الخير معقود في نواصيها
[c1]* خفيف رشيق.. ذكي جميل .. متحمل وسريع* يصاب بالاكتئاب عند وقوع الزلازل[/c]القاهرة / 14اكتوبر / وكالة الصحافة العربيةوحده الجواد العربي يمتاز بالرشاقة، وجمال الشكل، وتناسق الأعضاء، وهو من الخيول الخفيفة، سلوكه الصبر وقوة التحمل، وسبيله السرعة والإقدام.. وقد تغنى شعراء العرب العظام بخيولهم وجعلوها مادة للتغني وللفروسية والنبل ، واتفق المؤرخون على أن الحصان العربي هو أول الخيول الأصيلة التي ظهرت في العالم على الإطلاق، وإن اختلفوا حول نشأته من حيث الزمان والمكان، وبعضهم يذكر أنه نشأ في العصر الحجري.وإذا كان “بروان” يذكر أنه في كهوف “كومباريل” في جنوب فرنسا، توجد رسومات لمئات الخيول صغيرة الحجم وقد هجنت بسلالات من الخيول الضخمة، وأن مميزات الحصان العربي تظهر واضحة فيها تماما، فإن “رايد جواي” يعتقد بنشأة الحصان العربي في صحراء شمال أفريقيا، غير أن كثيرا من الدلائل تشير إلي أن شبه الجزيرة العربية هي المنتج الرئيسي للحصان العربي في حالته النقية، ومنها انتقل إلي البلدان المجاورة، ومن ثم إلي كافة أنحاء العالم، فضلا عن صور ورسومات ونقوش فرعونية تثبت تسجيل الحصان العربي بمميزاته.وتثبت كل الدراسات أنه ما من جنس آخر من الخيول الشهيرة في العالم إلا ويدين بأصله للحصان العربي، كالحصان الإنجليزي المشهور في مجال السباق، والحصان الروسي المشهور بالخبب، والألماني الأشقر، والإسباني المشهور بالترويض.وفي الوقت الذي قلت فيه العناية بالحصان العربي في عديد من الدول العربية، ازداد الاهتمام به في الدول الأوربية والأمريكية، إلا أن المنظمة العربية للتنمية الزراعية تداركت الأمر وقامت بإجراء دراسات في كل الأقطار العربية تناولت كل ما يمت للجواد العربي بصلة، ومنهم دراسة أجراها فريق من الخبراء العرب في مجال تربية الخيول العربية، برئاسة د. حلمي السداوي رئيس الإدارة المركزية للخيول العربية، وعضو مجلس إدارة المنظمة العالمية للحصان العربي والتي تضم خمسين دولة في عضويتها .ويقول د. إبراهيم زغلول رئيس الإدارة المركزية للخيول العربية السابق أن المولى سبحانه قرن رباط الخيل بالقوة التي يجب أن تعد مع التجهيزات العسكرية لقتال العدو في قوله سبحانه “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم” وكذلك كلما أقف أمام الزينة في قوله سبحانه “والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة” وكذلك كلما يطوف بخيالي أن بالقرآن الكريم سورة بأكملها تسمي بصفة من صفات الخيل، وهي “سورة العاديات” وكذلك الحال بالنسبة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الخيل معقود في نواصيها الخير إلي يوم القيامة.. وأهلها معانون عليها.. والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة”.. وكذلك الرعب الذي نقلته لنا رؤيا كسرى أنو شروان بعد مولد محمد صلى عليه وسلم:”إني رأيت الخيل العراب، تقود الإبل الصعاب، وتعبر دجلة والفرات إلي أرضنا”.[c1]ألوان وعلامات[/c]ويضيف د. زغلول : يعتقد البعض خطأ أن الحصان العربي لونه أبيض فقط، فالجواد العربي له ألوان مختلفة كثيرة جداً منها: الأسود - البني المسود، والبني، والبني المحمر، والأحمر بدرجاته المختلفة، والأشقر بدرجاته أيضا، والأزرق بدرجاته، إضافة إلي الدباني، والقروشي، والحديدي، والماوردي بدرجاته الأزرق والأحمر والأشقر “تبن - زبه”.ومن العلامات المميزة الأخري القوائم والرأس والجذع والمؤخرة والذيل والبطن والصدر.. إلخ بل إن هناك اختلافاً واضحاً في الهيكل العظمي بين الحصان العربي وباقي الأجناس.. فعدد فقرات الظهر للحصان العربي يبلغ 17 فقرة بينما هو في باقي الأجناس 18، وعدد الضلوع في كل جانب 17 و18 في الأجناس الأخري، كما أن فقرات العجز تبلغ 5 متصلة، بينما تبلغ 6 منفصلة في الأجناس الأخرى، وأخيراً فإن النتوء الوركي يكون مرتفعاً قليلاً عن باقي الأجناس ، والحصان العربي ذكي، شجاع، خفيف، يبلغ ارتفاع البالغ منه ما بين 195: 152سم فقط ويتراوح عمره غالباً 22 - 25 عاماً إلا في بعض الحالات الاستثنائية النادرة جداً.[c1]حفظ أنساب الخيل[/c]ومن الأمور الفاضلة والشيقة جداً اشتهار العرب منذ أقدم العصور بالمحافظة على انساب الخيول وعدم الخلط بين سلالاتها، وحفظ أنسابها عن ظهر قلب، وكان الصغار والفتيان يتناقلون أنسابها كما كانوا يتناقلون أنساب القبائل العربية عن الآباء والأجداد إلي أن جاء عصر التدوين في أواخر الدولة الأموية.. فجاء الأصمعي، وأبوعبيدة بن المثني وغيرهما في عام 200 هجرية، فدونوا أنسابها تدوينا منظما ووضعوا في ذلك الموسوعات التي ضاعت غالبيتها مع مياه نهر دجلة عندما دخل المغول بغداد.. ومما وصل إلي أيدينا (كما يذكر الأمير محمد باشا عبدالقادر الجزائري في كتابه “الصافنات الجياد” طبعة بيروت سنة 1326 هجرية” أن العرب تنسب خيولها إلى خمسة أصول أو أرسان هي: “الصقلاويات - الكحيلات - العبيات - الهديات - الحمدانيات”.علماً بأنه لايوجد لون خاص يميز كل فرد من أفراد هذه العائلات، ولا طابع خاص أو سمة غالبة تميزه عن غيره من الأرسان الأخرى، وإنما اكتسب كل رسن شهرته حسب الظروف التي أحاطت به، والعناية التي تعهده بها أصحابه الأصليون أو من انتقلت إليهم.. ولم يكن هناك فرق بين رسن وآخر إلا نقاوته، وشهرة القبيلة أو القبائل التي قامت بتربيته، والحفاظ عليه.ودرج المربون في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، والمجر، وبولندا، وألمانيا، وكندا من خلال محطات لتربية الخيول العربية علي استيراد الخيول العربية الأصيلة لتجديد ولتحسين سلالات التربية الموجودة لديهم، وتلافيا لتقهقرها كذلك.. وذلك بعد أن خلت بعض البلاد العربية من الخيول العربية الأصيلة، وقل الاهتمام بها في بعض آخر..[c1]الزهراء.. مجهود كبير[/c]ويذكر أن كل دولة من الدول المعنية بالحصان العربي لها هيئة تسجيل.. يتم عن طريقها تسجيل خيولها بترقيمها بالرقم الدولي.. ويتم الترقيم بالتبريد على الرقبة، وتحت معرفة الحصان، وذلك حتى لاتشوه منظره.. وعن طريقة الترقيم الرقيقة التي تتبع مع هذا المخلوق العبقري الجميل.. يذكر د. زغلول أن آلة الترقيم توضع في حبر جاف، وكحول نقي بدرجة برودة - 185 مئوية، ثم يضغط بها علي الرقبة في المكان الذي ذكرناه، وذلك لتتم إزالة السبغة الموجودة في الجلد تحت الأرقام المطبوعة، ليخرج بعد ذلك- مكان الأرقام - شعر أبيض ناعم لايزول أبداً.وفي مصر جهة التسجيل الرسمية.. ولايعترف بأي حصان- سواء في المحطة، أو في المحطات الخمس التابعة ماهو غير مسجل في هذه السجلات، كما يوجد لدينا في محطة الزهراء لتربية الخيول العربية والتي تتبعها 82 محطة خاصة منتشرة في ربوع مصر مكتبة قيمة تضم 2389 كتاباً عن الحصان.. باللغة العربية وغيرها من اللغات الأجنبية.وقد أنشئت في أمريكا جمعية تسمي “جمعية الأهرام - Pyramids Seeipty- لتربية الحصان العربي المصري المنشأ أي المسجل في سجلات الأنساب المصرية.. تقيم تلك الجمعية مهرجاناً سنوياً لخيولها في الأسبوع الأول من شهر يونيو كل عام، في مدينة ليكسنجتون التي تسمى “مدينة الخيول” بولاية “كنتاكي”.وأنشأت جمعية أخرى تحمل نفس الاسم “جمعية الأهرام” في أوروبا.. لتؤدي نفس الغرض الذي لدى مثيلتها في أمريكا.. وتقيم تلك الجمعية مهرجانا سنوياً في الأسبوع الأخير من شهر يونيو.. يتضمن عرضاً للخيول.. ومسابقات للجمال وللركوب.. ومما هو جدير بالذكر أن السمة الغالبة على هذا المهرجان هي الأزياء العربية إذ يرتدي كل من الحصان والفارس ملابس عربية..أما في مصر فيقول د. زغلول أننا نقيم مهرجانا سنوياً بالاشتراك مع الجمعية المصرية لمربيي الخيول العربية الأصيلة في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر.. نقدم فيه الجوائز المالية لأندية السباق، وذلك لمنتجي الثلاثة خيول الأوائل.. كما أننا نشجع على رياضة الفروسية بإنشاء “مركز فروسية الزهراء”.وفي محطة الزهراء المركز الرئيسي للعناية بالحصان العربي في مصر يذكر أن أقدم الخيول فيها هو الجواد “منصور” يليه كل من “شهلول، ابن ربوان، شيخ العرب، الدرع”.. ومن سلالة منصور اشتهر لدينا الحصان “نظير” الذي اكتسب أيضا شهرة كبيرة في جميع أنحاء العالم في تحسين النتاج الذي يتم عن طريق الانتخاب كما في هذه الحالة مع الحصان “نظير”.[c1]من نوادر الخيول[/c]وعن تأثر الخيول بالزلازل يذكر د. جلال عبدالرازق الذي كان يدرب حصانه قبل وقوع أحد الزلازل بفترة وجيزة أن الحصان توقف كلياً ولم يتحرك، وكأنه قد تخشب، ودكت قوائمه في الأرض .. وأنه كان يبدو كئيباً بطريقة غريبة جداً .. وكانت تلك هي الحالة العامة التي سادت على جميع مظاهر سلوك باقي الخيل بالمحطة.وكان وفداً ألمانيا مكوناً من 23 فرداً قد زاروا المحطة في سنة من السنوات القليلة الماضية.. وكانت فتاة من هذا الوفد قد أطالت الوقوف أمام عنبر الأفراس تداعب فرسة هناك.. تربت على لبانها، و تمسح على رأسها وعنقها.. لدرجة أن ألفتها تلك الفرسة وظلت واقفة معها، تداعبها هي الأخرى.. وكاد هذا الوفد يخرج من البوابة الخارجية للمحطة- جاهلين أمر تلك الفتاة، وهي مستغرقة في مداعبة الفرس - ولمدة تزيد على ساعة وإلى هنا الأمر ليس فيه غرابة.. إنما الغريب فعلاً ما حدث بعد أن همت تلك الفتاة بالرحيل، وهي تداعب الفرس وتمسح بيدها الحانية علي عنقها ورأسها.. وما كادت الفتاة تنصرف حتى ظهرت ملامح وعلامات الحزن والانقباض على الفرس وبدأت تزمجر، وتصهل وتجري خلفها وتودعها هي الأخرى، إلى أن انتهي بها الميدان إلى السور الحديدي لذلك العنبر الذي توجد فيه.. وظلت تضرب الأرض بقوائمها الأربعة وتهز رأسها ورقبتها.. إلى ما بعد أن خرجت تلك الفتاة من البوابة العمومية الخارجية للمحطة بفترة ليست بالقصيرة جداً.[c1]الولادة .. بالجراحة [/c]إن متوسط فترة الحمل لدى الخيل هو 330 يوماً، كما أن كل الخيول تلد ولادة طبيعية في الغالب الأعم.. وفي بعض الحالات الاستثنائية حدثت ولادات متعسرة، وتدخل الأطباء في بعضها بإجراء بعض أنواع الجراحات المختلفة في القناة التناسلية، ليخرج بعد ذلك الجنين سليما.. وفي بعض الولادات المتعسرة جداً والتي يختلف فيها وضع الجنين عن الوضع الطبيعي، حدث بالفعل أن تم تقطيع الجنين في رحم الأم، والتضحية به في سبيل سلامة الأم التي هي أغلى لدينا كثيراً من الجنين. ومن النادر جداً أن يعطي الحصان العربي توأماً.. وحتي إذا أعطى توأما فإن ذلك التوأم لايعيش.. وفي حياتي في المحطة منذ أن تخرجت في كلية الطب البيطري من جامعة القاهرة سنة 1952م، وحتى الآن لم يحدث غير ولادة توأم واحد فقط.. واستمر هذا التوأم في الحياة.وتعتبر الهيئة الزراعية المصرية “الإدارة العامة لتربية الخيول العربية” من أكبر الهيئات الرسمية العالمية التي حافظت علي نقاوة الحصان العربي وأصالته.. وتعتبر مزرعة الزهراء لتربية الخيول العربية الأصيلة أحد الأسس في المحافظة والإبقاء على الحصان العربي لا في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم كله كذلك.ويربى بالمحطة 380 رأساً من الخيول العربية الأصيلة والمسجلة في سجلات أنساب التربية.. من إجمالي هذه الخيول يوجد 245 أفراساً أمهات، 135 جواداً طلوقة.. بخلاف 35 جواداً طلوقة أخرى موزعة على الوحدات الزراعية بمختلف المحافظات.. كما يتم في الزهراء إصدار شهادات النسب الخاصة بالمزارع الخاصة عند بيع خيولها محلياً، أو عند تصديرها للخارج، وذلك كما قلنا من قبل لأن سجل الأنساب المصري يتضمن المواليد من إنتاج هذه المزارع الموجودة تحت إشرافنا.وللمحافظة علي السمعة الطيبة للمحطة.. يتم تزويد مجلس إدارة المنظمة العربية للحصان العربي بأجزاء سجل الانساب.. كما يتم تبادل مع الهيئات والجمعيات الرسمية المسؤولة عن تسجيل الخيول العربية في مختلف دول العالم