الشهيد طه شمسان سالم المقطري
احمد راجح سعيد :تميزت الثورة اليمنية التحررية في شطري الوطن بانها استمدت قوتها ونجاحها من واحدية نهجها النضالي الى جانب التجارب والارهاصات المبكرة المشتركة.. فشكل هذا النهج اللبنة الأولى لمسيرة الكفاح الوطني التحرري ضد النظامين الامامي المتخلف والاستعمار البريطاني المتسلط ، وكان ذلك مع بداية اليقظة الوطنية والقومية والمتغيرات الاقليمية والدولية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية وتحديداً بعد قيام ثورة مصر التحررية في 23 يوليو 1952م بقيادة الزعيم القومي جمال عبدالناصر ، وما تلتها بعد ذلك من الحركات الوطنية التحررية في معظم الوطن العربي، استهدفت القضاء على الاوضاع الشاذة التي خلفتها الانظمة الحاكمة المتخلفة والدول الاستعمارية الغازية بما في ذلك وطننا اليمني بشطريه الشمالي والجنوبي . وكان لابد ان تؤدي هذه الاحداث والمتغيرات الى ربط الوجود اليمني بعجلة الوجود العربي والعالمي المتغير . وتتجسد الحصيلة النهائية لهذا النضال الوطني فيما ينعم به شعبنا حالياً من الحرية ووحدة الوطن وذلك بفضل المناضلين والشهداء الابرار الذين اخذوا على عاتقهم تحمل المسؤولية الوطنية بكل صدق وامانة، لذلك فإن من الواجب علينا في مثل هذه المناسبات التي نحتفل فيها بانتصاراتنا الوطنية ان نتذكر ما قدموه لهذا الوطن ، ولو على سبيل رد الوفاء . ومن هؤلاء الشهيد البطل « طه شمسان سالم المقطري » الذي ضرب اروع الامثلة في الدفاع عن الثورة، فبعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م والظروف المستجدة التي واجهتها داخلياً وخارجياً والموقف البطولي الشعبي غير المسبوق في الدفاع عنها ، وبحكم الموقع الجغرافي الذي تتمتع به مديرية المقاطرة القريبة من الحدود الملامسة للشطر الجنوبي ، ومنها منطقة « معبق » المواجهة لطور الباحة والصبيحة، وبحكم ان الجنوب كان محتلاً انذاك من قبل الاستعمار البريطاني منذ عام 1839م ، والذي كان لا يتورع بين الحين والاخر عن القيام بالمناوشات اليومية واجتياز الحدود القريبة والاعتقال والقتل بحجة الدفاع عن النفس ومطاردة الفدائيين الوافدين من مدينة تعز، كان في منطقة «معبق» مجموعة من أبناء المقاطرة قد استقروا فيها ومنهم البطل الشجاع « طه شمسان سالم المقطري» والذي استيقظ في إحدى الليالي من عقد الستينات على حركة مريبة مصدرها وادي « معبق » ، وبسرعة اخذ سلاحه بهدف الحيطة وخرج من داره لينظر ما الأمر وإذا به يشاهد من على بعد قدوم قافلة من حاملات الجنود ، وعلى متنها عدد من الجنود البريطانيين يزحفون على المنطقة، وفي سرعة البرق اخذ موقعه الدفاعي موجهاً بندقيته نحوهم وانهال عليهم بوابل من الرصاص ، فأسقط منهم القتلى والجرحى ، وساعده في ذلك انه كان يطلق عليهم الرصاص من كل اتجاه ليوهمهم بأنه ليس الوحيد في هذه المعركة بل هناك إلى جانبه قوة كبيرة تدعمه وتسانده.وبهذه الطريقة الذكية استطاع البطل « طه شمسان سالم المقطري » ان ينهي المعركة لصالحة وبعد أن اجبر من تبقى من الجنود البريطانيين على الانسحاب تاركين وراءهم مخلفاتهم العسكرية المدمرة والمتناثرة في بطون وادي « معبق ».وشاءت إرادة الله ان يسقط البطل « طه » في هذه المعركة شهيداً متأثراً بجراحة بعد ان ادى واجبه الوطني نحو ثورته ووطنه مضيفاً بذلك ملحمة جديدة الى تلك الملاحم البطولية التي قدمها الآباء والأجداد من رجال المقاطرة الذين كان لهم نصيب الاسد في مقارعة الغزو التركي والحكم الامامي والبريطاني . « ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون ».. صدق الله العظيم .