أضواء
تقدم عضو مجلس الأمة الكويتي محمد هايف المطيري بسؤال إلى إدارة الفتوى في وزارة الأوقاف، حول مدى وجوب التزام المرأة المسلمة بالحجاب أثناء ممارستها لحقوقها السياسية، فما كان من تلك الإدارة إلا أن أجابت بضرورة التزام المرأة المسلمة بالحجاب الشرعي في كل مناحي الحياة العامة، ومنها ممارستها لحقها في الانتخاب والترشح. ولم يكن سؤال النائب محمد هايف المطيري دون قصد، ذلك أن هذا النائب يعرف مقدماً إجابة سؤاله، وهو أيضاً لم يكن غافلاً عن أحكام الشريعة الإسلامية في ما يخص الحجاب، والاجتهادات المختلفة حولها، فهو نائب سلفي قد مر على تلك المسألة وغيرها وهو يتدرج في سلم الجماعة التي ينتمي إليها، والتي تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في إطار اجتهاد خاص بها. إنما كان قصده سياسياً، وهو «إبطال» عضوية نائبتين من النائبات الكويتيات الأربع اللاتي فزن في الانتخابات السابقة، وهما الدكتورتان رولا دشتي وأسيل العوضي، بدعوى أنهما لم تلتزما بالضوابط الشرعية التي ينص عليها القانون رقم 17 لسنة 2005، وهو القانون الذي فتح الباب أمام المرأة الكويتية للمشاركة في الحياة النيابية. وحال صدور تلك الفتوى انقسم الشارع الكويتي بين مؤيد ومعارض، وتكاثرت المقالات الصحفية في الأربع عشرة صحيفة يومية التي تصدر في الكويت، وفي المجلات الأسبوعية، فضلاً عن الفضائيات «المحلية» التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتسلط الضوء عليها، خاصة آراء رموز وممثلي القوى السياسية المتضاربة! .المعارضون، وهم يمثلون القوى المستنيرة رأوا في عمل النائب سابقة لا يمكن السكوت عنها، إذ سحبت حق التشريع من «نواب الأمة» المنتخبين انتخاباً حراً وأعطته لـ «إدارة معينة». وَذكَّرت النائبة أسيل العوضي بأن «الكويت دولة مدنية يحكمها القانون ولا تحكمها الفتاوى الشرعية، حيث إن الأخيرة تحكم سلوكياتنا والتزاماتنا». وسارعت زميلتها النائبة رولا دشتي بتقديم اقتراح بقانون «بتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب بحيث تحذف عبارة الأحكام الشرعية». أما بالنسبة للتيار الديني فتلك فرصة كبيرة لفرض برنامجهم، لذا سارع نوابهم إلى الترحيب بتلك الخطوة واعتبروا الفتوى مقدمة «لتطبيق الشريعة»، بل تقدم أحد المحامين المنتمين للتيار (مبارك المطوع) بطلب فتح المرافعة للمحكمة الدستورية التي تنظر في قضايا عدة طعون انتخابية، والمقرر أن تصدر حكمها فيها في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ذلك أنها ـ على حد قوله ـ لها تأثير كبير ويعتبر مستنداً قاطعاً يوجب فتح باب المرافعة لتقديم تلك الفتوى!! وليس هذا هو الجدل الوحيد الحاصل في الكويت، بل ثمة قضيتان شغلتا الرأي العام في الأسبوع الأخير، أما أولاهما فتركزت حول الاعتداء على الناشط زايد الزيد، في حين كانت الأخرى حول تجدد الحديث عن وضع حل لمشكلة عديمي الجنسية المعروفين بالبدون. فقد تعرض الكاتب الصحفي وعضو «مظلة العمل الوطني» المعروفة اختصاراً ب «معك» ، إلى اعتداء غاشم من مجهول بـ «عجرة» (وهي خشبة تشبه المطاعة) عقب خروجه من ندوة خصصت للحديث عن «تقرير الشفافية الدولية»، بالذات ذلك الجزء المتعلق بدولة الكويت. ومن واقع التحقيقات التي أجرتها وزارة الداخلية وشكل الاعتداء، يمكن الاستنتاج أنها كانت عملية «شروع في القتل»، بقيت أسبابها مجهولة إلى الآن، بيد أن الزيد كما ذكر لوسائل الإعلام ومنها فضائية «العربية»، قال إنها بسبب مقالاته ونشاطاته ضد الفساد والرشوة التي باتت حديث الناس في الكويت، وأن ما تعرض له هو كما تعرض له النائب السابق والأمين العام للمنبر الديمقراطي عبدالله النيباري، وقبله النائب حمد الجوعان، وكلاهما آثار الاعتداء واضحة عليه، وكلاهما كانا من المتحدثين كثيراً عن الفساد الإداري وسرقة المال العام! أما الحديث حول وضع حد لمشكلة البدون فهو حديث متكرر، بيد أن الجديد فيه مطالبة 26 نائباً في البرلمان الكويتي بأن تخصص جلسة كاملة للنظر فيها في العاشر من ديسمبر المقبل، ولمناقشة تصورات الحكومة لحلها. وفي نفس الوقت، رفضت اللجنة التشريعية في مجلس الأمة تجنيس ألفين من البدون، كما «يجيز» قانون الجنسية ذلك، على اعتبار أن عملية التجنيس مسألة سيادية لا يمكن إلزام الحكومة بها. وقد سارعت الحكومة بطرح تصوراتها لحل تلك القضية، والمتمثلة بتجنيس من تنطبق عليهم الشروط الواردة في القانون، وعلى رأسها شمولهم بإحصاء العام 1965، فضلاً عن أولئك الذين خدموا في القوات المسلحة الكويتية وساهموا في تحرير الكويت، أو شاركوا في معارك الأمة العربية في حربي 1967 و1973. أما الباقون، فيعطون حقوقهم المدنية وتمنح لهم فترة خمس سنوات لإظهار جنسياتهم الأصلية. ويعتقد أن من تنطبق عليهم شروط التجنيس لا يتجاوز عددهم 35 ألفاً من مجموع 95 ألفاً هم إجمالي هذه الفئة، علماً بأن التجنيس لو تم فإنه لن يتجاوز الألفي حالة سنويا ـ كما ينص القانون ـ ومعنى ذلك بقاء المشكلة دون حل حاسم لمدة طويلة. عن/ صحيفة «البيان» الإماراتية