صفحة مكرسة لإحياء الذكرى الـ (70)لميلاد الموسيقار والفنان اليمني الراحل أحمد بن أحمد قاسم
محمد هادي أحمد علي في حياة كل المجتمعات مجموعة من البشر تظل ذكراهم عالقة في الأذهان لأنهم استطاعوا أن يخلدوا أنفسهم بما قدموه من أعمال إنسانية في مختلف مناحي الحياة طورت من مستوى الإدراك والفهم لدى عامة الناس، ومن هؤلاء الخالدين في أعماقنا الفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم الذي يصادف هذا اليوم 11مارس2008م الذكرى السبعين لميلاده فهو مولود في عام 1938م وكانت ولادته عبارة عن هدية من السماء رعتها عناية الخالق والقلب الحنون لوالدته الفاضلة (سلام) عليها وعليه رحمة الله.تربى المولود أحمد .. مع إخوته في كنف وحماية والدتهم وقد سمي بهذا الاسم إكراما وعرفانا لإسم والده الذي توفي قبل مجيئه إلى الدنيا.لنا أن نتصور كيف كانت حياة ذلك الطفل اليتيم وإخوته في محيط أسرة عائلها الوحيد متوفى حيث تحملت أمهم مسؤولية تربيتهم وقد عانت الكثير من المتاعب في سبيل أن توفر لهم الحياة الكريمة وكان لها ما أرادت ومن ثمرات جهدها ومعاناتها أنها أحسنت تربية أولادها ونشأتهم على طلب العلم والتفوق ولنا خير مثال في المربية القديرة نجاة شقيقة الفنان أحمد قاسم ودورها الريادي في مجال التربية والتعليم. تمتع الفنان أحمد قاسم منذ أن كان طفلاً بموهبة حباها الله إياه في حلاوة صوته وعشقه للغناء حيث كان يردد أغاني كبار الفنانين العرب، كما أن الشيخ العلامة البيحاني _عليه رحمة الله _ الذي كان يتعلم عنده الطفل أحمد قاسم، تلاوة القرآن قد أعجب بصوته وتنبأ له بأن يصبح ذا شأن عندما يكبر.وفي مرحلة شبابه كان الفنان أحمد قاسم يملؤه الطموح والاجتهاد ولم يكن طريق حياته الفنية مفروشاً بالورود، بل إنه عانى الكثير من المتاعب والصعاب واستطاع أن يتعداها بقوة عزيمته وإرادته الفولاذية وبالجرأة والإقدام اللذين تميز بهما الشاب أحمد قاسم، استطاع أن يتفوق على أقرانه من الفنانين الشباب الذين جمعتهم الفرقة الموسيقية بمدرسة (بازرعة) في مدينة كريتر التي كان يتولاها حينذاك الموسيقي الكبير الراحل الأستاذ يحيى مكي، الذي على يديه تعلم الكثير من الفنانين أصول علم الموسيقى.ونتيجة للمثابرة والعشق الجميل والصادق للفن أو كلت مهمة قيادة هذه الفرقة الموسيقية للشاب الفنان أحمد قاسم، الذي استطاع أن يقودها بحنكة ومقدرة عالية حيث تمكن أن يخلق بين أعضائها روح التألق والانسجام وأن يظهرها للملأ ولأول مرة في مدينة عدن باللباس الموحد.وفي هذه المرحلة الحساسة والسنوات التي تلتها من حياة الفنان المبدع أحمد بن أحمد قاسم، جمعته اللقاءات بكبار الشعراء منهم الدكتور محمد عبده غانم والشاعر الرقيق لطفي جعفر أمان، حيث تمكن بإلهامه وإحساسه المرهف أن يخلق أروع الألحان الخالدة التي صاغها من عصارة فكره لتستقر في أفئدتنا وعقولنا ومع مرور السنوات تفتحت عبقريته وامتزجت بعشقه اللامحدود للفن ودرس علم الموسيقى باصولها الحديثة وقد نال شهادة الدكتوراه في ذلك.وهناك الكثير من الإبداعات الرائعة تلحيناً وأداء قدم كلماتها له الشاعران الأستاذ عبدالله عبدالكريم ومصطفى خضر، اطال الله في عمريهما وستبقى كل الأعمال
الفنية لهذا الإنسان الذي عشق وذاب هياماً ولوعة بوطنه الكبير اليمن الذي أسكنه في عمق أعماقه وتغنى به بكل شيء فيه، ستبقى خالدة بخلود هذا الكون، وعيب علينا أننا لن نعطيه حقه وما يستحقه من الوفاء والعرفان وهنا نطلقها صرخة ودعوة عبر صحيفة (14أكتوبر) الغراء للجهات المختصة ولأفراد أسرته الكريمة وأصدقائه أن يقدموا مالديهم من مكونات وكنوز ذلك الفنان الحي في أرواحنا لأن كل ما خلفه الرائع أحمد قاسم، يعتبر إرثاً لهذا الوطن تنهل منه الأجيال.ولليمن الفخر أن يصبح ذلك الطفل اليتيم عملاقاً في سماء الفن اليمني والعربي ولايستطيع كائن من كان أن يغيب دور الفنان الخالد أحمد قاسم، أو أن يطمس مآثره المسكونة في وجداننا لأنه كان ولايزال وسيظل الرقم الصعب في الغناء اليمني.لن ننساك أبداً ياملك العود مادامت شمس ربي تشرق كل يوم.