في ذكرى رحيل الشاعر إبراهيم ناجي
[c1]* شعره .. تأملات فلسفية[/c]إعداد/ أثمار هاشم ولد إبراهيم ناجي في 31 ديسمبر 1898م وبعضهم يعده من مواليد 1899م ولقد مالت نفس الشاعر للأدب وهو طفل صغير فكان لوالده تأثير كبير عليه كان يقص عليه وهو ضغير قصص تشالرز ديكنز الذي تأثر به كثيراً في روايات (أوليفر تويست) (وديفيد كوبر فيلد) إضافة إلى قصص العلماء والموهوبين الذين كان يقصهم عليه وفي سن الخامسة أدخل إلى المدرسة الإبتدائية التي قضاها بتفوق ملحوظ أنهاها عام 1911م ثم انتقاله إلى المدرسة الثانوية وتحديداً مدرسة التوفيقية بشيراً وخلال تلك الفترة كان إبراهيم ناجي يقرأ ما يقع بين يديه من مكتبة والده فأخذ يقرأ إلى جانب القصص الشعر فكان يقرأ لأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وفي سن الثالثة عشرة نظم أول قصيدة أسماها (كلانا) يقول فيها :كلانا عليل فلا تجز علي***ودمعك تسبقه أدمعيوإن كان بين ضلوعك نار***فنار الصبابة في أضلعيوإن كان نجم هنائك غاب***فنجم هنائي لم يطلع..في المرحلة الثانوية تطلع إبراهيم ناجي للدراسة الجامعية وكانت نزعته للأدب طاغية وكان يعد نفسه لمستقبل أدبي ولم تكن له أي فكرة من الناحية العلمية الرياضية وهنا تتدخل الأقدار في حياة شاعرنا لتلعب لعبتها وكان هذا القدر بهيئة معلم سوري ما أن رأى شاعرنا حتى توسم فيه خيراً وجعل يهتم به وإن كان هذا المعلم يبدو قاسياً بعض الشيء فيضرب ويشتم تلميذه إلا أنه كان طيب القلب يخفي طيبته بقناع من القسوة وقد قال إبراهيم ناجي عن هذا الأستاذ "لقد كان تأثير هذا المعلم في مستقبلي كبيراً، فقد عدلت عن الإلتحاق بالقسم الأدبي والتحقت بالقسم العلمي ولتقدمي وتفوقي دخلت كلية الطب".وبانتسابه إلى كلية الطب دخل عالماً جديداً يغاير عالمه الأدبي فقد مرت السنة الأولى بكثير من الصعوبة ولكنه في سنته الثانية بدأ يأنس جو الدروس وذلك لأنه كان يدرس الطب على طريقته الفنية فكان يبتدع الصور ويخترع من فنون الكتابة يعينه وزملاءه على الحفظ فكان كمن يزاول الطب على أنه فن ويكتب الأدب على أنه علم.عند تخرجه من كلية الطب سنة 1923م تم تعيينه طبيباً في الريف ولكنه لم يشأ أن يهجر منتديات القاهرة فأفتتح عيادة ونجح فيها ومع هذا ظل الأدب هوايته المفضلة فبدأ يمطر الصحف والمجلات بمقالاته وقصائده ومقطوعاته فإذا هي شيء جديد، شعر وجداني يحمل في طياته بذور نزعات إنسانية وتأملات فلسفية في طبيعة الحياة والكون فهو روح هائمة وقلب حساس يفيض بالشعور والألم.وقد سأله بعض الأدباء عن الشعراء الذين تأثر بهم إبراهيم ناجي فكان يجيب أنه تأثر بشاعرين فقط هما شكسبير الذي كان يرى فيه رجولة تبدو في كل بيت من قصائده فهو إنسان يتكلم عن الإنسانية بأجمعها ويشرح اقلق المستمر في أعماقها.تعرض إبراهيم ناجي للنقد فأطلق عليه العقاد لقب "شاعر الرقة العاطفية" ونسبه إلى مدرسة الشعراء الظرفاء أمثال ابن الأحنف وابن سهل، كما انتقده طه حسين نقداً قاسياً حين اعتبر أشعاره بأنها أشعار صالونات لا تحمل أن تخرج إلى الخلاء فيأخذها البرد من جو النهار ونتيجة هذا النقد قرر إبراهيم ناجي أن يهجر الشعر ولكنه مالبث أن عاد إلى الشعر والفن وعالم الأدب بعد أن هدأت ثائرته، فهو إلى كونه شاعراً أديباً متفتح الذهن ملماً واسعاً بالثقافة العالمية وبالأدب العالمي بصورة خاصة فقد كتب المقال والقصة وحاضر في مختلف الأندية وكتب أبحاث عدة في الأدب العربي الحديث على ضوء التغيرات التي هزت الضمير البشري بعد الحرب العالمية الثانية ومن هذه الأبحاث "مشكلات العصر الحديث" و "الشعر العربي الحديث" و "سيكولوجية الأدب" وكذلك أبحاث عن "حياة شكسبير" و " فولتير".تلقى إبراهيم ناجي دعوة لإلقاء محاضرة في "دار الكتب الوطنية" بمدينة حلب السورية في " الخواطر العالمية الحديثة في الأدب والاجتماع" وتحدد يوم 27 مارس 1953م موعداً لتلك المحاضرة ووزعت بطائق الدعوة على الجمهور الذي كان محتشداً مترقباً وصوله الى القاعة ووصلت الطائرة التي كان مقرراً ان تحمل شاعرنا ولكنه لم يكن فيها وبد ان يستمع الجمهور الذي كان ينتظر ابراهيم ناجي استمع إلى نبا وفاته.ترك ابراهيم ناجي عدداً من الدواوين منها " وراء الغمام" ،"ليالي القاهرة" كما جمعت بعد وفاته قصائده الواجدانية في ديوان "الطائر الجريح" كما ترك مجموعة من الكتب والرسائل المطبوعة منها " مدينة الأحلام" ،"في فن القصة" ،"ادركني يادكتور" وترجمة الجريمة والعقاب لديستوفسكي اما غير المطبوع فكان "اعلم الأسرة" ،"كيف نفهم الناس ،"رسالة الحياة" بجزئية قراءات احببتها "،"الحب والجنس" ،"ازهار الشر" ،"باعيات ناجي" ،" اهازيج شكسبير" اضافة الى عدد من الابحاث المنتشرة في الصحف.مختارات من شعر ابراهيم ناجي :-[c1]من قصيدة الوداع:[/c]حان حرماني فدعني ياحبيبيهذه الجنة ليست من نصيبيآه من دار يغم .. كلماجئتها اجتاز جسراً من لهيبوانا القك في ظل الصباوالشباب الغض والعمر القشيباتزل الربوة ضيفاً عابراًثم امضي عنك كالطير الغريب [c1]من قصيدة في ظلال الصمت: [/c]ها أنا عدت إلى حيث التقينا***في مكان رفرفت فيه السعادة وبه قد رفرف الصمت علينا***إن في صمت الحبيبين عبادة رب لحن قص في خاطرنا***قصة الساري الذي غنى سعادة وكأن الصمت منه واحة***هيأت من عشبها الرطب وسادة