كمال محمود علي اليماني هذا هو عنوان المجموعة القصصية الثانية للقاص ياسر عبدالباقي ،والتي تفضل مشكورا بأن أهداني نسخة منها ، وهي من منشورات مركز عبادي للدراسات النشر في سلسلة (( إبداعات يمانية )) ، ولقد جاءت في 98 صفحة ، ضمت 13 قصة قصيرة .يدرك القارىء للمجموعة - بعد قراءته لها- ان ياسرا قد إستطاع أن ينطلق في فضاءات رحبة غير التي كان يحلق فيها إبان كتابته لقصص المجموعة الأولى (( أحلام )) ، إذ غلب على المجموعة الأولى الطابع الإجتماعي بما يحتويه من مشاكل وأزمات كالثأر ، والخيانة الزوجية ،والشعوذة،في حين أن مجموعته التي بين أيدينا قد إصطبغت بصبغة سياسية وإنسانية ، كشفت بشكل بديع مدى تطور ونمو وعي القاص ،وإن كانت لاتظهر في نبرة خطابية مباشرة ، بل أنها تأتي من وراء غلالة شفيفة تشف عما تحتها ، ولكنهالاتعرّيه ، كحال قصة (( الرجل الذي خدع كرسيه)) أو قصة (( لنذهب كلنا إلى الجحيم وتبقى أنت )) ، فالقصتان تومئان ولاتفضحان ، وتتركان للقارىء اللبيب إستشراف مآرب القاص من ورائهما والمجموعة ، كأي مجموعة قصصية ، لأي قاص في انحاء المعمورة ، لاتتساوى في القوة من حيث تأثيرها على القارىء ، في كل قصصها ، إذ لابد من ان تتفاوت في ذلك شئنا أم أبينا ، وهذا لايعني بأي حال من الأحوال التقليل من إبداعية هذه القصة أو تلك ، غير أنك تجد أن بعض القصص تحفر اخدودا لها في ذاكرتك ، وتصبح ضمن محفوظاتك الأدبية ، لما تركته في نفسك من تأثير أدبي ونفسي ،فقصة مثل قصة الرأس ، أنت لاتستطيع أن تتجاوزها ،أو أن تملك القدرة على محوها من ذاكرتك ، وقل مثل ذلك على قصص اخريات ، كقصة الهر الأسود ، أو قصة صانع النعوش ، تلك التي تأخذك إلى عالم الموت المجاني الذي راح يحصد إخوة لنا في عراقنا الشقيق ،وإني لزعيم بأن نجار الكراسي العراقي العم عطا الله سوف يظل في وجدانك ماحييت ، يذكرك بهذه الكارثة اللعينة التي لحقت بأرض الرافدين واهلها، والتي حولته من صانع كراسٍ إلى صانع نعوش .وماذا عن يوسف وابنته عائشه ، وعن عميرات وعن أبطال قصة (( القصبة )) وهي تحكي لنا قصة كفاح المجاهدين من ثوار الجزائر ، بلد المليون شهيد ، لقد إستطاع ياسر أن يخلق لنا جوا دراميا يصلح أن يكون فيلما سينمائيا بديعا ، من خلال اجواء هذه القصة .حقا لقد كان ياسر بديعا في استعراض مواضيع تعيشها الأمة ، ويعيشها الشعب في قالب قصصي يشد القارىء بجمال أسلوبه ، ومتانة تماسكه فتراه لايترك المجموعة وقد إبتدأها إلا وقد أتى على آخر قصة فيها ، وأحسن ياسر أيضا حين وضع قصة (( إمرأة ليلية )) في نهاية التريتيب ، ليكون هذا العنوان هو المبتدأ ، وأول مايصافح عيني القارىء،وهو المنتهى، وآخر مايودعهما .
أخبار متعلقة