سياحة
برغم أن لا أحد يعرف على وجه الدقة متى بدأت سياحة العلاج بالردم في الرمال الساخنة داخل واحة سيوة (600 كم غرب القاهرة)، إلا ان بعض الأدبيات ترجعها إلى عصور الفراعنة، كما يشير البعض إلى أن ملكة مصر الشهيرة كليوباترا كانت تلوذ بهذه الرمال كي تجدد طاقة الحياة في جسدها. يبدأ طقس برنامج الردم تحت وهج الشمس اللافحة بالحصول على شهادة من المستشفى المركزي بالواحة النائية لتحديد ما إذا كان المريض المطلوب دفن جسده حتى العنق غير مصاب بضغط الدم أو القلب أو غيرها من الأمراض التي تتعارض مع تجربة الردم القاسية. ويرد المسؤولون المحليون على أسئلة باحثين ومندهشين من قصة العلاج بالردم، إنها «عملية عشوائية غير مقننة.. لم نحصل على أي دراسات تفيد أهميتها لكن الناس يتجاوبون معها.. الغريب أن الكثير من الأجانب يخضعون أنفسهم لعملية الردم أيضا».ويستقبل مساعد المعالجين بالردم في واحة سيوة، المرضى الذين غالبا ما يكونون مجموعة تتراوح بين ثلاثة خمسة من الأصدقاء أو الأقارب القادمين من مكان بعيد، سواء من داخل مصر أو خارجها.. ويذهبون مع المريض لكي يعرض على الكشف الطبي بمستشفى الواحة.. فلا بد أن يتم التأكد من أنه خال من الأمراض التي لها علاقة بالدورة الدموية.. من الضروري ان يعطى ورقة من الطبيب تفيد بأنه لا يعاني من مشاكل يمكن أن تسبب له مضاعفات لو تعرض للردم والحرارة العالية».ويبدأ العلاج ظهر اليوم التالي للكشف الطبي، حيث يكون مساعدو المعالج، قد حفروا بالمعاول حفرة في الرمال المختلط لونها بالأصفر والأحمر، بحيث تكون الحفرة مناسبة لجسد المريض، ويكون المساعدون قد خصصوا له أيضا الخيمة التي سيُنقل إليها بعد كل «ردمة»، وأمْلَوُا عليه التعليمات التي تسبق يوم الردم، وأهمها: عدم تناول أي أطعمة أو مشروبات في الفترة التي تسبق دخوله الحفرة. وفي أيام الزحام، التي تكون عادة في صيف وخريف كل سنة، يتكاثر الحفر وسط رمال جبل الدكرور. فتترك الحفرة المخصصة للمريض من الصباح الباكر حتى الساعة الثانية ظهرا لتكون درجة الحرارة قد وصلت إلى أوجها، وسخَّنت الرمال إلى أقصى درجة، والتي تصل أحيانا إلى أكثر من 50 درجة مئوية. وبعد ذلك، يضعون المريض، بعد أن يخلع جميع ملابسه، داخل الحفرة، ويهيلون على جسده الرمال التي لا تحتمل من شدة لهيبها. يتحمل بعض المرضى المكوث في الحفرة عشرين دقيقة، وبعضهم لا يطيقها أكثر من ثلاث أو أربع دقائق. والنساء دائما هن الأقل احتمالا، ويتدخل المساعدون لإخراج المريض من حفرته قبل أن تتفاقم حالته، ويريحونه داخل الخيمة المعدة له سلفا، فوق الرمال الساخنة وتحت الشمس اللافحة أيضاً حيث يتم إحكام غلقها عليه، وتركه هناك لمدة حوالي ثلاث ساعات. ومن التعليمات الصارمة الحيلولة دون تعرض المريض لأي تيار هواء، أو تقديم أي سوائل باردة له.. أما الوجبة الرئيسية في مثل هذا اليوم القاسي فتكون بعد غروب الشمس، ويمكن للمريض عندها تناول حساء الخضراوات الدافئ ونصف دجاجة.. ويخلد للنوم العميق». واللافت أن المعالجين لا يتخذون من عملية الردم مهنة أساسية لهم، فالمهنة موسمية ومؤقتة، كما انه غير مصرح بها رسميا، على الرغم من أن تاريخ ممارستها فعليا في الواحة يرجع لمنتصف السبعينات من القرن الماضي.