حدث وحديث
يكثر الحديث بين الناس هذه الأيام عن غلاء الأسعار وعن الأوضاع المعيشية الصعبة والمتردية إلا أن البعض ممن لا يحتاجون لكي يشعروا بهذه المعاناة ولا تشغلهم أو تؤرقهم هواجس فواتير الماء والكهرباء والمجاري وأسعار المواد الغذائية ودفاتر وحقائب وملابس طلاب المدارس, يحلو لهم الحديث والدندنة عن قضايا أخرى لها علاقة بالترف الفكري والمكايدات السياسية التي لا طائل من ورائها من قبيل الدندنة حول قضية الجنوب والشمال وحديث ما قبل الوحدة وحرب الانفصال وكأن هؤلاء يتحسرون على ماضي قد مضى وانقضى وولى وحالهم يشبه حال الوصي الذي لم يكلفه أحد أو يطلب منه القيام بهذه المهمة والدندنة والعزف على وتر الوصاية على جزء من الوطن الكبير على طريقة الإقطاعيين القدامى الذين يعتقدون أنهم الأحق بامتلاك الأرض وأنهم ورثتها الشرعيون بعد مرور (17) عاماً من عمر الوحدة المباركة ولا يشعرون بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم فقط.وأما عن حديثهم عن قضايا الناس ومعاناتهم ما هي إلا شماعة للوصول إلى قلوب الناس الذين لا يسمعون لقولهم لأنهم ملوا من شعاراتهم الزائفة وتنظيراتهم التي لا تغني ولا تسمن من جوع فالذي يسمن ويشبع هو رغيف الخبز, والشعير قبل الشعر كما يقال.وإلا فقولوا لنا كيف نصدق بأن الرجل الشبعان والمستثمر المترف يشعر بما في بطن الجائع, وكيف نعيش ونشوف رجل العدل والقضاء والقانون والمحاماة يعادي أحد الخصمين المتعارضين وهو في الوقت نفسه القاضي والحكم العدل بينهما وهو نصير الحق والمظلومين والضعفاء..!يحدث هذا في زماننا هذا فلا عجب ولا استغراب..!!وبالعودة إلى ثرثرة القيل والقال عن الجنوب والشمال حاولنا التوسل بلغة المقال التي طغت على لسان الحال من أجل الاتعاظ والتذكر والتذكير والاعتبار فتبين أن الجنوب هو الجهة المناظرة لجهة الشمال كتناظر اليد اليمين لليد الشمال في الجسد الواحد وأن الجنب والجانب: مصدر أجناب وجنوب وجوانب: هو شق الإنسان أمالين الجانب فهو سهل المعيشة أو سهل القرب أو رقيق الجانب لطيف, والمجنوب: كل طائع منقاد.وجنب إليه : مال وأشتاق.أما من لا يحبذون هذه المعاني ولا يستسيغونها ولا تستهويهم فيميلون إلى دلالات الاشتقاقات الأخرى المعبرة عن الانقسامات من أمثال: أجنب الرجل: تباعد.الجنب: البعيد.الجار الجنب: الجار من قومك أو البعيد.أما عن الشمال: فهو الجهة المناظرة لليمين أو الجنوب.ومعناه طبع الإنسان.والشمل: جمع الله شملهم.أما من يحب الاشتقاقات التي توحي بالتفرق والتباعد.فيميل إلى معنى فرق الله شملهم.وإلى الشماليل: إي متفرقين.اللهم لا تجعلنا من الفرقاء!!