مع الأحداث
بما أن الإنسان يعتبر أثمن رأس مال الوطن فقد صار من الضروري على أي دولة تتخذ من هذا المصطلح شعاراً لتوجهها الاقتصادي وخاصة الدول النامية في العالم الثالث أن تخطط لمستقبل شعوبها في شتى مجالات الحياة وذلك بهدف تحسين معيشة الفرد وتأمين حياته والرفع من شأنه حتى يغدو عنصراً فعالاً في مجتمعه وعلى أن تستند هذه الدول على التخطيط العلمي والرؤى المستقبلية وبما يوازي ما بين ما هو واقع وما هو مطلوب ولذلك فإن الدول السباقة إلى مواطن التطور والاكتفاء الذاتي هي تلك التي سلكت في خططها الطرق العلمية والتي من أولى خطواتها إجراء التعداد السكاني والذي على نتائجه تتفتح المعادلة ما بين ما هو قائم من نمو سكاني وموارد اقتصادية وفي ضوء ذلك تتخذ العديد من المعالجات الآنية والمستقبلية.وكون بلادنا اليمن جزءاً من العالم الثالث فقد فرضت عليها معطيات العصر ومستجدات الحياة سلوك التخطيط خاصة بعد مؤشرات ازدياد النمو السكاني وشحة الموارد الاقتصادية المختلفة وخوفاً من أن تصاب البلاد بالانفجار السكاني لذلك جرت عدة محاولات للسيطرة على هذه الوضعية الخطيرة ولعل من أهمها الخطوة المتخذة والمتمثلة بالمؤتمر السكاني الذي تم عقده مع بداية شهر أكتوبر (96م) في العاصمة صنعاء وشاركت فيه العديد من الوفود العربية والأجنبية حيث خرج هذا المؤتمر بعدة توصيات وقرارات في مجملها تعالج قضية التربية السكانية في اليمن من جميع النواحي وقد لعب الإعلام اليمني بشتى وسائله دوراً كبيراً في ترجمة مفاهيم وأبعاد المؤتمر ناهيك عن الدور البارز الذي تفردت به وزارة التربية والتعليم ممثلاً بمشروع التربية السكانية وعقد الدورات التدريبية المكرسة للموجهين والمعلمين من مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي وعلى مستوى كافة محافظات الجمهورية وذلك بهدف التمهيد لدمج المفاهيم السكانية ضمن المناهج الدراسية في إطار تكاملي تربوي سيكولوجي وبحيث لا يؤدي هذا الدمج إلى مسح المادة الدراسية وإفراغها من محتواها يأتي ذلك من مفهوم الدور الذي يجب أن تؤديه المدرسة في إعداد الطالب لمواجهة ما ينتظره في المستقبل لا الاقتصار على تزويده بالمعلومات المختلفة وإنما بتربية شخصيته لذاته وتربيته للإسهام في التنمية الشاملة فهناك تأثير للتبادل بين التربية والتنمية وعلاقة سببية بين التربية ودخل الفرد. لذلك فإننا نرى أن التربية السكانية في ظل المتغيرات الجديدة للدول النامية وخاصة تلك التي تعاني من شحة مواردها الاقتصادية ونمواً سكانياً متزايداً تظل التربية السكانية فيها منظومة متواصلة وتحقيقها يتطلب جهوداً وطينة مشتركة كما يعتبر دمجها ضمن المناهج الدراسية جزءاً من النظام والضرورة الملحة.