مع الأحداث
أرض ثمارها من ذهب تلك هي أفريقيا قارة المتناقضات العجيبة .. أرض الأوبئة والحروب مهد البشرية الأول موطن الحضارات العريقة والبراري الواسعة مجاهيل الأساطير والخرافات والتمائم مراعي قطعان الماشية والفيلة والنمور وغابات المطر والصنوبر مستنقعات البعوض ومدن وأرياف تلك الأجساد الضامرة والسحنات السمراء والكمدة جراء معاناة لا تنتهي فصولها وآلام وأحزان لا حدود لها كما لا نهاية لمكنونات أرض الاحلام الافريقية التي تمد العالم بمخزونها الضخم من اليورانيوم والنحاس والمعادن الثمينة وسط كل هذه الصور المتناقضة تطل أفريقيا برأسها كمنقذة لأزمات العالم في أحيان كثيرةومن هذا الجزء الأفريقي مترامي المساحة أعني السودان الشقيقة ربما تأتي نجدتنا نحن العرب بعد إن داهمتنا صروف الدهر بواحدة من عوامل الاستقرار أعني الغذاء أوالحبوب فبعد عقود من الأمان والطمأنينة وعقود الاستيراد المهول لغذائنا من الخارج يفاجئنا العالم برفع أسعار الحبوب بصورة لم تكن في الحسبان مسقطاً ما كان لنا من طمأنينة زائفة.وسط ما أصابنا من هلع لم نجد بداً من الالتفات إلى هذا الجزء من جوارنا الجغرافي أعني السودان الذي قيل عنه ذات يوم إنه يمثل سلة غذاء العرب بحكم توافر عوامل كثيرة لزراعة الحبوب والفاكهة على أرضه الشاسعة ومساحاته الجغرافية التي لم يستغل بعد 64 مليون كيلومتر مربع من الأرض ناهيك عن إمكانية مضاعفة الرقم إذا ما بدأت ثورة زراعية واسعة على ربوع السودان الشقيقة فهذا الجزء من الأرض الصالح للزراعة بحسب رأي الخبراء توازي المساحة التي يتم زراعتها في الوطن العربي بصورة عامة.فهل تؤمن السودان غذاء أشقائها العرب .. لاشك أن لديها مقومات جذب استثمارات واسعة في هذا المجال خصوصاً والاتجاهات المصرية السعودية قد عقدت العزم على سد احتياجات العرب من أرض السودان بتوجيه استثمارات ضخمة في هذا المجال ولاشك في أن مشروعاً كهذا يؤتي أكله على المدى القريب خصوصاً وهناك رساميل مصرية سعودية قادرة على إحداث طفرة مفاجئة في وضع هذا البلد الذي يعاني بقسوة من آلام كثيرة ومشاكل جمة أخرت عامل تنميته والاستفادة من قدراته التي لاحدود لها ومما لاشك فيه إن استقرار دول الجوار الأفريقي مبعث طمأنينة لكافة أشقائهم العرب فالصومال مثلاً يمتلك مقومات مد الوطن العربي بالماشية واللحوم بكافة أنواعها بالإضافة لبعض منتجاته من الخضار والفاكهة مثل الموز الذي يزرع بكثرة على أرض الأشقاء الصومال إلا أن عوامل عدم استقرار الصومال هي المعضلة فتشظي هذا البلد الجار يجعلنا ندفع فاتورة ذلك باستمرار. ومن المؤسف حقاً أن لاتلتفت البلدان العربية إلى جوارها الأفريقي كأهم مصدر للغذاء وتستمر في استيراد ما نحتاجه من بلدان تمارس معنا طرق شد وجذب ورفع الأسعار بصورة منهكة .. فهل يكون السودان فاتحة شهية العرب لأفريقيا؟ .