على أمل صنع السلام وتجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية
واشنطن / 14 أكتوبر / من جوناثان رايت :انتظرت الحكومات العربية أسابيع قبل الموافقة على حضور مؤتمر السلام في الشرق الوسط الذي تنظمه الولايات المتحدة في ولاية ماريلاند الأمريكية هذا الأسبوع. ولكنهم قرروا أنه على الرغم مما يرون أنه التزام من جانب واشنطن تجاه إسرائيل والتآكل التدريجي لنفوذها على مستوى العالم فإن الولايات المتحدة تمثل الوساطة الوحيدة التي من المحتمل ولو بشكل ضئيل أن تحدث فارقا. كما أنهم تقبلوا مناشدات عاجلة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي كان يخشى أنه في حالة تغيب الدول العربية الأخرى عن أنابوليس فإن إسرائيل والولايات المتحدة لن تمنحه شيئا يعود به. كما فكر بعض الزعماء في علاقاتهم الوثيقة مع واشنطن وخلصوا إلى أن إغضاب شعوبهم أكثر أمنا من إغضاب الرئيس الأمريكي جورج بوش. ويقول معلقون عرب إن الهدف الرئيسي لمؤتمر أنابوليس هو تحسين صورة إدارة بوش وتهدئة الحكومات العربية المحافظة التي انتقدتها لعدم بذل أي جهود في السلام بالشرق الأوسط. وهم يشيرون إلى ان فكرة المؤتمر بدأت كوسيلة لتعزيز صورة عباس في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي هزمت قوات عباس في غزة وسيطرت على القطاع. كما أكدت إسرائيل والولايات المتحدة على أهمية إشراك الحكومات العربية التي لا تربطها أي علاقة بإسرائيل مما أثار شكوكا في أن يكون الهدف الحقيقي هو تشجيع "التطبيع" مع عدم تقديم أي شيء في المقابل. ولكن محللين مقربين إلى الحكومات العربية يقولون إن مسئولين عربا يعتقدون أن لديهم تطمينات كافية من الولايات المتحدة وإسرائيل لجعل مشاركتهم تستحق العناء. وقال جهاد الخازن وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة الحياة التي تصدر في لندن "قطع الأمريكيون شوطا طويلا في تحقيق بعض المطالب ووضع جدول زمني لتنفيذ أي اتفاق. لقد مارس الأمريكيون بالفعل الكثير من الضغوط." وقال عز الدين شكري مدير مشروع السلام العربي الإسرائيلي في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إن السعوديين ترقبوا طويلا للحصول على أدلة على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي جاد فيما يتعلق بصنع السلام وأنه مستعد لتجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقال "حصلوا على تأكيد على أن أولمرت سيلزم نفسه في أنابوليس بتنفيذ واجبات إسرائيل بموجب خارطة الطريق بما في ذلك تجميد بناء المستوطنات." وكرر أولمرت علانية وعد بعدم بناء مستوطنات جديدة ولكنه لم يتخذ خطوات إضافية لتجميد العمل التوسعي في المستوطنات الحالية. وقالت سوريا في الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة وافقت على تحقيق مطلبها الرئيسي لحضور الاجتماع وهو إدراج قضية هضبة الجولان في جدول أعمال المؤتمر الذي سيتناول بشكل أساسي الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأعلنت دمشق رسميا قبولها للدعوة بعد حصولها من السفارة الأمريكية في دمشق على نسخة من جدول الأعمال متضمنا مناقشة لقضية هضبة الجولان. ويقول منتقدون للولايات المتحدة وللحكومات العربية المحافظة إن لديهم شكوكا تجاه قيمة التأكيدات التي تقول الحكومات إنها حصلت عليها. وقال محمد السيد سعيد وهو خبير في العلوم السياسية وهو رئيس تحرير صحيفة البديل اليسارية إن مصر ستشارك فقط بسبب علاقاتها مع واشنطن. وأضاف "هذا القرار جاء نتيجة الولاء التام (من الرئيس حسني مبارك) للولايات المتحدة...إنه يبعث برسالة عن أنه ما زال حليفا خاصا وأن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن التضييق عليه في القضايا الداخلية." ولكن شكري قال إن المملكة العربية السعودية أظهرت في وقت سابق هذا العام أن بإمكانها تحدي إرادة الولايات المتحدة عندما توسطت في اتفاق مكة بين عباس وحماس لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية. ومضى شكري يقول "إنها إدارة أمريكية فشلت في العراق وفشلت في سياستها مع سوريا وفشلت في سياستها مع حماس. ليس لديها ثقل يذكر وليس لديها مصداقية تذكر.. ويمكن للأطراف المحلية أن تتجاهلها." واتفق أحمد ماهر وهو وزير الخارجية المصري السابق مع هذا الرأي قائلا "لا أعتقد أن الغرض هو إرضاء الولايات المتحدة فحسب. ربما يكون هذا أحد الاعتبارات ولكن الاعتبار الرئيسي هو طرق أي سبيل حتى وإن كان مشكوكا فيه قد يؤدي إلى المزيد من التقدم. ليس هناك الكثير من الخيارات المطروحة." ومضى يقول "قرروا الذهاب لأن استغلال أي فرصة أمر طيب في بعض الأحيان." وقال محللون إن الحكومات العربية التي لا تربطها علاقات بإسرائيل ستكون حذرة تجاه أي محاولة إسرائيلية لتحويل مؤتمر أنابوليس إلى منبر لجعله سابقة للاتصال بإسرائيل. إلى ذلك وصل القادة الفلسطينيون والإسرائيليون إلى واشنطن أمس الأحد قبل يومين من مؤتمر يعقد في أنابوليس يأمل الطرفان أن يؤدي لبدء محادثات السلام الرامية لإنهاء 60 عاما من الصراع وإقامة دولة فلسطينية. وسينضم لاجتماع الثلاثاء الذي يضم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت كثير من الوزراء العرب. ويهدف المؤتمر للاتفاق على استئناف المفاوضات بشأن السلام الفلسطيني مع إسرائيل. وتأتي المحادثات بعد سبعة أعوام من انهيار قمة كامب ديفيد التي استضافها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. وقال نبيل أبو ردينة معاون عباس بعد وصول الزعيم الفلسطيني إنهم يعتبرون مؤتمر أنابوليس نقطة انطلاق لمفاوضات الوضع النهائي التي ستؤدي إلى تحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولة عاصمتها القدس. وقال أولمرت قبل إقلاع طائرته التي هبطت في واشنطن أمس للصحفيين إنه يأمل أن يؤدي اجتماع أنابوليس لبدء مفاوضات جادة حول " كل القضايا الجوهرية التي ستؤدي إلى قيام دولتين لشعبين."