أضواء
زيادة عدد الفقهاء من المذاهب الأربعة في هيئة كبار العلماء هو بالتأكيد قرار يصب في مصلحة الإصلاح الديني و الخروج من دائرة المذهب الواحد الذي لا يمكن لأحد أن يدّعي له العصمة و خطوة تحسب للملك عبد الله الساعي دائماً لما يصلح هذه البلاد. لا شك أن الإصلاح الديني من أهم عناصر مشاريع الإصلاح عبر التاريخ , و هناك من الباحثين والاجتماعيين الكبار من قدمه على الإصلاح السياسي و الإصلاح الاجتماعي و الإصلاح الإداري. غير أن هذه الخطوة تحتاج إلى استصحاب التدابير الواقية التي من شأنها أن تبقي محتوى هذه الخطوة الإصلاحية في جوفها , و ذلك بأن يبث الوعي في الناس عامتهم و خاصتهم بأن كل هذه المذاهب الفقهية هي مذاهب سائغة و لا غبار عليها و لا بأس للمؤمن أن يتعبد لله بها و أن يتبع مفتيها و فقهاءها و أنه لا يلزم أحد باتباع مذهب معين دون غيره و أن مثل هذه الاشتراطات ليست من الإسلام في شيء أصلاً. للوصول لهذه الغاية, يمكن أن تستخدم القنوات الإعلامية و الفضائيات و الصحف الدينية لمثل هذا الغرض , لكي يرى الناس شيخاً مالكياً - مثلاً - يفتي في برنامج ثابت في قناة حكومية أو شبه حكومية أو يكتب في صحيفة سيارة في زاوية ثابتة. نقطة أخرى مهمة و إن كانت فرعاً عما سبق , هي ما يتعلق بالأمر و النهي و المعروف والمنكر , فقد تقرر في صدر الإسلام و قرونه الأولى بعد أن قضى الشوافع و الأحناف فترة من الخلاف وصلت إلى الشك في صحة صلاة بعضهم البعض, ثم أدركوا أنه لا يمكن أن يقنع الواحد صاحبه بغير ما تعوّد عليه فوصلوا لحل جيد هو أنه لا إنكار في مسائل الخلاف , خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمذاهب المعروفة و التي يتبعها أعداد غفيرة من المسلمين , فما دام أن المسلم قد تبع إماماً معروفاً فالإنكار عليه و تأنيبه لا يسوغ بأي حال من الأحوال و لا بد أن نخرج من التناقض الذي نراه في هذه المسألة بين التنظير و التطبيق, حتى و إن ظن المنكر أن الناس قد خالفوا النص , فردم الفجوات بين الناس و التقارب بين المذاهب يفرض أن يجتمعوا على هذا , و الخلاف على النص لا يتعلق فقط بمسألة ثبوته من عدم ثبوته, بل قد يكون ثابتاً عند الطرفين منذ القدم , لكنهما اختلفا في فهمه , ففهم أحدهما الكراهة و فهم الآخر التحريم و فهم واحد الوجوب و فهم آخر الاستحباب, لا يمكن أن يصلح الحال إلا بهذا . [c1]*عن صحيفة (الوطن) السعودية[/c]