زهير رمضان يميل لأدوار الشر رغم طيبته
بيروت /متابعات:جعل من شخصية (أبو جودت) رئيس المخفر في مسلسل (باب الحارة) الذي تبثه MBC في شهر رمضان الفضيل؛ شخصية ناجحة جدا في المسلسل المشهور، على الرغم من أنها شخصية انتهازية وشريرة جدا، في الوقت الذي يتمتع فيه -في الواقع- بطيبة القلب، فضلا عن أنه تخلى عن حلم أن يصبح طيارا حربيا في حياته، ليكشف في النهاية عن سلبيات المخفر، في المسلسل.إنه النجم السوري القدير زهير رمضان الذي يتميز بالجدية في الحياة والمعروف بإنسانيته سواء في الوسط الفني أم خارجه، و رغم ذلك أتقن أداء دور أبو جودت في المسلسل، رجل الأمن الذي يصعد على جماجم أهل الحارة كلها، لمجرد أنه يريد أن يحصل على منصب أو رتبة أو ترقية أو امتياز ما. هكذا صنع هذه الشخصية ورسم ملامحها لتظهر بالشكل الذي ظهرت فيه، فهو قد يتألم ويبكي، وتنزل دموعه من أجل تحقيق مطامعه الوصولية؛ إذ يتلون كالحرباء بحسب كل موقف وحركة، لأن الحياة لديه ليست بلون واحد، أسود أو أبيض، بل هناك الرمادي وألوان أخرى أيضا.وما جعله ينجح في تجسيد الشخصية هو ابتعاده بها عن النمطية، وروح الدعابة لديه، ومن ثم تعلّق بها المشاهدون، وضحكوا على (أبو جودت) بدلا من أن يضحكوا معه.ولعل الدليل على ذلك هو زيادة عدد المشاهد الخاصة به من 39 مشهداً فقط في الجزأين الأول والثاني إلى 120 مشهداً في الجزء الثالث، و120 مشهداً في الجزء الرابع، ومن المؤكد أن عدد هذه المشاهد لن يكون قليلاً أيضا في الجزء الخامس الذي تعرضه MBC في رمضان المقبل، في ظل هذا الفضاء من الحرية التي منحها للشخصية المخرج بسام الملا بعدما رأى نجاحها.[c1]أدوار للشر[/c]شخصية (أبو جودت) ليست الوحيدة التي مثلها زهير رمضان من هذا النوع السلبي والشرير، فهناك عشرات الأدوار في أعمال فنية عدة؛ منها الفراري، والقصاص، وآفاق علمية، والعوسج، وحي المزار، وبطل من هذا الزمان، وعصر الجنون، والذئب، وضيعة ضايعة، وكوم الحجر.. وغيرها الكثير. ولعل أكثرها شرا كانت شخصية راعب الساروحي في مسلسل (بسمة حزن) التي تمثل الشخصية الدمشقية إبان الاحتلال الفرنسي لسوريا، عن رواية للأديبة الراحلة ألفت الأدلبي، وسيناريو وحوار الدكتور رفيق الصبان، والإخراج للطفي لطفي. فراعب الساروحي هو ابن أحد تجار دمشق، الذي يحرم كل شيء على شقيقته بينما يحلله لنفسه، ويضغط على شقيقته، ويضيق عليها الخناق إلى حد أنها شنقت نفسها، لكي تتخلص من هذه الحياة المليئة بالظلم.ويميل زهير رمضان إلى الأدوار السلبية والشريرة نظرا لصعوبتها، فعادة ما تكون الشخصية مركبة وعميقة، وتساعد على ذلك ملامحه القاسية وضخامته؛ إذ يبلغ طوله 185 سم، ووزنه 85 كلج، ويصل في بعض الأحيان إلى 88 كلج.والذي يعرف زهير رمضان عن كثب يعرف أن مجمل الشخصيات الشريرة التي يمثلها لا تشبهه، وإنما يعطيها من روحه، ويلتصق بها ليأخذ الدور حقه.كما أن هذه الشخصيات تختلف جداً بعضها عن بعض، على الرغم من أنها بغالبيتها تندرج في سياق واحد ألا وهو الشر والسلبية، فالظروف ليست نفسها، والشرطي إبان الاحتلال الفرنسي مثلا يختلف جدا عن الشرطي إبان الحكم الوطني.[c1]نجوم النهار[/c]زهير رمضان اتجه إلى تمثيل الشخصيات السلبية والشريرة منذ أن كان في الصف الثالث الابتدائي؛ إذ مثّل في إحدى المسرحيات المدرسية دور شخصية استعمارية.ومن يومها توجه إلى تجسيد الأدوار السلبية، التي عززها تشجيع والديه له ليمثل بعد تخرجه في الجامعة فيلما سينمائيا بعنوان “نجوم النهار” الذي أخرجه أسامة محمد، وأنتجته المؤسسة العامة للسينما، وحصل على 14 جائزة عالمية.ولد زهير في مدينة اللاذقية على الساحل السوري، وهو الثاني بين إخوته وأخواته البالغ عددهم 11 ولداً وبنتاً، أربعة شباب (زهير، وماهر، ومأمون، ورامي)، وسبع بنات (ابتسام، وإلهام، وإنعام، وأحلام، وإتمام، وأنسام، وأنغام).وتنقل في طفولته بين محافظات عدة في سوريا كالرقة ودير الزور وحلب وطرطوس وغيرها؛ لأن والده لبيب رمضان كان يخدم في سلك قوى الأمن، ويتنقل بحكم عمله بين محافظة وأخرى، وكانوا يتنقلون معه، ما جعله -بحكم هذا التنوع الجغرافي- متنوع اللهجات والأدوار التمثيلية أيضا.ثم أتم المرحلة الابتدائية في المحافظات الشرقية المختلفة التي تنقل فيها، أما المرحلتان الإعدادية والثانوية فدرسهما في مسقط رأسه اللاذقية.وكانت أمنيته بعد أن أتم دراسته الثانوية أن يصبح طياراً حربياً يقود طائرة (ميج 21)، لأنها كانت مهمة جداً بهدف محاربة الصهاينة؛ إذ تربى في سوريا على هذه الثقافة القومية العربية، إلاّ أنه تخلى عن أمنيته أمام المعارضة الشديدة من قبل والدته، وتهديدها له برمي نفسها في البحر، في حال بقي على رأيه -أي أن يصبح طيار حربياً- من باب الخوف عليه، نظرا لشدة حنانها وحبها له، خصوصا أنه ابنها البكر بعد شقيقته الكبرى ابتسام.فما كان منه إلا أن ترك الطيران، وتوجه إلى دمشق ليتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية -الدفعة الثالثة- قسم تمثيل، ليحلّق عاليا في أعماله الفنية العدة في المسرح والسينما والتلفزيون بدلا من التحليق في الجو. وفي عام 1990 دخل زهير رمضان عضوا في مجلس نقابة الفنانين، واستمر حتى عام 2006، وشغل منصب مدير عام المسارح والموسيقى، وأصبح تصنيفه المعتمد في سوريا بدرجة (ممتاز)، وهذه الدرجة أعلى مرتبة في سوريا، وحققها من خلال كمية أعماله الفنية ونوعيتها، وكان أحد أشقائه يعمل بالفن، ولديه أعمال عدة، لكنه موجود حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية.وفي خلال وجوده بدمشق، وبحكم التقاليد التي تقضي بألا ينادوا الشخص باسمه حتى لو كان طفلا صغيرا بل بأبي فلان، أطلق عليه زميله في المعهد فاروق الجمعات، وهو ممثل سوري حاليا، لقب (أبو زكوان)، مع أنه لم يكن متزوجا بعد، واسم زكوان يعني الذكي واللماح، على الرغم من تسرعه في بعض المواقف، نظراً لطيبة قلبه.تزوج أبو زكوان من إحدى زميلاته في الجامعة، وهي (خريجة كلية تجارة) منذ عشرين عاما ولم يرزقا بأبناء.