حرب أهلية بين الصحف المصرية
[c1]الكاتب الصحفي خالد صالح: المناقشة بين الصحف المصرية لم تحترم القيم المهنية[/c]القاهرة/14اكتوبر /وكالة الصحافة العربية حرب أهلية مروعة تشهدها ساحة العمل الصحفي في مصر بين الصحف القومية والمعارضة والمستقلة، ومن ثم انقسم الصحفيون إلي جبهتين الأولي رسمية تعبر عن وجهة نظر الحكومة ، الأخرى معارضة سوداوية النظرة لا تري إلا المساوئ ولاتعرف غير الفساد، وفي هذا الجو الضبابي ضاعت الحقيقة، وباتت النظرة غير العقلانية هي السائدة، فهؤلاء يروجون لفكر وآخرون ينقضون دعائم هذا الفكر بشكل لا يليق بعيد كل البعد عن الحوار الهادئ الهادف•• ومن ثم تعالت الأصوات المطالبة مؤخراً بضرورة وقف هذه الحرب لمصلحة هذه المهنة•• مهنة البحث عن المتاعب• يقول أيمن حنتيش أمين عام جمعة تنمية الديمقراطية: إن الصحافة المصرية تعاني من عدد من الإشكاليات التي تؤثر علي مستواها ومدي تأثيرها علي القارئ المصري ، أهمها : احتكار المعلومات لدي السلطة التنفيذية وفرض الهيمنة علي الحرية ، بالإضافة إلي الصراع الذي احتدم بين الصحف المصرية وسط الحديث عن الإصلاح السياسي الأمر الذي أثر علي مصداقية التحولات السياسية لدي الرأي العام.[c1]أدوات غير عقلانية[/c]واتفق معه في الرأي الكاتب الصحفي خالد صلاح وأكد أن الصحافة المصرية انقسمت إلي قبيلتين، قبيلة الحكومة وقبيلة المعارضة وكل طرف قام بتحويل الصحف التي يسيطر عليها إلي أدوات غير عقلانية في حربه السياسية ضد الآخر، حرب انتقلت حتى من خانة الخصومة السياسية، وهي مشروعة إلي خانة العداء وليس الحوار الخلاق مع الطرف الآخر ومع كل مؤسسات المجتمع، حتى أن المنافسة بين هذه الصحف لم تحترم القيم المهنية وحرية الصحفي الذي وجد نفسه مضطرا، لأن يختار واحدة من القبيلتين مضحيا باستقلاله المهني والفكري والسياسي ومضحيا بما هو أهم، جوهر مهنة الصحافة وهي البحث عن الحقيقة أيا كانت وبغض النظر عن كونها تصب في صالح هذا الطرف أو ذلك. وقال: إن في الصحف الحكومية أصبح انتقاد الحزب الحاكم والحكومة من المحرمات ومن المحرمات في الصحف الحزبية انتقاد الحزب الذي يصدر الصحيفة أو أيا من قراراته وقياداته ، وقبل كل هؤلاء رئيسه طبعاً فهناك هالة قداسة تحيط رئيس الحزب في صحيفته، وتحيط برئيس الجمهورية في المؤسسات التي يسمونها قومية إذن فهامش الحرية متساو تقريبا علي الجانبين، فالحرية الوحيدة المتاحة لزملائنا في الصحف الحكومية هي مدح الرئيس وشتم المعارضة بالحق وبالباطل، وفي المؤسسات الصحفية المعارضة مسموح بل ومطلوب أن تعلن وتشتم الحكومة والنظام بالحق وبالباطل.وأوضح أن هذا الأمر الذي ظهر بشكل لافت عند مناقشات التعديلات الدستورية في الصحف الحكومة والمعارضة ، حيث لم تكن هناك أفكار في مواجهة أفكار وضغوط في مواجهة ضغوط ، ولكن شتائم وتخوين واتهامات متبادلة وهو ذاته الذي يحدث في قضية قتل الأسري المصريين وفي أي حدث آخر• وأضاف: إنه ليس هناك طريقا ثالثا أمام الصحفيين فحتى تترقي في صحيفة حكومية لابد أن تدافع دفاعا مستميتا عن النظام والحكومة بالحق وبالباطل ولابد أن تتغاضي عن الأخطاء التي تراها لدي النظام، كما لابد أن تربطك علاقات قوية ونافذة بالمؤثرين في الحزب الحاكم والحكومة.. ونفس الأمر في الصحف المعارضة فحتى تترقي ماليا ومهنيا لابد أن تدافع دفاعا مستميتا عن الحزب وتلعن أبو الحكومة وتتجاوز عن أخطاء السادة الملاك ولابد أن تربطك بهم علاقات قوية وليس من المنطق أو العقل أن كل ما تفعله الأحزاب صحيح وكل ما تفعله الحكومة أو النظام صحيح•[c1]مغالطات مستفزة[/c] وأشار صلاح إلي أن المغالطات المستفزة التي استقرت لدي الرأي العام أن صحف المعارضة هيالتي وسعت هامش الحرية في البلد ، وأن الصحف القومية هي التي تضيق هذا الهامش، وأن الصحيح أن صحافة المعارضة ومنذ نشأتها وسعت هامش نقد الحكومة والنظام ومع تطور تجربتها ومع جسارة بعض القائمين عليها تم نزع القداسة عن مؤسسة الرئاسة، وتحديدا الرئيس شخصيا وأسرته ولكنها - أي المعارضة- ضخمت بالمقابل القداسة حول رؤسائها وحولتهم إلي ذوات مصونة، من المحرمات الاقتراب منها إلا بالمدح. وأوضح أن أشد الصحف شراسة في مهاجمة الرئيس طلبا للحريات هي ذاتها التي تصمت علي انتهاك حريات آخرين من قبل هذه المؤسسات أو من قبل أحزاب وقوي سياسية محسوبة علي المعارضة، وبالتالي كان من الطبيعي أن يفسد هذا الانحياز مهنة الصحافة لأنها ليست مطلوبة ولكن المطلوب هو شتائم وصراخ من القبيلتين، الحكومة والمعارضة• وحذر من أن هذه الجماعة أثرت علي حق القارئ في المعرفة، فيتم حجب معلومات عنه بغرض سياسي ضيق سواء كان في الحكومة أو المعارضة ، وهو ما حدث مثلا في أزمة القضاة مع وزير العدل ، فالقارئ عندما يقرأ صحف المعارضة لن يجد رأي الوزير ولكن قيادات نادي القضاة المعارضين له ، وإذا قرأ صحف الحكومية يجد العكس ، وهو ذاته ما حدث أثناء أزمة نادي القضاة مع الحكومة، ففي الصحف المعارضة لن تجد سوي المستشارين هشام البسطويسي وزكريا عبدالعزيز وغيرهما، ولن تجد وجهة النظر الأخرى الممثلة في المجلس الأعلي للقضاء ولن تعرف من خلال هذه الصحف أن هذا المجلس الوصول إليه يتم عبر الاقدمية ولا شيء غيرها•• والعكس تماما ستجده في الصحف الحكومية•• وبالتالي تم حرمان حقه في معرفة كل الآراء والمعلومات أنه التزوير السياسي الفاضح• تضييق شديد ويقول الكاتب سعيد شعيب: إن القيود التي يعاني منها الصحفي أيا كانت مؤسسته- حكومية أو معارضة - لا تقتصر فقط على حرمانه من انتقاد الحزب التابعة له الجريدة، ولكن محرم عليه أيضا نقد القوى السياسية التي يتحالف معها الحزب سواء حاكما أو معارضاً• وأضاف : إن عضوية نقابة الصحفيين مرهونة بإرا دة هذا النوع من الملاك وليس بممارسة المهنة ، فسوف نكتشف الكارثة التي يعاني منها الصحفيون العضوية تشترط عقد العمل ، وهذا العقد في الأغلب الأعم لا يحصل عليه الصحفي بالموهبة والكفاءة المهنية، ولكنه بمدي رضاء هذا المالك عنه ، وفي أحيان كثيرة يصبح رضاءه شخصيا ، ومن هنا دخل النقابة عدد لا يستهان به ممن لا علاقة لهم بالمهنة، ولكن علاقتهم متينة بالمالك، بل ويعرف الوسط الصحفي حالات كان فيها المالك يأخذ نقودا ليست قليلة من أجل أن يمنح الصحفي عقدا يصبح به عضوا في نقابته.وأكد أن الحل كما يتبادر للذهن هو أن يختار الصحفي الجريدة التي تتفق مع اتجاهاته وأفكاره، وهذا صحيح طبعاً ولكن المشكلة هي أن الصحف عددها محدود والسبب هو كارثة التضييق الشديد من قبل الحكومة علي حرية إصدار الصحف، ومن ثم فالفرص قليلة، وبالتالي يضطر معظم الزملاء إلي قبول المتاح أمامهم أيا كانت توجهاته وإلا لن يجدوا عملا طوال حياتهم ،كما أن النقابة لاتقوم بدورها في ضبط علاقة المحرر برئيس التحرير ، أي ميثاق شرف يكون إطارا لهذه العلاقة يمنع المحرر من ابتزاز رئيسه، والأهم أن يمنع تغول سلطة رئيس التحرير وتحويل رغباته الشخصية ومصالحه السياسية إلي منهج تحرير. [c1]اختطاف سياسي[/c] وأوضح شعيب أن هناك حالة من الاختطاف السياسي لنقابة الصحفيين والتي تعاملت معها القوي والأحزاب السياسية - بما فيها الحزب الحاكم - باعتبارها الحديقة الخلفية لهم فقد حولت القوي المعارضة النقابة إلي ساحة حرب ضد النظام الحاكم والأسباب لا تتعلق بحرية الصحفي - أيا كان توجهه السياسي - حيث صمتت النقابة في معظم الأحيان علي الانتهاكات الفظيعة لحقوق الزملاء في الصحف الحزبية والخاصة ، في حين أنها تقيم الدنيا ولا تقعدها لو حدث وتم المساس بحقوق أي زميل في المؤسسات القومية التي تهيمن عليها الحكومة•كما أن النقابة تنتفض - وأنا معها - عندما تمس الحكومة حرية أي صحفي ، ولكنها تصمت تماما عندما ينتهك أي تيار سياسي زميلا، والمثال الأقرب هو الصمت الغريب عندما تم تكفير السيدة روزاليوسف والمجلة في رسالة دكتوراه في جامعة الأزهر، كما أن النقابة صمتت إذا حدث مثلا وقام الإخوان بالعصف أو تكفير أي صحفي. وشدد علي ضرورة أن يكون الهم العام للنقابة هو الصحافة والصحفيين وليس انتماءه السياسي الخاص به وحده، وليس من حقه أن يفرضه علي جموع صحفية تضم كل الأطياف ، ثم أننا لا نختار المرشح لموقع سياسي ولكن نقابي أي أننا نصوت لصالح النقابي فيه وليس السياسي ، بمعني أن النقابة عليها أن تخوض معركة لتوسيع الحريات الصحفية، ولكن ليس ضد الحكومة فقط ، ولكن ضد أي قوة سياسية تنتهكها وبالطبع ضد أي قوة أو مؤسسة اجتماعية تنتهكها مثل الأزهر أو الكنيسة أو غيرها•• كما أنها تخوض معركة أجور عادلة أيا كان المالك حكومة، معارضة، رجال أعمال، أي أن النقابة تخوض المعارك السياسية ولكن من مدخل مهني، أي توفير البيئة المناسبة لكل الصحفيين من كل الاتجاهات•• فليس منطقيا أبدا أن يعاني الصحفي في انحطاط أجره في كل المؤسسات "حكومية ومعارضة وخاصة" وتصبح الأولوية للنقباء والمجالس المتعاقبة هو إرضاء الحكومة إذا كانوا حكوميين وإرضاء المعارضة إذا كانوا معارضين.