مديرية التواهي
لقاء/ طلال منيباري لم يعد بوسع أي مجتمع أو أي فرد أن يختار بين طريق العلم والطرق غير العلمية، فالمجتمعات المتقدمة اختارت طريقها منذ وقت طويل وقطعت أشواطاً طويلة في ميادين العلم والتكنولوجيا. أما المجتمعات النامية فليس أمامها إلا أن تتبع الأسلوب العلمي لتقليص الهوة بينها وبين المجتمعات المتقدمة .ولهذا كان لنا هذه المقابلة الشخصية مع د. عبدالعزيز مقبل العامري أستاذ محاضر لمادة البيئة البحرية في كلية التربية ـ عدن ـ نائب مدير مركز علوم البيئة بديوان الجامعة والرجل أعرفه منذ حين فهو كادر أكاديمي متميز بنظريته التفاؤلية للمسائل البيئية وحساسيتها .وبدأت أسأله ماذا يعني مصطلح تقييم الأثر البيئي لأي شخص عادي .فأجاب : أن موضوع تقييم الأثر البيئي يعد من المواضيع الجديدة على المستوى العالمي. فقبل ثلاثين عاماً لم يكن موضوع الاثر البيئي لأي نشاط إنساني موضوعاً للدراسة أو النقاش على الاطلاق. وكانت المشاريع تقر بالنظر إلى جدواها الاقتصادية فقط دون أن يشكل التأثير على البيئة والحفاظ عليها هماً إنسانياً ملحاً. واليوم فإن التقييم البيئي يوصف بأنه انجح السياسات التي ابتكرت خلال القرن العشرين والتي يعمل بها رسمياً في الكثير من دول العالم .واستضطردت : لكن يادكتور كثير من المستثمرين ورجال الاعمال لديهم مفهوم أن دراسة تقييم الأثر البيئي أحد العوائق المادية والزمانية على مشروعاتهم الاستثمارية المزمع قيامها لتحقيق التنمية الشاملة على مستوى المحافظة أكانت صناعية أو سياحية الخ فأجاب : هذا مفهوم خاطىء لدى الكثير من المستثمرين لان دراسة الأثر البيئي يعد كأنذار مبكر بالعواقب البيئية المحتملة على مشروعاتهم قبل البدء بالمشروعات واثناء اقامة هذه المشاريع وبعد الانتهاء منها ايضاً ، وبهذا يكون صاحب العمل في مأمن بأن امواله التي استثمرها مستدامة النفع في حين أنه لو لم يقدم هذه الدراسات قد ينهار المشروع لاسمح الله في حين اذا ماحصل أي خلل للتوازن على مستوى البيئة التي تحيط بالمشروع .وسألته ماهي الخطوات للتخطيط لأي دراسة للتقييم البيئي؟فأجاب : هناك خطوات يلزم بها واضع دراسة تقييم الأثر البيئي وهي درجات مختلفة.1 ) تحديد حجم ونوعية المشروع والذي يمكن من خلالها تحديد مدى الحاجة لاعداد دراسة تقييم الأثر البيئي .2 ) تحديد مدى التفصيل الذي يجب ان تذهب إليه الدراسة في تحليل الأثر البيئي المتوقع .3 ) التنبؤ بالآثار البيئية المتوقعة ومدى خطورتها ونضرب مثال على هذا :لو أردنا بناء مصنع ما لابد ان نختار المكان المناسب لهذا المصنع من الناحية الجيولوجية وقربه أو بعده من المنشآت السكنية حتى لايضر ولايتضرر بمكان المصنع .ومساحة المصنع يجب ان تكون حسب الحاجة بعد دراسة مستفيضة لمدخلات ومخرجات المصنع والصناعة المزمع قيامها، لهذا يلزم ان تقوم دراسة تقييم الأثر البيئي . قلت له هذا يعني ان هناك عدد من الاختصاصيون يشتركون في صنع القرار في هذا النوع من الدراسة .فأجاب : نعم لابد من المشاركة في وضع هذه الدراسات لعدد من ذوي الاختصاصات المتعددة ومن ذوي الخبرة حتى يكون التقييم مبني على أساس علمي جماعي ومن وجهات نظر مختلفة ومستوفاة ، وحتى يقدم كل من هؤلاء الخبراء الاحتمالات التي تخدم مثل هذه الانشطة البشرية ومدى تأثيرها على البيئة والصحة والموارد والناس .فسألته : وهل هناك علاقة بين الرباعي المذكور وتقييم الآثر البيئي لهذه النشاطات الاستثمارية.فأجاب : يجب أن ننظر بحيادية نحو الاستدامة والاستفادة من النشاطات الاستثمارية في حين لانغفل الجوانب المتعلقة بالبيئة ومدى التغيرات على مستوى صحة الناس ومدى الاضرار على مستوى الموارد النباتية والحيوانية ايضاً وعلى المياه والتربة ثم ما مدى خطورة هذه الصناعات أو الاستثمارات على المستوى البعيد وهناك مثال حي وواضح .اذا ما اقيم أي نشاط أو مشروع لابد من أن نحتسب مدخلات المصنع من المواد الخام المختلفة ومخرجاتها الانتاجية ونوعية الانتاج ونوعية النفايات التي تتكون نتيجة دوران الانتاج وتأثيرها على الانسان والحيوان والنبات في المنطقة المحيطة .وهناك ايضاًمخرجات ثانوية من ابخرة وغازات وجزئيات صلبة تعلق عادة بالهواء المحيط بالمصنع وتحملها الرياح إلى اماكن أبعد .ولهذا نقول يجب تحديد موقع اقامة المنشآت بعيداً عن التجمعات السكنية بالنظر إلى نوعية هذه المنشآت وانشطتها .وهنا تجدر الاشارة إلى نوعية مواد الصرف الصحي ونوعية ما تخرجه هذه الصناعات وهل يمكن تصريفها بشكل عادي مع مواد الصرف الصحي العام أو يحسب حسابها ضمن الصرف الصحي الخاص وقد تكون بها مواد غير لائقة بالبيئة ويجب معالجتها أو تدويرها لاستخراج ما بها من مواد سامة أو قد تكون هذه المواد جائزة الاستخدام مرة اخرى .ولايفوتنا هنا التنويه ان هناك معايير قياسية تم الاتفاق عليها وتجدونها محددة في التشريعات الخاصة بهيئة حماية البيئة في القانون الخاص بذلك ولائحته التنفيذية. هذا وعلى المستوى الوطني ـ يجب مراعاة هذه المعايير وهناك معايير اقليمية ودولية يجب الاحاطة بها لان البيئة شأن عالمي اكثر منه محلي أو اقليمي .ان تقييم الأثر البيئي ليس ضد الاستثمار بل على عكس ذلك هو المساعد على وجود استثمار دائم مع دعوة البيئة وصحة المواطن هي بلاشك أثمن شيء في هذا الوطن.