أقواس
نعمت عيسىإن نخبة المتعلمين والمثقفين هم بلا شك أداة التغيير في أي مجتمع من المجتمعات، فجميعنا يعرف أن الثقافة هي المساهمة والمشاركة في حقول الفكر والأدب أو العلم بما في ذلك الاختصاص المهني، فتكتسب إما عن طريق التعليم الجامعي أو العالي بشكل من أشكاله، وإما عن طريق الإطلاع الشخصي والاكتساب الذاتي والممارسة في حقل من حقول الثقافة. وبالطبع المثقفون طبقات وكون هذا تعريف عام فإننا لا نشمل هذا التعريف وذلك الآن من الناس من يستطيع أن يدرك ويفهم ويشارك في الأمور الفكرية والفنية والأدبية دون أن يكون مبدعاً في هذه الحقول..- فالثقافة ليست حشواً من المعارف والمعلومات المتضاربة وليست عملية حيادية مجردة من مقتضيات التهذيب وتسوية الذات وتقويم الاعوجاج إن وجد، بل هي ذلك المفهوم القيمي الذي يرقى بالإنسان إلى مقام الإحسان، وتحرره من القيود المفروضة عليه من التقاليد والأعراف والموروثات الخاطئة التي تسير بالمجتمع في الاتجاه المضاد للعملية الحضارية وتعرقلها..- فالإنسان قبل الثقافة شيء، وهو بعد الثقافة شيء مختلف تماماً، فهو بالثقافة يمتلك تصوراً للوجود والحياة والإنسان.. وهو بالثقافة إنسان مسؤول يضبط نفسه، ويعيش أفقاً أوسع من ذاته. ويعطي كل ذي حق حقه، فيؤمن بالحوار، وبشرعية الاختلاف وأدب الاختلاف، فيكون همه البحث عن الحقيقة وليس احتكارها وهو دائم البحث عن الجوامع المشتركة، ويحترم الفروق وخلقه التسامح والتواضع. ونبذ التعصب والتطرف، ويتسم بالاقتراب من الناس وليس التعالي عليهم، ولديه القدرة على تحديد الأولويات، وتقديم الأهم على المهم بحسب ما يدرك وبعين الاتزان..- فإن هذه النخبة وهذا الصنف من المثقفين قد يوجد مستقلاً في المجتمع، أو قد يمثل حضوراً فاعلاً في حزب أو تنظيم أو جماعة منظمة، وهو الذي يحدث تحولاً إيجابياً في الحياة العامة ويكون بالفعل هو أداة التغيير في مجتمعه نحو الأفضل..