بدأ من القاهرة بسورة يوسف وعاد إليها بحفل جماهيري
كتب / أحمد غانمبدا الحضور الجماهيري الكبير لحفل المنشد مشاري راشد العفاسي في القاهرة مؤشرا على رغبة شرائح جديدة من المصريين في كسر احتكار المطربين والمطربات لقلوبهم عبر حفلات الإنشاد الديني.الحفل الذي أقيم في الـ19 من نوفمبر/تشرين الثاني بدأه العفاسي بقراءة سورة الفاتحة، وتبعه بإنشاد بعض قصائد دينية مثل (أنت مين) و(نصلي عليه) و(أنت المعين) و(طلع البدر) و(ربنا)، وشبهه الحضور ليلتها بقيثارة السماء.اللافت أن مصر كانت هي البقعة التي شهدت سطوع نجم العفاسي في عام 1998م، عندما سجل بصوته سورة (يوسف) في أستوديو صغير، وبعدها جاء موعد إصداره المصحف المرتل كاملا برواية حفص عن عاصم، وصدر من مصر أيضا ليلة الأول من رمضان 1424هـ - 2003م.لم يكن اسم مشاري راشد العفاسي معروفاً -على الأقل عربيا- كمنشد وقارئ للقرآن الكريم، قبل أن يطل على جمهوره عبر قناتين حملتا اسمه وهما (العفاسي للقرآن الكريم) و(العفاسي tv)، وهي مخصصة للإنشاد الديني.لم يكتف العفاسي وكنيته (أبو راشد) بالتلاوة، فأصدر عديدا من القصائد ومتون علم القراءات أشهرها (الشاطبية) و(الدرة)، وأداها بأسلوب رائع يسهل حفظها للطلبة، بالإضافة إلى القصائد الزهدية، وتغنى بقصيدة حسان بن ثابت (حصان رزان) في الذود عن عرض أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ومدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بـ(عيون الأفاعي).كان العفاسي صغيراً حينما التحق بحلقات القرآن الكريم بمسجد يجاور منزله، وتسبب الغزو العراقي للكويت بداية التسعينات في انقطاعه عن المسجد، لكنه سرعان ما عاد لجلسات القرآن مرة أخرى عقب التحرير مباشرة.سمح له مؤذن المسجد بالأذان والإمامة، ولا ينسى العفاسي أول مرة أم فيها الناس للصلاة؛ فقد كان يرتجف خوفاً، وظل بعدها يجلس بمفرده يحفظ القرآن صفحة وراء أخرى إلى أن ختمه كاملا، وهو في المرحلة الثانوية.ذهب بعدها الشاب الكويتي مشاري إلى المدينة المنورة ليدرس في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية؛ فأخذ منها الإجازة على يد مشايخ مصريين منهم العلامة أحمد عبد العزيز الزيات وإبراهيم علي شحاتة السمنودي وعبد الرافع رضوان والدكتور أحمد عيسى المعصراوي.تأثر العفاسي بثلاثة مشايخ في رحلته مع القرآن الكريم؛ الشيخ مصطفى إسماعيل وتعلم منه علو الصوت، والشيخين محمد أيوب، وعلي جابر إمام الحرم المكي الراحل رحمه الله، وتعلم منهما التنوع في القراءة.زار العفاسي شيخ مقرأة الجامع الأزهر عبد الحكيم عبد اللطيف ذات مرة؛ فنصحه بتلقي علوم القرآن وقراءاته على يد مشايخ وألا يستقيه من الكتب.أتقن العفاسي رواية حفص عن عاصم وقرأ بها مصحفه الأول؛ الذي نزلت نسختاه الأسواق عامي 2003 و2010م، وقرأ بها أيضاً حينما وجهت له الدعوة لصلاة التراويح والقيام في مسجد بكاليفورنيا، وهو يستعد حالياً لتعلم رواية (ورش) إحدى قراءات القرآن العشر.قناة العفاسي رغم أنها تحمل اسمه لكن تعود ملكيتها إلى فيصل العيسى، والعفاسي شريك فقط بجهده واسمه، وبخلاف القناة يوجد راديو العفاسي للقرآن الكريم، وهو برنامج يبث على الإنترنت تلاوة على مدار الساعة.ويرفض الشيخ مشاري مصاحبة فرق موسيقية معه؛ لكونه من أرباب الرأي بتحريم المعازف باستثناء الدف، ويكتفي العفاسي بـ(كورال) يؤدي خلفه وله عديد من الألبومات الإنشادية؛ مثل (حنيني، وقلبي الصغير، وذكريات، وعناقيد).غنى الشيخ مشاري بالعربية والإنجليزية والفرنسية، أنشد للشباب وعيد الحب والمخدرات والإرهاب والطفل والأم.من قناعات الشيخ العفاسي رفضه للأحزاب؛ حيث يراها تفريقا لشمل المسلمين وضد مقاصد الدين، مدللاً على موقفه بقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).[c1]العفاسي يحكي عن نفسه[/c]ولد الشيخ مشاري العفاسي يوم الأحد 11 رمضان (شهر القرآن) 1396م هجرية الموافق 5 سبتمبر/أيلول 1976م، وتزوج ورزقه الله بثلاث بنات وولد، ويكني نفسه بـ(أبي راشد)، عينته وزارة الأوقاف الكويتية مشرفاً إداريا بالمسجد الكبير بالكويت، لكنها فرغته لقراءة القرآن وإمامة المصلين.في الأيام العشر الأواخر من رمضان من كل عام يؤم العفاسي حوالي 150 ألف مسلم هي سعة المسجد الكبير بالكويت، ومن شدة تأثره بالتلاوة يبكي العفاسي ويبكي من خلفه.ويحكي مشاري عن نفسه قائلاً: (لم أكن أتخيل أن أصبح مشهورا، لم أخطط يوما أن أكون قارئا أو إماما، فأنا شديد الحياء، لم أعتد مواجهة الناس، أقرأ القرآن في الاستوديو وفي الإمامة أعطيهم ظهري، لست من محبي الظهور والإعلام، ونادرا ما أصعد المنابر).حب الشيخ (السلفي) للهندسة الصوتية جعله يذهب إلى أمريكا ليحصل على دورة فيها، وسببان كانا وراء تحوله للإنشاد، أولهما أنه لا يحب التغني كثيرا بالقرآن فوجد فسحته في الأناشيد.أما السبب الثاني فيرويه قائلاً: (كنت جالساً ذات مرة في الاستوديو وأخذت أنشد قصيدتين وانتشرت تسجيلاتهما على الإنترنت بين الشباب، ووجدت بعضهم يبكون من شدة التأثر، ساعتها أيقنت أن الأنشودة هي طريقي في الدعوة إلى الله).