الفراعنة عالجوا به المرضى والطب الإسلامي اعتبره سحراً
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية :قالوا إن التنويم المغناطيسي هو حالة يفقد فيها النائم كل إدراكه لمحيطه الواقعي باستثناء إدراك وجود (المنوم) نفسه الموجود في ذلك المحيط، وينجم عن ذلك ظهور إمكانيات لا محدودة للسيطرة على الجسم، أو القيام بأعمال نفسانية متعلقة بمستوى اللاوعي، وهو تأثير شخص على شخص آخر، وهذا التأثير يمر بقنوات انفعالية وشعورية· وتوضح لنا العديد من الوثائق أن أغلب الحضارات القديمة اكتشفت ومارست التنويم المغناطيسي بدءاً من قدماءالمصريين، كما هو مسجل في بعض البرديات القديمة، ومع تطور الأزمنة نجد أن الإنسان الحديث اكتشف التنويم منذ سنة 1889 لكن الناس واجهت هذا الاكتشاف (الجديد القديم) بنوع من الاستهجان وعدم التصديق·وبظهور (سيجموند فرويد) ونظريته الخاصة باللاوعي، تفتحت آفاق جديدة أمام تطبيق التنويم في مجالات متعددة، لكن الأمر ظل محصورا في نطاق ضيق وخاص بالدراسات النظرية والممارسات الاستعراضية الترفيهية·تقول الرابطة الوطنية الأمريكية للمنومين المغناطيسيين، إنها تستطيع أن تقدم الخدمات فيما يتعلق بكل الأمور بدءاً من تخسيس الوزن وانتهاء باستعادة الذاكرة·· مشيرة إلي أن %90 من ممارسيه يعملون بالمؤسسات الطبية، كما أن الأمريكيين لا يستخدمونه فقط في الطب وإنما في القضاء وارتكاب الجرائم، حتى أن السلطات الطبية خصصت ميزانية ضخمة لإنشاء عشرين مختبراً لدراسة التنويم·وربما تكون أفضل التفسيرات التي وضعت لهذه الظاهرة هي ما قامت به الجمعية البريطانية باعتباره حالة عابرة من تحوير انتباه الشخص بواسطة شخص آخر، وتبدو فيها عدة ظواهر بشكل تلقائي أو رداً علي إيحاءات لفظية أو غير لفظية تتضمن تعديلا في الوعي والذاكرة، وتأثراً متزايداً بالإيحاءات وظهور إجابات وأفكار لدي النائم ليست موجودة في حالات وعيه العادية·الدراسات والأبحاث توضح أنه لايمكن أن تتم عملية التنويم المغناطيسي ما لم يكن الشخص المعني راغباً وليس صحيحاً أن صاحب الشخصية الضعيفة جسدياً أو نفسياً هو الأضعف مقاومة لقوة التنويم، لأن التنويم ليس له علاقة بالنواحي الجسدية أو النفسية أو العقلية للنائم، ولاعلاقة له أيضاً بذكاء النائم أو سذاجته أو مستواه الأخلاقي أو الاجتماعي أو حتى بجنسيته أو عمره، والأطباء الذين يستخدمون التنويم في عملياتهم الجراحية هم أكثر المعنيين بهذا التفاوت في قابلية التنويم لدى مرضاهم·وإذا كانت لغة الأرقام لا تكذب، فيمكننا أن نتبين أن %15 من الناس يمكن تنويمهم بسهولة، و %70 لا يمكن تنويمهم بسهولة، غير أنهم في في النهاية ينامون، و %15 يصعب بل يستحيل تنويمهم، أماالغريب فهو أن تنويم الأطفال أسهل، وكذا الشخص الذكي المتوقد الذهن أسهل من تنويم شخص بطيء التفكير أو محدود الذكاء·· لكن المهم في الأمر أنه لايمكن إجبار شخص تحت التنويم على ارتكاب فعل يؤمن هو في قرارة نفسه أنه منافٍ للآداب أو للمبادىء والأخلاق بآمر المنومد· /عادل محمود أستاذ الطب النفسي يقول: إن التنويم المغناطيسي ظاهرة نفسية تصيب انتباه الإنسان وإدراكه، ويصبح غير قادر على القيام بأي فعل إلا بأمر المنوم وتستغل هذه الظاهرة في علاج بعض الحالات الهيستيرية التي يمكن أن تصاحبها بعض الأعراض دون مؤثرات بيولوجية أو عضوية، وفي هذه الحالة يكفي أن يأمر المنوم بعودة حركة اليد إذا كانت مشلولة مثلا دون أية مقاومة أو جهد من المريض، أما في حالة الوعي الكامل للمريض فيبذل الطبيب جهداً كبيراً لإقناع هذا المريض بتحريك يده، والفار ق بين علاج الطبيب والمنوم، أن علاج المنوم ينتهي بانتهاء الإيحاء، فقد يتنبه المريض بعد أن يعود إلى وعيه أن الحركة التي لم يكن يقوى على القيام بها أصبحت ممكنة فيقتنع بالاستمرار، أما العلاج الطبي فيصل إلى جذور المرض ويقتلعه وبالتالي يعود المريض للحركة بشكل مستمر·ويؤكد د· محمود أن دراسة هذه الظاهرة في الجامعات الأوروبية لا تتم باعتبار أنها علم بل تدرس لاستخدامها في التطبيق العام في المسارح والملاهي كفقرة مسلية للناس، وبالرغم من اهتمام المجتمعات الأوروبية والأمريكية بهذه الظاهرة، إلا أنها على مستوى مصر والعالم العربي لم تحظَ بهذا الاهتمام، والغريب أن عدد العاملين بها لا يزيد على أربعة فقط، رغم اشتغال قدماء المصريين بها لعلاج المرضى··· ربما يعود هذا إلى أن الطب الإسلامي لا يعترف بالتنويم المغناطيسي ويعتبره نوعا من السحر لا يجوز التعامل معه·المنوم المغناطيسي يوسف جلال يقول: إن التنويم المغناطيسي يعالج بعض الأمراض المستعصية الناتجة عن الحالات النفسية مثل الخوف والقلق والاكتئاب والتوتر العصبي والهيستريا والصرع وبعض أمراض المعدة الناتجة عن القلق النفسي، بالإضافة إلى بعض الأمراض الأخري مثل الوهم والشك والخجل وضعف الذاكرة، ويتم العلاج بطريقة الإيحاء، أي عن طريق نوم الوسيط بدرجة معينة ثم يعطي للمريض إيحاء بأشياء مضادة للمرض فإذا كان مريضاً بالخوف مثلا يعطي له إيحاء بالأمان وإذا كان مصاباً بالجبن يعطي له إيحاء بالشجاعة ويصبح المريض في حالة استرخاء لمدة تصل إلى خمسة عشر يوماً وبعدها يفيق ويعود إلي حالته الطبيعية·ويذكر يوسف جلال إحدى الحالات الغريبة التي عالجها فيقول: جاءتني سيدة يخرج من فمها صوت غريب وبعد عدة جلسات عمل معها استمرت سنتين، وعن طريق الإيحاء شفيت تماماً، وذكر أيضاً أن سيدة أخرى كان يخرج منها صوت يشبه صوت الذئب كل يوم صباحاً، ولم يفلح العلاج الطبيعي معها، وبعد عدة جلسات استمرت حوالي أسبوع شفيت تماماً وعادت إلى بيتها·وأضاف أنه من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بهاالقائم بهذا العمل هو الشفافية وبدرجة عالية، وكلما زادت درجة الشفافية في الوسيط، كلما كانت لديه القدرة على معالجة أمراض مستعصية مثل الصرع، ورغم كل هذا إلا أن فريقاً من العلماء لا زالوا غير مؤمنين بصلاحية التنويم المغناطيسي كمنهج علاجي بسبب غموض نشأة هذه الظاهرة، وبسبب هذه العلاقة بين المنوم المغناطيسي وبين الفرد، فالتقاليد العلمية للبحث والعلم النفساني ترفض بشدة كل الظواهر الذاتية، وترتكز على تجارب قائمة من خلال إدارة محايدة لا يرقي الشك إليها، أي الآلة التي تعاكس الذاتية البشرية، فكل ملاحظة علمية يجب أن تكون قابلة للاستنتاج عدة مرات قبل أن يعلن عن صلاحيتها، وكل تجربة يجب أن تؤدي بحدود المعقول إلى نتائج كمية تمكن الباحث من تحليلها، الأمر الذي لا يتوفر في العلاقة الإنسانية التي تقوم بين المنوم المغناطيسي والشخص النائم مغناطيسياً·أضف إلى ذلك قدرة أي شخص على ممارسة التنويم المغناطيسي بعد رواج عدد كبير من الكتب في الأسواق لتعليم هذا الفن، والتي فتحت المجال واسعاً لممارسة مختلف أنواع الاحتيال، فهناك مثلاً مدارس تدعي تعليم الأشخاص قيادة السيارات تحت تأثير التنويم المغناطيسي أو مؤسسات تدعي إمكانية تخفيف الوزن، خلال أيام يقضيها الشخص البدين بدون تغذية تحت تأثير التنويم المغناطيسي، أو تلك التي تعلم اللغات الأجنبية بدون جهد في حالات التنويم، ساهم ذلك في إصرار أهل العلم على تجاهل كل ما يثار حول أهمية التنويم المغناطيسي وتفسيره العلمي وعلى صرف نظرهم عن مناهج تجريبية لا تحصي، ما أدى إلىضياع فرص استفادة العلم منها كما يجب·