بينما كانت السيارة تمرق بنا في شوارع صنعاء كان هو معنا.. الزمان بداية تسعينيات القرن الماضي.. الرفاق يعرفونني به كرئيس تحرير صحيفة “الوحدة” .. قلت لهم إذن أعرفه.. الحبيشي.. كان ذلك أول لقاء يجمعني بشخص الأخ أحمد محمد الحبيشي.. سبق له أن رأس تحرير صحيفة (14 أكتوبر) .. كما هو اليوم، وقد عاد إليها بعد فترة انقطاع دامت بضع سنين!ما كان الحبيشي ليستأثر بحيز في ذاكرتي فما كنت أعرف عنه ما يستثيرني.. حتى غدا رئيس تحرير صحيفة (22 مايو) بعد انتقاله من صحيفة (الوحدة).. ما أحدثه الرجل من تغيير في صحيفة (22 مايو) كان أشبه ما يكون بالسحر.. شكلا وموضوعا وإخراجا.. تبدل وجه الصحيفة وتبدلت صفحاتها .. الوجه العبوس تبسم.. والصفحات الكئيبة تصافح العيون بفرحة وشوق ولهفة!.هنا استثارني الرجل.. فوراء الأكمة إذن ما وراءها.. أنا إذن إزاء رجل تجاوز صاحب الحرفة إلى صاحب موهبة.. ومع ذلك تشاء المفارقات العجيبة أن لا يطول بقاؤه في الصحيفة و(خليك في البيت).. ولكن الأثر الذي تركه في صحيفة (22 مايو) كان قد استقر في الأذهان لا تخطئه عين ولا تمحوه أو تشوهه ظنون.. لذا لم يجد مفرا من قبول الدعوة والطلب اللحوح بالعودة، ولكن إلى حبه الأول في صحيفة (14 أكتوبر).. وجاءت عودته أشبه بمن يلقي للصحيفة التي كانت تلفظ آخر أنفاسها بطوق نجاة!حين علمت بعودته إلى (14 أكتوبر) استشعرت ما ينتظر الصحيفة من تغيير.. وحدث ما كنت على يقين من حدوثه.. وعند زيارتي المفاجئة له في مكتبه في الصحيفة قبل أيام سرعان ما استعدنا ذكرى اللقاء الأول الذي لم يتكرر.. ثمّ بادرته بعبارة إخواننا المصريين الشهيرة (يا راجل دانته خليت من الفسيخ شربات)! حدثني الرجل عن ركام السنين الذي هد كيان الصحيفة.. حدثني عن إصراره على انتشالها من وهدة الموت إلى ضجيج الحياة.. ومن سكون القبر إلى صخب الدنيا.. وعزمه على أن يجعلها تخلع ثوبها الأسود فيشتري لها ثوبا قشيبا بألوان الطيف السبعة!ثم أطلعني على موقع الصحيفة الذي جعله لها على (الإنترنت)، وهو على مستوى عالٍ من الدقة والكمال وسهولة الدخول والخروج منه بالمطلوب الإطلاع عليه وفي الساعات الأولى من صباح يوم صدور العدد.. وهذا ما تفتقده صحف أخرى يتأخر ظهورها على مواقعها.. وهذا أيضا ما شهدت به الأخت وداد البرغوثي حيث قالت إنها تتصفح (14 أكتوبر) يوميا من رام الله على (الانترنت) قبل أي صحيفة عربية أخرى!ولكن.. ومع ذلك ليسمح لي الرجل الذي يستحق بجدارة أن نطلق عليه لقب (الرجل ذو العصا السحرية) بملاحظة عابرة تتعلق بحجم الصحيفة.. الصحف عموما اتجهت بحكم التطور والذوق السائد إلى الحجم الأصغر.. سواء على مستوى الجرائد أو المجلات “عربية وأجنبية”.. الحجم الصغير والمقتطف من الموضوعات منذ ظهور (الترانز ستور) هو ما يتناسب مع تكنولوجيا العصر.. عصر الخفة والسرعة والتيك أواي! (TAKE AWAY).الزمن لا يحتمل والمهام تتزاحم والهموم أيضا.. ورب سندوتش (همبرجر) يغني عن وليمة (زربيان) وفتة فيها لحمة.. مطلوب من كل بستان زهرة.. مطلوب خفة ورشاقة.. ذلك أجمل.. لم يعد (البقاء للأصلح).. تغيرت النظرية..أصبحت (البقاء للأجمل).. مش كده برضه!؟* 14 أكتوبر العدد : (13308) - التاريخ : 9 فبراير 2006م.[c1]المحرر : [/c]زار الصحفي الكبير الأستاذ فريد صحبي بعد ظهر يوم أمس مقر الصحيفة للتهنئة بوصول المطبعة الصحفية الحديثة متعددة الألوان والوحدات، وذهب بنفسه حاملاً معه أوجاع وأحلام سبعين عاما من عمره إلى موقع هنجر المطبعة الصحفية الجديدة، وشاهد ما يجري في ذلك الموقع من عمل دؤوب لاستكمال بناء الهنجر وفق التصاميم الهندسية والمعمارية التي أعدتها الشركة المصنعة لآلة الطباعة الصحفية الجديدة التي ستتيح - ولأول مرة في تاريخ مدينة عدن - طباعة صحيفة يومية بالحجم الكبير وألوان متعددة، وصفحات عديدة لا تقل عن 24 صفحة، وملاحق وملفات صحفية ملونة وسريعة، بالإضافة إلى إمكانية طباعة عشرات الصحف والمجلات الحزبية والأهلية بالحجم النصفي بالألوان وبسرعة قياسية وبصفحات تصل إلى 64 صفحة بالنسبة للصحف النصفية، وضعفها بالنسبة للمجلات بدون مداخلة يدوية. وكان الموقف مؤثرا جدا عندما انهمرت من عيني الأستاذ فريد صحبي دموع الفرح بهذا الإنجاز الذي يحتفي به الوسط الإعلامي في مدينة عدن العريقة.في هذه الزيارة أحضر الزميل الكبير نسخة من العدد رقم (13308) من صحيفة (14 أكتوبر) الصادرة يوم الخميس (9 فبراير 2006م) والذي كتب فيه مقالاً عن الصحيفة، أشار فيه إلى أن رئيس التحرير أخبره حينها بعزمه على تخليص الصحيفة من لونها الأسود الحزين، وإلباسها ثوبا قشيبا بألوان الطيف السبعة.واليوم.. وبعد نجاح المؤسسة في تطوير وتحديث البنية التحتية لمرحلة ما قبل الطباعة، وتجهيزها بأحدث المعدات والأجهزة والنظم والشبكات والبرامج الرقمية، وصولا إلى الاستعداد لتركيب وتشغيل المطبعة الصحفية الجديدة بكل وحداتها ومكوناتها الحديثة، يكون الحلم قد تحول إلى حقيقة والوعد إلى إنجاز على أرض الواقع، بفضل الله أولاً، وبفضل اهتمام وتوجيهات فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الذي يحرص على أن تعم خيرات الوحدة هذه المدينة الباسلة، بالإضافة إلى جهود المخلصين من أبناء وبنات هذه المؤسسة الإعلامية الكبيرة التي تعتبر أحد معالم مدينة عدن.وتلبية لطلب الأستاذ فريد صحبي تعيد صحيفة 14 أكتوبر نشر مقاله كاملاً تعبيرا عن رغبته للإسهام مجددًا في الدفاع عن هذه الصحيفة التي تتعرض لحملات حاقدة من بعض الفاشلين الذين يزعجهم وجود أي عمل ناجح، ولا يرغبون في وجود أي مظهر للتطور والإنجاز في ظل الوحدة المباركة .
أخبار متعلقة