بناء شعر الغزل العامي
د. احمد سعيد عبيدون[c1]الاسماء ووظائفها الدلالية:[/c]الحقيقة ان الاسم لايدل سوى على القصيدة لانه ليس سوى كلمة لابد ان تلتئم مع بقية كلمات القصيدة حتى لو كان له معادل حقيقي في الواقع ! لان شعريته تتبع من تناسق ترتيبه ونظم دلالته مع بقية كلمات البيت او القصيدة، لا من انطباقه على حقيقة واقعية او عدم انطباقه، وفي هذا يقول صاحب العمدة: " للشعراء اسماء تخف على ألسنتهم وتحلو في أفواههم فهم كثيراً مايأتون بها زورا نحو ليلى وهند وسلمى .." المدة (2/122،121)، فالمهم ليس صدق الاسم على مسمى واقعي وانما صدقة على مسمى فني يصب في جمالية القصيدة وحسن صياغتها وشرطه كما جاء في النص: الخفة على اللسان والحلاوة في الافواه ، ويمكن ان نفسر كلمة ( زورا) الواردة في نص ابن رشيق بـ( التخييل والتفنن) الذي يضاد الحقيقة الواقعية ولذلك نجد مالكا بن زغبة الباهلي يصرح بان (سلمى) ليس سوى وسيلة فنية لاقامة صدور قوافي الشعر:[c1]وماكان طبي حبها غير انه يقام بسلمى للقوافي صدورها [/c]ويعلق التبريزي على بيت لابي تمام بقوله :" وقد يحتمل ان يفعل الشاعر اسماء لغير موجودين فيستعين بها في القافية وحشو البيت.. فيحتمل ان تكون هذه اسماء نساء موجودات " ولايمتنع ان يكن في العدم لان الشعر بني على ذلك". 1/311،312، اذن وجود الاسم شرط لبناء شعر الغزل اما كونه حقيقيا او غير حقيقي فليس ذاك بشرط ويصبح الاسم في النهاية علامة على المحبوب ايا كان ينطبق على حاجة كل من يقرا البيت ايا كانت كما قال جرير: [c1] اجد رحيل القوم بل لات روحوا نعم كل يعنى بجمل مبرح[/c]ولو القينا نظرة فاحصة على الاسماء التي وردت في الديوان لوجدنا انها وردت كلها على الكنايات والصفات كما انها وردت في لحظة وظيفية تتناسب فيها الكناية او الصفة فنياً مع موضوع القصيدة من جهة ومع درجة الابتعاد او الاقتراب بين قطبي الغزل: (المحب)،(والمحبوب) من جهة اخرى ويمكن تقسيمها بشكل اولى كالآتي:1)الفاظ الحب والمحبة: مثلياحبيبي/ يا احباب/ يا حبوب/ حبيبي / محبوبي/ يا الحبيب/ ياحبي/ ياحبائب/ وفيها تكون المسافة بين المحب والمحبوب-غالباً-متجهة نحو القرب فهناك وصل وعدم نسيان مثال:[c1] بعدك انا بعدك حبيبي من حب ماينسى حبيبةيرتاح بالي في وصل غالي بالفن والحسن موهوب[/c]2)الفاظ الجمال والفتنة : مثليالغالي الزين/ يازين المحيا/ يالزين ياعيوني/ يانور عيني/ فتان/ يا بو العيون السود/ ياحلو يا فاتن/ ياسيد الحسان/ يافاتني يازين/ ياحسين المحيا/ يا زين الفنون/ ياكامل الزين/ فائق الحسن المختم.وفيها ايضاً- غالباً – درجة من القرب بين المحب والمحبوب تكثر فيها الفاظ الثناء والوصف لجمال المحبوب كقوله:[c1]فائق الحسن المختم قال صفني وصف مشمولقلت في الزين المتمم كيف بس با اوصف وبا قول ورد في خده تبسمو والقوام الحلو معدولوالعذوبة ان تكلم حلو ومنغم ومعسول[/c]ج)الفاظ النور والكمال: مثليا ذا الهلالي/يابدر ساري/ بدر/ القمر/ياوافي الكيل/.وفيها تواصل ونور يمتد من المحبوب على المحب ينعم به مثل:[c1]يابدر ياساري نورك تغلغل داخل اسواري واحلوت أسماوي بك ياضياء السمار[/c]د)الفاظ الحيوان:مثلياوعل /ياخيل ياجامح/يارشا/ ياريم ارض البوادي/ غزالي/ يافرس عربي ملجم/ يا الخيل يا الادهم.وفيها يبدأ الانفصال يتعمق وذلك لعزة صيد الوعل والريم والغزال، وصعوبة قياد الفرس والخيل وفيها يظهر الفراق والجفاء وتقطع حبال العلاقة مثل:[c1]ياوعل حيد النشم جابوك بالمبهم الشامي من فوق دقم القرينحبلك تقطع ورم بالنار يرميك كل رامي واصبحت مابين بينطمعت وتزوم زم شليت زامك مع زامي وعملت كل فعل شينجحدت كل النعم ولا انت امي ولا عامي ذلا مسرب زوين[/c]وربما عبر ( الخيل) عن معنيين مختلفين من (الوصل) و الفصل) اعتبار للوصف الذي يجيء بعده فالخيل يكون (جامحاً) وحشياً ،كما يكون (مروضا) مأنوساً.ففي لحظة (انفصال) نرى( الخيل الجامح) قليل الاعتبار يعامل بشيء من اللوم والعتب ، ويوصم بقلة العقل في قوله:ماطعت قط تعتبر ياخيل ياجامح عادك مكانك غشيمتطول الخط تمر رأس الرجا الصالح وتقول هذا السليمشي عاد باتعقل باتقول يا لوماهوفي لحظة ( الاتصال) نرى الخيل ( الفرس) مروضا مسيطراً عليه وهو ( الخيل العربي الملجم) وكلمة ( الملجم) اشارة الى الطاعة والانقياد كما نرى في قوله:[c1]يافرس عربي ملجم معتدل في العرض والطولشف محبك فيك مغرم فيك متولع على طول[/c]هـ)الفاظ الشجر والثمر:مثلياعلب المجاني/ انت فلة وزهرة/غصن داني. وفي هذه الالفاظ زيادة على الانفصال توجه نحو الاعتداء على العلب او الغصن كما نقرأ:[c1]ناشرك ياعلب المجاني والدوم كله والجني[/c]و)الفاظ اعتيادية:واعني بها ان العلاقة بين الطرفين لاتقوم على المحبة وانما تحدر الى درجة (مجرد الاشتراك في الآدمية) مثل (الخل) البني آدم) وبذلك يغدو المحبوب انساناً عادياً قد هبط من مرتبة المحبة الى مرتبة يتساوى فيها جميع الناس بالنسبة الى المحب: وفيها النسيان والجفا والتقلب في المشاعر والحسد: كقوله:[c1]الفلك دوار بين الصبح والممسى يكشف المعدن حديده يبان من ماسهوالبني ادم بطبعة دائماً ينسي كل شي الا الجفا والصد من ناسه والجفا يقتل اذا جا من اعز الناس[/c]التقلب في المشاعر منه ما اقسى يوصل الانسان في حرزه ومقياسه ينقل المركب الى الغبة من المرسى كم وكم ربان شل العقل من راسهرب سلم لايصل فاس الحسد للراسز)الفاظ (الضمائر):وفيها تخلو القصيدة من الاسماء والكنايات والصفات ولكن يكون مباشرة بضمير الخطاب او الغيبة للمفرد او للجمع ... لنأخذ مثالاً ضمير المخاطب انت.أ)في لحظة وصل :قوله:[c1]انت بهجتي في الدنيا وسلوة فؤادي[/c]ب)في لحظة فصل: قوله:ليش تقصد وترمي تخلف جميع المواعيد وتقول لي امر عادي احرقت قلبي ودمي ياما بلاوي وتعقيد ماكان هذااعتقادي.[/c]ي)واخيراً الفاظ الهجاء والتعنيف: مثليالمستخف بالناس/ يالذيب ياناسي المعروف/ يالخائن الغدار/ كذاب .مثل:[c1]يالمستخف بالناس تبرع وتقول جنبيتي مسنونه[/c]ويحق لي نقطع ونمنع كل شي بغى ترتيب لي يبغي الضحك يلقي له اسنون[c1]وقتك عبر يالذيب لصمع ماليوم شفها لرض مسكونه[/c]وانته في الضيعة مضيع احسن لك الا يوم تتمسكن وتشبع نوم وسكونومثل:[c1]يالخائن الغدار حتى تعض اصبعك دم معاد ينفعك الندم ولملمة لعذار يالخائن الغدارتغالط الامة وتظهر بالبراءة والسكون [/c][c1] تكذب على نفسك تظن الناس مابايعرفونلما متى باتكتفي ومن البلا باتشتفي يهوين يوم اسمك طلع في نشرة الاخبار[/c]هذا تقسيم اولي للتوضيح ولاشك ان هناك درجات اكثر دقة تحتاج الى مزيد تامل وربما صور اخرى اوضح واكثر طرافة عند شعراء اخرين يمكن دراستها في مناسبة اخرى.*الاشعار الواردة في البحث مأخوذه من ديوان الشاعر عمر باعباد-دندنات وجدانية.. من اصدار وزارة الثقافة الجمهورية اليمنية 2004م.