أضرار التدخين
إعداد/ زكي نعمان الذبحانيقبل 50 عاماً مضت لم تكن هناك أدوية متاحة لشفاء المصابين بدرنيات السل، لكن الوضع بعد ذلك تغير فصار العلاج متاحاً، بل ومضمون الفاعلية لتحقيق الشفاء بإذن الله، شرط التماسه بشكل مبكر وتدارك الحالة من البداية قبل ان يستفحل الأذى والخطر بإحالة المرضى وحاملي العدوى وكل من يحمل أعراضاً شبيهة بأعراض السل المذكورة آنفاً إلى اقرب مركز من مراكز المكافحة من قبيل إجراء الفحوص اللازمة لتحري الأمر، وتقرير وضع الحالة وما يناسبها من علاج ورعاية.وليس بالضرورة بمجرد تلقي المرء لعدوى السل ان يصبح مريضاً وتظهر عليه أعراض المرض وعلاماته، فالجهاز المناعي كفيل بإيقاف جراثيم السل، لكنها في الوقت ذاته تكون محمية بجدار سميك يمكنها من البقاء حية بداخله لسنوات وسنوات. وبضعف مناعة حامل العدوى ومتى سنحت الفرصة، ينكسر الحصار فتنشط تلك الجراثيم وبذا تزداد فرص الإصابة وظهور الأعراض وتبعاتها بشكل أكبر.أن هذا لا يخفي حقيقة المرض المروع، فقد سقى البشرية جمعاء كؤوس الألم والمعاناة ومن ثم الوفاة، ولاتزال المعاناة ماثلة حتى زماننا هذا حيث يلقى ما يقارب مليون وسبعمائة ألف شخص حتفهم بسبب هذا المرض.والسل حقيقة مرض تسببه بكتيريا عصوية الشكل تتمتع بقدرة كبيرة على مقاومة الجفاف ومقاومة دفاعات الجسم، وهو أيضاً واسع الانتشار لدرجة تجعل أيا منا عرضة لعدواه إن لم نأخذ حذرنا منه، ويصنف ضمن قائمة الأمراض الوبائية القاتلة.انه يقتل من البشر حول العالم أكثر مما يقتله مرض الملاريا والايدز باجتماعهما، وفتكه بالنساء يفوق من حيث العدد كل أسباب وفيات الأمهات، ويقتل من الشباب والبالغين حتى اليوم أكثر مما يقتله أي مرض معدي آخر. أما ضحاياه من الأطفال فهم زهاء (100.000 طفل).لا يزال السل على المستوى المحلي يمثل إحدى أهم مشاكل الصحة، ففي تقرير للبرنامج الوطني لمكافحة السل يقدر عدد حالات الإصابة بالسل استناداً إلى إحدى المسوحات القديمة بنحو (14.000) حالة، أما الحالات المسجلة التي تم اكتشافها حتى الآن فهي حوالي 9000 حالة إصابة.وللعدوى بهذا المرض أشكالاً متعددة، فقد يصيب أي عضو آخر في الجسم خارج الرئتين، كالعمود الفقري، الأمعاء، العظام والمفاصل، الغدد الليمفاوية، الدماغ والسحايا.. الخ، بيد أنه غالباً ما يصيب الرئتين بنسبة تزيد على 80 من حالات الإصابة (إيجابية اللطخة).والسل ـ كما يقول الدكتور أمين العبسي: "مرض معدي، شأنه شأن الزكام أو نزلات البرد ينتقل باستنشاق الرذاذ المتطاير في الهواء المنبعث من فم أو أنف المصاب بهذا المرض بفعل العطس أو السعال أو بفعل بصاقه أو لعابه دون الالتزام بقواعد النظافة، كذلك بمشاركة المريض الشرب من إناء واحد أو استعمال بعض متعلقاته الشخصية كالمناديل والمناشف وكافة الأشياء التي يقع عليها شيء من افرازات أنف المصاب أو لعابه.فلو ترك مصاب واحد بالسل دون معالجة فسوف يتسبب سنوياً في نقل العدوى بين 10 ـ 15 شخص.وتبين المصادر الطبية أن أعراض السل الرئوي تظهر تدريجياً، لا يلاحظها المريض إلا بعد عدة أسابيع من تلقيه العدوى وربما بعد أشهر، حيث تتراوح مدة حضانته من 4 ـ 14 اسبوعاً.وأهم ما يميز أعراض هذا المرض وعلاماته:ـ سعال متواصل ومزمن، خاصة فور الاستيقاظ من النوم.ـ حمى خفيفة.ـ تعرق بغزارة أثناء الليل.ـ شحوب في الوجه والجلد.ـ فقدان الشهية للطعام.ـ ألم في الصدر أو في أعلى الظهر.ـ وهن وهزال، وفقد مستمر للوزن.ـ صعوبة في التنفس.وثمة أمر يجب التنبه إليه وهو أن الطفل الذي يسعل لفترة أسبوعين أو أكثر ويتنفس أكثر من 50 مرة في الدقيقة ربما يعاني من التهاب رئوي أو من السل الرئوي.كما أن أعراض داء السل إذا ألمت ولم يلق لها بالاً، أو أن علاجه أهمل ولم يأبه المريض بنصائح الطبيب المعالج فمن الممكن ان تشتد أكثر وتسفر عنها مضاعفات خطيرة تزداد معها معاناة المريض وتشكل خطراً على سلامته، لعل ابرزها:ـ سعال يصاحبه خروج الدم.- حدوث فجوات في الرئة مع نفث للدم مما قد يستدعي استئصال الجزء التالف.إلى جانب ذلك يظل المصاب بالسل عرضة للوفاة في مراحل متقدمة من الإصابة عندما تسوء حالته كثيراً.وإضافة إلى ما تقدم تزداد الوفيات بشكل كبير جراء هذا المرض بين الأطفال دون السنتين من العمر وبين المتقدمين في السن (فوق سن الخمسين).بالتالي كلنا مطالبون بتجنب عدوى السل ما أمكن بالابتعاد عن مصادر نقل العدوى وكل ما يقود إليها، وعلى المرضى كذلك التحلي بروح المسؤولية بأن لا يعرضوا الآخرين للعدوى، وذلك باتباع جملة من التدابير والإرشادات الوقائية أهمها:ـ تجنب السعال أو العطس في وجوه الآخرين، والحرص على وضع مناديل لتحول دون ذلك.ـ التخلص السليم من المناديل والأقمشة الملوثة بمفرزات الفم والأنف للمريض.ـ تجنب البصق على الأرضيات والأسطح أو على الأدوات وما شابه.ـ الامتناع عن التدخين باشكاله المختلفة كونه يزيد من تفاقم حدة المرض، ومن شأن تداول تدخين المداعة والشيشة بين الناس تسهيل وتيسير نقل العدوى ونشرها بين المدخنين.وتذكر المصادر إن من شأن اتخاذ جملة من الإجراءات الحاسمة العمل على الحد من انتشار عدوى السل، من مثل تحسين الأوضاع والأحوال الصحية والاقتصادية والاجتماعية للناس، خاصة ما ارتبط منها بظروف المسكن، كالتهوية المناسبة والتغذية الملائمة.. الخ، إلى جانب الاكتشاف المبكر للحالات، لاسيما بين الفئات الأكثر عرضة للعدوى، مثل مخالطي المرضى، السجناء ونزلاء المصحات، وذلك من خلال اخضاعهم للفحوص اللازمة وفحص البصاق، بالإضافة إلى إجراء صور إشعاعية للصدر.فيما يتوجه المختصون بنصائحهم إلى المريض بالسل بعدم أهمال العلاج الذي قرر له وان لا ينقطع عن تناوله ويدع نصائح طبيبه المعالج، وإلا استعصت الأعراض واستعصى معها أيضاً علاج المرض لدرجة تفقد الأدوية المتوفرة جدواها في وقف المرض وما قد يقود إليه من مضاعفات خطيرة ومهلكة، حيث يؤدي إلى زيادة مقاومة عصيات السل للأدوية وعدم نجاح خطوات العلاج.كما يجب الالتزام بخطة البرنامج الوطني لمعالجة السل (الدرن)، وهذا يستوجب تعاون الأطباء بإحالة المرضى المشخصين أو الذين يشتبه إصابتهم بالمرض إلى مراكز البرنامج، والا يصفوا لهم أية أدوية لا تتفق مع سياسة البرنامج حتى لا تعجل بظهور حالات الدرن المقاوم للدواء.من ناحية أخرى يبقى على الجميع معرفة ان تواصل واستمرار السعال لدى أي شخص لأكثر من ثلاثة أسابيع يستدعي بالضرورة مراجعة الطبيب المختص للتأكد مما إذا كان سببه الإصابة بعدوى السل أو أنه نتيجة للإصابة بالتهاب في الجهاز التنفسي، فمن باب أولى ان نحتاط إذا ما ظهر لدينا هذا العرض، وإلا يكون للاهمال مكان بيننا.ويظل لزاماً على مريض السل ان يعي جيداً أهمية وضرورة استمراره في المعالجة وفقاً للمدة التي يقرها الطبيب المعالج، فالالتزام بمواصلة العلاج يساعد على الشفاء، أما إذا لم يلتزم بمواصلته وظل على إهماله، فبالطبع لن يشفى، بل ربما يموت أو يتحول المرض لديه إلى حالة مزمنة يصعب علاجها.* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكانيبوزارة الصحة العامة والسكان