تجليات المدينة الباسمة .. عدن
أحمد سعيد الماسقلعة صيرة الأبية تقف شامخة على ربوة جبل يطل على مدخلها البحري من اتجاه الجنوب الشرقي للمدينة، تحرسها من الغزاة الطامعين.وعدن ليست مجرد مدينة ساحلية متفردة بصفات جغرافية ومناخية غاية في السحر والروعة!.. بل إنها مدينة الأحلام والعشق الأزلي للبحر والجبل!!.. تتمتع بكل المقومات التراثية والحضارية وبالألفة الإنسانية وبالمجد والشرف عبر تاريخها التليد.وتعتبر عدن في التصنيف الجغرافي (أو الطبغرافي) شبه جزيرة وما أجمله ذلك التشبيه عندما تتشبه به .. خلال مناطقها الإدارية البعيدة والتابعة لها والمرتبطة بها من ناحيتها الشرقية وهي ليست لصيقة بها من حيث التكوين المكاني الطبغرافي!، وأنما الحقت بها فقط ليكتمل التقسيم الإداري له كمحافظة من حيث المساحة والتعداد السكاني.عدن أعجوبة طبيعية ومدنية!، إنها من صنع الخالق وحده .. ومابها هو جملة ما تمخض عنه العقل البشري، من فن وإبداع معماري وهندسي جمالي متداخل بين التراث والحضارة الإنسانية ... ويندر وجود شبيهة لها في كل أصقاع الأرض قاطبة، من حيث موقعها وتموضعها الجغرافي على تضاريس البراكين الجبلية الخامدة منذ آلاف السنين!.. وقد أحاطت بها مياه البحر تلك من جهات ثلاث:الشمالية والغربية والجنوبية،،، وتحتضنها سلسلة جبال شمسان بشموخها ودفئها على سفوح قاعدتها من الجهة الغربية!،، أما في الجهة الشرقية لها فيقع الجسر الترابي الكبير الذي يربطها باليابسة ومناطقها الملحقة بها عبر منطقة خورمكسر.إن موقع مدينة عدن الجغرافي قد أكسبها أهمية تاريخية، وتجارية على مر العصور المتلاحقة،، وقد منحها موقعها هذا الخاصية الحضارية والسياحية في عصرنا الحديث.تعد مدينة عدن من المدن الهادئة والآمنة في العالم .. وسكانها ذوو ثقافة وتعليم عالٍ، بالرغم من بساطتهم المعهودة، ومسالمتهم الدائمة، ويعرفون بكرمهم اليمني الأصيل .. وهم غاية في اللطف والذوق ويتمتعون بأخلاق مفرطة .. وكنتيجة حتمية لبقاء الاستعمار البريطاني فيها “لمدة 129 عاماً”أكسبت الأهالي خبرتهم في التعامل المتحضر مع زوار مدينتهم عدن.ونهار عدن، صيفاً أو شتاءً ينسحب وينسل بخفة مهرولا دون أن يشعر به المرء!، وخصوصاً إذا كان زائراً لها!!.. حتى يحط الليل رحاله، ويسدل ستاره الليلكي عليها، والموشى بالأنوار المتلألئة والأضواء العدنية، والصخب، وكأنها ليلة قد أقيمت على جنباتها الأعراس!.. كما تبدو مزدانة مطاعمها الشعبية والسياحية الكثيرة ..ومنتزهاتها ومتنفساتها العائلية العديدة!، والمنتشرة في كل أرجاء مناطق المدينة .. وكذلك تبهرك أضواء (نيونات) الفنادق المختلفة والمتعددة النجوم والدرجات!، بمجسماتها الخاصة والبديعة على مداخلها والمحاط بعضها بحدائق الورود والزهور وأشجار الزينة المختلفة والمتناسقة بأسلوب وذوق جمالي فريد بداخل أسيجتها، والموضوعة لجذب الزوار إليها.. وإظهار ذوقها الفندقي الرفيع، واهتمامها البالغ بزبائنها وبراحتهم وأذواقهم الجمالية.وهناك أيضاً يقبع البحر وقد أخذ من السماء لونه الأزرق، رابضاًً عند قدميها!.. وقد غسل رمال شواطئها الذهبية.. وهي ذات الرمال التي تأخذ من الشمس لونها الذهبي ذاك كل يوم، كلما انعكست عليها والشروق، وعند الغروب ... ولروعة ذلك المنظر البديع والخلاب للون الرمال الذهبية أطلق عليها سكان عدن تسمية (الساحل الذهبي).. حقاً إنه ذهبي اللون يأخذ اللب وينزع رجفات الفؤاد نزعاً من روعة منظره المتلألئ الخلاب، كلما سقطت أشعة الشمس على حبيباته الرملية الشفافة.ويكتمل المنظر الجميل للبحر بتلك السفن الحديدية العملاقة، والمراكب الخشبية القديمة، والزوارق واليخوت السياحية التي تمخر في بوابات مرافئ عدن العتيقة والجديدة في آن.. وعبر مياهها الصافية والتي تعكس ليلاً مشهداً جمالياً آخر تتخلى فيه عظمة الخالق سبحانه لمرآة طبيعية تعكس جمالاً جديداً لاحتواء المدينة، الممزوجة بأضواء وأنوار نجوم السماء المنعكسة فتشكل بذلك لوحة ضوئية غاية في الجمال والروعة على صفحة الماء.إنها مدينة جد عجيبة في الزمان والمكان!! وفي توافقها بين ماضيها وحاضرها، الممزوجين بقالب تراثي وحضاري عصري متجانس!..وبها إلى جانب تواجد الطرقات والمجسمات والأقواس الجمالية الرائعة، تلك الجولات البديعة بمجسماتها وأشكالها الفنية التي أضفت على الطريق مشهداً آخر من الجمال .. وبتلك الحدائق والمنتزهات والمساحات الخضراء المزروعة هنا وهناك والمنتشرة على طول وعرض المدينة العدنية.وقد امتازت بطرقاتها الحديثة وأنفاقها الجبلية الواصلة بين مناطقها وأحيائها وجبالها وسواحلها المختلفة!، مما تضفي على النفس البشرية قمة المتعة في المشاهدة والسياحة والتنزه بالسيارة أو راجلاً بين مناطق وأحياء وسواحل مدينة عدن الباسمة في وجه زائريها بذاك الجمال الساحر.