أقواس
هناك العديد من شعوب العالم تعاني معاناة حقيقية وتحيا في كنف الجهل والتخلف وقلة الحيلة بسبب شحة مواردها الاقتصادية وافتقارها لثروات نفطية ومعدنية في ظل انتقال العالم من مرحلة الحرب الباردة وسباق التسلح إلى مرحلة العولمة وصراع “الاقتصاديات” في العالم.نعم.. العالم تبدل تماماً في العقدين الأخيرين كما تعلمون تبدلاً أحدث الكثير من التغيرات في ملامح السياسة الدولية الجديدة حيث نقل الصراع بين التكتلات السياسية الكبرى من مساحة الآلة العسكرية والحربية إلى مساحة الآلة والعقول الاقتصادية حيث تدور اليوم حرب ضروس على قاعدة “ البزنس “ السياسي وهو أمر تعيشه حتى الشعوب الصغيرة والدويلات الأصغر.. هذا هو العالم الجديد للأسف الشديد وهذه هي ملامحه البشعة الجديدة.كما أسلفت هناك العديد من شعوب العالم تعاني من شحة مواردها الاقتصادية في ظل صراع اقتصادي مرير عالمي وارتفاعات جنونية لا حدود لها لأسعار المواد والسلع الغذائية والنفطية والبترولية والخامات المختلفة إلا أن هذه الشعوب أو الدول استطاعت أن تحول الرمال والجبال والبحار والأنهار والبحيرات والمناظر الطبيعية الخلابة إلى ذهب حقيقي من خلال إتقانها وإلى حد كبير ومذهل للصناعة السياحية التي أصبحت وسيلة اقتصادية عملاقة تعمل على رفع المستوى المعيشي والاجتماعي والسياسي والحضاري وتحقق قفزات نوعية في حياة أي مجتمع إنساني.لقد استطاعت شعوب كثيرة تعاني من قلة الموارد الاقتصادية تحقيق نقلات جبارة في حياتها الاقتصادية من خلال فن صناعة السياحة وقلت فناً لأن هذه الصناعة فعلاً تحتاج إلى عقليات شفافة تتلمس معنى الحضارية والجمالية وتقرأ روح الماضي وترسمه واقعاً إنسانياً من خلال لوحة أو صرح تراثي قديم يتم تلميعه بشكل أو برؤية عصرية جديدة ولمسات جمالية فنية تربط الماضي بالحاضر بشكل لا يجافي الأحاسيس والمشاعر.فمصر على سبيل المثال أو لبنان أو سوريا أو الأردن. هؤلاء الأشقاء الرائعون حقاً استطاعوا تحسين أوضاعهم الاقتصادية من خلال فن صناعة السياحة حيث أقاموا القرى السياحية بالقرب من موروثاتهم الحضارية أو إرثهم التاريخي بشكل جميل ومرسوم كأنها ريشة فنان حقاً.أيضاً هذه الدول الشقيقة تقيم مهرجانات فنية سنوية لتحريك عجلة السياحة لما فيه الصالح العام والارتقاء بالعملية السياحية الهادفة رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة التي يعني وجودها ازدهار في كل مناحي الحياة اقتصادياً اجتماعياً سياسياً وهو غاية كل الشعوب.ونحن متى سنشغل تاريخنا وآثارنا وفننا لتطوير السياحة في بلادنا.. متى سنشغل التنوع المناخي الجميل الذي ننعم به.. متى سنشغل جمالية الجزر اليمنية المتناثرة هنا وهناك.. متى سنبني قرى سياحية عملاقة يشار إليها بالبنان.متى سندرك النعم التي حبانا الله بها.. في السهل والجبل و في القلاع والحصون والمعابد والأطلال التاريخية الزاخرة بها محافظاتنا.متى ستقام المهرجانات السنوية الفنية لتفعيل السياحة وتنشيط دورها في خدمة البلد وتحريك الأيادي العاملة للشباب الذي يعاني من شبح البطالة والإحباط .متى سيكون هناك فن حقيقي نصنع من خلاله سياحة بحق وحقيق.