ولد أوجست كونت في باريس سنة 1768 م ، لأسرة متدينة شديدة التعلق بالنصرانية الكاثوليكية. وهو مؤسس الفلسفة الوضعية التي ترفض الميافزيقا وتعتمد على نتائج العلوم الطبيعية الحديثة .. وهدفه الأسمى هو إصلاح المجتمع ليعيش الناس في توافق وانسجام، ومذهبه مبسوط في كتابه: محاضرات في الفلسفة الوضعية، وفيه يبين المراحل الثلاث التي اجتازها الفكر في تطوره: اللاهوتية التي تعلل الأشياء بمبادئ مجردة، والوضعية التي تعلل الأشياء بالمشاهدة والتجارب تأييداً للفروض. تتفاوت العلوم بساطة وتركيباً، فأبسطها الرياضة، فالفلك، فالفيزيقية، فالكيمياء، فعلم الاجتماع. وكل منها يعتمد على سابقه والاجتماع يعتمد عليها جميعاً وكلها في خدمته. لقد كان من المنتظر أن يكون ابن أسرته في ذلك ، متديناَ شديد التعلق بالنصرانية ، لكنه فاجأ أسرته بإعلانه كفره بالنصرانية وجميع الأديان ، وقد اتخذ هذه الخطوة الخطيرة في سن مبكرة حيث كانت سنة حين أعلن كفره حول الرابعة عشرة, أما عن مسيرته العلمية والعملية . فهو لم ينتظم في التعليم طويلاً ، ولكنه تولي تعليم نفسه, فدرس الرياضيات وبرع فيها, ثم درس الفلسفة وبرز فيها كثيراً ، وفي أثناء دراسته اتصل بالفيلسوف الفرنسي سان سيمون وعمل سكرتيرا له لخمس سنين ( 1817-1822 ). ثم اختلف معه حول بعض القضايا الفكرية, فتركه . اشتغل بعد ذلك بإلقاء محاضرات في فلسفة العلوم ، ثم مزج بفلسفة العلوم فلسفته الوضعية واللاهوتية, وكانت محاضراته تجتذب الكثيرين من العلماء, لكنه بعد ثلاث سنوات أصيب بلوثة عقلية وانهيار عصبي , ولما شفي من مرضه عاد إلى إلقاء محاضراته, ولم يطل به الأمر حتى عاوده المرض العقلي مرة أخرى, فحاول الانتحار، لكن امرأته عنيت به حتى مرت الأزمة. وكان مرضه الثاني بسبب هيامه بامرأة عشقها حتى الجنون, ولما ماتت هذه المرأة بعد سنتين من هيامه بها أصابته هذه اللوثة التي بدا أنه شفي منها ظاهراً، بينما كانت لوثته وجنونه يعيشان معه يستقي منهما أفكاره وفلسفته، حتى كان ذلك الكم الهائل الذي جاء به الرجل من فلسفته التي أقل ما توصف به أنها فلسفة ساقطة ، وفكر تافه لا يصدر إلا عن رجل مجنون ، وقد ظل هذا الفيلسوف يدعو إلي أفكاره وفلسفته وبخاصة الدين الذي اخترعه حتى استطاع في أخريات حياته أن يجتذب إليه طوائف من أمثاله, ثم هلك الرجل في سنة 1857 م .
شخصيات خالدة
أخبار متعلقة