الثقافة اليمنية..
د. زينب حزام :النهضة الفكرية والثقافية اليمنية حديثة العهد نسبياً وروادها الأوائل مازالوا يذكرون بيننا وكأنهم أحياء يرزقون، وهؤلاء الرواد ينقسمون إلى قسمين:* الفئة الأولى يعترف بهم على مستوى الوطن اليمني والعربي مثل الشاعر الراحل عبدالله البردوني، حسين باصديق الكاتب الروائي والكاتب الروائي عبدالمجيد القاضي والقاص عبدالله باوزير والدكتور محمد عبده غانم شاعر وكاتب قصة والشاعر الراحل القرشي عبدالرحيم سلام وهناك العديد من الكتاب والأبناء الذين بنوا صرح الثقافة اليمنية والذين لا تسعفني الذاكرة لذكر أسمائهم في هذا الموضوع ولكنهم مخلدون في قلوبنا وعقولنا، ولهم مكانتهم المتميزة وأثرها العميق في نهضتنا الثقافية والفكرية الحديثة.* أما الفئة الثانية فهم معرفون على مستوى الوطن اليمني وهم الأحباء الأحياء وبعضهم رحلوا عنا وظلت أعمالهم بيننا تخلد ومنهم من قدم الأعمال الرائعة التي لم تجد من يروج لها على مستوى الوطن العربي والعالم بسبب ضعف الإعلان والإعلام اليمني.ولكن الفئة التي تهمنا في هذا الموضوع هم الكتاب والأدباء الذين ساهموا بتوطيد الوحدة اليمنية المباركة، وخاصة ونحن قادمون على انتخابات محافظي محافظات الجمهورية والمساهمة الفعالة في نجاح البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح.لقد عملت دولة الوحدة اليمنية المباركة على نشر الثقافة والأدب والفن من أجل رفع مستوى التذوق الجمالي للوطن اليمني ومحاربة الكراهية والتشطير وتوحيد الوطن اليمني ونشر العلم والتطور التكنولوجي والتقدم الحضاري في جميع محافظات الجمهورية اليمنية وفتح نافذة الثقافة الدولية..لقد كانت اليمن منذ القدم تتبوأ الصدارة في حركة إحياء الثقافة الوطنية والعربية وتوجيه مسارها وذلك يرجع لعدة أسباب موضوعية منها:* مكانة اليمن الجغرافية والتاريخية واهتمام الدولة اليمنية بالثقافة والعلوم والفنون وفتح نافذة الثقافة الدولية في اليمن عبر نشر القنوات الفضائية والمعارض الدولية وانتشار الصحف والمجلات العربية والدولية.* الاحتكاك بالثقافة الأوروبية والأستفادة من التقدم التكنولوجي ونشر الثقافة والفنون اليمنية في أروبا وذلك عبر التبادل الثقافي وفي مجال الأثار من خلال إقامة المعارض ونشر الموسيقى والرقص والفنون اليمنية.* إضافة إلى ذلك فإن اليمن قد نبع فيها بفضل انفتاحها المبكر على العالم الخارجي عود من أقطاب الثقافة والفكر والصحافة تجاوزت شهرتهم حدود بلادهم أمثال الدكتور عبدالعزيز المقالح والشاعر الراحل عبدالله البردوني والشاعر الراحل الدكتور محمد عبده غانم وغيرهم وانتشرت مؤلفاتهم وصحفهم ومجلاتهم في شتى الأقطار العربية، وكان لهم قراء ومعجبون في كل مكان وذلك في وقت كانت بعض الدول العربية ماتزال تناضل من أجل الحرية والاستقلال أو ترسم معالم نهوضها الثقافي والعلمي.غياب النقد الأدبي من ساحة الإبداع اليمنيأعتقد أن السر في هذه القضية يمكن في شعور المؤلف وأرتفاع أسعار طباعة ونشر الكتاب في اليمن، هناك العديد من الكتاب والأدباء اليمنيين من يحتفظون بمؤلفاتهم الأدبية والنقدية وأشعارهم المخطوطة في منازلهم مما يعرضها للتلف والضياع، وذلك لعدم قدرتهم على نشر أعمالهم بسبب ارتفاع سعر طباعة ونشر الكتاب وما يقدم من دعم من قبل الدولة فهو محدود ومعظمه يتم عبر وسائل المجاملة والشللية والقبلية .. لذا نحن ندعو وعبر هذه الصفحة الثقافية لصحيفة 14أكتوبر الغراء إلى ضرورة هدم جدار الجهل أو التجاهل الذي مازال قابعاً في بعض الدوائر الحكومية التي تسعى لعرقلة كل عمل أدبي جيد.إن العمل الثقافي الوطني يجب أن يبني على أسس الوحدة الفكرية التي يتأسس عليها البناء الشامخ المتجسد في رسالة الصحافة والمجلة والكتاب ووسائل الإعلام وتوزيع المطبوعات، وفي الندوات والمؤتمرات وفسح المجال أمام الشباب من ذوي المواهب العلمية والأدبية وتقدم الدعم المادي لهم خاصة ذوي المواهب العلمية وتشجيع العلوم والاكتشافات والصناعات والأعمال التكنولوجية والاكتشافات في الجانب العلمي.الانفتاح الثقافي وتشجيع بناء المتاحف والاهتمام بالمواقع الأثرية من أجل نشر الثقافة والحضارة اليمنيةلقد كان الإنسان اليمني في مرحلة ما قبل الثورة يكافح من أجل سيادته على أرضه ورفضه للغزاة أياً كانوا وذلك من أجل العيش الكريم والمستقبل الأفضل وتعد قلعة صيره شاهداً تاريخياً على كفاح الإنسان اليمني من أجل حماية ميناء عدن الواقع تحت جبل صيره كما شهدت قلعة صيرة والجزيرة معارك خاضها اليمنيون ضد الغزاة والقراصنة في سنة 1516م هاجمها البرتغاليون وصدهم جنود القلعة وتعد صيرة معلماً تاريخياً مهماً فقد شهدت المقاومة المكونة من الصيادين والثوار للدفاع عن عدن وسيادة اليمن، ضد هجمات الاستعمار البريطاني عام 1829م والذين دخلوا بعد معركة غير متكافئة كما شهدت قلعة صيره أحداثاً تاريخية هامة مربها الوطن اليمني. ومنها يوم توطيد بناء الوحدة اليمنية وتعد قلعة صيرة من أهم المعالم التاريخية للمدينة عدن التي تجذب إليها السياح وخاصة أنها تقع بمحاذاة البحر والنوارس القادمة إلى اليمن وكأنها لؤلؤة تضئ الأمواج الزرقاء يبعث الهدوء والطمأنينة.ونشاهد اليوم أمام هذا المعلم التاريخي العديد من الزوار المحليين والأجانب الذين جاءوا ليتعرفوا على تاريخ ثورة أكتوبر والمقاومة التي يبذلها الثوار من أجل الدفاع عن سيادة اليمن مما أعطى قلعة صيرة تاريخياً مميزاً وموقعاً سياحياً هاماً كما أن قلعة صيرة تحتاج اليوم إلى ترميم المبنى لاهميتها التاريخية والروحية ويقال في الأسطورة إن قابيل عندما قتل هابيل خاف أباه أدم وفر هارباً من أرض الهند إلى عدن وأقام هو وأهله في جبل صيره مما أعطاها قيمة دينية وروحية أضافت إلى تاريخ الثوار والصيادين في مقاومة الغزو البريطاني لعدن.ولم يقتصر أهتمام الدولة اليمنية بالأثار والمواقع السياحية كونها جزءاً من الثقافة الوطنية ولكنها أعطت اهتماماً كبيراً بالثقافة خاصة القصة والرواية والشعر والفنون من موسيقى ومسرح وسوف يشهد شهر مايو القادم من هذا العام 2008م العديد من الفعاليات الثقافية من معارض وأمسيات قصصية وشعرية.إن المهمة الوطنية الملحة اليوم هي تحقيق حرية الرأي والديمقراطية وكلمة الحق التي تعد مثل المدفع وترجمة أحاسيس ومشاعر الناس ... فالأغنية الوطنية والثقافة الوطنية هي صوت الضمير الذي يصبح لغة الشعب كله من خلال المشاعر الفياضة للفنان نفسه.إن المهرجان الفني والثقافي المقرر قيامه في 22 مايو 2008م هو دعوة جادة لتطوير الثقافة الوطنية ونجاح الديمقراطية وإتاحة الفرصة للمواهب الفنية المبدعة، ومعالجة قدرات الشباب المبدع في تجديد القيمة النبيلة والعظيمة للأغنية الوطنية والثقافة الوطنية من أجل تطوير البنية الاقتصادية وبناء صرح ثقافي متين وحضارة الديمقراطية والاستقلالية السياسية.وما الذي يغري الفنان الحقيقي بالتضحية والنجاح والكسب إلا عمل فني عظيم وموقف إنساني يحرص عليه الفنان المبدع على رفعة وخدمة وطنه في الوقت نفسه.