غياب المنافسة الفعلية في بيروت ومعركة طاحنة في المتن
بيروت/وكالات:رغم الاحتقان الذي أثار مخاوف من احتكاكات بين أنصار المتنافسين والمشاركة الكثيفة ساد الهدوء الانتخابات الفرعية التي جرت أمس الأحد في دائرتين انتخابيتين في لبنان لاختيار نائبين بديلين لنائبين من الأكثرية اغتيلا في عمليتي تفجير.تركزت حدة الصراع في منطقة المتن (جبل لبنان) لان نتائجها تشكل اختبارا للمسيحيين المنقسمين بين الأكثرية والمعارضة التي يقودها حزب الله خصوصا مع اقتراب انتخابات رئاسة الجمهورية التي يشغلها مسيحي.ولاختيار خليفة للنائب بيار الجميل (ماروني اغتيل في نوفمبر 2006) يتنافس في هذه المنطقة والده رئيس الجمهورية الأسبق ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل وكميل خوري ممثل التيار الوطني الحر برئاسة النائب ميشال عون.وسجلت أقلام الاقتراع في المتن نسبة مشاركة مرتفعة بالنسبة لانتخابات فرعية. وقدرت ماكينة حزب الكتائب ان معدلها تخطى ظهر أمس الأحد نسبة 29% فيما قدرتها ماكينة التيار العوني بنحو 35% .أما في الدائرة الثانية لبيروت فيختار الناخبون بدون مشاركة لافتة خلفا لوليد عيدو الذي قتل في يونيو 2007. وتبدو النتائج شبه محسومة لمصلحة محمد الأمين عيتاني (سني) مرشح تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري (من الأكثرية).
ويشير المراقبون كما تدل استطلاعات الرأي إلى غياب المنافسة الفعلية في بيروت في حين اتسمت الحملة للمقعد الماروني في المتن بمعركة طاحنة بين مرشح الأكثرية ومرشح المعارضة.من ناحيته دعا البطريرك الماروني نصر الله صفير أبناء رعيته إلى المشاركة بكثافة في انتخابات المتن بعد فشل وساطته للتوصل إلى حل لا يقسم المسيحيين.وقال صفير في عظة أمس الأحد "بعد سقوط الوساطة التي أردنا القيام بها تجنيبا لما يمكن ان تجره المعركة وراءها من ذيول نرجو إلا تكون بغيضة ندعو جميع أبناءنا إلى مزاولة حقهم المشروع في انتخاب من يرونه أكثر كفاية لتمثيلهم تحت قبة الندوة النيابية".وبدأت البطريركية وساطتها غداة دعوة صفير الأحد الماضي الضمنية لعون إلى الانسحاب من الانتخابات وترك المعقد لامين الجميل. وذلك بعد ان أدت أجواء الاحتقان الأحد الماضي إلى وقوع إشكال بين أنصار الطرفين أسفر عن توقيف الجيش عدة أشخاص من الفريقين.وتوجه الناخبون أمس إلى مراكز الاقتراع عند الساعة السابعة بالتوقيت المحلي (4,00 تغ). وأنتهي التصويت عند الساعة 1800 بالتوقيت المحلي (1500 تغ).وجرى الاقتراع وسط إجراءات أمنية مشددة تنفذها القوى الأمنية بمؤازرة الجيش.وأفادت الأنباء ان آليات الجيش انتشرت على الطرق الرئيسية في المنطقة وقام عناصرها بالتثبت من هويات العابرين وتفتيش السيارات.وقرب مراكز الاقتراع عززت القوى الأمنية وجودها وسط مندوبي المرشحين فيما بدت المشاركة خجولة خلال الساعات الثلاث الأولى.وتخوض الأكثرية معركتها تحت شعار الدفاع عن "الخط السيادي" ووقف "الاغتيال السياسي" بينما يخوض التيار الوطني الحر المتحالف فعليا مع (حزب الله وأحزاب عقائدية أخرى) معركته تحت شعار منع "تهميش المسيحيين" و"الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية".ورأى المراقبون والمحللون ان نتائج أمس الانتخابي خصوصا في المتن تشكل مؤشرا على حجم الزعامة المسيحية وبالتالي تربط نتائجها مباشرة بانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة.وجرت حملات التعبئة بين الطرفين على هذا الأساس .فقد اعتبرت قوى 14 اذار ان انتخاب مرشحها الجميل موجه ضد سوريا وحلفائها و"ضد عودتها المموهة إلى لبنان وضد القتلة ومن يغطيهم". فيما اعتبر عون ان انتخاب مرشحه هو اقتراع ضد "الهيمنة والاستئثار والتهميش المستمر بعد خروج السوريين من لبنان" ودعم ل"معركة المشاركة الفعلية واستعادة رئاسة الجمهورية موقعً وصلاحيات".ويراهن عون على ثبات شعبيته رغم تحالفه مع حزب الله فيما تراهن الأكثرية على تبدل المزاج المسيحي الذي اكتسحه عون في انتخابات عام 2005 بسبب تحالف الأكثرية مع حزب الله حينها.وبالتالي فان فوز الجميل يعزز موقع مسيحيي الأكثرية في انتخابات الرئاسة المقبلة أما فوز عون فيسمح له بالاستمرار في طرح نفسه المرشح الأقوى لرئاسة الجمهورية.تبدأ مهلة الاستحقاق الرئاسي الدستورية في 24 سبتمبر المقبل وتستغرق شهرين لاختيار بديل عن رئيس الجمهورية الحالي أميل لحود حليف دمشق.وكتبت صحيفة "النهار" اللبنانية أمس الأحد "النتيجة ستكون رصيدا في استحقاقات مقبلة في مقدمها استحقاق الرئاسة الأولى (...) في نهاية المطاف تدور الانتخابات حول الزعامة المسيحية ولمن تكون؟".وأضافت ان "الجميل يراها زعامة متنوعة فيما يعتبرها عون زعامة منفردة لمرجعية واحدة".أما صحيفة "الأنوار" المستقلة فكتبت "مهما كانت نتائج عمليات اقتراع الأحد فإنها ستفتح الباب اعتبارا من الغد على معركة الاستحقاق الرئاسي".