مع الأحداث
يتحدث عنها البعض بازدراء فيقول”المرأة أعزك الله أو أجلك الله أو حاشاك..!” وهذا الازدراء اللفظي المبني على مكنون نفسي يحتقر المرأة ويعتبرها شيئا تأنفه النفس.الغريب أنه ربما نفس الشخص تراه بارا بوالدته ،رحيماً بطفلته الصغيرة،أما المرأة التي يفترض أن لا سلطة لها ولا قرار فلربما هي “الحاكم الخفي” بينما في الظاهر فإن الرجل هو المقرر والحاكم؛فكم نعرف امرأة هي أخت فاتها قطار الزواج أو زوجة أو أم لمجموعة من الذكور والإناث هي صاحبة القرار في شؤون الزواج وتربية وتعليم الأولاد وهي المتحكم الحقيقي بالمصادر المالية،ولكن في المظاهر الخارجية فإن هناك رجل أو رجال في صورة إدارة هذه الأمور الحياتية وغيرها،هل هذا متاح للمرأة الغربية؟وكم نسمع في بلادنا عن مكائد النساء التي قد يعجز عنها “إيان فليمنغ” مؤلف قصص جيمس بوند،وكم مشكلة عائلية أو اقتصادية أو سياسية لغزها كان امرأة تدبر الأمر في الخفاء؟!فكرة “المرأة المقموعة” في المجتمعات الإسلامية والعربية تستهوي البعض من مستويات ثقافية وإعلامية واجتماعية فيطلقون الكلام على عواهنه ،ولكن حق لنا أن نسأل هؤلاء عن النساء في المجتمعات الأخرى وكيف هي أحوالهن،وما هي معاييرهم في إطلاق الحكم الذي أصدروه على النساء؟معيارهم -عموما- هي المرأة الغربية وهم أيضا يعممون فأي امرأة غربية يقصدون الأمريكية أم الأوروبية ،وما يدخل أمريكا وأوربا من تفاصيل تتعلق بالجغرافيا والأحوال الاقتصادية والسياسية؛لنأخذ المرأة الإسرائيلية على اعتبار أنها تنتمي لكيان يعتبر بالمقياس الأمريكي والأوروبي ليبراليا ديموقراطيا ووضعه الاقتصادي ومعدل الدخل فيه أفضل من جيرانه؛فالمرأة هناك وهي شابة ملزمة بلبس الحذاء العسكري وحمل البندقية،ورغم أنها غير مكلفة بمهام قتالية مباشرة،إلا أنها قد تقف ساعات تحت الشمس على الحواجز،مع وجود مهمة أخرى غير معلنة وهي التسلية والترفيه عن الجنود الذكور،وهذا يذكرنا بعصور الفرسان في الماضي السحيق مع فارق أن جواريهم كانت لا تحمل السيوف،فيما المرأة العربية في سن الشابة الإسرائيلية يكدح “الذكر” سنوات ليشتري لها ذهبا بآلاف الدولارات ويستأجر أو يشتري لها مسكنا حتى تصبح في عصمته!ثم ما حال المرأة في مجتمعات أقرب إلى بلادنا من الغرب؟ما حال المرأة في الصين والهند؟وماذا عن أفريقيا ووضع المرأة فيها؟وإطلاق أحكام عمومية فيه كثير من الإجحاف فالمرأة في البلاد الإسلامية حالها ليس واحدا،وهناك فرق بين حال المرأة الإيرانية وأختها البنغالية ،وفي بلادنا العربية هناك المرأة الخليجية ،وهذه لها تفاصيل خاصة بكل بلد مثل السعودية والكويت وعمان،والمرأة المغاربية وهنا نجد التونسية والجزائرية وهناك المرأة المصرية والعراقية والفلسطينية والشامية،ولكل دولة تفاصيل اقتصادية واجتماعية تنعكس على وضع المرأة فمستوى التعليم والوضع الاقتصادي وعادات الريف والبادية والمدينة وما تفرزه من ظروف اجتماعية لها تأثيرها على الذكر والأنثى على حد سواء،وقد تتسبب الحروب والكوارث بمآس للمرأة مثلما هو حاصل في العراق وفلسطين.يقولون المرأة عندنا محرومة من المشاركة السياسية في مستويات عالية وينسون أن السيدة بنازير بوتو التي اغتيلت منذ مدة قصيرة أول رئيسة للوزراء في بلد إسلامي قبل عشرين عاما،فيما “قد” تكون “مسز هيلاري” أول سيدة للبيت الأبيض لأن كلهم سادة منذ جورج واشنطن وحتى جورج دبليو بوش،ثم إن المرأة ممثلة في البرلمان والمؤسسات العلمية والتربوية،والمشاركة والوصول لا تأتي بقرار من أعلى فقط لأنه غير كاف،بل نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية.ويقولون بأن القوانين غير منصفة للمرأة خاصة فيما يتعلق بسلب المرأة حقها في الحياة باسم “شرف العائلة” حيث يحكم القضاء حكما مخففا على من يرتكب هذه الجريمة في بعض بلداننا؛وهل تظنون أن العلة في القوانين فقط؟ليس صحيحا،فالعرب المقيمون داخل الخط الأخضر (عرب48) من مسلمين ودروز ومسيحيين رغم أن القانون الإسرائيلي الذي لا يعتبر شرف العائلة مبررا للقتل،منهم من يرتكب القتل بنفس الدافع غير آبه بأنه سيقضي ربما معظم أو ما تبقى من حياته في السجن،فالمسألة ثقافة وليست مدونات وقوانين.ماذا يعني هذا؟ هل المرأة عندنا في أفضل أحوالها ولا ينقصها شيء؟وتحسدها نساء نيويورك وتتمنى عيشتها سيدات بكين أما فتيات باريس ولندن فيحلمن باليوم الذي تصبح أحوالهن حال نساء العرب؟الأمر ليس كذلك ،فما زالت المرأة عندنا تعاني،ولكن معاناتها نابعة من معاناة الرجل الذي يعاني من ظروف سياسية واقتصادية صعبة،وتفسيرنا الخاطئ للدين؛فنقول بأن الإسلام أنصف المرأة،بالتأكيد،حتى أنه يوجد سورة قرآنية باسم “النساء” ولا توجد باسم “الرجال”،ولكن المسلمين-أو كثير منهم- ظلموا المرأة،فهم يقرءون القرآن ولا يطبقون ما جاء فيه فيحرمون المرأة من حقها في الميراث والله تعالى قال:-{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء7.أليس الأجدر أن ندافع عن فكرة توريث المرأة المستبعدة من عقول كثير من الناس خاصة في الأرياف؟والأنكى أن المرأة إذا لم تطالب بحقها فلن ينتزعه لها أحد ،فإذا ناقشت امرأة محرومة من الميراث فإنها تقول بأنها لا تريد شيئا وأن أهلها لا يتركونها محتاجة لشيء!وعن القتل على خلفية شرف العائلة فكثير من الحالات تجد المحرض أو حتى المنفذ امرأة،أي أن المرأة هي الضحية والقاضي والجلاد في نفس الوقت...فنحن محتاجون لتغيير ثقافة المرأة بأن ترى نفسها شريكة فاعلة،لأن الثقافة السائدة-مع الأسف- تحيل المرأة إلى مهيمنة وحاكمة متفردة سواء من الظل وبشكل سري ومقموعة في نفس الوقت ،أو عبر ضجيج يريد أن يجعل ما هو في الظل واقعا يقره القانون والمجتمع![c1] *موقع (العربية نت) الاليكتروني[/c]