إعداد/ جلال أحمد سعيدرحل عن دنيانا الفانية المرحوم بإذن الله احمد محمد قائد الشرماني -الأمين العام للتنظيم الشعبي التقدمي- الذي توفاه الله يوم الأحد 9/12/2007م الموافق 30 ذي القعدة 1428هـ في العاصمة صنعاء اثر مرض عضال بعد ان قضى عمره مناضلا في خدمة القضايا الوطنية بهمة لاتكل .. وفيما يلي ننشر السيرة الذاتية للفقيد .-ولد الفقيد في قرية (الرميدي-مديرية مأوية في محافظة تعز).-ترعرع في هذه القرية ودرس فيها القرآن وعلوم الفقه والنحو ومبادئ علم الرياضيات وقهر بذكائه الفطري العالي والمتميز استوعب هذه العلوم خلال فترة قياسية قصيرة جداً.-انتقل الى عدن في مطلع الأربعينات من القرن الماضي وعمل كمشغل طاحونة طعام مع محمد سالم العلبي والحرسي في منطقة الشيخ عثمان.-خلال الفترة من 1945-1963 عاش الفقيد عصامياً في حياته وطور نفسه ثقافياً وعلمياً بشكل لافت وملحوظ وكان مثالا للمثقف الشامل في مختلف جوانب الحياة وخلال هذه الفترة ذاتها كانت له إسهامات متواضعة في تنمية الحركة الرياضية في منطقة الشيخ عثمان وتحديداً في نادي الجمهور الثقافي الرياضي في حارة الهاشمي حيث كن الفقيد من محبي الرياضة ومن ابرز مثقفيها والمخلصين لها.-ومع انطلاقة ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م في الشطر الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني تفاعل معها الفقيد بنفس الدرجة والحماس كتفاعله الجاد مع ثورة 26 سبتمبر 1962م ضد الحكم الأمامي الكهنوتي في شمال الوطن حيث ساهم في عملية النضال ضد المستعمر الانجليزي وركائزه بالوسائل المختلفة مع جميع المناضلين في الساحة الوطنية وكان الفقيد يتميز بحب وتقدير كل من عاش معه أو رافقه في عمل نضالي أو اجتماعي وكانت علاقاته حميمة مع مختلف الفصائل الكفاحية المسلحة في الساحة الوطنية.وفي عام 1966م وعند تشكيل التنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير ساهم الفقيد نضالياً بصور متعددة ضمن فرقة النصر التابعة للتنظيم الشعبي للقوى الثورية جنباً الى جنب مع المناضلين خالد المفلحي وعبدالجبار وعبدالله محفوظ وسعيد ماطر وعبده الشعيبي ومحمد أمين والصريمي وحسين عبده عبدا لله وعلي البيحاني وأبو جلال العبسي ومحمود عبد والقادة البارزين بالليل بن راجح لبوزة وعلي بن علي هادي ذي حران وغيرهم كثيرون في فرق صلاح الدين والنجدة والفتح وسند والرسول والوليد وغيرها من فرق التنظيم الشعبي وجبهة التحرير والجبهة القومية التي ساهمت جميعها في الكفاح الوطني ضد الاستعمار البريطاني والكيانات المشيخية المرتبطة به حتى نيل الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م.بعد الاستقلال الوطني. تعرض الفقيد مع الكثير من المناضلين في جبهة التحرير والتنظيم الشعبي إلى الاعتقال والملاحقة من قبل الجبهة القومية وحكومة ما بعد الاستقلال حتى قيام حركة 22 يونيو التصحيحية عام 1969م.-وفي أواخر عام 1969م بدأت الجبهة القومية الحوار المفتوح مع فصائل العمل الوطني الديمقراطي التنظيم الشعبي ومنظمة البعث (حزب الطليعة الشعبية لاحقاً) ومنظمة السلفي.( اتحاد الشعب لاحقاً) وكان الفقيد ضمن لجنة الحوار الرئيسية مع الجبهة القومية والفصائل الوطنية الأخرى مع رفاقه الآخرين أبو جلال العبسي وعلي محمد البيحاني وفيصل جمعان ومحمد محسن وآخرون كثيرون مازالوا إحياء بفضل الله ولديهم الكثير من الذكريات مع الفقيد المناضل.-في عام 1971م شكل مجلس الشعب الأعلى المؤقت في الشطر الجنوبي ومثلت جبهة التحرير والتنظيم الشعبي مع بقية فصائل العمل الوطني الأخرى في هذا المجلس بعدد محدود من المقاعد لايرتقي الى مستوى كفاح هذين الفصيلين الرئيسيين في الكفاح المسلح جبهة التحرير وتنظيمها الشعبي للقوى الثورية حيث مثلا بثلاثة أعضاء فقط هم: الفقيد احمد محمد الشرماني وعلي السلامي والصماتي واستمر حال الفقيد مع بقية رفاقه الآخرين يواجهون اشكالاً عدة من المعاناة منها الاعتقال للبعض وملاحقة البعض الآخر واستمرا لوضع على هذا النحو من المكابدة الحياتية حتى توقيع اتفاقية 5 فبراير 1975م التي وقعتها الجبهة القومية مع اتحاد الشعبي وحزب الطليعة الشعبية واستبعد التنظيم الشعبي من هذه الاتفاقية لموقف الجبهة القومية منه كونها تراجعت عن تعهداتها السابقة معه والمعلنة اعلامياً واعتبرت ان التنظيم الشعبي عناصر وطنية فقط وليس فصيلاً وبإمكانها ان تدخل التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية كعناصر تذوب ضمن هذا الإطار الى جانب عروض أخرى لترتيب أوضاع عناصره في مواقع مختلفة في أجهزة الدولة وهو الأمر الذي لم يقبل به الفقيد ورفاقه الآخرون.-وبعد انعقاد المؤتمر التوحيدي للتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية في عام 1975م عقدت القيادة المتفاعلة في التنظيم الشعبي برئاسة الفقيد عدة اجتماعات موسعة مع أعضاء التنظيم وناقشت المستجدات على الساحة الوطنية وأقرت تعديل تسمية التنظيم الشعبي ليصبح التنظيم الشعبي التقدمي بوجهة نظر وطنية وتقدمية شاملة واخرج الفقيد ورفاقه الآخرون اللمحة النقدية ووجهة نظر التنظيم الشعبي التقدمي تناولت مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها الوحدة اليمنية التي كانت هاجسه الوطني الكبير طوال حياته وحتى توفاه الله، كما تضمنت هذه الوثيقة وجهة نظر التنظيم الشعبي التقدمي النقدية والتحليلية برؤية الفقيد الثاقبة والناضجة لواقع اليمن وتقاليده فيما يخص الإشكال السياسية والتنظيمية المناسبة في ذلك الوقت، محذراً من الارتجال والتسرع والانتقائية وسياسة القهر وإقصاء الآخرين في المشاركة في المسائل الحيوية ذات الأبعاد الوطنية والإستراتيجية التي تهم الوطن اليمني وتحافظ على مصالحة التاريخية الكبرى وهذا ماعرض الفقيد للعديد من المضايقات والملاحقات ومحاربته في حياته ورزقه من قبل الحكومة وتعرض للجوع لسنوات طوال حيث قطع عليه علاوة مجلس الشعب الأعلى الذي كان يعيش عليها هو وأكثر من أسرة حيث كان يتقاسم هذا المبلغ المحدود معها ومع كل من كان يحتاج لذلك حيث كان الفقيد وبمعرفة الكثير من الوطنيين فاتحاً منزلة المتواضع في منطقة المنصورة وبعدها في منطقة الممدارة مجاناً أمام من لامسكن له من طلاب العلم في مختلف مؤسسات التعليم المتوسطة والثانوية والجامعية، موفراً لهم ما استطاع من وسائل الإقامة والمعيشة خدمة للعمل والمحتاجين لذلك بشكل عام من شمال الوطن وجنوبه.-ومن ضمن وسائل كفاحه السياسية والفكرية اصدر الفقيد ورفاقه نشرة(نداء الشعب- لسان حال التنظيم الشعبي التقدمي) التي أبلت بلاء حسناً في بلورة العديد من القضايا الوطنية ذات الطابع الوحدوي وتناولتها بجرأة نقدية ناضجة بما في ذلك بناء الحزب الطليعي الذي كان للتنظيم الشعبي التقدمي ممثلاً بالفقيد رأي مختلف حول هذه المسألة والتي كان يرى ان الشكل المناسب والأرقى هو قيام حزب وطني ديمقراطي ثوري( جبهة وطنية عريضة في الجنوب) لا حزب يساري بالصورة التي طرحت حينها وظهرت بعد ذلك كون هذه التسمية مغامرة وقفزاً على الواقع ولها العديد من المخاطر على التجربة والوطن عموماً وهذا ما تأكد في إحداث 1978م وإحداث عام 1986م والذي راح ضحيتها الآلاف من قيادات الدولة عسكرية ومدنية مثلت خسارة اقتصادية واجتماعية كبرى خسرها الوطن اليمني شمالاً وجنوباً.وفي ظل هذه الأحداث المأساوية واصل الفقيد كفاحه الوطني بإرادة لاتلين مجندا كل طاقاته ورفاقه الآخرين من اجل الدفع بكل الوسائل النضالية الممكنة حتى تحققت الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م هذا الحدث الذي كان يمثل للفقيد حلماً كبيراً ظل يحمله في وجدانه وفي كل كيانه ورآه وعاش يدافع عن هذا المكسب التاريخي العظيم رغم قساوة الدهر وجحود البعض عليه حتى توفاه الله يوم الأحد 9/12/2007م الموافق 30ذي القعدة 1428هـ رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه.«إنا لله وإنا إليه راجعون»
الشرماني في ذمة الله
أخبار متعلقة