مع الأحداث
لا يعرف التاريخ قضية على نحو من التعقيد والتدخل والصراع بمثل القضية الفلسطينية وحجم ما خلفت من ضحايا ومستوى القسوة التي يلجأ إليها الطرف الإسرائيلي عبر ما يمتلك من ترسانة عسكرية مرعبة سواءً بما لديه من وسائل قمع تقليدية متطورة يستخدمها في وجه الشعب الفلسطيني الأعزل في معظم الحالات بإفراط وقسوة ناهيك عما لهذا الكيان من مخزون أسلحة نووية عمد على عدم إخضاعها لإشراف الهيئات المتخصصة كما لم يلزم نفسه بأية اتفاقيات تحد من تسلحه النووي.إذ لا تتوانى الإدارات الأمريكية المتعاقبة في مد هذا الكيان بأحدث ما تنتجه مصانعها كما هو الحال في سد هذا الكيان بأحدث ما تنتجه مصانعها كما هو الحال في طائرات الأباتشي المتطورة التي حاصر بها الجنود الإسرائيليون عدداً كبيراً من قادة العمل الفدائي والسياسي خصوصاً في هذه السنوات العصيبة.إن خلفيات هذا الصراع الذي ترتب عليه احتلال أرض فلسطين وتشريد شعب بأكمله إلى مناف خارج أرضهم بعد أن تم طرد كثير من هذا الشعب من وطنهم وأرضهم المسلوبة ومورست بحقه أبشع المذابح.. وتواصل معها الصمت العربي والعالمي الأمر الذي زاد أساليب بشعة في تضييق الخناق على كل فلسطيني يظهر تشبته في البقاء على أرضه المغتصبة فكانت وسائل القتل الحديثة لرموز المقاومة عبر ما انتهجته المخابرات الإسرائيلية (الموساد) و (الشين بيت) الاستخبارات الداخلية من أساليب الغدر والمكر في تدبير مكايد لقتل الجسد والعقل الفلسطيني المقاوم أينما وجد على أرضه وفي المخيمات.وعندما لم تجد الإدارة الصهيونية (الموساد) كبح جماح أفعالها الذميمة، جاهرت بالأمر في العقد الأخير إلى مستوى الاعتقال اليومي لكل مقاوم وقيادي فلسطيني تحت يافطة محاربة الإرهاب إذ استغلت الحكومة الإسرائيلية الظروف الدولية للإجهاز على قيادات ومنظمات العمل الفدائي مبدية عزمها على مؤازرة الجهد الذي تبذله الإدارات الأمريكية الحليفة في هذا الاتجاه.كما تردد وسائل الإعلام الصهيونية وكأن القضية الفلسطينية ترتبط بحال من التمرد والإرهاب داخل كنف دولة عصرية لا يوجد فيها ظلم للأخر.. فما بالنا بملايين المشردين من الشعب الفلسطيني ممن لا ترى إسرائيل أي حق لهم في العودة إلى ديارهم سالمين..وعند الحديث عن فرص السلام التي تريدها إسرائيل فإن الحال لا يعني في أحسن الأحوال إلا بقيادة فلسطينية تؤيد القضاء على المقاومة وتوفير الأمن والاستقرار للدولة العبرية (إسرائيل) هذا الفرض الذي تراه إسرائيل في موضوع التسوية التي لا تبدي أجندتها السياسية ما يعبر عن تسوية شبه عادلة.لأن الحديث عن تسوية عادلة لا يمكنه أن يكون في مثل وضعية أطراف “الصراع” غير المتكافئة. والمتابع للتصريحات الإسرائيلية عندما يكون الحديث عن مشاريع التسوية كما هو الحال بالنسبة لخارطة الطريق يجد تعمداً لدى قادة هذا الكيان في استفزاز المنظمات الجهادية مثل ( حماس) بما يشعرها أن أمر قبولها بالتهدئة لا يمكن أن يفرض معه احترام وجهات نظر هذا الطرف الأساس في الصراع. وتذهب التصريحات الإسرائلية والخطوات على الأرض لاستفزاز قوى الأجنحة الفلسطينية وبما يدفعها للرد وخصوصاً عندما تبلغ الاستفزازات الإسرائلية حد الاعتداء على عناصر حماس والجهاد ونحوهما .. بل أن الطرف الإسرائيلي يدفع وبقوة الفلسطينيين للمجابهة الداخلية من خلال استثنائه المتعمد لأهم فصيل كفاحي (حماس ) و( الجهاد ) وهما النقطتان اللتان يدرك هذا الكيان أنها تشكلان في كافة الأحوال إجهاضاً لأي جهد دولي للتسوية .. فهي تسوية تأخذ في المقام الرئيسي أطراف وعناصر الصراع باعتبارهما إرهابيتين في القاموس الإسرائيلي .وكما أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تدرك مسبقاً عدم إمكانية حل هذه القضية المعقدة عبر السلة التفاوضية مهما هللت بعض الأطراف لسبل الحل الممكنة من منظور إيمانهم المبني على أسس عقائدية محرفه حسب هواهم . إن هذه الأرض التي وطئت عليها أقدام يهود الشتات هي حق لهم لا يقبلون أمر منازعتهم إياها من أحد وهي العقائد ذاتها التي تبيح لهم قتل العربي الفلسطيني دون وجه حق باعتباره غادراً ماكراً يحول دون تحقيق نبوءات الرب لهم في تحقيق حلمهم بقيام الدولة العبرية.فهل تدخل القضية الفلسطينية منعطفاً آخر أكثر مأساوية بعد كل هذا الجحيم من التضحيات وما يجري على الساحة الفلسطينية وبالذات غزة اليوم من هجوم ما هو إلا بداية وإن ما تنقله الفضائية وما نشاهده نحن هو مشهد مستمر خطط له بعناية ودقة وقد حصدت الغارات والضربات الجوية الوحشية الأولى مائتين وخمسة شهداء ومئات الجرحى في غزة .فلابد أن يكون هناك موقف عربي مشترك إزاء ما يحدث الآن في غزة ومن هذا المنطلق دعا فخامة الأخ/ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى عقد قمة عربية طارئة للوقوف أمام ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان بربري ومجازر وحشية وحرب إبادة من قبل القوات الإسرائيلية مؤكداً ضرورة أن تخرج القمة بموقف عربي موحد إزاء تلك المجازر وتجاه ما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض عليهم.كما دعا قيادتي حماس وفتح الفلسطينيتين وبقية القيادات الفلسطينية الفاعلة إلى حضور هذه القمة لما من شأنه حل الخلافات ورأب الصدع في الصف الوطني الفلسطيني وبما يخدم مصلحة الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.