د.فهد محمود الصبريإن العلاقة بين السكان والتنمية علاقة أساسية من الناحية العلمية والعملية.فإذا نظرنا إلى العلاقة بين السكان والتنمية من منظورين:اقتصادي،يرى ضرورة أن تسخر كافة الجهود والإمكانيات المادية والبشرية للتنمية الاقتصادية ولو على حساب صحة السكان وحقوقهم في التعليم والحياة الكريمة ومنظور اجتماعي يرى أن الأولوية يجب أن تعطى للناس الذين هم الهدف الأساسي للتنمية من حيث تخصيص الأموال لرفع مستواهم المعيشي’وليس ادخارها أو استثمارها في مشاريع لا تعود عليهم بالنفع إلا بعد فترة طويلة من الحرمان والمعانة.وساء نظرنا إلى المشكلة السكانية من المنظور الاجتماعي أو الاقتصادي تظل هناك مشكلة تقف عائقاً أمام التنمية تحتاج إلى حل مدروس وفق خطط وبرامج محددة.وتكمن هذه المشكلة في عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وبمعنى آخر:زيادة عدد السكان دون تزايد بين فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل وارتفاع المستوى الاقتصادي. فتظهر المشكلة بشكل واضح متمثلة في معدلات زيادة سكانية مرتفعة ومعدلات تنمية لا تتماشى مع معدلات الزيادة السكانية،وانخفاض مستوى المعيشة،أي أنه لا ينظر إلى الزيادة السكانية كمشكلة في حد ذاتها وإنما ينظر إليها في ضوء التوازن بين السكان والموارد.فهناك كثير من الدول ترتفع فيها الكثافة السكانية ولكنها لا تعاني مشكلة سكانية،لأنها حققت توازناً بين السكان والموارد.والمشكلة السكانية لا تتمثل فقط بالزيادة السكانية وإنما تتمثل أيضاً بنقص السكان،وبالتالي فإن الأزمات والمشكلات المرتبطة بالمشكلة السكانية تعرب عن نفسها من خلال نقص الأيدي العاملة،وتدني مستوى الإنتاجية،ومشاكل مرتبطة بالأسرة..إلخ.وبهذا نجد أن المشكلة السكانية ليس لها قانون عام ولا تأخذ المعنى نفسه أو النتائج نفسها في كل المجتمعات وعلى اختلاف المراحل،بل إن لكل مجتمع ولكل مرحلة معطياتها الاقتصادية وغيرها التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية.وتنبع المشكلة السكانية في اليمن أساساً من عدم التوازن بين عدد السكان الذي بلغ حتى مايو 2004م حوالي 22مليون نسمة،وفقاً لآخر تعداد سكاني،وبين الموارد والخدمات. وهو ما يفسر عدم إحساس اليمنيين بالتنمية الحاصلة.وقد توقعت الإسقاطات السكانية الأخيرة التي نفذها المجلس الوطني للسكان بالتعاون مع المركز الوطني للإحصاء والشركاء من المانحين أن يزيد عدد السكان ليصل إلى نحو 34 مليون نسمة بحلول عام2025م في حال استمرار معدل الإنجاب الكلي الحالي. وإذا استمر عدم التوازن الحاصل بين تزايد أعداد السكان وعدم التقدم في معدلات التنمية الحالية سوف تزداد المشكلة السكانية كل يوم تعقيداً.
تحديات حقيقية للتنمية
أخبار متعلقة