ثقافة الموت
لا ريب في أن ما تقدم يؤشر على أننا أمام معضلة ثقافية بالدرجة الأولى التبست بالدين .. فموقف الغزالي من المرأة والعلوم الطبيعية والعقل هو موقف من نظام حياة متكامل جرى تقديمه على أنه هو الاسلام الحق .. ولاريب في أن الحرب الضارية التي شنتها هذه الثقافة ضد العقل ، وتكفير كل من يجرؤ على تشغيل الوظيفة النقدية للتفكير، والإصرار على إضفاء القداسة على النصوص الفقهية ورفعها إلى مرتبة المصادر المقدسة للعقيدة ، لاريب في أن كل ذلك _ بالإضافة إلى أسباب وعوامل سياسية أخرى في مرحلة الحرب الباردة _ ساعد هذه الافكار المتخلفة على الانتشار . إن مجرد إعمال العقل في النصوص وهو ما يحاربه التيار السلفي ، كاف لإثبات حقيقة أن جانباً من هذه الثقافة السلفية يتعارض أساساً مع الدين نفسه .. ومع القرآن في المقدمة . *لماذا تعرضت أفكار شيوخ عصر التنوير ومفكريه أمثال الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين ولطفي السيد للانطفاء ؟ .. و لماذا تم إنشاء عشرات الآلاف من المدارس الدينية التي كرست هذه الثقافة وانجبت " طالبان والقاعد ة " واوصلت العالم الإسلامي إلى هذا الحال الصدامي الدامي والعنيف مع نفسه ومع الآخر على حد سواء ؟.*المبادرات الطليعية التي اجترحتها النخب العربية الجديدة في البلدان التي شهدت الولادة الأولى لتعليم الفتاة ، ما كانت لتنجح لولا الدور الذي لعبه الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي والشيخ محمد عبده وزملاؤهم العائدون من فرنسا ، في تحرير العقل العربي من العـُصاب الثقافوي الغارق في خدر الخصوصية ، والمسجون في أقبية التشدد والتطرف. *الثقافة التي تحقر من شأن المرأة وتدفع الرجل إلى اتخاد موقف سلبي منها هي الثقافة الجاهلية التي جاء الإسلام من أجل تغييرها والقضاء عليها ، لا لتكريمها وإعادة إنتاجها..إن الإمام الغزالي والإمام الذهبي و" شيخ الإسلام بن تيمية " وأضرابهم وأتباعهم من فقهاء التشدد ومهندسي الثقافة السلفية الموروثة عن حقبة الانحطاط والتراجع التي تغلبت فيها البيئة البدوية والصحراوية على البيئة الحضرية ، وسيطرت خلالها العناصر السلجوقية البربرية على مقاليد السياسة والحياة في المجتمع الإسلامي .. إن هؤلاء جميعاً خالفوا القرآن الكريم في الكثير من احكامهم الفقهية، والمدهش ان المتطرفين يتعاملون مع هذه الأحكام على أنها صحيح الدين !! أيّ تجديد وايّ إحياء للدين هذا ؟ .. وأين كلام هؤلاء الذين وصفوا المرأة بأقبح الصفات من قوله تعالى الذي قارب بين الرجل والمرأة في الحقوق والضعف والقوة بقوله : ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر وانثى وهو مؤمن ، فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) وقوله تعالى ( ويتوب الله عن المؤمنين والمؤمنات واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) وقوله تعالى (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم) .صدق الله العظيم .لقد أهان الغزالي والذهبي وابن تيمية واضرابهم واتباعهم المرأة من خلال تلك الأفكار السوداء التي روّجوا لها ، وحطّوا بها من شأن المرأة فوصفوا النساء باقبح الصفات ، وحين تكرّموا مع أفضل النساء لم يترددوا في وصف المرأة الصالحة بأنها لاتعدو أن تكون أكثر من " غراب اعصم بين مائة غراب " !!! حذر هؤلاء كل الرجال من التشاور مع المرأة ووصفوا صوتها بانه عورة ودعوا إلى حبسها في المنزل حبساً مطلقاً ، وحذروا الرجل من التشاور معها و ألزموه بمخالفتها في كل شيء لان في خلافها بركة ، فوضعوا الأساس الأول لإستبعاد المرأة من الحياة العامة ، بعد أن حوّلوا المنزل إلى سجن مطلق لها دونه الشيطان الرجيم !! اين هؤلاء واين تجديدهم للدين من قوله تعالى على لسان فتاة : (ياأبي استأجره أن خير من استأجرت القوي الأمين ) صدق الله العظيم , ففعل أبوها بمشورة ابنته ولم يفكر بطريقة الغزالي واضرابه!؟؟ وأين هؤلاء من قوله تعالى الذي قارب في المسؤولية والولاية بين الرجل والمرأة بقوله : (المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ! ؟ .. بل اينهم من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اصابت امرأة واخطأ عمر) !!؟ إن من يقرأ نصوص الغزالي والذهبي وبن تيمية حول المرأة ، ومن سار على خطاهم من التابعين واتباع التابعين إلى يومنا هذا ، سيكتشف المسافة الهائلة بين القرآن وبين هذه النصوص ، وسيلاحظ كيف عطلت هذه النصوص عملية التغيير التي استهدف بها الاسلام استبدال قيم وثقافة الجاهلية بقيم القرآن وثقافة الإسلام . يكفي لمن يقرأ نصوص مؤسسي الثقافة السلفية المتشددة ، ويسـتمع لأتباع اتباعهم في المساجد والشرائط الصوتية المنتشرة في كل مكان حول المرأة ، ان يعود الى سيرة الجاهلية في الموقف من المرأة. اليس من حق الذين يطالعون نصوص الغزالي والذهبي وبن تيمية عن المرأة , ويسمعون شرائط اتباع اتباعهم ، أن يخجلوا حين يـُبشـّرون بولادة أنثى إن احسن ابوها تربيتها فانها لن تكون افضل من " غراب أعصم بين مائة غراب .. لأن سوء الخلق وقلة العقل من صفات النساء ، وعلى الرجل ان يكون حذراً منهن " كما يقول موروثنا الفقهي !!؟؟ . من حق هؤلاء أن يحزنوا حين يرزقون ببنات طاهرات رضيعات طالما ان ثقافتنا الملتبسة بالدين تنطوي على تحقير للمرأة .. ولكن اليس من حقنا القول بأن الثقافة التي تـُحقـِّر من شأن المرأة وتدفع الرجل إلى اتخاذ موقف سلبي منها هي الثقافة الجاهلية التي جاء الإسلام من اجل تغييرها ، لا لتكريمها وإعادة إكتشافها.. ألم يقل الله سبحانه وتعالى عن حياة الجاهلية : ( وإذا بشّر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون أم يدسه في التراب . ألا ساء ما يحكمون) صدق الله العظيم.نعم ألا ساءت ثقافة كهذه .. وساءت هوية كهذه يعود اليها سبب تأخر العرب والمسلمين ، وتكبيل قدراتهم ...ألا ساءت هذه الافكار الجاهلية الموروثة من فقه الصحارى والبيئات البدوية القاسية وعهود الإنحطاط .. وساء من يضفي عليها صفة القداسة الدينية بعد أن اثبتت هذه الافكار عجزها المطلق عن تمكين المجتمع الإسلامي من الإستجابة لتحديات الحضارة الحديثة ، بقدر نجاحها في التمكين لإعادة انتاج ثقافة الجاهلية التي حاربها الاسلام . ألا ساء الذين يحكمون علينا بمواريث الجاهلية ، ويلبسونها ثوب حاكميتهم بعد ان جعلوا من انفسهم كهنة ورهباناً يحكمون باسم الله ويحرّضون على الباطل ويسرفون في تكفير المسلمين ومخاصمة العالم بأسره .ألا ساء الذين يثيرون البغضاء بين المسلمين .. ويحرّضون ضد غير المسلمين ، ويبيحون قتل المدنيين الأبرياء .. ويقسمون العالم إلى فسطاط للاسلام وآخر للكفر ، ثم يعلنون بدء المعركة " الفاصلة " ضد الكفر ، ويفرضون من انفسهم اوصياء على الدين و العقل والحقيقة .. ومرجعهم في ذلك أفكار تتعارض مع قيم المحبة والتسامح والرحمة التي يدعو اليها الإسلام ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما تلقنه المدارس السلفية لتلاميذها من تحريض على كراهية أتباع المذاهب الإسلامية المغايرة، والديانات الأخرى، كقول ابن تيمية في كتــاب (أحكام أهل الذمة ) : " ان كل كنيسة في مصر والكوفة والبصرة وواسط وبغداد ونحوها من الأمصار التي مصرها المسلمون ، فانه يجب إزالتها اما بالهدم او غيره ، وسواء كانت تلك المعابد قديمة قبل الفتح او محدثة " او قول ابن رجب الحنبلي بعدم جواز القاء التحية والسلام على اليهود والنصارى، فإن صادفهم المسلم في الطريق وجب عليه ان ينتحي الى طريق آخر حتى ولو كان ضيقاً وخطيراً، كما يجب على المسلمين ألاّ يساكنوهم ولا يخالطوهم ولايتاجروا معهم، ومن فعل عكس ذلك مات ميتة الجاهلية، او قول الشاطبي " ان الناجين من اتباع الفرقة الناجية مأمورون بعداوة أهل البدع والتشريد بهم والتنكيل بمن إنحاش الى جهتهم بالقتل فما دونه " !! ( . (29). ألا ساء الذين يفرضون علينا دينهم المخالف لدين الله القائل : ( ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئة والنصارى والذين اشركوا اولئك يحكم الله يوم القيامة فيما كانوا يختلفون) صدق الله العظيم .ثقافة الموتازعم بأن الذين يبالغون في إظهار ذعرهم من خطر العولمة على الهوية والخصوصية لا يقدمون في آخر المطاف سوى خطاب ثقافوي بائس .. ولعل مأســــــــــاة " طالبان " كضحية لتلك الثقافة _ عند سقوطها المدوي والسريع لا تختلف عن مأساة الشعب الافغاني اثناء حكمها ، لان وجهي تلك المأساة يشيران إلى فداحة الثمن الانساني الذي يتم دفعه لقاء الاستغراق في خطاب الهوية والخصوصية الثقافوي ، حيث تصل معاناة الضحايا مستوى مأساوياً غير مسبوق ، فينظم اليهم ـ على نحو تراجيــــدي ـ جلادوهم في نهايـة المأســــاة ، كضحايا إضافيين لأوهام ثقافة ميتة تصادر الخصوبة والحياة ، وتشيع العقم والموت . ولذلك جاءت النهاية المأساوية لحركة »طالبان« وتنظيم " القاعدة " وحلفائهم المجاهدين الذين جاؤوا من مشارق الأرض ومغاربهـــــا ، وجعلوا من افغانستان منطلقاً لجهادهم ضد فسطاط الكفر .. جاءت تلك النهاية دليلاً على هزيمة خطاب ثقافوي منعزل عن السياق الحضاري والتاريخي !! بوسعنا القول أن المبادرات الطليعية التي اجترحتها النخب العربية الجديدة في البلدان التي شهدت الولادة الأولى لتعليم الفتاة ، ما كانت لتنجح لولا الدور الذي لعبه الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي وزملاؤه العائدون من فرنسا , في تحرير العقل العربي من العـُصاب الثقافوي الغارق في خدر الخصوصية ، والمسجون في اقبية التشدد والتطرف. كسر الطهطاوي خطاب الخصوصية والهوية الثقافوي بخطاب آخر معاكس .. وجاء كتابه الخالد ( تخليص الابريز في تلخيص باريز) تأكيداً على إدراكه لضرورة تلاقح الثقافات، خصوصاً وانه رأى بعينيه إسلاماً في الغرب حتى وان لم ير فيه مسلمين .. بينما طمست الخصوصية المفترضة لثقافة التشدد جوهر الإسلام الحق في بلاد المسلمين، بعد ان أشهرت انقطاعها الحضاري وإفلاسها الثقافي ، واثبتت عجزها عن الاستجابة لرياح التغيير وتحديات القيم الإنسانية المشتركة التي أنجبتها الحضارة الحديثة . كانت المهمة الأولى لمفكري عصر التنوير وعلى راسهم الشيخ رفاعة الطهطاوي صعبة للغاية ، لأنها تبدأ بتحرير الرجل وتحرير المرأة ــ بما هي نصف المجتمع ــ من الثقافة التي تحتقر المرأة وتصفها باقذر الصفات الجاهلية على نحو مافعله الغزالي والشمسي وبن تيمية وغيرهم من ائمة الفقه السلفي بشقيه السُـنـِّي والشيعي . وضع الطهطاوي مداميك خطابه النهضوي من خلال نقد الخطاب الثقافوي الغارق في خصوصيته السلفية الظلامية ، ولذلك سهل على خصومه أن يتهموه بالتغريب .. وحين شجب مؤسسة الحريم بصفتها سجناً ، ذهب الطهطاوي إلى حد أبعـد ، حيث طالب برفع سن الزواج للفتاة ، ودعا إلى تعليم البنات وتشغيل المرأة ، ودراسة اللغات الاجنبية وتشجيع الترجمة ، وبذلك وجه الطهطاوي ضربة موجعة لخطاب الخصوصية الثقافوي ، بقدر ما وجه أيضاً ضربة مماثلة للخطاب الثقافي الاستعماري الذي ادرك من خلال الرصيد المعرفي للمستشرقين ، اهمية إحياء ودعم الافكار السلفية التي اشتهرت بمعاداتها للعقل ومحاربة التفكير النقدي وتكفير أهل الرأي والتحريض ضدهم ، وذلك بهدف تكريس تخلف العالم العربي والإسلامي وتمزيق وحدته الداخلية ، والحيلولة دون إستعادة دوره الحضاري . يكفي المرء ان يجري مقارنة سريعة بين موقفين فكريين لأثنين من أعلام الفكر ألإسلامي في العصر الحديث ليكتشف طريقتين مختلفتين في التعامل مع صدمة الإحتكاك بالغرب في القرن التاسع عشر .. فقد صدم المؤرخ والفقيه عبدالرحمن الجبرتي في مشاهداته التي تضمنها كتابه الشهير " عجائب الآثار في التراجم والأخبار " بما شاهده أثناء الحملة الفرنسية على مصر من توقير وإحترام للمرأة من قبل القادة الفرنسيين الذين اصطحبوا معهم زوجاتهم الى مصر , حيث قال : " حتى ان المرء ليشعر بالقرف والإشمئزاز لما يبديه الفرنجة الفرنسيس من موافقة الرجل لمراد زوجته وعدم مخالفة رأيها ، والسماح لها بالخروج من بيتها للعمل والمعـــاش، فتقوى بذلك شوكتها ويصبح لها قول مسموع في الأمور الخاصة والعامة ، فمجالس الرجال والنسوة متشاركة ، ولايجلس الرجال الاّ بعد أن تجلس النسوة ، وإذا دخلت المرأة ولم تجد مقعداً قام رجل وأقعدها في مقعده ثم يخدم نفسه بنفسه فيحضر له مقعداً يستريح عليه ، وهذا من بئس حضارتهم الساقطـــــــــة والزائلـــــــــــــــة بإذن الله". اما الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي فقد كتب بعد ثلاثة عقود من الجبرتـــــــي فـــي " تخليص الإبريز " عن مشاهداته أثناء دراسته في فرنسا، مشيراً الى " أن المرأة المسلمة تعامل مثل متاع البيت وهو جماد لا روح فيه ، بينما هي في باريز على مكانة سامية ومقام قريب من الروح حتى ليخيل للمرء أن الفرنسيس يدللونها كالأطفال الذين أودع الله فيهم البراءة والوعد .. فإن أحسنا رعايتهم صفت سرائرهم وتدفقت منها ينابيع البراءة بالعطاء ، وهي وديعة الله في أحبابه ، فيطال الأمة منهم صلاحاً في دينهم وعملهم ، وخيرا في اليفاعة والرجولة وهو وعد الله الحق " .من المفارقات المثيرة للإهتمام ان الطهطاوي الذي وضع المرأة في مصاف أحباب الله وانتقد وضعها في عداد متاع البيت، أورد عدداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ترفع من شأن المرأة، كما أشار الى المخالطة بين الرجال والنساء في الجامع وبيت الله الحرام والتجارة ومجالس العلم في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين , باستثناء ما إختص به الله زوجات الرسول من حقوق النبوة، وكذا ما اختص به البيوت من حرمات .. اما الجبرتي فقد استشهد للتدليل على سوء ملة الفرنجة تجاه المرأة بأقوال الغزالي والذهبي وبن تيمية والشاطبي ، وهي علامة فارقة بين صدمة الوعي التي تسعى الى إعادة بناء الثقافة وإعادة إكتشاف الهوية في ضوء قيم الإسلام التي أسهمت في صنع الحضارة الإنسانية الحديثة، مقابل صدمة اللاوعي التي تتقوقع في نطاق هوية و خصوصية موروثتين عن ثقافة جاهلية بعيدة عن قيم الإسلام ، ومنقطعة عن مفاعيل الحضـــارات ، ولم تعد ترى في المرأة غير الشيطان وسوء الخلق وفي أحسن احوالهــــــا " غراب اعصم بين مائة غراب " !!علينا أن نتساءل .. لماذا انحازت الجماعات الإسلامية المتطرفة إلى فكر الغزالي والذهبي والشاطبي وبن تيمية وبن كثير وأبن رجب الحنبلي ، وكرّست كل جهودها بالعنف والمال لنشر هذه الثقافة وتوزيع ملايين الكتب التي تقدمها على انها الدين الحق؟. لماذا تعرضت افكار شيوخ عصر التنوير ومفكريه امثال الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين ولطفي السيد للانطفاء ؟ و لماذا تم إنشاء عشرات الآلاف من المدارس الدينية التي كرست هذه الثقافة وانجبت " طالبان والقاعد ة " واوصلت العالم الاسلامي إلى هذا الحال الصدامي الدامي والعنيف مع نفسه ومع الآخر على حد سواء ؟.يقول المفكر الباكستاني البروفيسور أحمد القريشي عن صناعة التطرف في منطقة واحدة فقط على سبيل المثال من العالم الاسلامي هي باكستان : ( تمثل قصة المدارس الدينية الباكستانية فصلاً مثيراً من فصول الايام الاخيرة للحرب الباردة ، وتبين كيف كان ممكناً لحكومة بينظير بوتو الليبراليــة أن تدخل في تحــالف مع عرابي "طالبان" في باكستان ، وكيف تطوع الاميركيون في وقت من الاوقات ليجمعوا خيرة الناطقين بلغات افغانستان وباكستان وآسيا الوسطى والمستشرقين البريطانيين والامريكيين والعاملين في الاجهزة الاستخبارية ليكتبوا مناهج التعليم الديني ويموّلوا آلاف الكتب التي تسترشد بالفقه الاسلامي المتشدد في أروقة جامعات أميركية ، كي يتم طباعتها في المدن الباكستانية .. وبحسب وثائق الخارجية الامريكية دفع مكتب اسلام اباد التابع لصندوق الانماء الاقتصادي الامريكي USAID إلى جامعة نبراسكا مبلغاً وقدره واحد وخمسون مليون دولار سنوياً على مدى عشر سنوات 1984-1994م من اجل إعداد وتعميم كتب اسلامية تحض على التشدد والانغلاق والجهاد) . ويستطرد القريشي قائلاً : " ذات يوم وفي ذروة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية جاء زبيغينو بريجنيسكي فقلب كل شيء رأساً على عقب .. هذا البولندي الامريكي السلس اللسان .. ذو العينين الزرقاوين .. والصوت الهادى ، مستشار الامن القومي في إدارة الرئيس جيمي كارتر ، خرج بفكرة تبدو إلى اليوم أنها كانت تفعل فعل السحر حين تولت واشنطن مهمة ايقاظ عملاق الحركة الإسلامية النائم والايعاز إلى سائر حلفائها في المنطقة بتسهيل مهمة هذه " الصحوة " .. أنه مبدأ بريجنسكي الشهير" (30) لعل ذلك يفسر ما ذهب إليه أيضاً المفكر العالمي د. سمير أمين الذي يرى أن الخطاب الثقافوي المسكون بفوبيا الهوية والخصوصية يخدم أهداف الاستعمار وخطابه الثقـــــــــــــــافوي، فالخطابان الاستعماري والثقافوي يسيران جنباً إلى جنب دون تناقض بينهما . وبحسب سمير أمين " يفتخر الإستعمار (بغربيته) وتفوّقه في العلوم والفنون والإدارة والصناعة والسياسة والديموقراطية والإعلام والطب وحقوق الانسان . وفي هذا السياق تصبح الشعوب غير الغربية أمام خيارين فقط لا ثالث لهما ، فأما أن تقبل القيم الغربية كما هي في الرأسمالية القائمة بالفعل ، أو أن تنغلق في خصوصياتها الثقافية الموروثة من تاريخها السابق . بمعنى أن الاستعمار هو الذي يحدد شروط الخيار بحيث يضمن لنفسه الانتصار في جميع الفرضيات ، إذ أن انغلاق الشعوب غير "الغربية" على خصوصياتها الثابتة يجعلها غير قادرة على الاستجابة لتحديات العصر وهو ما يريده المستعمرون القدامى والجدد " (31) .في دراسته القيمة حول موقف بعض الجماعات الإسلامية من الغرب والتي نشرتها مجلة "العربي" الكويتية في عددها رقم 402 الصادر في شهر مايو 1992م ، اجرى المفكر الاسلامي حسين أحمد أمين مقاربة تاريخية بين هذا الموقف وبين موقف مماثل له في الاديان الأخرى ، مشيراً إلى أن التجارب التاريخية دلت على ظهور جماعات دينية انعزالية في المجتمعات التي تمر بهزات عنيفة ، حيث تميل هذه الجماعات إلى إغلاق الابواب أمامها وتنزع إلى العيش في طوطم خاص بها ، وتتجنب الإنفتاح أو الإتصال بالتيارات العلمية والفكرية التي عرفتها مجتمعاتهم في أوقات مختلفة . ويوضح د. حسين أمين فكرته بتفصيل أدق بقوله : " كان هذه هو ما حدث أيضاً في العالم الاسلامي مع بداية الثلاثينات من هذه القرن حين بدأت جماعات اسلامية تـُروِّج لدعوة شديدة الإختلاف عن دعوة المصلحين الإسلاميين من اتباع الطهطاوي ومحمد عبــده ، بل ورأت في هؤلاء المصلحين دعاة التغريب ، إذ هم لم يطعنوا في قيم الغرب بل انتحلوها للاسلام " .ويضيف حسين أمين قائلاً : " ذهبت هذه الجماعات بدءاً من الإخوان المسلمين إلى أن الإسلام بمفرده قادر على التصدي لهذه التحديات دونما حاجة إلى اقتباس من حضارات أخرى (32) ، غير أنهم لم يفلحوا إلا في ابراز حفنة من النقاط والقضايا التي ركزوا عليها والحــّوا في تكرارها إلى حد الإملال واعني بها موضوع الربا وفائدة البنوك وسفور المرأة وتحديد النسل والحدود ، والنفور من استخدام مناهج البحث العلمي والتاريخي في العلوم الانسانية .. ولذلك فان مفهوم المعرفة والمعلومات عندهم انها ثابتة وخالدة وقد نجم عن ذلك ثلاثة عواقب : الأولى : أن المعرفة عندهم لم تعد عنصراً ابداعياً ديناميكياً في الفكر مما اسهم في قهر كل نشاط فكري حر بدعوى مخالفته لعقيدة السلف . الثانية : أن اعتبار المعرفة دائرة مغلقة وثابتة ، يجعل من الصعب تقبل او ابداع المعارف الجديدة ما لم تجد لها سنداً في فكر السلف الأقدمين .الثالثة : أن سبيل اكتساب المعرفة هو تجميعها من كتب الأسلاف أو الكتب الحديثة القائمة على كتب الأسلاف لا التحليل والاستنباط والتجربة والفكر الحر ، وكلها عواقب خلقت عند غير المسلمين تصوراً خاطئاً بأنه لا يمكن أن يكون للإسلام مستقبل ما دام عاجزاً عن مسايرة التطور " (33) . فجوة حضاريةيحلو للخطاب السلفي الشعبوي الراديكالي أن يستشهد في بعض مداولاته الفكرية بالتجربة اليابانية التي تمكنت من النهوض بعد هزيمتها في الحرب الثانية ، دون أن تتراجع عن اصوليتها الكونفوشية ، بيد أن هؤلاء يتجاهلون ميكانيزمات القدرة اليابانية على الاستجابة للتحديات الحضارية ، فقد وقع الخطاب السلفي العربي في وهم تاريخي عندما فاته التمييز بين الاستعمار الغربي الحديث ومن ورائه حضارته الرأسمالية الجديدة وبين الحملات الصليبية وإرثه العصور الوسطى، حيث ركزت اليابان على الطابع الرأسمالي للحضارة المعاصرة ، ثم استوعبت قيمها الحديثة وتلاقحت معها في سياق حضاري مشترك ، بعيداً عن أي توصيف ديني او ثقافي او جهوي ، بعكس ما يفعله الخطاب السلفي في العالم العربي والإسلامي حين يصر على توصيف الحضارة المعاصرة جهوياً (الغربية) او دينيــاً ( المسيحية ) !!بحسب الدكتور هشام شرابي ، نجحت السلفية في صد الحملات الصليبية ولم تنظر اليها كحرب دينية مع انها كانت تشتمل على شيء من هذه ، بل اطلقت عليها اسم حروب الفرنجة ، ثم نامت بعدها مطمئنة إلى انتصارها التاريخي وإلى تفوقها على الغرب المسيحي الفرنجي ، الأمر الذي فوّت عليها ادراك معنى خمسة قرون من النهضة الحضارية الانسانية الحديثة ، ومن التحولات الجوهرية غير المعهودة من قبل في مجالات الفكر والعلوم والاجتماع والتقنية ، وكانت النتيجة إن خسرت معارك الحرب بعد أن فاتها الاسهام في معركة الحضارة ، ولم يظهر عليها انها استوعبت الأبعاد الكاملة لأزمتها التاريخية بعد تلك الهزائم إذْ لم تقدم استجابة حاسمة للتحدي بعد !! ( 34 ) .يقيناً أن ثمة حاجة ماسة لمعالجة فجوة التخلف الحضاري التي يعيشها العالم العربي والإسلامي .. ولا يمكننا عبور هذه الفجوة الأّ بإكتشاف الإسلام في داخل هذه الحضارة التي أعطت الإنسان انجازات عظيمة ، ونقلت حياته الى مستوى متطور، حيث تعلق البشرية على منجزاتها العلمية والتقنية تطلعات مشروعة لتجاوز مشاكل الفقر والتخلف والمرض .مامن شك في أن التمسك بالخطاب الثقافوي الملتبس بالدين سيقودنا اما الى الإنعزال وبالتالي تعميق الفجوة الحضارية ، او الخضوع لما يريده ورثة الخطاب الاستعماري في الغرب ، وهو خطاب ثقافوي أيضاً يسعى الى فرض خيارين لا ثالث لهما : خيار الانعرال او خيار الخضوع بحسب سمير أمين !! لعل المطلوب هو إحياء فكررواد التنوير وتطويره بعد إعادة قراءته بالنظر الى المتغيرات الهائلة التي حدثت في بنية الحضارة المعاصرة خلال القرنين الماضيين ، وتجاوزت بالضرورة محددات سؤال النهضة الذي طرحه رواد فكر التنوير في العالم العربي والإسلامي في القرن التاسع عشر ، لأن إحياء فكر رواد التنوير يؤهلنا لاكتشاف القيم الحضارية الحديثة ، وهي لا تتعارض بالضرورة مع القيم الإسلامية الصحيحة والأصيلة .. مع الأخذ بعين الإعتبار ان الحضارة الإسلامية أسهمت في صنع القيم الحديثة عبر سيرورة التحولات الحضارية . ولاريب في أن الثقافة السلفية البدوية التي ابتعدت عن جوهر الإسلام غير مؤهلة لاكتشافه داخل حضارة العصر ، ناهيك عن ان النزعة الماوضوية لهذه الثقافة كان لها دور كبير في وجود هذه الفجوة الحضارية، والحيلولة دون عبورها منذ طهورها في القرنين الخامس والسادس الهجريين ، اللذين يؤرخان لبداية تراجع الحضارة الإسلامية.. وعليه فان نقد هذه الثقافة يبدأ بإعادة الإعتبار للعقل الذي تعرض للعدوان والتغييب على يدها منذ حوالي تسعمائة عام !!وحين نعيد الإعتبار للعقل ورواده الأوائل، سيصبح بالإمكان التخلص من تأويل هذه الثقافة للإسلام ، وهو تأويل عاد بنا الى ثقافة الجاهلية وابتعد كثيراً عن الإسلام . ولابد أن يتكامل هذا النقد مع نقد آخر مواز لمظاهر الخلل في الحضارة المعاصرة ، وهو الخلل الذي يغذي الكثير من الإختلالات المسؤولة عن غياب التوازن في ميدان انتاج واستهلاك الحضارة ، وتهميش غالبية شعوب وبلدان الكرة الأرضية ، ووقوع أكثر من نصف البشرية تحت خط الفقر , وتصاعد نزعات الهيمنة والسيطرة التي تسعى الى تكريس التبعية السياسية والإقتصادية والثقافية في العلاقات بين الدول والشعوب والثقـافـات , وصولأً الى بروز ميول خطيرة تتجه نحو مصادرة التنوع الثقافي عبر فرض بعد واحد للسياسة الدولية والحضارة العالمية . وحتى لا نخطئ الطريق يتوجب القول بأننا لسنا وحدنا من يهمه هذا النقد، فهناك اوساط أكاديمية وإجتماعية ودينية من الغرب والشرق تشارك على حد سواء في نقد مظاهر الخلل الذي يشوه بعض جوانب الحضارة الحديثة ، ولذلك فإن نقدنا لهذه الحضارة يجب أن ينطلق من الإيمان بالقيم الإنسانبة المشتركة لمختلف الثقافات والأديان والأمم التي يوحدها مصير مشترك .. بمعنى أن يتكامل نقدنا للآخر مع النقد الذاتي الذي سبقتنا اليه قوى حية في الغرب أسهمت وماتزال تسهم في نشر مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان والسلام والمساواة والتسامح الديني والتضامن الإنساني ، وتصدت وما تزال تتصدى لنزعات السيطرة والهيمنة والإلغاء ، وتدعوا الى الحفاظ على البيئة وحماية الطبيعة وإعلاء القيم الإنسانية المشتركة . خلاصة القول ان نجاحنا في النقد الإيجابي لمظاهر الخلل في الحضارة العالمية السائدة يتوقف على مدى نجاحنا في تأسيس رؤية ثقافية منفتحة على الآخر ، ومحفزة للعقل بوصفه أداة للتفكير الموضوعي والبحث العلمي ، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تطوير فهمنا للعالم والتفاعل مع متغيراته وتجاوز رواسب الجمود والتعصب والإنغلاق وغيرها من الكوابح التي تكرس الإقامة الدائمة في الماضي ، وتحول دون الخروج من فجوة الانقطاع الحضاري ، وصولاً الى الانتقال من ثقافة الهوية الى ثقافة المشاركة ، وهو المدخل الوحيد لمشاركة الشعوب والأمم والثقافات المختلفة في حراك الحضارة الإنسانبة المعاصرة .الهوامش :1 - برهان غليون ــ " الدين والدولة " ــ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ــ بيروت 1991م .2- سيّار الجميل ـــ " العولمة والمستقبل : إستراتيجية تفكير " ــ الأهلية للنشر والتوزيع ــ الأردن ــ 2000م .3- برنارد لويس ــ " الغرب والشرق " ـ الجامعة الأميريكية ــ بيروت 1966م .4- مكسيم رودنسون ــ" تاريخ الشعوب الإسلامية " ــ دار العلم للملايين ـــ بيروت 1969م .5- إدجار أوبلانس ــ " اليمن : الثورة والحرب " ــ دار الرقي بيروت 1990م6 - د. موفق الحمداني ــ " الطباعة : من النهضة الى الحداثة " ــ دار دمشق 1971م . راجع أيضا المجلد الثاني من كتاب تاريخ آداب البلدان العربية لجورجي زيدان .7- د . محمد عابد الجابري ــ " نقد العقل السياسي العربي " ــ مركز دراسات الوحدة العربية ــ بيروت ــ 1990م.8- موفق الحمداني ــ مصدر سابق 9- د. محمد جابر الأنصاري ، " تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها " _ الطبعة الثانية _ 1998 10 - وردت هذه الأفكار في بيان الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى، وهي مستمدة من الأفكار التي تبناها الدكتور ايمن الظواهري في كتابه " الحصاد المر " ، وكتاب " الفريضة الغائبة " لمحمد عبدالسلام فرج وكتـــــــــــاب " المتوسّمات " وهو مخطوطة مصورة للمهندس شكري مصطفى زعيم جماعة التفكير والهجرة التي تـُحرّم استخدام المطبعة والتصوير الفوتوغرافي فيما تجيز فقط تصوير الوثائق المخطوطة . واللافت للنظر ان الشيخ عبدالله صعترالقيادي البارز في التجمع اليمني للإصلاح، تبنى هذه الأفكار في حملته الدعائية الانتخابية عبر المساجد، ودعا بوضوح الى هذه الأفكار المتطرفة في مقال نشرته صحيفــــــــة " العاصمة " التي يصدرها حزب " الإصلاح " ، وذلك في عددها رقم ( 35 ) الصادر في اول اكتوبر 2002م.11 - سيد قطب ، " معالم في الطريق " _ دار الشروق بيروت _ 1964م 12 - سيد قطب ، مصدر سابق .13 - انظر تحليل د. أحمد ماضي لكتاب " معالم في الطريق " ، المنشور في الكتاب الثامن من سلسلة " قضايا فكرية " ، الصادر في أكتوبر 1989م ، بعنوان »الإسلام السياسي : الأسس الفكرية والأهداف العملية " _ ص 24 _ القاهرة .14 - صحيفة " الحياة" _ الاثنين 28 أكتوبر 2002م 15- د. أحمد كمال أبو المجد، " حوار لا مواجهة " - دراسات حول الإسلام والعصر، " كتاب العربي" _ العدد السابع _ إبريل 1998م. 6116-- سيد قطب ، مصدر سابق 1717_ الغزالي ، " المنقذ من الضلال " _ طبعة اليونسكو 18_ الغزالي ، " جواهر القرآن " . 19 - د. حسين مؤنس ، مجلد " ندوة أزمة التطور الحضاري " ، بإسهام مجموعة من المفكرين _ جامعة الكويت -- 1970م 20-20- الشيخ طنطاوي جوهري، الجزء 25- ص 255 _ " الجواهر في تفسير القرآن " مطبعة البابي الحلبي _ القاهرة _ 1351 هجرية .21 - راجع كتاب هاملتن جب " الاتجاهات الحديثة في الإسلام "، مكتبة الحياة - بيروت 1966م ، وكتاب فلاديمير لوتسكي " تاريخ الاقطار العربية الحديثة " _ دار الفارابي _ بيروت 1971م، وكتاب آدم متيز " الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري " ، دار الكتاب العربي _ بيروت 1967م، وكتاب " برنارد لويس _ " ا لغرب والشرق " ، الجامعة الاميركية - بيروت 1966م .22- د. محمد جابر الانصاري _ مصدر سابق، وكذلك كتاب " المثقفون العرب والغرب : عصر النهضة 1879-1914 " _ للدكتور هشام شرابي _ دار النهار _ بيروت _ 1971- الترجمة العربية ) .23 - صحيفة ( الحياة )، العدد 14168-1يناير 2002م .24 - ابو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين _ مصدر سابق .25 - مصدر سابق _ الجزء الثاني ص 40026 - ( الحياة ، مصدر سابق .27 - ( الحياة ) ، مصدر سابق .28 - ( الحياة ) ، مصدر سابق .29 - صالح الورداني ، ( أزمة الحركة الإسلامية من الحنابلة الى طالبان ) ص 29-30 ، دار المحروسة _ القاهرة - 2002 م 30 - صحيفة ( الحياة ) ، 18سبتمبر 2002م .31 - د.سمير أمين , ( ثقافة العولمة ) _ دار الفكر _ دمشق 1999م .32 - لاحظ الدكتور اسحاق الحسيني في كتابه ( الإخوان المسلمون ) ، والأستاذ غازي التوبة في كتابه ( الفكر الإسلامي المعاصر ) ، ان حسن البنا وعبدالقادر عودة وسيد قطب الذين قضوا نحبهم إغتيالاً أو إعداماً ، كانو اكثر سلفية وتصلباً وميلاً للعنف، بينما مثلت المدرسة الإخوانية السورية ( مصطفى السباعي، محمد المبارك و معروف الدواليبي )، نهجاً منفتحاً ازاء الفكر الحديث . فقد شارك السباعي والمبارك في الإنتخابات البرلمانية في الخمسينات ، وتزعما " الجبهة الإسلامية الإشتراكية " في البرلمان السوري عام 1959م ، كما كتب المرشد العام للإخوان في سوريا كتابه الشهير " اشتراكية الإسلام " عام 1959م . اما المدرسة الأردنية فقد اتجهت في الخمسينات الى العنف بعد ضرب الإخوان المسلمين في مصر على اثر محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عام 1954م ، حيث أسس تقي الدين النبهاني حزب التحرير الإسلامي مشدداً على إقامة دولة الخلافة قبل أي إصلاح للأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية، فيما اتجهت جماعات اخرى خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين الى التكفير والعنف ، مثل الجماعة الإسلامية، جماعة الجهاد ، جماعة التكفير والهجرة ، الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، حماعة انصار الشريعة ، وجماعة " المهاجرون " ...الخ ، وفتحت هذه الجماعات الطريق واسعاً امام النزعات الجهادية المسلحة التي نشأت على تربة الجهاد الأفغاني حيث تزاوجت الأفكارالسلفية التقليدية والأفكار السلفية المتشددة مع أفكار الجهاد التكفيري ، وأنجبت في وقت لاحق الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى ، وذراعها العسكري المعروف بتنظيم " القاعدة " .33- راجع ايضاً كتاب العربي : " الإسلام والغرب " _ يوليو 2002م . 34- هشام شرابي ، مصدر سابق .