مع الأحداث
تنحدر الرأسمالية الغربية نحو انهيارها..وقد تصدرت على الواجهة الإعلامية..الازمة المالية في العالم الغربي والتي تعصف - بقوة - باقتصاديات معظم دول قارات العالم أجمع،وتلك الدعوات والجهود الحثيثة لإصلاح الخلل في النظام المالي المنهار،وإعادة النظر في السياسة الخارجية ولاقتصادية للعالم الرأسمالي الغربي ومشاركة الآخر في المساهمة بهذا الإصلاح للنظام الرأسمالي،والبدء بفتح مليارات الدولارات لدعم النظام المالي من الوقوع والانهيار المبكر،ومحاولة التماسك الاقتصادي ليتعافئ النظام الرأسمالي من دون خسائر تذكر،والتي إن حدثت ستجرف في طريقها اقتصاديات ثلاثة أرباع دول العالم بمن فيهم الدول العربية واقتصاديات غالبيتها وبلا رحمة.وفي سياق هذه الأزمة المالية التي تعصف بالرأسمالية الغربية أتذكر ما قاله لينين-فيلسوف الثورة الشيوعية،وقائد البلشفية الروسية-في أحد أقواله الكثيرة والشهيرة ومنها مقولته((إن الشيوعية هي أخر مراحل الرأسمالية))وقد قيلت هذه العبارة بعد الحرب العالمية الأولى،وسيطرت الثورة البلشفية على روسيا بقيادته كفيلسوف النظرية الاشتراكية ومطبقها ولكن الغريب في الأمر أن تلك النظرية الاشتراكية لم تتنبأ بإنهيارها وسقوطها وأفول نجمها عن الأرض بعد ستة عقود من سطوعها!!..وكان بذلك السقوط علو شأن الرأسمالية لاحقاً وعلى حساب سقوطها!..وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي - كقطب ثانٍ سيطر بالتوازن على ميزان القوى بعد الحرب الثانية مع الولايات المتحدة الأمريكية لنصف قرن من الزمن!،وبعد أفول نجم القطب الثاني للقوة في العالم -أي الاتحاد السوفيتي أصبح العالم كله مسرحاً واحداً يلعب به لاعب واحد وحيد ورمز قويً للرأسمالية الغربية وأقطابها..وكان من الطبيعي أن يعتقد هذا اللاعب - أي القطب الأوحد - على كوكب الأرض أن تسود توجهاته السادية،وسياسته كل دول العالم بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني،أو بعد المسافة الفاصلة بينهم وبينه،وبغض انظر أيضاً عن اختلاف المذاهب والمشارب السياسية لهذه الدول ومجتمعاتها..المهم أن تنقاد هذه الدول،أو التكتلات الاجتماعية إلى حيث يريد هذا القطب ألأوحد-أمريكا -وأن يسوقها إليه سوقاً..وهذا هو بعينه ما ساد عقيدة أكثر الإمبراطوريات القديمة بدءاً من أقدم أمبراطورية في التاريخ الإنساني ككل-الامبرطورية الرومانية وانتهاءً بالامبرطورية البريطانية،وهذا الاعتقاد مارسته وتمارسه بقوة السلاح أو غيرها((الولايات المتحدة الأمريكية))ضد دول العالم كقوة رأسمالية وسياسية وعسكرية عظمى،وهي بذلك تحاول فرض هيمنتها وسيطرتها الكلية على مقدرات الشعوب بحجة أن مصلحة - أمريكا - يبررها التفرد..وإن كل ما تراه في سياستها واتجاهها صواباً فهو إذاً كذلك في عرقها-.وقد أخبرنا التاريخ الإنساني وكل الشواهد أيضاً تخبرنا إن الامبرطوريات تقوم ثم تزول،وعندما تفقد تلك الإمبراطوريات أساسها الأخلاقي والقانوني تكون قد عجلت بانحدارها وانهيارها!..ناهيك عن اكتساب العداوة والكراهية لها ونظامها الاقتصادي والتقسيم الاجتماعي اللاعادل، والعنصرية في التعامل مع الآخر،ومع التكتلات والشعوب المختلفة في دول العالم الخانع لإدارة وسيطرة صاحب القوة والسلطة،وفي شتى أصقاع الأرض،والاقتصاديات الناشئة جراء استمرار هذه السيطرة والتعسف الرأسمالي -الإمبراطوري الجديد وها هي الرأسمالية العالمية اليوم تجاهد بكل ما أوتيت من قوة لإنقاذ هذا التوجه الرأسمالي الذي أتخذ مساراً مغايراً عما خطط له أربابه الأوائل،والحفاظ على بقائه مشيداً،وحراسته من أن تصيبه نبوءة((البلشفي الشيوعي))-لينين-الذي تنبأ بما يحدث اليوم والسير نحو الزوال!..ويحاول قادة العالم الرأسمالي اليوم جاهدين إيجاد ما ينقذ هذا التوجه من خلال خطة أسموها((خطة الإنقاذ)).وتذكرنا هذه الخطة بـ((البروسرويكا الروسية))التي خرج بها الحزب الشيوعي الروسي لانقاذ التوجه الاشتراكي فكانت هي من دق أخر مسمار الاشتراكي؟،فهل تفعل خطة الإنقاذ نفس ما فعلته البروسترويكا بالنظام أم أنها ستنجح؟وبمعية العالم الثالث ولاقتصاديات الناشئة في قارة أسيا وأفريقيا،ضمن إطار نهج العولمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والآتية من قبل النظام الرأسمال الغربي والتي ستكون عرضة لأن يطالها انهيار هذا النظام الاقتصادي والمالي العالمي كما انهارت المنظومة الاشتراكية من قبل،وبالأخص تلك الأنظمة الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد الرأسمالي!!ومن وجهة نظرنا يسير لها فك هذا الارتباط غير المتكافئ،والبحث عن قاعدة اقتصادية قوية تحميها من شر انهيار هذا النظام المالي المتأزم..وسفك ارتباطها الوثيق بالدولار المتقلب،والذي يبدو سيعجل بانهيارها كلية كما انهارت تلك الامبرطوريات القديمة السابقة،والتي اعتمدت على أموال غيرها في حقيبة اقتصادها المالي.والأمل يعزو في نشوء نظام مالي جديد يعتمد في قوته على اقتصاديات أصحابه وحقائبهم المالية المتخمة وأنظمتهم الخاصة بهم من دون الاعتماد على أموال الأخر في اقتصادياتهم ونمو قدرتهم الإنمائية والاقتصادية.