صدمة الحداثة
عندما ترجم العرب أفلاطون وأرسطو وسقراط خرج من بينهم الفارابي وإبن سيناء وإبن رشد وإبن خلدون .. وعندما ترجم الأوربيون إبن سيناء والرازي وإبن رشد ومعهم ارسطو وفيثاغورث وغيرهم من العلماء والفلاسفة الأغريق الذين كان للفلسفة العربية فضل تعريف أوروبا بهم ، خرج من بينهم ديكارت وكانط واينيشتاين وهيغل وفولتير وغيرهم من قمم النهضة العلمية و الفكرية الأوربية في العصر الحديث . بالتوازي مع هذا الإتجاه استوعب الرعيل الأول من طلائع الفكر العربي المعاصر صدمة الحداثة على أثر إحتكاكهم بالحضارة الغربية في عصر الإستعمار أواخر القرن التاسع عشر ، وشرع بعضهم إلى ترجمة ديكارت وهيغل وكانط وفولتير ، فخرج من بينهم رفاعة رافع الطهطاوي ومحمد عبده ولطفي السيد وأحمد أمين وطه حسين و قاسم أمين وغيرهم من روّاد النهضة الفكرية التي انطفأت في الثلاثينات ، على أثر ظهور جماعة " الأخوان المسلمين " وانبعاث الفكر السلفي المتشدد على يدها ، كرد فعل لإلغاء الخلافة العثمانية رسمياً في تركيا على يد حركة مصطفى كمال اتاتورك ، بحسب ما يراه المفكر البحريني د. محمد جابر الانصاري ( 9) . بعد عشرسنوات من هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1914م _ 1918م ، وإلغاء الخلافة الإسلامية رسمياً ، ظهرت جماعة " الأخوان المسلمين " في محاولة حركية لسد الفراغ الناشئ عن غياب دولة الخلافة في العالم الإسلامي ، وتطويق الأفكار القومية والإشتراكية والليبرالية التي تزامن انتشارها في العالم العربي والإسلامي مع سقوط نظام الخلافة وبناء أول نظام جمهوري في العالم الاسلامي على أنقاضه ، وقد تقاطعت مع اهداف الجماعة الوليدة مصالح متناقضة لقوى داخلية وخارجيـــــــة تركت ظلالا ثقيلـــــة على مسـيرة جماعــة " الإخوان " وتحالفاتها العربية والدولية وخطابها السياسي والآيديولوجي !! حرصت هذه الحركة على أن تزاوج بين الأفكار السلفية المعتدلة والمعاصرة للشيخ رشيد رضا والمخرجات السلفية للبيئات البدوية التي صاغت ـ في وقت لاحق ـ الجهاز المفاهيمي لفكر وثقافة ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وابن رجب الحنبلي ومحمد عبد الوهاب ، وجنحت إلى تكفير كافة المذاهب غير السنية كالجعفرية والزيدية والاسماعيلية والأباضية ، ولم تستثن من ذلك بعض الفرق السنية كالأشعرية والصوفية .كان حرص جماعة " الأخوان المسلمين " واضحاً على ربط هذه المخرجات السلفية بأكبر مرجعية سلفية متشددة في التاريخ الاسلامي ، وهي الأمام أبو حامد الغزالي ، ما أدّى إلى تمهيد التربة لولادة سلفيات أخرى مدمّرة , تمثلت بدايتها الأولى في سلفية سيد قطب المتطرفة ، حيث يصف الكثيرمن المفكرين كتابه التكفيري الشهير " معالم في الطريق " الصادر عام 1964م ، بمانفيستو الإسلام السياسي المتطرف ، الذي أنجب في ثمانينيات القرن العشرين حركات جهادية مقاتلة ومنظومات فكرية متطرفة في عدد من البلدان العربية والاسلامية على طريق إقامة دولة الخلافة !! . وقد اندمج معظم هذه الحركات في إطار" الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى " ، وتلاقحت افكارها المتطرفة في خلاصة البيان الذي صدر باسم هذه الجبهة في فبراير 1998م ، معلناً إنطلاق شرارة الحرب الدينية و" بدء المعركة الفاصلة بين فسطاط " الاسلام " الذي تمثله هذه الجماعــات ، و" فسطاط الكفر" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والدول الاسلامية المتحالفة معها والموالية لها , بحسب ما جاء في ذلك البيان. شكلت الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والنصارى " جهازاً خاصاً " مقاتلاً أطلقت عليه اســــــــــــــــــم " ا لقاعدة " وأعلن هذا " الجهاز الخاص " مسؤوليته عن عديد من التفجيرات والإعتدءات التي استهدفت مصالح أميركية وغربية ، وابرزها تفجيرات 11 سبمتبر 2001م الإرهابية في واشنطن ونيويورك . وبحسب فكر هذه الجماعات " لا يجوز أن يبقى شبر على الأرض لا يحكمه الإسلام وشريعته ، ولا يجوز ان يبقى انسان علي الأرض خارج دين الاسلام .. والله ما ارسل نبيه عليه الصلاة والسلام ليدعو ويبقى في مكانه , بل قال له ولأتباعه : ( وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) أي قاتلوهم حتى يكون الاسلام حاكما علي الأرض بمن فيها وما عليها " ( 10 ) يمكن ملاحظة جذور هذة الافكار في كتاب " معالم في الطريق " الذي قال فيه سيد قطب علي نحو قاطع : " ان العالم يعيش اليوم كله في جاهلية ، والإسلام لايقبل انصاف الحلول ... فاما اسلام واما جاهلية ، وليس هنالك وضع اخر نصفه إسلام ونصفه الآخر جاهلية " . ( 11 ) ويحدد سيد قطب بوضوح ودقة الطريق الذي يجب على المسلمين سلوكه من اجـــــــــل أن يتسلم الإسلام قيادة العالم بمن فيه وما علــــــــيه حيث يقول : " إنها لسذاجة أن يتصور الإنسان دعوة تعلن تحرير النوع الإنساني في كل أرض ، ثم تقف أمــــــــــام العقبات في وجه هذه الدعوة تجاهدها باللسان والبيان . فلا بد من إزالة هذه العقبــــــــات أولاً بالقوة " ( 12 ). ويرى سيد قطب أن الهدف الرئيسي للإسلام هو إزالة الأنظمة والحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر ، مشددا على الطبيعة الهجومية للإسلام ، ونافياً عنه في الوقت نفسه طابعه الدفاعي . ( 13 ) تجد النتائج والخلاصات التي وصل إليها سيد قطب ، مقوماتها في ذلك الحجم الهائل من العداء لدور العقل في الحضارة الإسلامية .. فقد سار سيد قطب على خطى آبي حامد الغزالي الذي يطلق عليه السلفيون صفة " الإمام المجدد حجة الإسلام " و يحظى بتوقير وتكريم شديدين في أوساط مختلف التيارات السلفية المتشددة والمتطرفة والمعتدلــــة على حد سواء ، ويعد القاسم المشترك فيما بينها بوصفه أشهر مرجع معادٍ للفلسفة والعقل النقـــدي في الموروث الفقهي الإسلامي .ولعل ذلك هو ما دفع المفكر المغربي د. عبد الإله بلقزيز إلى الإعتراف بأن الفقهاء والمفكرين المسلمين سبقوا هنتغتون في الترويج لموضوعه صدام الحضارات ، " فليس قليلاً ما كتبه أبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي وسيد قطب وأخرون ممن " لم يجدوا في العلاقة بين الحضارة الإسلامية وغيرها من حاكم سوى التناقض والصدام , حيث تشكل كتابات هؤلاء، المادة الثقافية الأساسيــــــة التي تغذّى منها جيـــــــــــــــــــلان من ( الصحويين ) ، جيل عمر عبد الرحمن وعبود الزمر وسعيد حوا وعبد السلام فـرج ، وجيل تنظـــــــــــيم ( القاعدة ) ومن ذهب مذهبهم في هذه الأفكـــــــــــــــــــار " . ( 14 ). والحال أن الفقه المعادي لدور العقل والفلسفة الذي صاغته وتمسكت به كافة المرجعيات السلفية باختلاف طبعاتها المتشددة والمتطرفة والمعتدلة ، يقود بشكل تلقائي إلى معاداة الثقافات والحضارات الأخرى التي يلعب النشاط العقلي دوراً حاسماً في الإنفتاح عليها وتمهيد التربة للتفاعل فيما بينها . ولذلك ليس غريباً أن يرتبط العداء لدور العقل النقدي وللفلسفة وعلم المنطق والعلوم الطبيعية وغيرها من المناشط العقلية التي انتعشت في مرحلة إزدهار الحضارة العربية الإسلامية وعصرها الذهبي ، ليس غريباً أن يرتبط هذا العداء , بمعاداة الثقافات الأخرى والخوف من التلاقح الثقافي معها بدعوى الدفاع عن الهوية والتمسك بالخصوصية ، وهو ما وصفه المفكر الاسلامي الكبير الدكتور أحمد كمال ابوالمجد بأنه دعوة إلى " الإنتحــار الحضــــــــــــاري " . ( 15) لاريب في أن ذلك يساعدنا على تفسير الدعوة إلى التمسك بنمط حياة الأسلاف وثقافتهم والتي تجد تعبيرها في قول سيد قطب : " إ ن الدعوة الإسلامية خرّجت جيلاً مميزاً في تاريخ الإسلام كله وفي تاريخ البشرية جميعها هو جيل الصحابة . وكان النبع الأول الذي استقى منه ذلك الجيل هو نبع القرآن وحده ، فكان له في التاريخ ذلك الشأن الفريد . وعندما صـُبّت في هذا النبع فلسفةُ الإغريق ومنطقهم ، وأساطيرُ الفرس وتصوراتهم ، وإسرائيليات اليهود ولاهوت النصارى وغير ذلك من رواسب الحضارات والثقافات في البلدان التي فتحها المسلمون ، اختلطت الينابيع ، واختلط هذا كله بتفسير القرآن ، وعلم الكلام ، كما اختلط بالفقه ، فلم يتكرر ذلك الجيل . وكان ذلك الإختلاط عاملاً أساسياً من عوامل ذلك الاختلاف البيـّن بين الأجيال وذلك الجيل المميـّز الفريد من السلف الصالح " . ( 16 ). العدوان على العقلمنذ أن تحوّلت الدولة الإسلامية إلى مُلك سُلطاني عضوض ، تعرّض مشروع الإسلام التغييري الثوري للتشويش والتلبيس والتعطيل ، إذْ أصبح الأمن الداخلي المطلق هاجساً رئيسياً للنخب الحاكمة التي لجأت إلى السيف والذهب _ الترهيب والترغيب _ لشراء السلام الداخلي وانتزاع الشرعية .. فكانت النتيجة نكوص وتراجع عملية التغيير لصالح التعايش مع مصالح واحتياجات البنى التقليدية السائدة في المجتمع وإعادة إنتاج ثقافتها وقيمها الجاهلية التي جاء الاسلام لتغييرها .من المفارقات الخطيرة أن الفقهاء تحوّلوا إلى رجال دين ونهضوا بدور هام في تأطير ذلك التعايش لصالح الطرفين (السلطة والبنى التقليدية في المجتمع) ، بعد دخولهم كشريك وسيط ضمن مفاعيل هذه العلاقة .كان النشاط العقلي يعد مظهراً للمعارضة ، إذْ يؤدي التفكير العقلي في نهاية المطاف إلى نقد البنى الداخلية للأفكار والظواهر, واقتراح وإبداع حلول جديدة لمشاكل المجتمع الإسلامي ، ولذلك تعرّض العقل للاضطهاد والملاحقة ، وقام فقه التشدّد بدور وظيفي خطير في العدوان على الدور النقدي للعقل . وبالنظر إلى الدور البارز الذي لعبه الفقه المتشدد ورموزه الفكرية في مواجهة النشاط العقلي وتكفير الفلاسفة والمشتغلين بالعلوم الطبيعية ، يتوجب التوقف عند أفكار " الإمام المجدّد حجة الإسلام أبي حامد الغزالي " المتشددة والمعادية للعقل ، وهي الأفكار التي احتلت مكاناً محورياً في الفقه السلفي المتشدد ، ولعبت دوراً مؤثراً في تشكيل ثقافتنا لقرون طويلة ، فيما أدّى توقيرها والتمسك بها ، وإضفاء القداسة عليها والإصرار على إعادة إنتاجها , إلى دخول ثقافتنا العربية والإسلامية نفقاً مظلماً أسفر عن مأزقها الراهن في هذه الحقبة من تطور عصرنا وحضارته الحديثة . تعود صفات القداسة التي أضفيت على أفكار الغزالي إلى الإعتقاد الديني بالحديث الذي يُنسب إلى أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها " .وكان لهذا الإعتقاد أثر كبير في أن يتحوّل الإمام أبو حامد الغزالي من العزلة إلى معترك الدعوة والعمل في بداية المائة الخامسة الهجرية ، فقد تملّـك الغزالي شعورٌ بأنه الإمام المجدد في مائته وعصره على نحو ما جاء في كتابه " المنقذ من الظلال " حيث قال : " فشاورت في ذلك جماعةً من أرباب القلوب والمشاهدات فاتفقوا على الإشارة بترك العزلة والخروج من الزاوية ، وانضاف إلى ذلك مناماتُ الصالحين كثيرةً متواترةً تشهد بأن هذه الحركة مبدأ ُخيرٍ ورشدٍ قدرها الله سبحانه على رأس هذه المائة . فاستحكم الرجـــاء ، وغلب حسن الظن بسبب هذه الشهادات . وقد وعد الله سبحانه باحياء دينه على رأس كل مائة ، ويسّر الله تعالى الحركة إلى نيسابور للقيام بهذا العمل " . (17) يبدأ الغزالي دوره الملتبس في " احياء الدين وتجديده " في المئة الخامسة الهجرية بهجوم على العلوم الطبيعية التي شهدت إنتشاراً واسعاً في العصر العباســي الذهبــي الأول ، وأسهمت بقسط كبير في إزدهار الحضارة العربية إلى جانب المناشط الواسعة للحركة العقلية التي تميز بها ذلك العصر.ينفي الغزالي أهمية العلوم الطبيعة ، ويبالغ في التقليل من قيمتها ، ويتشدّد في تحقيرها وتكفير المشتغلين بها قياساً إلى موقفه الداعم لعلم الفقه . ويصل عداء الغزالي للعلوم الطبيعية إلى حد أنه نفى أي فائدة منها لحياة الانسان ومعيشته وتطوره الحـضـــاري ، حيث يقول في كتابه الشهير " جواهر القرآن " بعد أن استغرق وأطال في شرح أهمية علم الفقه ومكانة أهل العلم في هذا المجال : " إنما أشرنا إلى العلوم الدينية _ يقصد الفقه _ التي لا بد من وجودها ، ولا يكون العالِم إلا بها ، حتى يتيسّر سلوك طريق الله تعالى والسفر إليه . أما هذه العلوم الدنيوية (يقصد الطبيعية) فلا يتوقف على معرفتها صــــــلاح المعــاش والمــعـاد ، فلذلك لم نذكــــــــرها " .( 18 ) وكما هو الحال في هذ الكتاب ، فقد هاجم أبو حامد الغزالي ـ في بقية كتبه ـ الفلاسفة والعلماء الذين اشتغلوا بالبحوث العلمية ، وألفـّّوا وترجموا فيها ، ورفض الإعتراف بالمنهج العلمي الذي يقرر أن الفلسفة تبحث عن الحقيقة وتقدمها إلى العلم فيما بعد ، وهو ما أكده مسار تطور العلوم المعاصرة قبل وبعد الثورة الصناعية الكبرى في العصر الحديث .. وتمادى الغزالي في تحقير الفلسفة ووصفها بـ " البهتان " فيما وصف عمل ونشاط العلماء في مجال الفلسفة بـ " التهافت " على البهتان بحسب ما جاء في كتابه الشهير " تهافت الفلاسفة " الذي رد عليه ابن رشد بكتابه الشهــــير أيضاً " تهافت التهافت " . أما أخطر الأفكار" التجديدية " التي يزعم الغزالي وأضرابه أنه جدد بها الدين , فهي تلك التي عارض فيها بقوة ، أن يكون المشتغلون والباحثون في علوم الطب والفلك والتشريح والكيمياء والرياضيات في عداد العلماء!! . على درب الغزالي سارت ثقافتنا قرونا طويلة وأصبح الفقهاء والمتكلمون في مجال النقل عن النصوص الفقهيه القديمة هم العلماء ، فيما أصبح تعريف العلم مقصوراً على الفقه . وبعد كتابه " جواهر القرآن " جاء كتــــــــاب " إحياء علوم الدين " الذي اشتهر به الغزالي ليحوي مجموعة من الأفكار التي يستطيع الباحث فيها تفسير أسباب تراجع الحضارة العربية الإسلامية ، ودخولها منذ المائة الخامسة الهجرية ، مرحلة جديدة إتسمت بأفول ذلك الوهج والبريق اللذين تميزت بهما فترة صعود هذه الحضارة في العصر العباسي الأول .انتقد المفكر الاسلامي المعروف د. حسين مؤنس كتاب "احياء علوم الدين للغزالــي " ، وتساءل قائلاً : " إلى أين تؤدي بالانسان قراءة هذا الكتاب ؟ الجواب بدون تردد إلى الموت .. فهل الموت هو مطلب عصرنا ، مع أن الغزالي واضرابه واتباعه يعرفون أن أجيالاً أخرى من المسلمين سبقتهم ، وعرفت كيف تقيم على عُمُد الاسلام عالماً متفائلاً على أيدي الرسول وصحابته " . ( 19 ) أما الشيخ طنطاوي جوهري فقد رأى أن القرآن اشتمل على مائة وخمسين آية فقط تحث على الفقه الديني ، بينما شمل أكثر من سبعمائة وخمسين آية صريحة بالحث على التبصـُّر في الكون والكائنات ، وإدراك علومها " ثم يتساءل قائلاً : " هل يجوز في عقلٍ او شرعٍ أن يبرع المسلمون في علم آياته قليلة ، ويجهلون علوماً آياتها كثيرة جداً " . ثم يضيف بعد ذلك قائلاً : " ومن العجب الاّ تكون العناية موجهة بهمة أشد إلاّ إلى علم الفقه ، وهذا هو الخطأ العظيم والداهية القاصمة التي حلت بالأمة الإسلامية .. اللهم أن كل العلوم مطلوبة فهي جميعاً فرض كفاية " . ( 20) صحيح أن أفكار الغزالي المتشددة ضد الفلسفة والعلوم الطبيعية حاولت التماهي مع العقيدة الدينية ، إلا أنها لم تتمكن من إحتكار تمثيلها قطعاً وحصراً ، ولم تنجح أيضاً في قطع الطريق أمام محاولات أخرى للإحياء الإسلامي الصحيح لهذه العقيدة في أوقات متفرقة . أما قدرة أفكار الغزالي على البقاء لفترة طويلة ، فلا يعود سببها إلى قوتها أو إلى أنها تمثل تجديداً للدين والعياذ بالله ، بحسب ما يزعم به غلاة المتشددين و المتطرفين الأصوليين . إن انتعاش الاتجاهات المحافظة والمتشددة في التاريخ الإسلامي يعود في تقديرنا إلى الظروف التي مر بها المسلمون في حقبة الغزو الصليبي وحقبة الغزو المغولي ، وصولاً إلى السيطرة العثمانية التي سبقتها سيطرة السلاجقة المرابطين في نيسابور التي اعترف الغزالي بأنه ذهب إليها وعاد منها برسالة " تجديد واحياء الدين " في المائة الخامسة من عصره ، وما رافق ذلك " التجديد والإحياء " من هدم للبنى الثقافية الحضريـة ، وتصفية لكنوز المعرفة العلمية ، وتراجُع مكانة المدن والبيئات الحضرية ، مقابل هيمنة ونفوذ البيئات البدوية والثقافة القبلية ، وصولاً إلى الإنقطاع التام عن إبداع الحضارة والسقوط المريع في هاوية التخلف !!. الثابت أن الفكر الاسلامي بوصفه نتاجاً موضوعياً للتفكير بواسطة العقل ، يعد المكوّن الرئيسي لثقافتنا العربية والإسلامية ، بسبب الدور الذي يضطلع به هذه الفكر في انتاج المعرفة بالدين على مستوى الوعي الاجتماعي ، وصياغة المفاهيم التي يتم من خلالها تجسيد السلوك الإجتماعي الذي يعكس مستوى فهم الناس في المجتمع لمحتوى العقيدة الإسلامية ورسالتها ومقاصدهـا .لعل تنوّع تيارات الفكر الإسلامي يفسر بالضرورة ذلك التنوع الواضح في طرق فهم المجتمع لهذه العقيدة ، وغلبة طريقة محددة في التفكير قد تكون معتدلة أو متشددة أو وسطية أو منفتحة في فهم الإسلام على غيرها من الأفهام , وما يترتب على ذلك من انعكاسات ايجابية أو سلبية على البعد الثقافي كفاعل حضاري .إن صعود وهـــــــبوط الحضارة الإسلاميــــــــة في أزمنة مختلفة ، لا يعكســـــــــــان ـ بالضرورة ــ ديناميكية العقيدة الإسلامية في مرحلة تاريحية معينة وجمودها في مراحل أخرى ، بحسب زعم بعض المستشرقين في عصر ظهور الاستعمار ، بيد أنهما يعكسان المتغيرات التي تحدث في البيئة التاريخية المحيطة بالعقيــدة ، ومستوى قدرة مفاعيل المجتمع المختلفة _ وفي مقدمتها الفكرية والثقافية _ على التعامل مع التحديات التي تنشأ على خلفية تلك المتغيرات .في هذا الاطار تفرض الأمانة التاريخية علينا واجب الإعتراف بالقيمة العلمية لأبحاث بعض المستشرقين أمثال هاملتن جب ، وفلاديمير لوتسكي وبرنارد لويس وآدم ميتز, وغيرهم من المستشرقين الذين لاحظو أن أزدهار الحضارة الإسلامية في بعض حقب العصر العباسي الأول يعود إلى قدرة الإسلام الديناميكية على التكيف مع الظروف الجديدة ، والإستجابة للإحتياجات المادية والذهنية والروحية المتجددة والمتنامية ، التي استوجبتها مقتضيات اتساع النطاق الجغرافي والاقتصادي والثقافي للدولة الإسلامية ، ضمن أنساق جديدة ومتكاملة للإنتاج والتسويق والإستهلاك , الأمر الذي يفسر وجود خط بياني صاعد يوضح تلازم صعود الحضارة الإسلامية مع النهوض العقلي الذي مثله فكر المعتزلة ، منذ ان أصبح فلسفة سياسية وفكرية رسمية للدولة الإسلامية في عهد المأمون وعهد المعتصم . (21) في الاتجاه نفسه يرى بعض المفكرين العرب والأجانب أن فكر المعتزلة كان معبّراً حقيقياً عن عالمية الحضارة الإسلامية بالنظر إلى دفاع هذا الفكر عن مبدأ العدل الإلهي ، كمصدر للإرادة الإنسانية الحرة ، بخلاف العقائد النقلية السلفية التي تأثرت بالكهنوت الكنسي المسيحي والتلموذي حين اصرت على النقل وأحلّته محل العقل ، وفي أحسن الاحوال جعلته موازياً للعقل وغالباً عليه ، فيما عطلت الوظيفة النقدية للعقل ، وألغت دور الفرد ونسخته في الجماعة التي جرى تعريفها حصراً بأنها " إجماع الفقهـــــاء " ، وهو إجماع مفترض لا يمكن تصور إمكانية واقعية لتحقيقه .بتأثير ذلك تصادمت النزعة النقلية مع الوظيفة النقدية للعقل والطابع الجدلي للتفكير، وتعارضت بشكل حاد مع دور الأفراد ومبادراتهم العقلية ومناشطهم العلمية في مجرى إبداع و إنتاج الحضارة ، ذلك الدور الذي كان ملمحاً رئيسياً للحضارات المزدهرة قبل الثورة الصناعية ، حيث كانت التجارة حافزاً رئيسياً للإنتاج الزراعي والحرفي, و أحد مصادر نظامها القيمي المرتكز على فكرة الحرية .بعد الثورة الصناعية زادت أهمية المبادرات الفردية والحريات الفكرية كشرط لتنشيط البحوث والمكتشفات العلمية ، وتطوير تقنيات الإنتاج والتسويق والإستهلاك ، وأضحت تلك المبادرات والحريات بمثابة العمود الفقري للحضارة الإنسانية ، فيما أصبحت التجارة محدداً رئيسياً لفواعل حضارية جديدة هي تكنولوجيا الإنتاج والتسويق والإتصال والمعلومات .يقول الدكتور محمد جابر الانصاري استاذ الدراسات الإسلامية وعميد الدراسات العليا في جامعة الخليج بالبحرين : " التجارة هي أكثر النظم الاقتصادية تشجيعاً للنشاط العقلي . ذلك أن التجارة إرتياد للمجاهل وكشف للاسواق وللطرق المؤدية إليها ، وتفتيق للذهن عن منتوجات جديدة واساليب عرض جديدة واحتكاك متواصل بالحضارات الأخرى ، وحركة مستمرة لمتابعة التطور ومواجهة التنافس . والعقل هو أيضاً ارتياد وكشف واحتكاك ، وهو ينمو مع نمو التجارة أكثر مما هو مع نظام رعوي في البوادي والصحاري ، أو نظام زراعي سكوني خاضع لدورات الطبيعة وقدرها الصارم في الارياف " . ثم يضيف قائلاً : " ولكن بتحوّل طرق التجارة إلى أماكن أخرى ، وتمزق وحدة السلم العام بالفتن الداخلية والهجمات الخارجية ، وسيادة العناصر الآسيوية الرعوية المحاربة ، وحلولها في مركز السيطرة محل العرب والفرس ، أخذ النظام التجاري الموحد المتماسك في الإنحلال مع تجزئة الدولة ، وتجرؤ العناصر البدوية على التقدم إلى طرق التجارة ومراكزها ، وسيطرة السلاجقة ، ثم المماليك على الأرض الزراعية وتحويلها إلى شبه اقطاعيات عسكرية منفصلة ومنغلقة . (22) هكذا يمكن أن نفهم حركة الردة التي ظهرت مع انتشار أفكار الإمام الغزالي في فترة صعود السلاجقة أواخر العصر العباسي , وقيامهم بتبني تلك الأفكار المعادية للحركة العقلية واتخاذهم الحركة النقلية المعادية للعقل مذهباً سياسياً رسمياً لهم في وقت لاحق ، بالتزامن مع الظروف التي قام فيها السلاجقة باقصاء العناصر العربية والفارسية عن السلطة ، وإحياء السلفية السنية المتشددة وإقامة مدارس جديدة لنشرها . وتجدر الإشارة إلى أن الغزالي قال في كتابه " المنقذ من الضلال " أنه تولى التدريس في واحدة من تلك المدارس في نيسابور بعد أن ألـّح عليه السلاجقة !!. وبهذا الصدد وصف البروفسور برنارد لويس في كتابه الشهير " تاريخ العرب " القوى الداخلية والخارجية التي هجمت على الدولة الإسلامية وحضارتها الذهبية في القرن الحادي عشر الميلادي _ الخامس الهجري _ بأنها قوى من "البرابرة" ، الأمر الذي فتح الباب لبدء العد التنازلي للحضارة العربية الإسلامية وتسارع وتائر التدهور الحضــــاري ، وتراجع النشاط العقلي في العالم الاسلامي منذ ذلك الوقت ، وصولاً إلى ظهور سلفيات متشددة ومتطرفة يلتبس خطابها الفكري والثقافي بالدين ، وينطوي على مفاهيم معادية للعقل والحداثة والقيم الإنسانية المشتركة , وبضمنها تلك التي تتعلق بأفكار الحرية والمساواة وحقوق الانسان وحقوق المرأة , على نحو ما يحدث حالياً في العالم الإسلامي الذي وجد نفسه امام تحديات العولمة. . وهي تحديات جديدة وإضافية ، قبل أن يحسم معركته الدائرة منذ أكثر من مئة سنة مع تلك الأفكار التي سبقت العولمـــــــة بقرن كامل !! . " طالبان " كنموذج للتطرفحاول بعض المفكرين اجراء دراسة محايدة لتجربة " طالبان " الفريدة في عدائها للحداثة والحضارة المعاصرة والعلاقات الدولية ، بما في ذلك إفراط " طالبان " في اضطهاد المرأة وممارسة أقسى وابشع اشكال التمييز ضدها من خلال تحريم العمل والتعليم على المرأة وتسريح النساء العاملات من العمل، وإغلاق مدارس البنات الإبتدائية واإعدادية والثانوية ،وطرد الطالبات من الجامعات . خلصت نتيجة أحدى هذه الدراسات إلى أن نزعات التطرف والإنعزال التي صاغت ايديولوجيا "طالبان" لم تكن لها جذور في التفكير السياسي الانتحاري لتلك الحركة فحسب ، بل في ثقافتها ، وتحديداً في " فوبيا الخصوصية " وهوس الخوف المفرط على " الهوية " ايضاً ! .أكد الدكتور عبد الحميد الانصاري عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة قطر بالدوحة سابقا ً ، على أن الإفراط في التمييز ضد المرأة من قبل دولة " طالبان " لا يعود إلى سياسات وافكار ابتدعتها "طالبان" ، وليس مقصوراً على قادتها والجماعات الاسلاموية المتشددة والمعتدلة في آن واحد ، بل هو موقف له جذوره العميقة في ثقافتنا وتراثنا الثقافي الملتبس بالدين ، ، بدءاً من القرن الأول الهجري ووصولاً إلى نهاية القرن الخامس الهجري ، حين تبلورت ثقافة متكاملة على يد إمام كبير هو أبو حامد الغزالي . (23) .ويورد الدكتور عبد الحميد قول الامام الغزالي في الجزء الثاني من الباب العاشر من كتاب " إحياء علوم الدين " : ( القول الجامع في المراة أن تكون قاعدة في مقر بيتها ، قليلة الكلام لجيرانها ، لا تخرج من بيتها ، ولا ترى الرجال ولا يراها الرجال ، فإذا اضطرت للخروج باذن زوجها ، خرجت خفية في هيئة رثة ) .وعن العلاقة الزوجية يقول الغزالي : "...... والنكاح نوع من الرق ، فالزوجة رقيقة عند زوجها ، وعليها طاعته مطلقاً ، وعليها أن تقدم حقه وحق أقاربه على حقها وحق أقاربها ، وعليها أن تكون مستعدة لزوجها في جميع أحوالها ليتمتع بها ، والرجل هو السيد المطاع ، لا يشاور المرأة ، فإذا شاورها خالفها ، لأن في خلافها بركة . وكيد النساء عظيم ، وسوء الخلق وقلة العقل من صفاتهن ، فعلى الرجل أن يكون حذراً منهـن ، أما المرأة الصالحة فيهن ، ، فهي كمثل الغراب الأعصم بين مائة غراب " 24 ) ) . يستمر الغزالي في إهانة المرأة , فهو يرى أن الإحتساب الى الله ضد مرتكبي الكبائر وبضمنها فاحشة الزنى واجب شرعي لا يستقيم الدين بدونه ، وفي حالة إستحالة تحقيق هذا الإحتساب بسبب عدم توفر الشهود الأربعة او سرية الفاحشة رغم وقوعها ، فإن الواجب الشرعي في مثل هذه الحالة يقتضي أن يحتسب الزاني الى الله من الزانية سواء كان يزني مع خليلته برضى الطرفين ، او مغتصباً غيرها بالإكراه .. وفي الحالين بجب على الزاني ان يحتسب الى الله منها بأن يطالب الزانية بستر وجهها حتى لاترى المنكر !! ( 25)هكذا يُلقي فقه التشدد كل الجرم على المرأة وحدها سواء كان معتدىً عليها جنسياً او بالتراضي !!في هذا السياق يرى الدكتور عبد الحميد الانصاري أن هذه الثقافة المظلمة ، هي التي شكلت الإطار المرجعي لخصوصينتا الثقافية في القرون التالية ، مشيراً إلى أن ظلمات الصورة اشتدت قتامة في نهايات القرن الثامن الهجري عند الامام شمس الدين الذهبي الذي أصدر في كتابه الشهير "الكبائر" ص 203 ، فتواه المدويّة التي ما زالت تداعياتها السلبية تلاحق المرأة حتى اليوم حيث قال : " صوت المرأة عورة ، بل كلها عورة ، ويجب حبسها في البيوت حبساً مطلقاً ، لأنها إذا خرجت يكون الشيطان بها وفيها ومعها " وكذلك الحال بالنسية للإمام إبن تيمية الذي وصف المرأة بأنها في مقام العبد ، فكلاهما مملوك لغيره , العبد لسيده والمرأة لبعلها او أهلها . (26) .ما من شك في أن هذه الافكار هي المرجعية الشرعية للتيار السلفي المتشدد الذي يرفض الإعتراف بحقوق المرأة السياسية والمدنية ، ويصادر حقها في ممارسة الوظائف القيادية والإشرافية والسيادية في الدولة بحجة أن " الشريعة " لا تجيز الولاية العامة للمرأة , إلى درجة أن بعض هؤلاء المتشددين يعارضون ترشيح المرأة إلى الهيئات القيادية الحزبية أو عضوية البرلمان بحجة أن العمل الحزبي والعمل البرلماني يندرجان ضمن الولاية العامة التي ليس للمرأة حق فيها ، على نحو ما يفعله التيار الإسلامي في الكويت والتيار السلفي في الجزائر والتيار الجهادي في اليمن ودول الخليج . مما له دلالة عميقة أن كتاب " احياء علوم الدين " للغزالي وكتاب " الكبائر" للذهبي وكتب بن تيمية , يتم تداولها على نطاق واسع ، ويتبارى المحسنون في طباعتها وشراء نسخ عديدة من الكميات المطبوعة لصالح الجمعيات الخيرية لوجه الله . وقد وجدت آلاف النسخ من هذه الكتب طريقها الى بلدان أوربية وآسيوية تتمتع المرأة فيها بحقوق مدنية لا يعترف بها الغزالي والذهبي وبن تيمية واتباعهم , مما يعطي فكرة واضحة عن مدى الضرر الذي يلحق بصورة الإسلام حين يتم تسويق هذه الافكار بذريعة نشره والدفاع عنه.!!! لعل ذلك هو الذي اضطر الدكتور عبد الحميد الانصاري إلى أن يدافع بقوة عن " طالبان " ويرى في أفرادها مجرد ضحايا أبرياء لهذه الافكار المشوّهة ، مشيراً إلى أن رفض حركة " طالبان " المهووس للحداثة ، وتمسكها بالمفهوم الطقوسي الكاريكاتوري للعقيدة الدينية ، واخطائها بحق المرأة ، وجرائمها تجاه اتباع المذاهب الأخرى ومراسيمها المتحجرة التي افرطت في التكفير والتحريم " لم يكن سوى عمل طلاب أوفياء لثقافة تشربوها في معاهد دينية ، ورضعوها من كتب تراثية . فهم بحسب تصورهم واعتقادهم لم يخرجوا عن هويتهم ولم يفرّطوا بثقافتهم وخصوصيتهم ، ولم يفعلوا أكثر من إقفال الأبواب حولهم ، والإنكفاء داخل نطاق ثقافة الهوية الضيق ، ولم يزيدوا أكثر من تطبيق ما تعلموه " !! (27) . يتساءل الدكتور عبد الحميد مستنكراً : " ولماذا نستغرب ... اليس موقف "طالبان" هو نفسه موقف المجتمع العربي في أوائل القرن العشرين ن حين وقف ضد المصلحين من القادة السياسيين والمفكرين المستنيرين الذي اتهموا بالتغريب لانهم دعوا إلى تعليم المرأة ؟ الم ينكر الازهر في ذلك الوقت تعليم المرأة في الجامعة ؟ الم تذهب أفواج من رجال الدين العـــــــــرب والمسلمــــــــين إلى المــــــلك فيصل مستنكرة فتح مدرســــــــــــــة للبنات في مدينة جدة بحجة أن في ذلك فساداً وانحرافاً عن ثوابت الدين !؟؟ " (28) .كانت المهمة الأولى لمفكري عصر التنوير وعلى راسهم الشيخ محمد عبده و رفاعة الطهطاوي صعبة للغاية ، لأنها تبدأ بتحرير الرجل وتحرير المرأة ــ بما هي نصف المجتمع ــ من الثقافة التي تحتقر المرأة وتصفها بأقذر الصفات الجاهلية على نحو مافعله أئمة الفقه السلفي المتشدد بشقيه السنِّي والشيعي .موقف "طالبان" المعادي لحقوق المرأة لا يختلف عن موقف المجتمع العربي في أوائل القرن العشرين حين وقف ضد المصلحين من القادة السياسيين والمفكرين المستنيرين الذين اتهموا بالتغريب لأنهم دعوا إلى تعليم المرأة ! ألم ينكر الازهر في ذلك الوقت تعليم المرأة في الجامعة ؟ الم تذهب أفواج من رجال الدين العـــــــــرب والمسلمــــــــين إلى المــــــلك فيصل مستنكرة فتح مدرســــــــــــــة للبنات في مدينة جدة بحجة أن في ذلك فساداً وانحرافاً عن ثوابت الدين !؟؟