجلة «الرسالة» «1933- 1953م» ومجله الثقافة 1939- 1953م وكذلك مجله «الأديب» في بيروت 1941م ثم مجلة الآداب 1953م وما زالت المجلتان تصدران حتى الآن.وذكر الباحث مكانة المجلة الكويتية «العربي» ومشروعها الثقافي الذي توسع وأصبح هناك العربي الصغير إضافة إلى كتاب العربي الذي دأبت المجلة على إصداره منذ أكثر من سبع عشرة سنة كسلسلة فصلية تقدم في كتاب كل ثلاثة أشهر مجموعة من المقالات المختارة لكاتب واحد أو موضوعاً واحداً تتناوله عدة أقلام.وأشار الباحث إلى قرار مجلس أمناء مؤسسة العويس بمنح مجلة العربي جائزة العويس لمكانتها بين المؤسسات الثقافية ولريادتها العلمية والثقافية المتميزة وما لعبته من دور مهم وطليعي في العمل الثقافي والإعلامي.وإذا كانت مجلة العربي هي هدية الكويت للثقافة العربية فإنه بعد سبعة أشهر من انطلاق المشروع الأول مجلة العربي انطلق عن دائرة المطبوعات والنشر المشروع الثاني ألا وهو إصدار سلسلة التراث العربي التي بدأت منذ يوليو 1959م وأهم ما صدر عنها وأعظم انجاز تمثل في إصدار تاج العروس في أربعين مجلداً وقد صدر الجزء الأول في عام 1965م وصدر المجلد الأربعون في العام 2001م ويمكن ذكر قسم التراث في المجلس الوطني وإهداته وكذلك وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي وإصدارات جامعة الكويت ودورها في النشر وتحقيق الكتب التراثية والمؤسسات الخاصة كمؤئسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين ودار سعاد الصباح... إلخ.إلى جانب المطبوعات الفصلية والشهرية التي سبق الإشارة إليها وهي عالم المعرفة وعالم الفكر والثقافة العالمية وسلسلة المسرح العالمي والمجلة التربوية ومجلة الحقوق والعلوم الاجتماعية والمجلة العربية للعلوم الإنسانية والمجلة العربية للعلوم الإدارية والشريعة والدراسات الإسلامية وما تصدره مؤسسة الكويت للتقدم العلمي« مجلة العلوم» الشهرية والبيان لرابطة أدباء الكويت والمحامي عن نقابة المحامين الكويتيين وكذلك سلسلة «المؤلف الناشئ» و»إبداعات عالمية»...[c1]5- إسهامات الكويت في نقل عيون الثقافة العالمية إلى الثقافة العربية [/c]استهل الباحث الدكتور محمد مصطفى القباج «المغرب» بحثه بمقدمات ضرورية تتعلق بعملية الترجمة في حد ذاتها وبحركة الترجمة في الوطن العربي وما يواجهها من عراقيل.ويرى القباج أن الدور الأساسي الفعل الترجمة يتحدد كمنفذ لحوار الثقافات واغناء اللغات وتأمل فيها مما ينجم عنه تواصل أساسه التنوع والاختلاف إضافة إلى ذلك إلى البعد التواصلي للترجمة بوصفها وسيلة ناجعة للمثافقة فالعالم دون ترجمة سيكون عالماً من الكيانات الثقافية وللغوية المنغلقة على ذاتها لذلك تعد الترجمة بحسب ما سبق ضرورة تاريخية وفوق هذا وذاك (فعل إبداعي ونشاط لغوي وموقف أيديولوجي)ومن دون شك أثر فعل الترجمة لا يقتصر على الثقافة واللغة بل إنه أيضاً أساسي للتقدم الروحي للإنسان.ووقف الباحث عند واقع الترجمة في الوطن العربي مشيراً إلى ازدهارها في صدر المد الحضاري العربي الإسلامي إلى عصر الانحطاط وإغلاق باب الاجتهاد وانتشار التقليد الذي أدى إلى توقف الترجمة،مروراً بالعصر الحديث وبروز ترجمة خجولة في مصر ولبنان وبعض الأنحاء الأخرى،وذكر في هذا الشأن الجمعية العربية وإيلاءها الترجمة أهميتها...الخ.وبصدد العراقيل في وجه الترجمة أشار إلى تأزم الوضع اللغوي الذي يعم الوطن العربي من حيث تقهقر جهود التعريب وتباطؤ إعداد اللغة العربية لتتماشى مع التطورات العلمية والتكنولوجية...وخلص إلى القول (إن الترجمة في الوطن العربي ليست في حجم الآمال المعلقة عليها لا كماً ولا كيفاً).وحط رحاله في الكويت ليبحث في إسهاماتها في حركة الترجمة منطلقاً من دراسة مفصلة عن الترجمة في الكويت صدرت في كتاب من قسمين ضمن منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم سنة 1987م بعنوان( دراسات عن واقع الترجمة في الوطن العربي) ليستخلص من هذه الدراسة أن المخططات الثقافية في دولة الكويت أولت الترجمة نصيب الأوفر من الاهتمام.كما أشارت الدارسة إلى تعدد الجهات التي تتولى الترجمة في الكويت:وزارة الإعلام،ومجلة (العربي) ومجلة(البيان) والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي...كما تمنح دولة الكويت جائزتين في الترجمة ضمن الجوائز التشجيعية،ضف إلى ذلك الجهود الجبارة لجامعة الكويت من خلال مجالات العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية ودوريات كلية الآداب والمجلة التربوية وكذلك جهود دور النشر الخاصة كشركة كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع.وأشار الباحث إلى احتضان الكويت سنة 1973م أول حلقة عربية حول الترجمة دعت إليها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وفي 1982م نظمت الكويت الندوة الثقافية للكتاب العربي بما فيه الكتاب المترجم،وكذلك بذلت الكويت جهودها من أجل إنشاء معهد عربي للترجمة،وتنفيذ الخطة القومية للترجمة التي أعدتها الألسكو،وكانت المبادرة باقتراح ترجمة الموسوعة البريطانية إلى اللغة العربية منذ سنة 1978م...وفي الحقيقة،أثار بحث الدكتور محمد مصطفى القباح مناقشات جادة ومهمة من أهمية الموضوع الذي تناوله لا يتسح المجال لها.[c1]6) دور الكويت في إنجاز الخطة الشاملة للثقافة العربية[/c]استعرض الدكتور أديب اللجمي (سوريا) ميثاق الوحدة الثقافية العربية الذي أبرمته الدول العربية في مؤتمرها المنعقد في بغداد سنة 1964م الذي نص في إحدى مواده على إنشاء المنظمة العربية للتربية والثقافية والعلوم.وقد أنشئت المنظمة في يوليو 1970م في القاهرة.وقد كانت الكويت إحدى الدول العربية العشر التي أنضمت إلى المنظمة وشاركت في مؤتمرها الأولى الذي عقد في تاريخ نشوئها وأولت المنظمة اهتماماً خاصاً.هذا ورصد الباحث نشاط المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مبرزاً دور الكويت الفاعل فيها وبالذات دورها في تشكيل(لجنة الخطة الشاملة للثقافة العربية التي صدر بشأنها قرار في يونيو 1981.وتمثل دعم الكويت لتلك اللجنة حتى قبل اجتماعها التمهيدي،بالرعاية من قبل أمير الكويت وولي عهده رئيس مجلس الوزراء.وقد استضافت الكويت هذا المشروع الثقافي القومي الكبير،و قدمت له كل أشكال الدعم،وكلفت المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وضع إمكانياته البشرية وأجهزته الإدارية والفنية لتلبي متطلبات أعمال اللجنة.وبحسب خطة اللجنة عقدت سبع وعشرون ندوة خلال الأعوام 1982 - 1985م رعتها الكويت ونهضت بالأمانة على خير وجه كما طبعت الكويت وقائع الخطة الشاملة للثقافة العربية في ستة مجلدات.....الخ.[c1]7) المؤسسات الثقافية الكويتية[/c]اختتمت الندوة ببحث الدكتور مبروك المناعي(تونسي) والموسوم (المؤسسات الثقافية الكويتية) وبدأ بحثة بالقول(إن الكويت في حد ذاتها،وبالنسبة إلى العالم العربي (مؤسسة ثقافية) كبرى يُخيل للمرء إذ يطلع على أجهزته) وهيا كلها الثقافية ومنجزاتها ومكاسبها في هذا الميزان أنها دولة لا شغل لها،إلا الثقافة أو (دولة ثقافية).وبحسب الباحث فالمشهد الثقافي الكويتي فيه بُعدان وطموحان:أحدهما (عربي) والثاني (عالمي)...وذلك واضح من خلال عناوين الدوريات والسلاسل الثقافية الصادرة في الكويت مثل (مجلة العربي) و(المجلة العربية) وكذلك (عالم المعرفة) و(عالم الفكر) و(إبداعات عالمية) فإذا بنا إزاء مقولتين تجسمان طموحين قويين متلازمين متوازيين هما (القومية) و(الكويتية) تسعى من خلالهما الكويت سعياً جاداً إلى الارتباط الاتساعي بما حولها من كيان جغرافي وديموجرافي وثقافي قومي،ثم بما حولها من كيان ثقافي عالمي،فتسعى بوساطة الثقافة- إلى العولمة.وللحديث عن المؤسسات الثقافية،كان لابد من الحديث عن النهضة التعليمية الكويتية بوصفها الأرضية الطبيعية التي عليها ارتكز إنشاء البناء الثقافي،وذلك ما استعرضه البحث بتركيز وأشار إلى أنشاء جامعة الكويت سنة 1966م كأول جامعة في دولي الخليج،ثم ذكر المؤسسات الثقافية وأهمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي موضحاً هياكلها واختصاصاتها وأنشطتها وإنجازاتها.ومنها المؤسسات الخاصة مثل مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري..الخ.وأكملت النقاشات التي أثارها البحث ما لم يذكره البحث من المؤسسات مثل دار الآثار الإسلامية ومؤسسة سعاد الصباح بوصفها داراً أنشطة كويتياً وعربياً وأياً كان الأمر فتلك كانت نماذج فقط للمؤسسات الثقافية الكويتية بحسب حدود البحث وخطته.تلك كانت إطلالة سريعة على (إسهامات الكويت في الثقافة العربية) بحسب أعمال الندوة المومأ إليها والتي ضمها الكتاب الملحق بحسب الإشارة في المقدمة،وأتمنى أن يجد القارئ ما يفيده،وإن لم يجد،فالخطأ بشري،كما يقول وليام شكسبير،أما السماح فيستحق الثناء.